الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- تركيا أردوغان- على ابواب الجحيم

سليمان يوسف يوسف

2018 / 7 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ أن وصول حزب (العدالة والتنمية) الاسلامي الى السلطة 2002 بزعامة (رجب طيب اردوغان)، وهو يجري (تعديلات دستورية) ، أحدثت تغييرات عميقة وجذرية في بنية (الجمهورية التركية)،التي اقامها (كمال أتاتورك) 1923 على أنقاض (دولة الخلافة الاسلامية العثمانية) . تعديلات ،منحت دورا أكبر لـ"الدين الإسلامي" في مختلف مناحي الحياة ( السياسية، الاجتماعية ،التربوية ،التعليمية ،الاقتصادية)، تم إلغاء نظرية (تشارلز داروين) عن التطور، من المناهج التعليمية التركية. تم الغاء (النظام البرلماني) ،الذي كان قائماً منذ تأسيس الجمهورية التركية، واعتماد (النظام الرئاسي - الغي فيه منصب رئيس الوزراء ). هذا التعديل منح "صلاحيات مطلقة" لأردوغان ، سيستخدمها في ولايته الرئاسية الجديدة ، بأخذ تركيا أكثر فاكثر نحو "الأسلمة" والعودة بها الى حكم "الشريعة الاسلامية " . اردوغان، ذو النشأة الاسلامية، في حملاته الانتخابية الأخيرة، ردد مجدداً أمام أنصاره، أبيات الشعر، التي أدخلته السجن عام 1999: " المآذن حرابنا، والقباب خوذاتنا، والمساجد ثكناتنا، والمؤمنون جنود، لا شيء يهزمني، لو فتحت السماء، وتدفق علينا الطوفان والبراكين، إن أجدادنا الذين افتخروا بدينهم لم يركعوا لأحد". بهذه الجمل يؤكد اردوغان على أن "الاسلام"، بعقيدته وقيمه، يشكل مرجعيته الأساسية في الحكم والادارة، كذلك في تحديد ورسم سياساته وعلاقاته مع العالم الخارجي .
اروغان لن يسمح للديمقراطية، التي أوصلت حزبه (العدالة والتنمية) الى السلطة، أن تزيحه عن كرسي الرئاسة . عام 2013 أطلق العنان لقوات الأمن كي تسحق تظاهرات شعبية، شهدتها اسطنبول ومدن أخرى، خرجت احتجاجاً على التوجهات الإسلامية لاردوغان. أثناء زيارته للولايات المتحدة، حراسه اعتدوا على متظاهرين محتجين معارضين لسياساته. محاولة "الانقلاب العسكري" ليلة 15 تموز 2016 أُخذت ذريعة لتصفية العلمانيين وكل من يعارض النهج الاسلامي لحزب العدالة والتنمية . تلت محاولة الانقلاب الفاشل حملات تطهير واسعة، طالت كل من يُشكك بولائه لأردوغان، في مختلف مؤسسات ودوائر الدولة ،لا سيما الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية. تم طرد واعتقال أكثر من 200 ألف شخص بتهم مختلفة، بينهم آلاف الأكاديميين والقضاة واليساريين والصحفيين والضباط. في تموز الجاري، باشر عهده الجديد ، بفصل 18 الف تركي من وظائفهم في مؤسسات الدولة . يسعى اردوغان لاستغلال وتوظيف (أزمات المنطقة) في تحقيق أحلامه التوسعية(السياسية والعسكرية)، إيجاد مناطق نفوذ له خارج حدود الدولة التركية. استغل (الأزمة السورية) لدعم وتمويل، بالمال والسلاح والرجال، الفصائل المسلحة والتنظيمات الاسلامية المتشددة والارهابية مثل داعش والنصرة والقاعدة، ليس لأجل الحرية التي انتفض الشعب السوري لأجلها، وإنما لإقامة (نظام اسلامي) يكون دعماً وسنداً لحزب (العدالة والتنمية) في تعزيز نفوذ (الجماعات والتيارات الاسلامية) وتصدير "مشروعه الاسلامي" الى دول المنطقة . اردوغان لم يكتف بدعم المجموعات والفصائل الاسلامية في الحرب السورية ، وإنما تدخل عسكريا واحتل جيشه منطقة (عفرين) السورية ، يهدد باحتلال جميع البلدات والمدن السورية على طول الشريط الحدودي. تهجُم اردوغان على (الحكومة الاسرائيلية) ورفع سقف انتقاداته لها ، هو لاستغلال (القضية الفلسطينية) لأجل توسيع شعبيته الاسلامية في المجتمعات العربية والاسلامية. جعل من بلاده ممراً آمناً لقوافل المهاجرين الهاربين من دول المشرق الى القارة الأوربية. اردوغان يدرك جيداً بأن بين المهاجرين آلاف الاسلاميين المرتبطين بالتنظيمات والجماعات الاسلامية المتشددة والارهابية، مثل (القاعدة) و(تنظيم الدولة الاسلامية- داعش) المسؤولة عن الأعمال الارهابية التي تشهدها الكثير من العواصم والمدن الأوربية. أردوغان يريد أن يجعل من "الفردوس الأوربي)" جحيماً، لطالما عجز عن الدخول اليه، ناهيك عن أنه يستغل أزمة المهاجرين لابتزاز الحكومات الأوربية. نصب نفسه حامياً لمسلمي أوروبا ، خاطبهم بالقول" أنا حاميكم". شن حرب (اعلامية- سياسية) على كل من ( سويسرا، ألمانيا ، بلجيكا) ووصفها بالفاشية واتهمها بالنازية، لرفضها الرضوخ لابتزازات الجاليات التركية والاسلامية، الساعية الى فرض (نمط حياتها) المتخلف على المجتمعات الأوربية المتحضرة . اردوغان أوجد لنفسه أتباع "أذرع سياسية" داخل المجتمعات الأوربية ، كـ"الحزب الاسلامي" في هولندا المعروف بـ( DENK)، يتزعمه مسلم تركي . وصل التطرف والكراهية الدينية برئيس الحزب (توناهان كوزو) ليطلب، في مقابلة معه، من الهولنديين" أن يتركوا بلادهم إذا كانوا لا يحبون التنوع/الاسلام " . نواب حزب( DENK) وحدهم اعترضوا على اعتراف البرلمان الهولندي بـ(الإبادة الأرمنية - الآشورية)، التي ارتكبها أجداد اردوغان( الاتراك العثمانيين) عام 1915. رغم أن تركيا عضو مؤسس لـ (حلف الناتو)، حكومات الغرب لم تعد ترى" تركيا اردوغان" دولة حليفة لها، وإنما باتت مصدر خطر حقيقي، بل عدواً خطيراً، يهدد أمنها واستقرارها. اردوغان بات اليوم في نظر حكومات الغرب مجرد "دكتاتور" اسلامي . جريدة(زمان) التركية نقلت عن المستشار السابق (ستيف بانون) للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قوله: "أردوغان هو أخطر شخص في العالم" . المستشارة الوطنية لـ(حزب الشعب الديمقراطي المسيحي) (إليزابيث شنايدر) ورئيسة لجنة السياسة الخارجية بالمجلس الوطني السويسري، نبهت الى مخاطر تغلغل اتباع اردوغان داخل المجتمعات الأوربية ، بالقول: "إن ظهور رموز نظام اردوغان يمكن أن يهدد الأمن الداخلي والخارجي لسويسرا". أضافت محذرة من " وجود خطر بأن يتم استغلال سويسرا لمصالح معينة وبالتالي تفقد استقلالها لذلك فهي متشككة جدا بشأن الحملات الانتخابية للنظام التركي على الأراضي السويسرية".
في السنوات الأولى من عهد حزب (العدالة والتنمية) انطلقت المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوربي لبحث فرصة انضمامها الى الاتحاد. لكن اليوم وبعد 15 عام من حكم حزب (العدالة والتنمية) الاسلامي، دُفن الكثير من الارث (الثقافي ، الفكري ، الأخلاقي ،السياسي) لـ(الجمهورية التركية)، التي اقامها (كمال أتاتورك) على أسس ومبادئ العلمانية وقيم الليبرالية، التي شكلت حافزاً لدول الاتحاد الأوربي لضم تركيا اليها، رغم أنها دولة أسيوية إسلامية. (تركيا اردوغان) باتت أكثر اسلامية ، اكثر انقساماً على نفسها، أكثر ابتعاداً عن "الفردوس الأوربي". اردوغان، بذهابه بعيداً في نهجه الاسلامي و تدخله المباشر في (الحرب السورية) و توتير علاقاته مع امريكا و أوربا و استمراره في اعتقال وإبعاد معارضيه و ممارسة مزيد من الضغوط والتميز العنصري(ديني- عرقي) بحق الأقليات المسيحية ، مثل السريان الآشوريين والارمن، وبحق المسلمين من غير العثمانيين، مثل( الأكراد والعلويين)، وضع تركيا على أبواب الجحيم ، بدلاً من أن يأخذها الى "الفردوس الأوربي"..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي




.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل