الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الحادى عشر-

سعيد رمضان على

2018 / 7 / 27
الادب والفن


الفنان خالد نصار
الفنان خالد نصار من جيل تربى في عمق الألم بداخل الدمار المتعمد، حتى وصل الأمر بالتدمير لتخريب أدمية الإنسان، إنه من فئة الفنانين الذين يشعرون بالحصار وهى تتساءل : كيف يكون هناك فن يذوب في الموسيقى المتناغمة مع الحياة بالتوازي مع التدمير المستمر والدائم ؟ أما الذين يشغلهم البحث عن المكاسب على حساب القيم .. ودون اهتمام بالوطن فهم كثيرون .
أعمال الفنان خالد نصار ربما لا تعكس عذاباته الداخلية .. لكنها توحي بتلك العذابات عندما يحاول التخلص في لوحاته من كل أثار الواقع المعذب ، فهو بشكل ما عندما يحاول التخلص من أثار الواقع فهو يرتبط به ، ربما يفعل ذلك واعيا أو بدون وعى .. لكن لا يمكن – من ناحيتي على الأقل -عند النظر لأعماله افصل الإشكال التي يحققها بألوانه، عن الفكرة العامة التي تملك تفكيره وتسيطر على وجدانه.
ولوحة الرحى لخالد نصار التي توحي بالتراث والتاريخ والدفء العائلي ، يجتمع في صياغتها زخم من التجليات الشكلية واللونية، تصب في قوالب جمالية توحي بالسعادة والرضا والانسجام .
في اللوحة حركة هادئة منسجمة مع ابتسامة الأم الراضية وابتسامة الابنة المصاحبة لها
جلسة الأم توحي بالهدوء والرضى بما قسمه لها قدرها، وجلسة الابنة التحفز والاهتمام بقدرها المرتقب الذي ستحمله يوما ما، وها نحن ننصت للأغاني :
أنا يا رحى ووين نطريك يخطر الغيبا علينا
ينهال الدمع ويجيك دقيقك عجينه
عز الولد عقال وازناد
وعز البنات الرزينة وعز الوطن سيل براد
يخلف نواوير زينة
يا ريتني طير وانطير
وجناحي على الأرض هافي
نجي لحوشكم يا غوالي انعيد ونقلع أريافي
ما تجي محبة بغصب ولا بد من عند جافي
ولا في البحر ينحفر بير
ولا في العدو قلب صافى
إنها رجع الصدى لأصوات ذات دوى أبدى، صوت الأمل، الدفء، صوت حب العائلة، وحركة المحراث في الأرض وأغاني الحصاد.
إنها ترديد لأنين الناس في صبرهم الأبدي أثناء صراعهم مع الحياة .
ومع الرحى أغاني تحكى الحكايات التي ورثناها واستقرت في وجداننا .. أن رجع هذه الأصوات التي بلغت قمة الصبر والمعاناة، تترك لدينا غلالة من الحزن تنعكس على تاريخنا ونفوسنا ، لكنه حزن محبب نستعذبه عندما يتوغل بدواخلنا ، ففيه من الجلال ما يأسر القلب ذلك أنها تملك ارتباطها الطويل بصراعنا من اجل الحياة، ومن اجل ما نؤمن به من قيم يتعدى حدود الحياة والموت.
وعندما نعاود تأمل اللوحة نسرح ، ونفكر أثناء السرحان، أنها لوحة تحمل فلسفتها ضد الوحدة ، وفى الوحدة تتبدى الحياة الإنسانية في ضعفها وعجزها وتجولها في الحياة كأنها تجول في عراء موحش .
لكن هاهي الأم والابنة معا .. في انسجام عائلي فريد .. نحن هنا أمام تقديس الفاعلية الإنسانية وعدم عزلها عن العالم .. وهو ما يمنح الإنسان قيمته وعظمته التي تتبدى في تراثه وفنه وأغانيه وحكاياته التي تتمدد بجذورها في مجاهل الزمن .
وهكذا تتبدى لنا لوحة الرحى ، أنها تحمل الحزن المختلط بإيقاع الأغاني ، وفى اللحظة التي نقف فيها أمام اللوحة ، نشعر بجانب عناصر البناء الفني، حياة كاملة سبقتنا إلى الوجود ، و منحتنا الوجود ..
-----------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج