الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في قصة ( زوجة العياشي )

سعيد رمضان على

2018 / 7 / 29
الادب والفن


يتأكد في هذه القصة خط المبدع سمير الفيل النقدي, وقد اختار من الواقع موضوعا عاديا وبشكل غير عادى رسم صورة للواقع المصري بتناقضاته وتشعباته المختلفة, لذا كان اهتمام الكاتب موجها إلى كشف جوهر العلاقة بين الشخصيات وواقعها، في القصة شخصيات متنوعة، لكنها تظهر كأنها نتاج لبيئة, ومن هنا جاء الاهتمام بوصف محيطها المادي، وتصوير بيئتها المعيشية, تلك البيئة التي توضح ملامح الشخصية ..
وتتوضح صورة الإيقاع إذا أمعنا النظر أكثر في أحداث القصة تماثلاً وتخالفاً، الانسجام والتنافر، إضافة إلى كونها تخلق جمالية من نوع ما، تكشف عن تفاصيل أكثر، وتهب لوناً من ألوان الحياة في النص
فقد عرفنا أن ( العياشي ) - وهو اسم ممتد في التراث العربي- عرفناه رجلا ماديا .. لا يقيم وزنا للحياة الإنسانية مشغولا بتجارته عن أسرته ظلم زوجته بإهمالها نفسيا وجسديا .. وقد وجدت الزوجة من يسد النقص ويشبع جسدها وروحها في رجل غير زوجها .
وقد انتقل الظلم من الأب إلى الابن، فكما ظلم الأب زوجته وأولاده وأهملهم ظلم الابن أهله فراح يضطهدهم، ويكفرهم، ويعيش عيشة تطرف .. ثم نفى أخته من الوجود تماما عندما قال لها :
(أسكتي ياعدو الله.)
وانسحب إهمال الأب وتطرف الابن أيضا على الابنة , فظلمت نفسها بالحياة في عالم غير واقعي وعبر أحلام الرومانسية من خلال التماهي في الأفلام الرومانسية .
ويستغل ( سحلول ) الشروخ في حياة الأسرة , فينفذ منها بخفة كالسحلية .. ومن هنا جاء اسمه .
واستكملت مهمة التخريب ( مباحث أمن الدولة ) عبر قمعها السلطوي .
أم عوض زوجة الحانوتي فساهمت في مهمة التخريب بتغيب الوعي من خلال عملها ( قراءة الطالع ) في عالم غائب ومتخلف ..
وهكذا رسم الكل المسار والمصير .
ونجد هنا إلى جانب الظلم أنواع من الهروب .. لكنه ليس هروبا إيجابيا بل مصحوب بتمرد هدام وسلبي ..
فالزوجة تهرب من وضعها عبر التمرد عليه بالخيانة .. ونشر ملابسها الداخلية علنا .والابن يهرب إلى عالم التكفير والتطرف الديني ..والابنة إلى عالم الرومانسية ..
الأمل الوحيد المقاوم لمصير بائس يمكن أن نجده في فاتن الابنة, التي تمردت وثارت .. أرادت الهرب بحثا عن الحرية .. حتى لو في كنف شاب تقدم لخطبتها لكن ثورتها وتمردها لم يتحققا .. وظلا حبيسان حتى النهاية رغم أنها طالبة جامعية تحاول التقدم وإنقاذ نفسها من التخلف من خلال ربط مصيرها بشاب جامعي ..
وتنهى القصة بقيام الابن المتطرف بقتل الزوجة الخائنة وعشيقها, وتتمثل المفارقة أن قهر السلطة ( امن الدولة ) من خلال سجن الابن لم يثمر الخضوع والخنوع, بل أثمر تمردا فوضويا .. انتهى بنهاية مأساوية .
ذلك كان المسار .. وهكذا انتهى المصير .. الموت والغياب والضياع..
وهكذا رسم الكاتب صورة مجتمع مادي يغلب عليه الخواء العاطفي والعقلي , ويضيع فيه العلم تحت ركام من التخلف .. ولا نسمع فيه سوى فحيح الجنس الحيواني والشهوة .
لكن هل هذا واقع مصري صميم حقا ؟
أم أن الكاتب يحاول رسم وضعا طفيليا مؤقتا بعيدا عن كل ما هو مصري أصيل بحق ؟
ولماذا انهي الكاتب قصته بهذه الجملة على لسان الحانوتي :
(كل شيء سيسير في مجراه الطبيعي سيرا حسنا. )
التي تدل على الرسمية والروتين .. لكن الأهم أنها تدل على التكرار!
---------------
سمير الفيل كاتب مصري حاصل على جائزة الدولة التشجيعية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في