الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تبقى من ثورة يوليو ؟

شريف هلالي

2021 / 7 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


باحث
في الذكرى ال ٦٦ لثورة يوليو تنعقد الاحتفالات تخليدا لذكراها وهي تستحق بالطبع باعتبارها من أنبل الثورات في العصر الحديث ، ولما حققته من تحول نوعي وكمي في مسار مصر الحديثة خاصة في عصرها الناصري ، وتعتبر التجربة الناصرية هي التجربة الثانية للنهضة بعد تجربة محمد علي والذي حمل توجها إمبراطوريا معزولا عن المصريين أنفسهم واجهض ضرب عام باتفاقية لندن ١٨٤٠ ثم ادي في طبيعته الموالية للإستعمار زمن الخديو توفيق بالاحتلال الانجليزي عام ١٨٨٢ .
كان مشروع يوليو الناصري أكثر وضوحا لدى صانعيه وخاصة من قيادة تنظيم الضباط الأحرار جمال عبد الناصر وبعض رفاقه، ولولا المنعطف الذي شكلته الفترة الساداتية بدءا من عام ١٩٧١ بانقلابه على زملاء الامس ، ثم على المستوي الاقتصادي بورقة اكتوبر ١٩٧٤ وسياسيا باتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية في ١٩٧٩ وزيارة الكنيست قبلها في ١٩٧٧ ، والدخول في الحلف الأمريكي ... وكانت الفترة المباركية استمرارا لذات السياسات سواء على المستوي الاقتصادي أو السياسي ، ولم تتغير تلك السياسات قيد أنملة حتى بعد ثورة ٢٥ يناير ، وتولي المجلس العسكري إدارة البلاد ،او حتي فترة تولي جماعة الإخوان السلطة وحتي الان , الفارق كان في الدرجة ومدى التسارع أو التباطؤ في تنفيذ اجندات صندوق النقد الدولي وانحياز الدولة للتوجه الرأسمالي وتعبيرها عن مصالح مجموعات رجال الأعمال والمؤسسة العسكرية .
كما حملت ثورة ٢٥ يناير في شعاراتها انحيازا لأفكار ثورة يوليو وعبرت عن شوق المواطنين الغلابة والفقراء في العيش والعدالة الاجتماعية وضد انحياز السلطة لمصالح التوريث ورجال الاعمال .
وربما كانت القيمة الأكبر لثورة يوليو لرؤيتها الناصرية هذا الانحياز لمبدا العدالة الاجتماعية والانحياز الواضح للعمال والفلاحين والطبقة المتوسطة من خلال تبني سياسات اجتماعية في مجال الصحة والتعليم والإسكان والزراعة حققت تكافؤ الفرص بين المواطنين ..وغيرت من البنية الاجتماعية تغييرا مذهلا بتعليم الملايين من أبناء المصريين الفلاحين والعمال وتخرج أبناءهم كأطباء ومهندسين ومحامين ومدرسين ، وخلقت كفاءات عمالية في مجال التصنيع والصناعات العملاقة وبناء اضخم مشروع هندسي في العالم وهو السد العالي.
كان لدي ثورة يوليو الناصرية والتي انتهت كتطبيق عملي عام ١٩٧٠ بوفاة زعيمها مشروعا تنمويا ووطنيا لبناء الدولة المصرية الحديثة ... فضلا عن ذلك امنت يوليو بالنهج التحرري لبلدان العالم الثالث في أفريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية وهو الذي خلق كتلة دولية حليفة لمصر في كل هذه البلدان ودعمت فكرة التحرر الوطني .
حتى الديمقراطية كان لتجربة يوليو إسهامات نظرية مهمة وهي ضرورة تحقيق المساواة الاجتماعية لتوفير لقمة العيش قبل تذكرة الانتخا وتحقيق الديمقراطية الاجتماعية كتفا بكتف ما الديمقراطية السياسية. فضلا عن تمثيل العمال والفلاحين بنسبة لا تقل عن ٥٠ في المية من مقاعد المجالس الشعبية والمحلية وتمثيل العمال في مجالس الإدارات.
ورسخت الثورة انتماء مصر العربي والذي لم يكن جديدا .. وكان استمرارا لدخول مصر حرب فلسطين عام ١٩٤٨ دفاعا عن الأمن القومي العربي ومساندة الثورات العربية التحررية ..وبنظرة سريعة لعام ١٩٥٢ وحتى عام ١٩٧٠ يتضح ما حققته ثورة يوليو على هذا المستوى .
في سياق آخر هل كانت التجربة مثالية ؟ بالطبع لا ، كان لهذه التوجهات أعداءها وخصومها خارجيا وداخليا بسبب توجهاتها التنموية والوطنية والتحررية .
و هو ما أدى لضربها في ٦٧ من جانب إسرائيل وحلفاءها ...قبل أن تتمكن تجربة يوليو من تحقيق أهدافها .
واستخدم السادات خصوم تجربة يوليو في الداخل سواء الإخوان المسلمين أو الوفد والانقلاب عليهم لاحقا في تشويه وضرب التجربة .
وايضا كانت لتجربة يولية نقاط ضعفها واهمها بناء التنظيم السياسي المدافع عن توجهاتها السياسية وهو ما تحدث عنه عبد الناصر في اجتماعات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ، سهلت أحادية التنظيم واعتماده على مجموعة من الهياكل والأشخاص المؤمنين بالنظام دون وجود بناء تنظيمي حقيقي في صفوف المواطنين من القضاء على التجربة من الداخل . وحل التنظيم لاحقا وضرب منظمة الشباب .
لم تستطع التجربة تحقيق مجتمع المشاركة الشعبية وبلورة مصالح من دافعت عنهم في تنظيمات تستطيع الدفاع عن منجزات التجربة وافكارها ضد الانقلاب عليها من الداخل.
فضلا عن ذلك لم يسمح السادات باي تنظيم سياسي ناصري من خلال تجربة المنابر الثلاثة . وحتى منبر اليسار وحزب التجمع لاحقا ضرب دو قيادته وسجنت في أعقاب انتفاضة يناير ١٩٧٧. وصودرت جريدته الأهالي.
ستبقى ملامح ومشروع ثورة يوليو في خلاصتها الناصرية مليئة بالدروس وصالحة للتطبيق وطموحاتها ومطالبها سواء بتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والانحياز للأغلبية وبناء دولة مدنية ديمقراطية كما رفعت في ٢٥ يناير ، وضد افكار تيارات الإسلام السياسي كما حدث في ٣٠ يونيو وستستمر لتحقيق أهدافها في اي موجة ثورية قادمة .

2018 / 7 / 23








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يكفي الخظأ في هذا الاقتباس
محمد البدري ( 2018 / 7 / 23 - 22:06 )
تجربة محمد علي والذي حمل توجها إمبراطوريا معزولا عن المصريين أنفسهم!!!! ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة