الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الحداثة الى ما بعدها

عبد السلام أديب

2018 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


العنوان أعلاه مقتبس من مقالة الشاعرة السورية إينانة الصالح، وبعد قراءتي لهذا المقال التعريفي بموضوعي الحداثة وما بعد الحداثة، حفزني على تقديم قراءتي الشخصية للموضوع، وفيما يلي مضمون هذه القراءة وأقدم مباشرة بعده مقالة الشاعرة السورية إينانة الصالح.

"حتى وإن كان ذلك صحيحا، فإنه خطأ"

أعتقد أن هذه المقولة أعلاه للكاتب والرسام الفرنسي "هنري ميشو" والتي أوردتها الشاعرة إينانة الصالح هي الخلاصة التي توجت هذه المقالة. وأشاطر الشاعرة هذه الخلاصة المعبرة عن سياق ما بعد الحداثة، فرغم الصواب الذي قد يبدوا في انتاجات الفاعلين في مرحلة ما بعد الحداثة في مختلف المجالات المعرفية من أدب وفنون ورسم وعمارة وفلسفة، إلا أن ما تحدثه هذه السيرورة من هدم لثوابت الحداثة والعقلانية وتغييب المعنى والاهتمام بالهامش وبالعرض اليومي وتحطيم الحدود بين الأجناس الأدبية والغموض والابهام المنبثق عنها، يؤكد أن المسار هو في الاتجاه المعاكس، في الاتجاه الخطأ أو بالأحرى في اتجاه الانحطاط.

فإذا كانت مرحلة الحداثة التي انطلقت كما ذكرت الشاعرة تبدأ مع الثورة الفرنسية وما حملته من عقلانية تقوم على مبدأ أن الانسان يصنع تاريخه على أسس عقلانية علمية واقعية فلسفية وسياسية واقتصادية وثقافية وأدبية وفنية وليست هناك قوى خارجية ميتافيزيقية تتحكم في حياة المجتمع.

شكلت إذن هذه الحداثة أساس المركزية الأوروبية ومنطلق حضارتها وترمز إلى مسارات صاعدة حضاريا وإنسانيا وحقوقيا، فيبدوا أن ذلك الصعود بلغ أوجه أي بلغ نقطة يستحيل تجاوزها صعودا، بل بدأ المسار الحضاري في التقهقر اللاإرادي، وقد عبرت الشاعرة إينانة الصالح عن نهاية الحداثة التي تجسدت في حدث أوشفيتز (معسكر الموت) أو ما سمى بالهولوكوست خلال الحرب العالمية الثانية على أيدي النازية، وكرس ذلك انتماء هايدغر إلى النازية، كما عبرت فلسفة هذا الأخير عن لا عقلانية المسار الجديد.

إذن، فمنذ بلوغ المركزية الأوروبية للحضارة الغربية الرأسمالية نحو هذه النقطة الفاصلة بين الحداثة وما بعد الحداثة أو ما يمكن التعبير عنه بالنقطة الفاصلة بين العقلانية واللاعقلانية، نستطيع أن نجزم بأن هذه الحضارة قد بلغت مرحلة انهيارها وتقهقرها التدريجي الطويل الأمد، والمعبر عنها بانهيارات داخلية في اطار مختلف أنواع المعرفة والفنون والعمارة والآداب والرواية والفلسفة.

قد تبدوا مرحلة ما بعد الحداثة ظاهريا على أنها مرحلة جديدة من التطور في المناهج العلمية نتيجة التقدم التكنولوجي والتقدم المادي والتقني والعلمي وفي وسائل الاتصال، لكن الاتجاه يسير في الواقع نحو الانحطاط، ولعل أفلام الرعب والخيال العلمي السريالية والكتابات الروائية والشعرية المبهمة لدليل أكيد على فقدان البوصلة وعن تفكك المجتمع بسبب انحطاط الحضارة الغربية ودخولها مرحلة ما بعد الحداثة.

إن الانجرار اللاإرادي العالمي وراء هذا الانحطاط الحضاري التدريجي خلف المركزية الحضارية الغربية الرأسمالية، يبدوا قويا الى درجة أن المركز والمحيط معا يسيران بقوة نحو الهاوية ولا فكاك من هذا الانجرار اللاعقلاني الا بحدوث تمرد داخلي معاكس قوي.

وانطلاقا من مبدأ أن لا شيء يحدث انطلاقا من الفراغ، فإن تيار الانحطاط الجارف لمرحلة ما بعد الحداثة لم ينشأ هو الآخر من فراغ، فهناك أسبابا هيكلية نشأت وتطورت في ظل مرحلة الحداثة وانقلبت الى نقيضها تماما في مرحلة ما بعد الحداثة، لذلك علينا أن نبحث عن أسس هذا الانقلاب الحضاري المفاجئ.
أستطيع أن أقدم فيما يلي بعض عناصر الإجابة حول أسباب هذا الانقلاب من مرحلة الحداثة نحو مرحلة ما بعد الحداثة. وفي هذا الإطار أعتقد أن اللجوء إلى منهج المادية التاريخية والمادية الجدلية كفيل بتقديم عناصر هذه الإجابات وفي هذا الإطار يمكننا أن ننطلق من المقدمات التالية:

1 – كل ازدهار مادي اقتصادي واجتماعي يشكل بنيات تحتية لازدهار البنيات الفوقية الفلسفية والثقافية والسياسية والقانونية والحضارية والتي تشكل أداة السيطرة للطبقات المهيمنة على السلطة؛

2 – كل انحطاط اقتصادي واجتماعي يصيب البنيات التحتية يؤدي بشكل أوتوماتيكي إلى تفكك وانحطاط البنيات الفوقية الفلسفية والثقافية والسياسية والقانونية والحضارية؛

3 – جميع الحضارات التاريخية عرفت خلال مسارها مرحلتين، مرحلة ازدهار نمط الإنتاج القائم المشكل للبنيات التحتية بحمولاته التي تنعكس إيجابا على ازدهار أدوات السيطرة الفوقية (البنيات الفوقية) الفلسفية والثقافية والسياسية والقانونية والحضارية من نون وآداب وعمارة ... الخ. لكن عندما تصد هذه الحضارات الى نقطة معين يحدث فيها تناقض حاد بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، تنقلب هذه المرحلة الأولى الى عكسها تماما، أي إلى مرحلة هبوط قوي وانحطاط تنحط في ظلها البنيات الاقتصادية التحتية كما تتهاوى البنيات الفوقية الأيديولوجية والفلسفية والثقافية والسياسية وكافة ألوان المعرفة بما فيها الفنون والآداب والرواية والشعر ... الخ.

4 – في إطار مرحلة الانهيار الطويلة الأمد، تظهر بوادر حضارة جديدة اقتصادية أولا ثم سياسية وفلسفية أيديولوجية وقانونية وتقوم على أنقاض الحضارة السابقة.

5 – جميع الحضارات السابقة مرت عبر هذين المرحلتين، ويمكن دراسة مسار تطور كل حضارة على حدة لملاحظة ذلك.

انطلاقا من هذه المقدمات السابقة، أعتقد أن الحضارة الرأسمالية الغربية التي نشأت وتطورت على أنقاض نمط الإنتاج الإقطاعي السابق في القرن الحامس عشر، والتي قامت على هلى بنيات اقتصادية تحتية تتمثل في نمط الإنتاج الرأسمالي، والتي دخلت في صراع ايديولوجي وفلسفي وعلمي مع نمط الإنتاج الاقطاعي والملكيات المطلقة ببنياتها التحتية والفوقية، من خلال رواد عصر النهضة وعصر الأنوار الذين شكلوا طليعة عصر الحداثة الغربية. وفي خضم هذا الصراع انتصرت الحداثة الغربية العقلانية وتنوعت تفرعاتها وأحدثت نهضة في مختلف البنيات الفوقية الفلسفية والثقافية والقانونية والفنية والعمارة والآداب والرواية.

لكن هذا المد الحضاري الغربي سيتوقف ويبدأ في التراجع مع بداية القرن العشرين، انطلاقا من اصطدام الآليات الاقتصادية والبنيات التحتية الرأسمالية القائمة على الاستغلال، أي استغلال البرجوازية لقوة عمل الطبقة العاملة واستغلال الإمبرياليات الرأسمالية لشعوب العالم الثالث، وكان هذا الاستغلال والغزو ضروري وهو ما أسماه هتلر بالمجال الحيوي، فاندثار هذا المجال يعني مباشرة انهيار نمط الإنتاج الرأسمالي وبالتالي انهيار بنياته الفوقية.

في بداية القرن العشرين كان العالم كله مستعمرا ولم تبقى أية بقعة منه قابلة للغزو الاستعماري، بينما الأزمة الاقتصادية تتفاقم وتهدد جميع الإمبرياليات بالانهيار، إلى جانب ظهور قوى شيوعية اشتراكية تهدد نمط الإنتاج الرأسمالي بالتدمير الساحق، فلم يتبق أمام أهل الحل والعقد الامبريالي سوى اشعال الحروب المدمرة لمعالجة تناقضاتها بعضها على حساب البعض الآخر، فكانت الحرب العالمية الأولى التي ذهب ضحيتها أزيد من 24 مليون نسمة، ثم الحرب العالمية الثانية التي ذهب ضحيتها أزيد من 64 مليون شخص.

فالنظام الرأسمالي الذي كان تقدميا في ما بين القرن الخامس عشر والقرن التاسع عشر نسبيا، أصبح منذ انطلاق الحرب العالمية الأولى سنة 1914 نظاما رجعيا بشكل كامل.

إن نقطة انطلاق مرحلة ما بعد الحداثة الحقيقية هي سنة 1914 تاريخ اشعال نار الحرب العالمية الأولى.

ومنذ ذلك الحين والى اليوم أصبحت الحضارة الغربية تدور في دائرة مفرغة، أي انفجار الأزمة أولا ثم اشعال الحروب لمعالجتها ثانيا، ثم إعادة بناء ما دمرته الحرب لضمان استمرار نمط الإنتاج الرأسمالي والذي سرعان ما يقع في ازمة اقتصادية جديدة ثم اشعال الحروب لمعالجتها ثم إعادة البناء من جديد. علما أن هذه الدائرة المفرغة تدمر الانسان والطبيعة بشكل متصاعد يهدد بفناء البشرية بسبب الاضرار البليغة التي يتعرض لها الغلاف الحيوي للكوكب الأرضي وفناء تدريجي للكائنات التي تضمن بقاءه.

إن هذه السيرورة التي تعرفها وضعية نمط الإنتاج الرأسمالي السائد، تنعكس سلبا على البنيات الفوقية للنظام الفلسفية والثقافية والقانونية والفنية والأدبية، لذلك أصبح الفلاسفة والمثقفين والشعراء والأدباء في مختلف أنحاء العالم سجناء مرحلة الانحطاط الرأسمالي وتنعكس على أعمالهم، إنها مرحلة ما بعد الحداثة حيث يعد الانسان قادرا على صناعة مستقبله، بل أصبح ينقاد بكل قوة نحو تدمير هذا المستقبل.

فيما يلي مقالة الشاعرة إينانة الصالح

من الحداثة إلى ما بعدها

فيما يكون الواقع المنظور يحتمل الحقيقة، على المرء أن يبدأ بخلق واقع متفرّد به وحده في ذهنه، وذلك تبعاً لاختلاف الثقافات والتصنيفات، وهذا ما ينفي وجود أحكام مسبقة أو آراء ثابتة تُطلَق على حياة الآخر إن كان من المجتمع نفسه أو خارجه، والاعتراف بأنَّ التطوّر يكمن في التغيير وحده، فلا شيء ثابت ولا يجب أن يكون ثابتاً أيّاً كانت مرجعية هذا الإثبات ومصداقيته.

لقد كان حدث أوشفيتز (معسكر الموت) هو الحدث الذي أعلن موت الحداثة مثلما كان حدث الثورة الفرنسية إعلان بدايتها، على الأقل في المستوى السياسي. سميت هذه اللحظة بما بعد الحداثة، ويعرِّفها ليوتار (الفيلسوف وعالم الاجتماع والمنظِّر الفرنسي) بكونها "الحالة التي تعرفها الثقافة بعد التحولات التي شهدتها قواعد ألعاب اللغة الخاصة بالعلوم والأدب والفنون منذ نهاية القرن التاسع عشر" مستنتجاً أنّ "شرعنه المعرفة تفترض فلسفة التاريخ، ينخرط فيها كلا المتخاطبين ضمن هدف نبيل أخلاقي-سياسي هو السلم الكوني يتحول فيه العالم إلى بطل للمعرفة"

جاءت الحداثة كرد فعل على النزعات التي ركزت على انهيار القيم الثقافية والجمالية محددة الأهداف على مستوى أنماط التفكير الإنساني من خلال تبنِّيها للتفسيرات العلمية والعقلانية والمعرفة المنظَّمة وقد لامست جميع جوانب الحياة من فنون وصناعة واقتصاد، محمولةً على ما يُعرف بالجمالية الفنية بقدر ما هي مرتبطة بالعلمانية والفردية والنظام السلعي التي تُعدّ من بنائيات النظام العالمي الحديث.

تحرص على تجزئة الموضوعات وجعلها أفكار لا مركزية وتفسيرها في إطارها الاجتماعي واللغوي. تم الاهتمام بها بعد فشل النظريات السوسيولوجية الكلاسيكية وهذا من خلال الانتقادات الموجهة لتلك النظريات.

ويعتبر جان بودريار الناقد وعالم الاجتماع من أبرز المنظرين في اتجاه ما بعد الحداثة (التكويني والتصويري والتفاعلي) بجماليات التناقض، والتأويل الذي يشكّل فضاء تفاعلي لا محدود. محاولة تجاوز الأطر لنفسها وضرورة التشبيه والمحاكاة ردّاً على التسطيح الذي فرضته التكنولوجيا وثورة الاتصالات ويرى بودريار أن ما يؤثر في حياتنا الاجتماعية أبلغ التأثير هو الإشارات والصور مستمدّاً من ساسور فيرناند دو ساسور العالم اللغوي السويسري أب المدرسة البنيوية في علم اللسانيات اعتباره أنَّ المعاني والدلالات تشتق من الروابط بين الكلمات لا من الواقع الخارج.
بينما يحدد سكوت لاش (عالم الاجتماع البريطاني) سوسيولوجيا الحداثة معتبراً أن العلم يتكون من ثلاث مقولات أو أفكار أساسية مرتبطة كان أهمها فكرة النمط الثقافي، معتبراً أن الحداثة ما هي إلا حصيلة عملية التكوين الثقافي، أما ما بعد الحداثة فإنها تعالج الجزئيات أو العناصر الداخلية التي تشملها عملية التكوين الثقافي.
وشكلت نهايتان أساساً لبداية ما بعد الحداثة ، نهاية عدمية نيتشه التي عبرت عن حداثة القرن التاسع عشر والقرن العشرين وهى النهاية التي أعلنها ريتشارد رورتي (الفيلسوف الأمريكي)، والنهاية الثانية التي أعلنها الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر ووجه اهتمامه الفلسفي إلى مشكلات الوجود والتقنية والحرية والحقيقة، وقد أثر على كل التيارات الفلسفية في القرن حيث أعلن هايدغر نهاية الميتافيزيقا ، فكانت تلك النهايتان الأساس الذي قامت عليه بعد الحداثة فلسفياً ، ثم تفرعت لتشمل العمارة والفنون والآداب ومختلف فروع الفكر والمعرفة

وظهرت في الغرب كمحاولة لهدم ثوابت الحداثة، والعقلانية، وتغييب المعنى، والاهتمام بالهامش والعرضي واليومي، وحطمت الحدود بين الأجناس الأدبية، وتوسلت الغموض والإبهام، وشكل الرسم وفن التشكيل والعمارة المحطة الأولى لنظرية ما بعد الحداثة، فيما شكلت الفلسفة والفنون الأدبية محطتها التالية، وبعدها استشرت في مختلف المعارف البشرية، ورغم إعلان موت مذهب الحداثة في أوربا وأميركا إثر قيام مذهب أو نظرية ما بعد الحداثة غير أن الأدب العربي اليوم يعيش حالة من ازدواجية وفوضى المذاهب.

إن الذات هي التي تصنع ذاتها بذاتها، إنها مشروع يخلق نفسه بنفسه كما يعتقد سارتر، إنها تخلق قوانينها ولا تتلقاها من الخارج وهي حينما تحترم هذه القوانين لا تحترم في الأخير إلا ذاتها وهو ما عبَّر عنه كانط بالاستقلالية.

وفي غياب المركزية والوحدة وعدم المنطق والتغريب والتشكيك وفتح باب التأويل على مصراعيه، وحسب دافيد كارتر (صاحب كتاب النظرية الأدبية) فإن "ما بعد الحداثة تزعزع جميع المفاهيم التقليدية المتعلقة باللغة والهوية ”

مرتكزات ما بعد الحداثة، التشكيك، هيمنة الصورة كما عند جيل دولوز _ الأدراك، والصورة _الانفعال، والصورة الفعل، الانفتاح والتناص على كتابات أخرى، تحطيم الحدود بين الأجناس الأدبية، أعادة الاعتبار للسياق والنص الموازي، التخلص من المعايير والقواعد. وقد حفلت الرواية بكل من هذه المرتكزات التي وسمت الرواية برواية أدب ما بعد الحداثي .

الناقد والكاتب محمد العثمان: يتمثل كرد فعل على الحداثة التي كان من أبرز صفاتها الشكلانية الروسية، نظرية موت المؤلف عند رولان بارث، جاكبسون التركيز على اللغة الشعرية، أما مفهوم ما بعد الحداثة فظهر في: التأويلية عند هيدغر من خلال العودة إلى روح النص وشكله معاً أي اللغة والمضمون - التفكيكية عند جاك دريدا- السيميائية أو السيميوطيقا عند فيرناند دي سوسير.

ويتابع العثمان لم نطبق بعد في العالم العربي عملياً مفهوم ما بعد الحداثة فقلة من الدراسات والنقد، الأدب بدأ ينحو هذا المنحى الذي يتجلى بالكشف والخلق والرؤية العميقة، فالشعراء الشباب حالياً تندرج كتاباتهم تحت أسلوب ما بعد الحداثة من حيث وجود التشظي والتكامل في النص ولكن لا يوجد قراءة منهجية واعية لها، هناك جيل لما بعد الحداثة لكن لا نجد بعد تطبيق فكري عملي له، غير أنه مفهوم حاضر في الرواية والشعر العراقي والآن في الإبداع السوري بعد الحرب.

أما من المنظور النقدي هي أهم ما وصل إليه النقد العالمي، نظرة أفقية لمستقبل العالم الفكري، وتقدم حلول حقيقية للإبداع في وجه الشكلانية، وتهضم العمل بشكل جيد وجديد بعيداً عن التنظير.

الفنان التشكيلي جورج شمعون: ما بعد الحداثة يعني ألا يكون الجمال هو المعيار الذي يجعل المنجَز الإبداعي مدعاةً للقبول وجذب الانتباه، بل توسيع نطاق الإدراك الحسي، ورؤيتي الخاصة تقوم على أن أهم ميزة للتذوق الجمالي ألا يكون مقارناً، بل يجب أن يكون نازعاً إلى العزل ومحتفظاً بفرديته، فالقيمة الإدراكية للأشياء التي تتم من خلال النظر إليها أو إدراكها لطرافتها، تعمل على توسيع نطاق الإدراك الحسي.

الكاتبة غفران طحان: ما بعد الحداثة بعيداً عن التعريفات المطروحة وما قدمه النقاد برأيي هي ثورة على الحاضر ومحاولة لقلب الأمور بشكل يستشرف المستقبل ويدفع به نحو نظرة أكثر تشاؤماً أو تفاؤلاً ربما. تحتاج الحركة الأدبية الحالية لثورة على الأطر الكلاسيكية التي تحكمها، تحتاج الجرأة ليس في الأفكار فقط بل في التقنية الأدبية لجميع الأجناس.. الخلط بينها وإعادة ترتيبها لتقديم رؤيا جديدة مغايرة للسائد.. نظرة تناسب الواقع المتغير بشكل كبير (نحو الأسوأ أو الأفضل) لكننا نحتاج أن ننظر للأمور نظرة ما بعد حداثية.

أما من أهم المرجعيات العربية التي صدرت عربياً معتمدةً مفهوم ما بعد الحداثة مصطلحاً وتطبيقاً فهي كتاب الدكتور مصطفى عطية جمعة " ما بعد الحداثة في الرواية العربية الجديدة"، ومؤلفات الدكتور منذر عياشي، وكتاب "البعد الثاني على المنهج التأويلي" لمحمد العثمان، وغيرها العصي على الذكر والذاكرة.

وعلى مبدأ المعرفة التي لا تتوقف والتي تعتمد مبدأ التشكيك حتى يتم الانتقال من خلاله إلى مرحلة لاحقة متطورة يستحضرني ما قاله هنري ميشو (الكاتب والرسام الفرنسي):"حتى وإن كان ذلك صحيحاً، فإنه خطأ".
إينانة الصالح- سوريا- السلمية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط