الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغزو الأمريكي للعراق والدور الإيراني

محمد أحمد الزعبي

2018 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تقف وراء دافعي لكتابة هذه المقالة ، مقالة قرأتها هذا الصباح للأخ صلاح المختار تحمل عنوان ( تركيا : ألغاز متعمدة ) . لقد كانت المقالة تحليلا سياسيا جيداً للأزمة الراهنة بين أمريكا وتركيا ، والتي يظهر القس الأمريكي ( أندرو برانسون ) وفتح الله غولن على سطحها ، فقط من أجل التغطية والتعمية على الأسباب الحقيقية وراء هذه الأزمة ، والتي هي بنظر الكاتب صلاح المختار- ونظرنا نحن أيضاً - إلحاق تركيا بجاراتها وأخواتها في الوطن العربي( تدميراًوتقسيماً وتهجيراً ) ولاسيما العراق وسوريا من هذه الأخوات . إننا لانشك في أن النظام التركي ، برئاسة السيد رجب طيب أردوغان ، يعرفون جيداً أبعاد اللعبة الأمريكة التي تدور في المنطقة حولهم ، ولكنني - ومع ذلك - تمنيت على المسؤولين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين في هذا البلد الجار ،أن يطلعوا على وجهات نظر أصدقاء تركيا في الوطن العربي ، والذين ذاقوا قبلهم مرارة تلك اللعبة الدولية حول هذا الموضوع ، وخاصة في العراق وسورية . (ملاحظة : تشير كتابة سوريا بالألف هنا إلى سوريا الكبرى ، بينما تشير كتابتها بالتاء المربوطة إلى سورية الصغرى ، والتي أطلق عليها حسن نصر الله ذات يوم ( سورية الأسد !!) .

وفيما يتعلق بسوريا الصغرى ، التقيت في الأيام الأولى لثورة آذار2011 بمجموعة من الشباب السوريين من اللاجئين الى ألمانيا بأوقات مختلفة ، هرباً من بطش عائلة الأسد ( الأب والإبن ) وشبيحتها ، وكان ذلك قبل عام 2015 وبالتالي قبل استنجاد الوريث بفلادمير بوتين كي ينقذه من ثورة وثوارآذار2011 ، والذين كان يطلق عليهم ، دونما خجل أو وجل ، اسم ( العصابات المسلحة ) . لقد لفت نظري يومها تطلع بل وشبه اقتناع بعض هؤلاء الشباب بإيجابية الدور الأمريكي في سوريا ، وأنه ( الدور) يصب في صالح الثورة ، وبالتالي فإنه سوف يؤدي عاجلاً أم آجلاً الى رحيل بشار الأسد من سورياً ، ولاسيما أن كلمة (إرحل) كانت تتردد يومياً عدة مرات على لسان السيد أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية .
لقد كانت مجموعة الشباب الذين أشرت إليهم أعلاه واقعين برأيي في إطارخدعة أمريكية مزدوجة ، فمن جهة كانوا ينظرون إلى أمريكا ، وبالذات إلى رؤسائها ، بل وإلى الغرب عامة ،على أنهم على درجة عالية من الأخلاق ، وبالتالي فإنهم لايكذبون أبداً ، ومن جهة أخرى فإن أمريكا هي بنظرهم قادرة على كل شيء ، وبالتالي فهي عندما تقول لبشار إرحل ، فإن ما سيبقى عليه هو فقط للرحيل . تجهيز نفسه
قلت يومها لهؤلاء الشباب المخدوعين بالدور الأمريكي في سورية : إن أمريكا – أيها الإخوة - عندما غزت العراق وأسقطت نظامه الوطني عام 2003 ، استبدلته بمجموعة من اللصوص الطائفيين الموالين لولي الفقيه في طهران ، ممن وصلوا إلى السلطة في العراق، كما هو معروف ، على ظهر دباباتها ، وهي اليوم تقوم في سورية باستثمارما زرعته يداها عام 2003 في العراق ، وما قاسم سليماني وحسن نصر الله سوى النبات السام والزيوان الذي زرعته أمريكا في العراق عام 2003 ، وهي تحصده اليوم ( بعد 2011 ) في سورية ، والذي قامت وتقوم بتغطيته وتمويهه بزرعها نبتة جديدة في سورية الى جانب نبتة ولي الفقيه في العراق ، ألا وهي( داعش) ، والتي تمثل الضرورة الطائفية المضادة لطائفية بشار وولي الفقيه وحسن نصر الله ، انطلاقاً من أن ( لكل شيء أفة من جنسه ) وذلك من أجل التعمية والتضليل على دورها في سورية ، من جهة الموالي ( من تحت الطاولة ) لنظام بشار الأسد ، ومن جهة أخرى الساكت على تواجد ودور أتباع قوات خامنئي وحسن نصر الله العسكرية في سورية .
لقد تفاجأ هؤلاء الشباب السوريين المتفائلين ب إرحل ( أبي يوسف ) ، بداية ، باستدعاء بشار لقوات ولي الفقيه وحسن نصر الله ، وثانياً باستدعائه لقوات فلادمير بوتين الروسية، وإعطائها الإذن الشرعي بأن تسرح وتمرح حيثما وكيفما تشاء في سورية ، وثالثاً بأطروحة وزير خارجية بشار( وليد المعلم ) المضحكة المبكية : ( إن من يريد العدوان على سورية فليس لديه من مبرر سوى بالتنسيق معنا !!!) وذلك كرد على استباحة سورية براً وبحراً وجواً من كل ما ومن هب ودب . وذلك لحمايته من الثورة السورية التي أوشكت على سحب الكرسي من تحته ، ورابعاً بتحول خطوط أوباما الحمراء الى اللون الباهت الأقرب الى الصفرة ، وخامساً باللقاءات الودية المتوالية المشفوعة بالابتسامات العريضة لجون كيري ( وزير خارجية أوباما ) ونظيره الروسي لافروف ، ثم لتتابع " لعبة الأمم " مسيرتها الودية بزمن ترامب الأمر الذي أوصل الأوضاع في سوريا والعراق ( وبمساعدة داعش ) إلى ماوصلت إليه اليوم .
إن سكوت أمريكاعلى الاحتلال الروسي لسورية تحت ذريعة أنه قد استدعي من قبل نظام شرعي ، إنما يشير – برأينا - إلى أمرين اثنين ، الأول هو اعتراف أمريكا الضمني بأن نظام بشار هو نظام شرعي رغم مناداتها الكاذبة يوميا برحيله ، والثاني هو قيام روسيا ( نيابة عن أمريكا ) بتدمير ثورات الربيع العربي ، التي أوجدت الإمكانية الحقيقية لسقوط الأنظمة الوراثية الطائفية والقبلية والعسكرية في الوطن العربي ،( أو لمن يشاء في الشرق الأوسط ) والتي هي واقعياً تمثل وتحمي المصالح الأمريكية ، وعلى رأس هذه المصالح حماية الكيان الصهيوني .

لقد دفعت التطورات المتتالية والمتسارعة في سورية الشباب الذين أشرت إليهم أعلاه ، الى مراجعة حساباتهم ومواقفهم حول موقف الدول ( العظمى ) ولاسيما أمريكا وروسيا من قضية الشعب السوري عامة ، ومن ثورة آذار 2011 خاصة ، وبالتالي من مذابح الأطفال وغرقهم في البحور والمحيطات ، ومن مذابح المدنيين بالسكاكين ومن استخدام بشار للسلاح الكيماوي في أكثر من مكان ومن زمان ، ومن الاغتصاب والتهجير ، ومن اعتقال مئات الألوف بسبب مشاركتهم في المظاهرات السلمية ، وبقتل الألوف منهم تحت التعذيب الممنهج والهادف ، بحيث باتت كافة المنظمات المختصة بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة عاجزة حتى عن العد والإحصاء وأصبح التفريق بين العدو والصديق أمراً ممكناً في وعيهم الجديد .

لقد مثل الغزو الإنجلو أمريكي للعراق عام 2003 . – من وجهة نظرنا - حجر الأساس ، لفتنة طائفية ، أرادت لها أمركا أن تكون فتنة طويلة وعريضة ، بحيث لايمكن رؤية نهاياتها لاطولاً ولا عرضاً، في المدى المنظور . وهذا مامثلته وما أكدته التصريحات والمواقف والقرارات المتناقضة والمتعارضة لمجلس الأمن حول دورنظام ولي الفقيه الطائفي في دول الربيع العربي ، ولا سيما في العراق و سورية ، والذي ( مجلس الأمن وبالتالي قراراته ) لايعدو كونه أداة لضحك دول الفيتو الخمس ،وخاصة الدول النووية الأقوى منها ، على ذقون ( المجتمع الدولي ) عامة ، ودول الربيع العربي خاصة . إن للفتنة الطائفية السنية – الشيعية التي زرعها الغرب في الشرق الأوسط ، أهدافا قريبة وأخرى بعيدة ، وسوف يطال حصادها المرليس فقط الدول العربية وإنما أيضاً وأيضاً تركيا ذلك أن المطلوب أمريكيا ،هو الاّ يبقى في الشرق الأوسط دولة أو دويلة واحدة يمكن أن يشكل وجودها - ولو على المدى البعيد – تهديداً محتملاً سواء للولايات المتحدة الأمريكية ، أو لأصدقائها وحلفائها في المنطقة ، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة .

يجادل البعض في أن نظام ولي الفقيه في طهران ، هو من بين الأعداء الفعليين والمباشرين وليس المحتملين للولايات المتحدة الأمريكية . إن مايمكن قوله لهذا البعض( مع الإحترام لوجهة نظرهم ) ، هو إن وقوف نظام ولي الفقيه في طهران ضد دول الربيع العربي في كل من العراق وسورية وليبيا واليمن ، و تحت سمع وبصر الجميع ، لهو أسطع برهان على أنه ( النظام الإيراني ) يقف مع نظام عائلة الأسد ومع "إسرائيل" في خندق واحد ، إنه المثلث الأشد عداء لثورات الربيع العربي ، وهو اليد اليمنى لكل من روسيا وأمريكا وإسرائيل في سورية .

إن تركيا - واقع الحال – لاتدخل في إطار دول الربيع العربي ، ولكنها بعد عام 2011 باتت مقارنة بدور إيران المشبوه في سوريا ولبنان ، الجار الأقرب والأكثر تفهما ً لهموم الشعبين العراقي والسوري ، وخاصة في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية ذي البعد الإسلامي ، الأمر الذي سمح لكل من أمريكا وصنيعتها " إسرائيل " باحتسابها (تركيا) من " الأعداء المحتملين " للطرفين . وفجر بالتالي هذه الأزمة ( أزمة القس أندرو برانسون ) بينهما .
إن التداخل بين الموقفين الروسي والإيراني مع الموقف التركي في سورية ( الثلاثي الضامن بمناطق خفض التصعيد وغيرها ) وخاصة في أستانا وسوشي ، إنما ينطوي – برأينا - على تشويه متعمد للموقف التركي من الثورة السورية ، وتقع مسؤولية تصحيح هذا التشويه المتعمد على السيد رجب طيب أردوغان قبل أن تدرجه كل من روسيا وإيران في إطار حساباتهما الإستراتيجية ( المبهمة ) ويصبح نظام السيد أردوغان رهينة بيدهما ، وعندها سوف ينطبق على محاولة أردغان التراجع - إن وجدت - مقولة " بعد فوات الأوان " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة