الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضحك والعبوس

خالد خالص

2018 / 8 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الضحك والعبوس

ذ. خالد خالص

حينما تتأمل ملامح الكثير من الوجوه هنا وهناك فإنك تجدها غالبا عبوسة الى مكشرة ، لا تبدي اسنانها ، غير راضية عن اوضاعها وعن نفسها، ولا تعرف للإبتسامة ولا للضحك طريقا، بل تترسخ لديك قناعة بأنها تخفي سخطا عارما على وشك الإنفجار بين الفينة و الأخرى لأتفه الاشياء، الى درجة وجود من يحمل اسم "انكير" أو " النكار" ( le râleur ) كاسم عائلي عندنا . كما تجد البعض يتظاهر الضحك أو يضحك خوفا أو مجاملة ونفاقا وهو غير مقتنع بالوضع "المضحك".
وأعتقد بأن الامر راجع ليس فقط للاوضاع العامة للبلاد بل للمناخ الذي تمت فيه النشأة داخل البيت و خارجه. فبغض النظر عن العنف الجسدي الممارس احيانا وفي غياب حوار هادئ ومسؤول بين الآباء والأبناء - مع التركيز على عدم التعميم - وامام كثرة ما يسمع الطفل عبارات "حشم" وهدا" و"سكت" و" الحمار " بدون ادنى سبب جدي، (-واجنبكم القاموس اللغوي المتدني للبعض منا الذي يمزج بين الدين والجنس..-) ، فإن الابتسامة و الضحكة هجرتا أغلب الوجوه الطيبة ومن تم جائت عبارة "هجروه ليه" أي أزالوا الضحكة والابتسامة عن وجهه.
ومن كثرة ما "هجروه ليه" اصبح صاحبنا " يهجره" بدوره للآخرين واصبح ضحكه غير طبيعي، اما ثقيل الظل او "باسل" بالعامية المغربية او عنيف من الذين يطبق عليهم المثل المغربي "زفوط لحمير ..المندبة احسن منو " أو أن المسكين صار مداوم على العبوس، يخشى ويتشائم من الضحك وينتابه الخوف والهلع حينما يضحك الى درجة قوله "غير الله يخرج هاد الضحك على خير" وكأنه ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون أو معصية سيحاسب عنها غدا يوم القيامة.
وحتى نتجاوز الشعور بالذنب ونطمئن قليلا فان العلماء حللوا الضحك كأمر طبيعي وكشكل من أشكال التعبير التلقائي عن المرح والتسلية، يميز الإنسان عن باقي المخلوقات الأخرى الى درجة أن الطفل الرضيع يضحك تلقائيا بعد 17 يوم من ميلاده بينما لا يبدأ في المشي الا أبتداء من سنته الاولى وفي الكلام ابتداء من سنته الثانية.
والضحك هبة ربانبة ودواء مجاني ضروري للتوازن البشري حيث أن فسيولوجيا الأعصاب الحديثة تربط الضحك بتنشيط القشرة الأمامية الوسطى للدماغ كما أنه يحرك لدى الانسان 17 عضلة في الوجه و80 عضلة في الجسم.
ويضيف الاطباء بأن الضحك يحمي القلب ويقلل من معدلات سكر الدم ويرفع من قدرة الجسم على محاربة العدوى بإفراز الأجسام المضادة كما يعزز من تواجد الخلايا المناعية ويساعد على الاسترخاء والنوم وعلى جمال الجسم والمظهر حسب ويكيبديا.
ويستخدم بعض الاطباء والمعالجين النفسيين روح الدعابة والضحك كنوع من أنواع العلاج والشفاء من بعض الاضطرابات الجسدية والعقلية والروحية.
فلا تسقطوا في فخ مرض العبوس وابتسموا لان الابتسامة في وجه الاخ صدقة واضحكوا صادقين ، ولو من انفسكم، دون جرح مشاعر الآخرين، وعلموا أبنائكم الضحك تضحك لكم الدنيا وامرحوا ما دامت مديرية الضرائب لم تجد للمرح وللهزل سبيلا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا