الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ماذا بعد العدّ والفرز اليدَوي ؟
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
2018 / 8 / 14
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
ها وقد أعلنَ القضاة المنتدبون إلى المفوضية العليا للإنتخابات ، النتائج التي " توصّلوا " إليها من عمليات العد والفرز اليدوي للبطاقات الإنتخابية العائدة للمراكز الإنتخابية والصناديق التي وردت بشأنها الطعون ، من الكتل السياسية أو الأفراد ، وما ورد في تقرير اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء أو ما أثير من قبل النواب الذين حضروا الإجتماعات الإستثنائية لمجلس النواب التي عُقدت بعد إعلان المفوضية ( المجمدة ) نتائج الإنتخابات .
الكلّ يتذكّر مستوى وحجم الهجوم الذي شنّه المعارضون ، وجميعُهم من الخاسرين في الإنتخابات ، ضد النتائج التي أعلنتها المفوضيّة المجمّدة ، وأنواع التهم التي فُصّلت كلبوس لعملية الإنتخابات والأجهزة الألكترونية ، وشخوص رئيس وأعضاء المفوضية العليا للإنتخابات ، وكأن تلك الأجهزة لم يتم التعاقد على شرائها من قبل المفوضية الأسبق ، وكأن شخوص المفوضين لم يُنسّبوا كأعضاء فيها من قبل ذات الكتل السياسية على أساس المحاصصة . لقد قامت وسائل الإعلام المنحازة والمشتراة وكذا المنتسبة إلى جهات إقليمية ودولية معلومة بدور بارز في تضخيم حجم التهم وفبركة الأخبار أو تصريحات المسؤولين بإتجاء زرع الشكوك حول تلك النتائج ، وبقصد تعبئة الرأي العام ضدها والعمل على تغييرها أو إلغائها مهما كلّف ذلك من ثمن .
لقد كانت خطوة مجلس النواب في طلب إجراء العد والفرز اليدوي من قبل جهة قضائية ، يُراد بها حصر النتائج المعلنة في زاوية ضيّقة وأملٍ أن تتغيّر النتائج لما يٌريده ( الخاسرون الذين حضروا الإجتماعات الإستثنائية لمجلس النوّاب ) ولكن لم تجر الرياح كما إشتهوا ، إذ أن المحكمة الإتحادية العليا لم تصادق على قرارات مجلس النواب كحزمة واحدة . ففي الوقت الذي نسّبت عدداً من القضاة للإشراف على عملية العد والفرز اليدوي ، كان قرارها بشأن مدى سعة وشمول تلك العملية ملتبساً . ففي الوقت الذي فهم منه الخاسرون أن العد والفرز اليدوي يكون شاملاً لجميع المراكز والصناديق ، كان فهم القضاة المنتدبين أن المقصود في قرار المحكمة الإتحادية هو فقط المراكز والصناديق التي وردت بشأنها طعون . لقد أثار إثنان من النوّاب زوبعة في أحد إجتماعات المجلس ؛ أنهما قابلا رئيس المحكمة الإتحادية العليا ووعدهم " أن سيكون له رأيٌ آخر فيما لو إعترضوا قبل يوم الخميس ! " ، لكن لا أحد يعلم إن كان هذان النائبان قد قدّما ، فعلاً ، إعتراضاً ضمن المدّة التي حددها رئيس المحكمة الإتحادية ( على فرض أنه كان قد وعد ذلك الوعد وحدد تلك الفترة ) ، إلاّ أن الذي أعلن أن المحكمة الإتحادية أيّدت التفسير الذي ذهب إليه القضاة المنتدبون .
بعد هدوء اللغط في موضوع شمول عملية العد والفرز اليدوي ، وقبل أن تباشر هيئة القضاة بعملها ، تم تصعيد الوضع السياسي بعدة عمليات حرق لمراكز خزن صناديق الإنتخابات ؛ كما في بغداد ، أو حجز تلك المخازن من قبل جماهير معتصمة ، أو الإعتداء على مخازن أخرى ، مما خلق ظروف التشكيك حول الجهة ذات المصلحة فيها . وبطبيعة الحال قامت وسائل الإعلام إيّاها بتوجيه الرأي إلى أعضاء المفوضية المجمّدة .
لقد باشرت هيئة القضاة المنتدبين عملها ، مع إتخاذ كل الوسائل الإحترازية ليكون عملها حرفيّاً وبأسلوب شفاف ؛ فمن حضور ممثلي الأمم المتحدة وممثلي منظمات ودوائر رسمية دولية ، وممثلين عن الكيانات السياسية ووسائل الإعلام ، إلى إستخدام موظفين لا ينتمون بصلة إلى مراكز الإنتخابات التي ينفذون العمل فيها . كل ذلك فرض حالة من السكون في الجوّ السياسي العام ، عدا ممثلي الكيانات السياسية الخاسرة والمراهنة على التغيير الذي تتأمله من نتيجة العد والفرز اليدوي ، فقد كانوا في تصريحاتهم ينتقون الكلمات ويزنونها بميزان ؛ فمن جهة لم تكن لديهم معطيات ضد العملية للتشكيك فيها ، ومن جهة أخرى يدّخرون المجال للمستقبل عسى أن يجدوا " شيئاً " يستخدمونه للتشكيك ورفض النتائج التي ستعلنها مفوضية القضاة المنتدبين .
في خضم إنشغال مفوضية القضاة المنتدبين بعملهم ، إندلعت حملة التظاهرات السلمية المطلبية في البصرة . لقد كانت مطالب تلك الجماهير المتظاهرة مطالب مشروعة تنادي وتطالب بالخدمات والكهرباء والماء وتشغيل الأيدي العاملة ، حالها حال جميع التظاهرات التي كانت في ساحة التحرير في بغداد والساحات الرئيسية للمحافظات ، إلاّ أنّ جهات " معيّنة " أرادت ركوب موجة التظاهرات وحرفها عن توجهها السلمي المطلبي ، فدسّت أزلامها بين الجماهير المتظاهرة ، ودفعتها للقيام بأعمال بعيدة عن أهداف التظاهرات ، فمن عمليات قطع الطرق ، والإعتداء على المال العام والخاص ، وإقتحام مطار النجف إلى الهجوم على شركات النفط الأجنبية العاملة في العراق وأخيراً الصدام مع القوات الأمنية مما أدى إلى سقوط ضحايا بين الطرفين . تُرى ما مصلحة المتظاهر المسالم المطالب بحقوقه المشروعة من كل أعمال العنف ؟ لقد كان الغرض من حرف تلك التظاهرات عن توجهها السلمي المطلبي إستغلال إندفاع الجماهير وتحويل التظاهرات إلى غوغاء تحرج السلطات الحكومية والضغط على مفوضية الإنتخابات لترضخ إلى ما سمّوه " ضغط الشارع " ! . لقد كان ، أيضاً ، لوسائل الإعلام دورٌ فعال في توجيه الذهن إلى مسؤولية الحكومة في " عدم تلبيتها مطالب الجماهير المتظاهرة " كأن ليست معاناة تلك الجماهيرهي بسبب تراكمات قصور الحكومات السابقة التي بذّرت أموال العراق ولم تبنِ قاعدة إقتصادية رصينة ، والتي خلّفت تلك المشاكل التي تنادي التظاهرات لتجاوزها الآن ! لقد بلّغنا سابقاً أن التظاهرات الحالية لم تعد عفويّة ، كما تصر على تسميتها بعض الجهات ، ما دامت ملغومة بالمندسّين ، وما دام الشرفاء من منظميها يأبون التعاون مع السلطات الحكومية المسؤولة لتطهيرها منهم .
بعد إعلان قضاة المفوضية نتائج التدقيق الذي أنجزوه ، طلع علينا ممثلو الكيانات السياسية ، في وسائل الإعلام ، وأخرجوا من جعبتهم " الأسباب " التي كانوا قد إدخروها في فترة " السكون " ، وأخذوا يعزفون لحناً جديداً في إعتراضهم على عمل المفوضية ، ذلك العمل الذي ما كانت لهم أية إعتراضات عليه أثناء تنفيذه ، على الرغم من وجود المراقبين الذي يمثلونهم ! إن موقف تلك الكيانات " الخاسرة " واضح ، إذ هي لا ترضى بغير تغيير النتائج أو إلغاء الإنتخابات ، ولذلك فمن المتوقّع أن تلجأ إلى أخسّ الوسائل دناءة وعنفاً في سعيها للوصول إلى ما تريد . ولقد صدَق السيّد أمير الكناني في مقابلة له مع قناة الشرقية الفضائية ، بخصوص إختيار رئيس الوزراء إذ قال " إذا لم يأتِ رئيس الوزراء من حزب الدعوة ، فإن مدة تشكيل الحكومة ستطول ، وسترى في كل يوم عراقيل .. وعراقيل ..." !
لا يزال ، إحتمال تحوّل تلك التظاهرات إلى صدامات أوسع وارداً ، ولا تزال محاولات الجبهات التي تريد إعادة الوضع السياسي إلى ما كان عليه في نظام المحاصصة ونهب أموال الشعب ، وتفادي محاسبة الفاسدين ، مستمرّة بدون مبالاة حتى وإن كانت ستؤدّي إلى حرب أهلية تحرق الأخضر واليابس ، فعمليات الحرائق المفتعلة ، وكذا عمليات الإختطاف والإغتيال كلها وسائل تلك الجهات في سبيل الوصول إلى غايتها . فلذلك أدعو جميع المخلصين للعراق ، من جميع التوجّهات السياسية أن يكونوا بمستوى المسؤولية في تقدير خطورة الوضع الدقيق الذي يمر به وطننا ، وأن يزنوا بميزان دقيق مَن هو مع العراق ومستقبله الواعد ، ومن هو مع إعادة عجلة الزمن إلى الوراء . إننا نحتاج إلى إصطفاف جديد للصف الوطني ، ونكون متهيئين لمواجهة أي حدث قد يلجأ لإفتعاله أعداء العراق ، إذ لا زالت ساعة الصفر مرتبطة بساعة إعلان المحكمة الإتحادية نتائج الإنتخابات . إنه يوم الإمتحان ، فهل ينجح العراقيون في ذلك ؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. Read the Socialist issue 1268
.. Socialism the podcast episode 130 The fight for worker’s pol
.. المحكمة الابتدائية في تونس تقضي بإعدام 4 أشخاص أدينوا باغتيا
.. حكم بإعدام 4 مدنيين والمؤبد لشخصين بقضية اغتيال شكري بلعيد ف
.. شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني