الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق: فساد العملية السياسية

مالوم ابو رغيف

2018 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


على العكس مما إدعاه الامريكيون أُبان اسقاطهم صدام ونظامه الهمجي المبني على اركاع العراقيين بالارهاب النفسي والجسدي والاخلاقي، بانهم سيعملون على ان يكون العراق النموذج الاول في الرقي والازدهار في الشرق الاوسط، وسيكون بلد الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الانسان، بلد سيكون هو بشارة الشرق الاوسط الجديد حيث سيشع منه نور التقدم الانساني على سائر بلدان المنطقة.
على العكس من هذه الادعات والوعود الامريكية اصبح العراق النموذج الاول في الفساد والافساد والتدهور الامني والغذائي والدوائي. نموذج لا يظاهى في التسيب والتهتك الاداري وانحطاط القيم لكبار المسؤليين وصغارهم، بلد المحسوبية والمنسوبية والاستخفاف بالمواطنين، بلد المحاصصات الطائفية والحزبية والعشائرية والاقليمية.
لقد كانت تجربة العراق الجديد من اسوء التجارب في العالم، وكان تاثيرها سيء على كافة بلدان المنطقة، اذ انتشرت الطائفية في السياسة والادب والفن والعلاقات بين الناس، واصبح النموذج العراقي للفساد نموذجا يحتذى به اللصوص والمارقون والعملاء، فكان ما يسمى بالربيع العربي احد اهم تأثيرات التجربة العراقية، اذ ان المغامرين والمقامرين والمجرمين وبمساعدة الولايات المتحدة الامريكية ودول الخليج هبوا يطالبون بالديمقراطية الطائفية على غرار الديمقراطية العراقية ، ديمقراطية التسيب والتهتك والفساد القانوني، وساورت نفوسهم الضحلة احلاام الثراء بغمضة عين مثل ما اصبح رجال العملية السياسية في العراق من كبار اغنياء العالم وكانوا يعتاشون على الصدقات والحسنات وما تهبهم بلدان اللجوء من مساعدات.
وكانت نتيجة الربيع العربي مثلما رأينا الخراب والدمار والتشرد وانتشار الفكر الاسلامي الظلامي واصبحت الخرافات الدينية هي الثقافة الاجتماعية المقبولة وفحوى العلاقات ما بين الناس.
ورغم ان العملية السياسية في العراق تأسست على المحاصصة الطائفية وعلى الاغراءات المالية وامتيازات التسلط والانتقال السريع الى عوالم الثراء الخرافي، حيث المراكز النيايبة والوزارية والدبلوماسية والعسكرية والحكومية توقفت ان تكون مهماتها خدمة الناس وتسيير شؤون الدولة بقدر ما تكون للانتفاع الحزبي والطائفي والشخصي، بل اصبحت ملكا شخصيا لملاك الكتل الانتخابية وكبار مرجعيات الدين، لم يتردد اي حزب عراقي، بغض النظر عن اديلوجيته من الاشتراك بهذه العملية السياسية التي هي اصل الفساد وسر التدهور في البلد. وكأن هذه العملية السياسية هي نهاية التاريخ فلا وجود بديل لها حتى غاب عن التصور ايجاد مخرج من هذا التفسخ الكامل في النظام والقانون والعلاقات والاخلاق فلم يجدوا غير تغير فلان بعلان.
بعد ان فاقت درجة الحرارة في العراق حرارة جهنم واصبح الماء الصالح للشرب او حتى الصالح للاغتسال مما يداعب الخيال، وتدنى مستوى الخدمات حتى اصبحت الاحياء الشعبية لا تفرق كثيرا عن مكبات النفايات، خرج الناس للتظاهر والاحتجاج على سياسة الحكومة في اهمالها التام والكامل والشامل للناس.
الناس متاكدة تماما ان لا هذه الحكومة ولا الحكومة القادمة، ولا السلطة التشريعية او القضائية قادرة على توفير الخدمات ولا التخلي عن سياسية الاهمال تجاه الناس ولا على اجراء ما يسمى بالاصلاح، فما يشكوا منه الشعب ليس فقط الاهمال ولا عدم نزاهة وعدم كفاءة المسؤولين بل ايضا استحواذ طبقة السياسيين ورجال الدين على كل ثروات العراق وعلى كل مناصب الدولة وجعلها حكرا لهم ولعوائلهم.
ولكي تكفي المناصب للكم الهائل من الطفيليين الـ parasites من ابناء وبنات كبار المسؤولين تستحدث مناصب ليس لها فائدة وتفتح سفارات وقنصليات في بلدان ليس فيها لا للعراق ولا للعراقيين وجود لكي توزع على اولاد وبناء كبار المسؤولين وفقا لنظام المحاصصة.
ورغم ان الناس لم تاخذها سورَة الغضب الى ابعد من حدود الصياح والصراخ وحرق بعض اطارات السيارات لتتقي رصاص القوات الامنية والمليشيات المسنودة حكوميا ودينيا، لجأت حكومة العبادي الى اقسى اجراءات القمع ضد المواطنين حتى وصل عدد المقتولين الى عشرين متظاهرا وعشرات الجرحى وحالات عديدة للاعتقال والتعذيب والاذلال.
هذه الاجراءات القمعية لا تتحمل مسئوليتها حكومة العبادي وحدها، اذ انها، جرائم القتل والتعذيب، تمثل التوجه السياسي العام لطغمة الاسلام السياسي الحاكمة والمنظمات المتنفذة والمستفيدة من العملية السياسية التي اضفي عليها ما يشبه التقديس.
كل الاحزاب الاسلامية وغير الاسلامية تلك التي تشترك بالعملية السياسية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الضحايا الذين فارقوا الحياة وهم يتلظون من العطش ومن حرارة القيض وحرارة الرصاص وحسرة ان تضيع الحياة سدى دون ان تكون لها ثمن يدفعه المسئولون.
ولنا ان نعرف بان جميع الاحزاب المسئولة عن كتابة الدستور وتشريع قوانين الاستحواذ، ان جميع الاحزاب المسئولة عن الفساد والتدهور وعن سياسات الاهمال لحياة الناس، جميع الاحزاب المسئولة عن افلاس العراق وتحوله الى بؤرة فساد عالمي هي نفسها التي ستشكل الحكومة وهي نفسها تلك التي يناشدها قسم من السياسين بضرورة الاصلاح. اليس هذا نوع من العبث السياسي والضحك على ذقون الشعب؟
المطلوب هو اعادة النظر بكامل العملية السياسية والغاء المنطقة الخضراء والغاء جميع قوانين الاستحواذ والامتيازات ومحاسبة كافة المسئولين عن الجرائم التي ارتكبوها بحق العراقيين ومحاكمة جميع الفاسدين ومنع تعيين حملة الجنسية الاجنبية في المناصب السيادية والبرلمانية ولا يمكن تحقيق ذلك اذا لم تصل الاحتجاجات الى عنفوان القوة والصرامة ومواجهة الحكومة باصرار وعناد ثوري لا يلين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سبب الارتداد
كامل حرب ( 2018 / 8 / 5 - 02:14 )
استاذ مالوم تحيتى , انا اتابع الكوارث الى تحدث فى العراق تباعا ودون تباطؤ , انا اعتقد ان السبب الرئيسى لكل هذه المصائب والكوارث هو عقيده الاسلام بدون جدال , انا اعتبره مرض عقلى واجتماعى وثقافى ونفسى مدمر على مر العصور , العراق دوله غنيه بالنفط والغاز ومع ذلك تجد غالبيه الناس يعانوا من الحراره الشديده وعدم وجود مكيفات تلطف الجو القائظ ولاوجود حتى لمياه الشرب , الناس يعانوا من الجوع والفقر المدقع والبؤس والبطاله , اسمع عن عائلات تنام فى الشارع ؟؟ يعنى لو لم تكن هذه العقول المؤدلجه الاسلاميه العفنه فى سده الحكم لكان العراق الان دوله اخرى تنعم بالرغد والمساواه فى فرص التوظيف والتعليم والعلاج والتأمين الاجتماعى والصحى , عصابه الحاكم الفاسد وصبيانه اللصوص يسرقوا ويستولوا على مقدرات الدوله جهارا نهارا , لكن اه من كلمه لكن , معظم الدول الاسلاميه يوجد فيها هذه الامراض الاجتماعيه والظلم والفساد واللامبالاه والاهمال والمسبب دائما هو الاسلام


2 - نتائج طبيعية
n a s h a ( 2018 / 8 / 5 - 04:09 )
ما يحدث في العراق والشرق الأوسط هو نتيجة طبيعية تحصل تلقائيا لأسباب منطقية لا تقبل التأويل.
بكل بساطة العقل الجمعي للعراقيين وغيرهم في الشرق الأوسط لا يتماشى مع العقل الجمعي لمعظم المجتمعات البشرية في أنحاء العالم.
هنالك تصادم حاد بين طريقة تفكير العراقيين المحلية وطريقة التفكير العالمية العامة السائدة.
لقد تم بناء العقلية العراقية على قيم قديمة مهترئة تجاوزتها معظم شعوب العالم. هذه القيم تعتمد على أيديولوجيات غير قابلة للتطور قومية دينية طائفية وماركسية.
العالم تجاوز هذه المرحلة . طريقة تفكير المجتمعات المتقدمة تختلف جذريا. القيم تختلف تماما القيم العالمية السائدة اليوم تخطت القومية والدين والطائفة والايديولوجيا السياسية .قيم العالم المعاصر هي قيم إنسانية متغيرة مع الزمن تتغير حسب المطلوب في سبيل مصلحة الانسان وسعادته ولا تفرق بين البشر لأي سبب كان.
لذلك سيبقى حال العراقيين كما هو إلى أن يتغير نمط التفكير ويتلائم مع النمط العالمي
تحياتي
لقد طالت غيبتك . رأيك مهم ومؤثر ولذلك من المفروض أن لا تنقطع فترات طويلة عن الكتابةمع الشكر والتقدير


3 - الزميل العزيز كامل حرب مع التحية
مالوم ابو رغيف ( 2018 / 8 / 5 - 12:20 )
الزميل العزيز كامل حرب
انا اتفق معك بان للعقيدة الاسلامية دورا كبيرا في تخلف الشعوب التي تؤمن وتعمل وفقها، المشكلة في الدين الاسلام انه انقلب من دين عبادة الى دين حياة ثم اصبح قانونا عاما للعيش ومقياسا اجتماعيا للمقبول وغير المقبول، لذلك ترى كل تجديد وابتكار واختراع يجابه بالرفض من قبل المرجعيات الدينية المتحكمة في نفسية المواطن الذي يعتقد ان الرزق من الله.ـ
عندما يصبح الدين وسيلة لاستغفال الناس، وعندما يصبح سيف السلطة، وعندما يكرس لبث الشقاق والنفاق بين المجتمعات المتعايشة، عندما يكون غطاء للسراق واللصوص والمختلسين والمزورين، سوف لن يكون له تأثيرا كبيرا على الناس، لذلك فقدت المرجعيات الدين وكبار رجال الدين احترامها عند الناس وارتفع شعار
باسم الدين باگونا الحرامية
وكلمة باگونا تعني سرقونا
انا احزاب الاسلام السياسي ففقد كل وزن لها، وما العزوف عن المشاركة في الانتخابات الا دليل قوي على وعي الناس بفساد العملية السياسة وعدم نزاهة الاحزاب المشتركة فيها
تحياتي وشكرا على الرأي السديد


4 - الزميل العزيز ناشا
مالوم ابو رغيف ( 2018 / 8 / 5 - 12:40 )
تحياتي واحترامي صديقي العزيز ناشا
لقد ارسلت شكوى لهيئة الحوار المتمدن الموقرة حول حجب مشاركتك التي لا اجد فيها اي مخالفة لقواعد النشر، واني منتظر ان تتكرم الهيئة المسؤولة بنشر المشاركة التي اشارت الى نقطة هامة حول اختلاف طرق التفكير بين المجتمعات المتقدمة والمجتمعات المتطورة
اكرر التحية


5 - مثلما تكونوا يولى عليكم
بارباروسا آكيم ( 2018 / 8 / 5 - 14:21 )
أخي مالوم أبو رغيف
حان الوقت لنحاسب أنفسنا
نحن شعوب بائسة ، و الجزاء دائماً يأتي من جنس العمل

قبل أيام حصلت حادثة هَزَتْ مواقع التواصل الإجتماعي و الرأي العام
وهي قتل انسانة بريئة من قبل أخوها لأن زوجها قد شَكَّ بأن الفتاة ليست باكر

هذه القصة وصلت إلى العالم بسبب الفضائيات .. فكم من آلاف الفتيات فقدن حياتهن نتيجة هكذا أعمال ولم يصل صوتهن للعالم
أنا أدعوا أولاً لتطهير الشعب العراقي
بعد ذلك .. يمكن تطهير السياسيين
لأَنَّ السياسي لم يأتي من المريخ بل هو ابن هذه البيئة

في العراق الكل يسرق الكل
و الكل يضع يده في جيب صاحبه
و الفساد موجود من المستويات الدنيا وصولاً إلى الدوائر الحساسة
يعني من موظفي التسجيل العقاري إلى رئاسة الجمهورية صعوداً و نزولاً
المعاملة في دائرة التسجيل العقاري إذا لم تضع فيها ورقة حمراء سيبقيك لخمسئة سنة أخرى تنتظر
أو يرجعك كل مرة بحجة أن اوراقك ليست كاملة

نحن شعب لا يستحي أَخي ابو رغيف
تحياتي و تقديري


6 - الزميل العزيز ناشا مع التحية
مالوم ابو رغيف ( 2018 / 8 / 5 - 23:51 )
شكرا لك صديقي العزيز ناشا على نقطة الطرح حول العقل الجمعي العراقي
العقل الجمعي في اي بلد هو صفة سلبية، اذ انه ليس عقل على الاطلاق، انه حشو عقل المجموع بقوالب ايمانية جاهزة، والايمان هنا ليس له علاقة بالدين، بل بالاعتقاد بان ما يعتقده المجموع هو الصح. وهذا يحصل تماما في العراق وفي امريكا وفي المانيا وفي بريطانيا وفي كل دول العالم
لاحظ مثلا العنصرية عند بعض المنظمات اليمينية هي عقل جمعي اذ ان الجميع يتثقف بنفس القوالب الجاهزة التي تميز الناس حسب الانتماء العرقي .ـ
لاحظ العداء للسامية هو عقل جمعي عند كل المعاديين لليهود ومنهم المسلمون
واذا كان العقل الجمعي يمثل الاقلية في المجتمعات الغربية، فاني اتفق معك بانه الغالب في الدول الشرق اوسطية خاصة تلك التي يكون الاسلام عمود ثقافتها يكون العقل الجمعي هو مرجعيتها الاولىـ
كل الاحزاب الشرقية تحاول تاسيس عقل جمعي عند جميع اعضائها بغض النظر عن تنوعاتها الفكرية والايدلوجية,ـ
اود ان اشير الى ان القيم هي وليدة الواقع، فاذا بقى الواقع دون تطور او انه تراجع الى الماضي تدهورت القيم وتخلفت عن الركب الانساني كما هو الحاصل في العراق
اكرر التحية والشكر


7 - الزميل العزيز بارباروسا آكيم
مالوم ابو رغيف ( 2018 / 8 / 6 - 17:41 )
ا
الفساد المنتشر في البلد سببه انحطاط القيم، ومثل ما قال الزميل العزيز ناشا ان العقل الجمعي العراقي اصبح عقلا متخلفا جدا، حيث تتحكم به قيم العشيرة وقيم الاسلام السياسي وقيم الفساد الادراي.ـ
وهذا متوقع جدا اذ ان الحكومة باعلى بكل فعالياتها فاسدة وتتعامل بالرشوة والاتوات والكومشنات وتاسيس الشركات الوهمية، ان ذلك قد سبب ان يكون الجهاز الاداري والوظيفي فاسد من او اصغر دائرة الى اعلى دائرة فيه.ـ
سبق وقلت ان الشعب العراقي غير جاهز للديمقراطية لا ثقافيا ولا سياسيا ولا اخلاقيا ولا نظاميا، فالمهم ليس ان يختار الشعب حزبا او ثلاثة لتشكيل الحكومة، المهم هو ان تكون هذه الاحزاب تفهم الديمقراطية وحكم القانون.ـ
فقتل امرأة لانها ليس باكر عمل شنيع يدل على ضحالة التفكير الشعبي العشائري الذي يساوي غشاء سيتمزق بثواني بحياة كاملة.. فاي قيمة للحياة اذا كانت تعادل مجرد غشاء بكارة
الديمقراطية قيم انسانية عليا، تفهم للحياة ولحق الانسان فيها، اقرار وعمل وفق القانون وليس وفق الاعراف والتقاليد البالية، الديمقراطية قوة القانون وليس قوة العشيرة ولا تسلط الذكور على الاناث.ـ
تحياتي وشكرى

اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل