الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول بعض الأعراف المغربية الأمازيغية في مجال العدالة

خالد خالص

2018 / 8 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


حول بعض الأعراف المغربية الامازيغية
في مجال العدالة

ذ. خالد خالص

إلى غاية ظهور الإسلام بالمغرب سنة 682 كان القضاء منظما ، حسب أعراف الجهات التي كانت تناسب البنية السوسيو- اقتصادية لكل منطقة. ويطلق على هذه الأعراف في بعض الجهات اسم "أزرف" وهي تنشأ تدريجيا من طرف أفراد الجماعة وبرضاهم لحل مشاكلهم.
ويمكن القول بأن أهل القبائل كانت تطمئن "لأزرف" أو "أزرفان" لأنه نابع من الإرادة الجماعية ، وليس من الإرادة المنفردة لأي سلطة مركزية. والأعراف تختلف بين القبائل بل وحتى داخل القبيلة الواحدة أحيانا. وكان معظمها شفوي تتناقله الأجيال بينما الجزء اليسير كان يتم تدوينه بواسطة فقيه القبيلة التي كانت تملى عليه تلك الأعراف.
وكانت هذه الأخيرة تدون في ما يعرف "بالألواح" أو "تعقيدت" ، التي تقنن الجانب الجنائي كالقتل والضرب والجرح والشتم والسرقة والخيانة الزوجية وغيرها، كما كانت الألواح تنظم باقي العلاقات كالزواج والطلاق والرعي والبيع والشراء والرهن والشفعة والخماس... وكانت "تعقيدت" أو الألواح توضع في ضريح رجل صالح تقسم (بضم التاء وبكسر السين) به عادة القبيلة.
وكان القضاء بسيطا للغاية ويعرف باسم "تيموغرا" ، ويطلق على المحكمة في بعض المناطق اسم "تيعقدين" وتتكون من رئيس منتخب يسمى أمغار يتم اختياره بالأغلبية من رجال القبيلة وغالبا ما يكون الشخص الذي تمت الموافقة عليه كبيرا في السن ومعروفا برزانته وحكمته وفطنته الى جانب تميزه بالصدق والأمانة. كما كانت المحكمة تتكون أيضا من أعضاء يسمون "انفلاسن" يتم اختيارهم وفق نفس المعايير ومن أعضاء مكلفين بالتنفيذ.
وكان نظام "تيموغرا" هو النظام القضائي السائد لدى القبائل الأمازيغية للفصل في المنازعات بين أفراد القبيلة إلى جانب نظام التحكيم المعروف وقتها والمسمى "بانحكامن" أو "امساين" وهي جمع "امساي" بتشديد السين .
ولتفادي تقديم شكايات تعسفية كيدية أو التهديد بها ، رغبة في الانتقام أو في الإثراء على حساب المشتكى بهم ، فإن النظام القضائي العرفي الأمازيغي المغربي أحدث كفالة تعرف ب "لوتيقيت" تتمثل في خنجر أو بندقية المشتكي أو أي شيء له قيمة كوسيلة لإضفاء الجدية على الشكايات والاتهامات. ويسلم الشيء موضوع الكفالة للمشتكى به كتعويض له إذا ما خسر المشتكي دعواه.
وكانت المحاكمة علنية شفوية تنعقد غالبا في موطن المشتكى به برئاسة الرئيس أمغار. وكان أمغار هو الذي يقوم بإدخال المتهمين وإخراجهم من قاعة المحكمة. وتفتتح الجلسة من قبل الرئيس وتجري المناقشات بالأمازيغية حيث يحضر أقاربه الذين يؤازرونه، ويقوم المشتكي بعرض الوقائع ويدلي بالحجج ليتم الاستماع إلى المشتكى به الذي يقر أو ينكر الاتهام.
ولا يجوز للمحكمة أن تتحول إلى سلطة التحقيق لاستنطاقه إذ لا شيء يلزمه الكلام أو المناقشة بل من حقه التزام الصمت.
أما فيما يتعلق بالأحكام العرفية الأمازيغية فإنها كانت تصدر بنسبة الثلثين وبدون مناقشة بين الحكام.
وكانت العقوبات عبارة عن غرامات مالية أو عينية مختلفة أضعفها ذبح خروف وإطعام 12 فردا من ضعفاء القبيلة، يعينهم القضاة، وأقصاها عزل المتهم من القبيلة أو بعبارة أوضح نفيه وإجبار أهل القرية على مقاطعته وعدم تمكينه من أبسط حقوقه الإنسانية حيث يلجأ عادة الى قبيلة أخرى "ليزاوك" في أهلها لكي يستضيفوه ومن تم جاءت عبارة "أنا مزاوك" المتداولة باللغة العامية المغربية أي انني أطلب الصفح ولن أكرر الفعل. كما كانت الدية مقبولة كطريقة لتعويض عائلة الاخر. ومن تم فإن أعراف هذه القبائل لم تكن تعرف عقوبات تمس بحياة الانسان كعقوبة الإعدام ولا حريته كالحبس والسجن ولا جسده كالجلد الرجم وغيره.
وكان القضاء المدني الأمازيغي يختلف بعض الشيء عن القضاء "الزجري" ، اعتبارا أن الأطراف هم من يختارون الحاكم في حالة وقوع نزاع حول تأويل أو تنفيذ الالتزام المحرر من قبل السلطة المختصة. كما أن بإمكانهم اختيار حاكم ثان بعدما يبث الأول ثم حاكم ثالث بعدما يبث الحاكم الثاني.

ذ. خالد خالص
حول بعض الأعراف المغربية الأمازيغية في مجال العدالة
سلسلة أبحاث في الثقافة العامة المغربية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق