الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم بلا حدود

غادة عريم

2018 / 8 / 17
الادب والفن


العالم بلا حدود

العالم بلا حدود هذا ما تعلمته من زيارتي إلى متحف كون تيكي في العاصمة النرويجية أوسلو. قصة القارب موجودة على مواقع الأنترنيت ولست بصدد ذكر تفاصيلها. لكن العِبر التي تعلمتها من هذه الرحلة كثيرة.
إصرار هذا الرجل المدعو ثور هايردال على تحقيق ما أقتنع به وهو إن الحضارات كانت متصلة مع بعضها والشعوب تسير بطرق متوازية والهدف منها هو الإنسانية لهو درس كبير. فالرحلة التي تبلغ مسافتها خمسة الف ميل ما بين البيرو الى البولونيز تثبت إن الاقوام كانت أنتقلت من الشرق الى الغرب بلا حدود.
البحر طريق كما هي الحياة فهي طريق ما بين المعاش والممات به الأمواج الهادئة وبه الأمواج العاتية ومن يصمد أمام التيارات المتغيرة هو الأنسان الذي يتأقلم مع الظروف. المجذاف بداخلنا نتحكم به, لا عداء بين الشعوب فمن أراد أن يجره الموج إلى الغرق أستسلم للتيار ومن تحّكم بالتيار في الأعماق تمكن من الوصول إلى برّ الأمان.
أختار هذا العالم أسماء آلهة الشمس من الحضارات لتسمية القوارب التي صنعها, مابين الشروق والغروب أقوام تنام وأخرى تصحو الفرق الوحيد هو المكان فنور الشمس تساوي ينشر على البشر مع أختلاف المواقيت , كل تلك الفروقات التي وضعها الأنسان لنفسه تجتمع في صنع خالق واحد مهما تعددت المفاهيم تعود كلها لتصب في الخير والشر وهنا يقرر الانسان أي مركب يركب.
قارب كون تيكي أثبت تقارب الغرب من الشرق منطلقاُ من حضارة الأنكا. قارب رع واحد أنطلق من حضارة وادي النيل ليبين تشابه الحضارات . قارب دجلة أنطلق من البصرة ليعبر حدود القارات منطلقاً من حضارة وادي الرافدين.
كل تلك القوارب صُنعت ببساطة من مواد بدائية الخشب والقصب والبردي ليثبت هذا العالم إن الأنسان ممكن أن يعيش حياته بكل بساطة وبلا تعقيد. وفي كل مرة يختار طاقم مكون من عدة جنسيات ليثبت إن التعاون أمر مقدور عليه مهما أختلفت الأعراق.
لُقب هذا العالم برجل العالم لأنه جال الكرة الأرضية وأثبت أن حضارات الشرق الاوسط تواصلت مع حضارات العالم في بلاد السند و أمريكا الجنوبية بحكم إختصاصه بعلم الأعراق والدليل القارب البسيط بعيداً عن التكنلوجيا الحديثة التي لم تكن متوفرة حينها.
كوني عراقية ولدت في البصرة سعدت وأنا أرى علم العراق على القارب الذي صنعه حيث أنطلقت الرحلة من القرنة إلى شمال البصرة ثم شط العرب مرورا بالخليج العربي الى خليج عمان ثم المحيط الهندي الى باكستان حيث حضارة وادي السند، ومن باكستان اكمل القارب دجلة رحلته وسط تلاطم الامواج العاتية، عبر المحيط الهندي الى خليج عدن، وحينما وصل قبالة جيبوتي عند مدخل البحر الاحمر منع هناك من المرور الى البحر الاحمر بسبب الظروف السياسية فأحرق القارب وبعث رسالة الى الامين العام يحتج بها على الحدود و الحروب التي تحصل في العالم.
بالتأكيد كانت هناك خلافات وحروب بين الشعوب القديمة لكن هذا لم يمنع التواصل الحضاري بين الحضارات القديمة وهذا ما أثبته العالم برحلته التي قام بها الذي لديه قول جميل يقول ( لم أجد الحدود في طريقي بالبحار و الأرض لكنني وجدتها بعقول بعض البشر.)
ويقول يتعلم الانسان من الإستماع أكثر من الحديث . وأخيراُ (في المجتمع المتحضر ليس هنالك من اعداء , لا يمكن لاحدهم أن يرسم الحدود الغير موجودة اصلا على الخريطة ليقول لنا بأن العدو القبيح يسكن في ذاك الجانب). لكن الحضارة ضاعت في التعنت الفكري المذهبي وعدم سماع الآخر فليتنا نتعلم من دروس الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة