الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرس - من حكايات الحي القديم

فلسطين اسماعيل رحيم
كاتبة وصحفية مستقلة

(Falasteen Rahem)

2018 / 8 / 25
سيرة ذاتية


عرس توفيق ابن جيراننا هو العرس الاجمل قطعا في ذاكرتي ، رغم كل الاعراس التي حضرتها فيما بعد، ظل ذاك الفرح مستوطنا روحي كلما مرت مناسبة ، فعرس توفيق كان كرنفالا عراقيا حقيقيا ، وكان عيدا لاهالي الحي متعددي الجنسيات والديانات والمشارب ، اشترك فيه جميع سكان الحي الذين جمعتهم تلك الدور الجميلة والأنيقة ، في الحقيقة لم أكن مدعوة للعرس ، ورغم ذلك ، يكفي انهم جيراننا لنحشر أنفسنا في بيتهم منذ فجر الْيَوْمَ وحتى اخره، ولا تجدي معنا كل محاولات اخوات توفيق في اقتلاعنا من منزلهم
ولا تهديداتهم لنا بأخبار اهلنا، فرؤية عروس بكامل زينتها وبعطرها الأخاذ كان يستحق ما نلاقيه من عقاب، ومن تلاطفه العروس أو تسأله تلك الأسئلة التي توجه للأطفال عادة وغالبا ما تكون عن العمر والصف واشياء من مثل هذا القبيل سيكون ذَا حطوة عند رفاقه لبقية النهار ، خاصة وان عروس توفيق كان تشبه جميلات سينما الأطفال ،فشعرها المجعد الطويل وعيناها الواسعتان وضحكتها التي تشبه نهارا مشمسا تجعلنا متسمرين أمامها طوال ايّام فرحها ودلالها السبعة ، حيث اذكر بعد تلك الأيام تحولت تلك العروس الآخذة بالحسن الى أمهر خياطة في الحي، ويقصدها الناس من خارجه أيضا ، ولكي أكون وفية للذاكرة فسأعترف أيضا ان من أسباب مواظبتي على حضور كامل ايّام العرس هو اني اكتشفت مكان ( جفافي وكاسات المهر). فمناديل وكؤوس العرس التي تلف بها الحلوى والتي اذكر ان لونها كان احمرا وهذي للنساء ،فيما كانت المناديل رمادية فاتحة وبها خط ازرق وهي عادة تعطى للرجال من المهنئين عرفانا على مشاركتهم ، كانت تلك الأشياء الحلوة تخبئها ام توفيق فوق ( نضيدة الغراض) بغرفتها والتي لم تكن مواجهة للشارع ، والتسلل اليها يعني ان ألج البيت من بابه وهذا يعرضك للسؤال الى أين انت ذاهبة؟ أو ماذا تفعلي في هذا الجزء من البيت ؟ خاصة وان غرف الأبوين من المناطق التي تتمتع بحماية دولية والداخل اليها يجب ان يملك تصريحا يخوله لذلك ، كل ذلك لم يمنع ان انزل الى فسحة التهوية التي كانت خلف البيت ، والتي نزلت اليها عبر سطح الدار بمساعدة الانبوب المعدني الذي كان مخصصا لإخراج الدخان من سخانات المياه التي يقع مكانها في تلك الفسحة لجميع البيوت ، ولما كنت قد خبرت كيف ادخل بيتنا من شباكه بعد معارك مع شقيقتي الكبرى التي كنّا في عهدتها في ذلك العمر المبكر ، فقد تكونت لي خبرة حول الفرار الى الشارع من وعبر الشبابيك ، بنفس الطريقة فتحت شباك غرفة ام توفيق وتسللت الى اعلى نضيدة الغراض واستوليت على جزء لا بأس منه من تلك الحلوى بما يكفي لان يجعلني راضية كل الرضى ومباركة لذاك الزواج الذي استقر فرحه في قلبي الى يومنا هذا ……

من حكايات الحي القديم
فلسطين الجنابي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست