الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في رحيل حنا مينا : هل يموت العظماء

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2018 / 8 / 22
الادب والفن



( حنا مينا كان معلمنا ،كانت حياته الاسطورة تلهمنا ، لقد قرأ كثيرا ولكنه عاش أكثر ، وكانت الحياة على حد تعبير احد لأدباء تنضح من جلده ، هذا الرجل الذي عاش المأساة أكثر مما عاشها اي أديب سوري أخر ، كان أكثر فرحا وإنتصارا وأملا ،و كان يقول ابدا "يجب أن نفرح والا انهزم الإنسان فينا " ) سعيد حورانية في مقدمة رواية حنا مينا " الشراع والعاصفة"
رحل حنا مينا ولكنه لا يموت كيف لراغب والطروسي والمرسنلي وفياض ومفيد الوحش و ابراهيم زكور...الخ ! كيف للياطر ، والشراع والعاصفة ، والثلج ياتي من النافذة والدقل وحكاية بحار ، ونهاية رجل شجاع ، عاهرة ونصف مجنون ، المرصد ، القطاف ، الرجل الذي يكره نفسه والمستنقع ... الخ أن يموتوا و تموت !؟ حنا مينا هو كلهم هو البحار ، والمناضل و حمال المرفأ و النون وحامل الأمل و حب الحياة هو إبن بيئته وموطنه وعاشقهما ، هو كل شخوص رواياته دفعة واحدة ونبيها ونبيهم الذي يرفع آهاتهم إلى سماء الإبداع ويضعها تحت أضواء القراء ، حنا مينة بكل بساطة عملاق أدبي عالمي هو القنديل الذي أنار درب أجيال كاملة ووضعها على طريق الحق ، شببت على روايته أنهل منها حتى عرفت من خلالها كم هي عظيمة أحلام البسطاء بقدر عظمة آلامهم بكل تفاصيلها ، عشنا معه في السويدية ، وفي طرطوس و اللاذقية و الاسكندرون ( السورية قبل أن تغتصبها تركيا) بكل تفاصيلها وحكاياتها ونضالاتها والام وآمال أبنائها جميعا .
قبل عن حنا مينا أنه كاتب اشتراكي رومانسي حالم يداعب احلام الشباب الاو وأنه ليس من طينة عظماء الأدب ، لكننا لأننا بشر بالذات لا نخلوا من توق لرومانسية حفرت فينا عميقا ومغايرة لما عهدناه عند غيره مثل محمد عبد الحليم عبدالله أو احسان عبدو القدوس ... الخ ، بعضنا عشق حنا مينا لأنه كان منا ، لم نحترف النقد الأدبي ولا تشريح النصوص الروائية ، أحببناه وكفى للنزعة الأيروتية الحقيقية في نصوصه ( إيروتية جنسانية وإجتماعية على حد السواء) ، أحببناه لبساطة نصه وبساطة أبطاله وشخوصه وبطولاتهم التي يقدر اي منا على إتيانها لانها من تفاصيل بؤسنا اليومي ، ورغم كل هذا فإن شخوص روايات حنا ( أو حنا ذات نفسه في شخصياته المتعددة) لم تكن دوما صالحة أو خيرة بالمعنى المثالي ، كانت مزيجا من هذا وذاك مثل محيطها ، وكذلك هي لم تنتصر دوما ، لذلك ظلت متحركة وحية من رواية إلى أخرى. على كل حال انا مثلا شدتني كثيرا واقعية محفوظ الأكثر عقلانية و كتابته الأكثر حرفية ( من الزاوية المدرسية والأكاديمية الرسمية ) خاصة في السمان والخريف و السراب وربما الثلاثية والميرمار ، ولكني لم اعشقه ولم يثمر عندي مثلما أثمرت شجيرات حنا مينا على بساطتها . نعم نحن نحتاج إلى مثل تلك الرومنسية المقاتلة حتى يستمر الحلم
لذلك حنا مينا لا يموت هي فقط استراحة مقاتل .

" غنّ يا رفيقي، غنّ من أجل الذين هناك غنّ... والذين هناك يغنون والدرب طويل... أيها السائرون عليه، ارفعوا رؤوسكم، غنوا رغم السياط غنوا، رغم السلاسل غنوا لا تخافوا الحياة... الحياة تقتل من يخافها...". ( من رواية الثلج يأتي من النافذة ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج