الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة لمنع تعديل الدستور المصري

محمود ابوحديد

2018 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


لو سلمنا بان الناس من حولنا لا تهتم سوى بصغائر وتفاهات الامور وتناسوا الثورة وامل التغيير - بعد ما يقرب من العشر سنوات من ثورة 2011 على الاقل باعتبار ما سيكون.

لو سلمنا بان الناس لا تهتم سوى بصغائر الامور فذلك يرجع بتفسير صحيح لسبب من المجتمع الحالي ؛ بسبب من الظرف السائد. المجتمع الحالي يدفع الناس للاهتمام بالتفاصيل اليومية المعادة والرتيبة (من قبيل المأكل والملبس والنميمة ..الخ) .. مجتمع الردة الثورية الحالي قتل وسيقتل وسيسجن ، يدثر وينفي ويُفني كل من لايزال يأمل ويفكر بالثورة والتغيير - لازالنا ماديين ونفهم ان "المجتمع وحياة الناس تشكل افكارهم وليس افكار الناس تشكل حياتهم"

من ناحية اخرى ، فان الظرف السائد تشكله الحكومة "الحكومة هي المحدد العام لافعال الناس" .. هذا يفسر لماذا ابتعد الناس عن الثورة .. للنجاة بانفسهم من المحرقة.

لكن هذه النقطة بالذات (ان الحكومة هي المشكل والمحدد لافعال واهتمامات ونقاشات الناس) هذه النقطة ستقود بحثنا هذا لأفق قد يكون النجاة لامثالنا من الثوريين الذين عزلهم المد او الطوفان السئ للتاريخ.

فالحكومة المصرية بنفسها (ومضطرة) ستدفع الناس في الشهور والسنوات القليلة المقبلة للنقاش والاهتمام والتفاعل مع حدث ثوري جلل : الحكومة المصرية الحالية مضطرة لاعلان استفتاء شعبي لتعديل الدستور ليسمح بترشح السيسي مرة ثالثة (الامر الذي يحظره دستور 2014 في المادة رقم 140
"يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة."

لكن المادة 226 تنص على التالي :
لرئيس الجمهورية، أو لخٌمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل …ويجب أن يُعرض التعديل على الشعب لإستفتائه عليه … وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة إنتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات.

حسنا ، ما قصدته من تقديم هذه الورقة بان قمع الحكومة هي السبب في سفاهة النقاشات والافكار السائدة بمجتمعتنا هو اثبات ان التفاهة والصفاقة السائدة حاليا بسبب من مجتمع الردة الحالي ستتبدل في الشهور والسنوات القادمة بسبب من الحكومة نفسها، التي ستدفع الناس ليس فقط للتفكير والتحضير للاستفتاء لكن ستدفع الناس للانخراط والعمل المباشر في عملية تحويل ثوري وجذري للمجتمع .. اي تحضير الحكومة لتغيير الدستور ليسمح باستمرار الديكتاتور السيسي.

لكن هل يقف الناس في مصر في وجه الديكتاتورية العسكرية والى جانب منع تعديل الدستور؟

تحاول هذه الورقة اثبات ان مثل هذا الاستفتاء سيشكل في العقل الجمعي المصري الحالي طريقا للخلاص من الديكتاتور - او على الاقل طريقا لاستبدال الديكتاتور - كل 8 سنوات.

العقل الجمعي المصري تأثر بشكل حاسم بثورة عظيمة استمرت جماهيرها في الشوارع لاكثر من الف يوم (سقط في احتجاجاتهم آلاف الشهداء والمصابين والمعتقلين بحيث تقودنا الارقام بان ليس من منزل او مبنى في مصرنا المنهوبة لم يتأثر ساكنيه بشكل مباشر بالالف يوم الثورية التي مرت على مصرنا (يناير 2011 وحتى يوليو 2013)

ان استمرار الدستور المصري في شكله الحالي (بمنعه الرئيس للترشح اكثر من فترتين) سيغير تاريخ الاقليم المصري منذ نشأته وحتى الان. وسيقودنا الى منحى تاريخي جديد يحمل آفاقا مفتوحة لعملية التطور السياسي والاجتماعي للمصريين. هذه الحقيقة الاجتماعية سيفهمها ابسط مواطني مصر فقط عندما يُخطروا باستدعائهم للاستفتاء على تغيير الدستور - بسبب من حقيقة ان ابسط البسطاء لا يتوقف عقله عن التوق للحرية بالسؤال ليل نهار (وبعدين - اي ما العمل).

ملحوظة : المنحى التاريخي الجديد لو منعنا تعديل الدستور والزمنا الرئيس بفترتي رئاسة فقط ، هذا المنحى سيؤثر على ساكني الشرق الاوسط بشكل عام - اذا اخذنا في الحسبان تأثيرات الفعل الثوري على مستوى العدوى للجماهير والاقاليم .. الفعل الثوري عابر للحدود والقارات (اذا كان ثوريا بحق) .

لهذا ، علينا نحن الثوريين ان نعتبر معركة تعديل الدستور التي تتحضر لها حكومة السيسي بالفعل معركة حياة او موت .. وهي بالفعل كذلك.

بالفعل فان تعديل الدستور الحالي ليسمح بترشح السيسي مرة ثالثة ستكون معركة على شرف وقدرة ونصيب ثورة يناير 2011 من التاريخ.

لو استطعنا منع تعديل الدستور الحالي فان هذا لن يعني فقط ان ثورة يناير قد استطاعت ضمان اسقاط الديكتاتور الجمهوري كل 8 سنوات على الاكثر لكنه سيعني ان ثورة يناير ستتجدد وسيُفتح لشبابها الافق لتغيير المجتمع في ربع القرن التالي . اذ سيستطيع شباب ثورة 2011 بالفعل وليس بالحق القانوني وفقط .. سيستطيعوا ان يرشحوا ممثلهم للرئاسة في انتخابات 2022 ومن بعدها 2026 و 2030 وهكذا بل واستطيع الجزم ان الظروف الموضوعية والوضع العالمي والاقليمي سيحقق للمصريين ولثورة 2011 انتصارا حاسما بحلول انتخابات 2034 .. فقط لو استطعنا منع تعديل الدستور الحالي وتقييد الرئيس بفترتي رئاسة.

لكن اذا فشلنا في منع الحكومة من تعديل الدستور فلن يعني هذا ان ثورة يناير لم تحقق اي مكسب او انتصار للمجتمع وحسب ، لكن سيعني اننا سنموت جميعا في محرقة الازمة الراسمالية الجارية .. ستسحقنا عبودية الراسمالية في دولة مستعمرة من العالم الثالث يحكمها الديكتاتور لفترات رئاسية غير محددة (عشرين او اربعين عام من حكم الديكتاتور الواحد) .. فهذا ما سنعاصره لو استطاع السيسي تمرير تعديلاته الدستورية. ان معركة تعديل الدستور القادمة هي معركة تاريخية بكل المقاييس وهكذا فقط يجب ان تفهم.

السيسي والحكومة المصرية الحالية التي تتلقى الدعم من اغلب حكومات اوروبا ومن الصهاينة والامريكان ومن ممالك العهر العربية، ستتلقى المزيد من الدعم من راسماليي واحتكاري العالم الممثلين باليمين العالمي الآخذ في الصعود والذي يرى في مصلحته استعباد المصريين ومن ثم تعديل الدستور الحالي ليستمر كلب حراستهم السيسي في قيادة وطننا وبالتالي تسهيل نهبهم لاقليمنا المظلوم .. مرة اخرى ، اذا استمر الدستور المصري الحالي فان التطور الاجتماعي المصري المقبل سيكون في اساسه مغايرا للتاريخ المصري السابق بأكمله - الجمهوري والملكي وحتى وصولا بممالك الفراعنة العبودية..

هكذا فقط يجب ان نفهم معركة تعديل الدستور القادمة ولاجلها ومن الآن يجب بناء اوسع حلف لمنع تعديل الدستور المصري.

الحقيقة ان المعركة ولو كانت نزيهة لكانت من ابسط ما يكون .. فالعقل المصري البسيط سيفهم لما تجبره الحكومة على الانخراط في معركة تغيير الدستور القادمة بان مصلحته المباشرة مع منع تعديل الدستور.

العقل المصري البسيط - الذي ابدا لم ينسى ولكن تناسى ثورة الغضب 2011 لينجو بحياته - سيفهم بانه ولو صوت ب"لا" فسيستطيع الخلاص من الديكتاتور كل 8 سنوات.. ويالهذا الحلم .. الخلاص من الرئيس كل 8 سنوات على الاكثر.. هكذا فاني على ثقة بان اغلبية المصريين سيفكروا وقد يقدموا على التصويت ب"لا" في الاستفتاء المذكور.

لكن ولاننا ثوريين فاننا نفهم ان تغييرا هائلا للمجتمع والتاريخ بمثل هذا الحجم كما اسلفنا لن يتأتى الا باكثر الطرق ثورية على الاطلاق.. بالعنف الشامل. ولهذا يجب ان نتحضر للاستفتاء بالاضراب العام والعصيان المدني وحتى التحضير للانتفاض. مثل هذه الفكرة ليست من بنات عقلي المستلب والمستعبد بالعمل المأجور - لكن يظل العقل الثوري الشيوعي المتحرر من اوهام الخلاص والتقدم في ظل الراسمالية - لكن بشكل اساسي نابعة من تجارب العديد من البلدان السابقة .. اوروبا باغلبها ولو انها تطبق الان هذا البند البسيط بمنع رئيس الحكومة من الترشح لاكثر من مرتين او ثلاثة على الاكثر.. فان دول اوروبا لم تستطع الوصول لمثل هذه النقطة الا بدساتير اعلنت بعد حربا عالمية قتل فيها عشرات الملايين (قبل الحرب العالمية كانت اغلب اوروبا ممالك او جمهوريات شكلية)

المقصود ان علينا نحن الثوريين ان نتحضر بالفعل لمعركة ثورية حقيقية ستندلع في مجتمعنا بقوة الحكومة نفسها. مرة اخرى فالحكومة نفسها ملزمة ومضطرة لخوض هذه المعركة (اذ لا تستطيع تعديل الدستور من دون الاستفتاء) . والحكومة يملؤها زهو وثقة الانتصار والقدرة على تعديل الدستور بسهولة تزويرهم لجل لانتخابات السابقة. لكن رهان الثوريين يرتكز على عاملين :

أ)المصري البسيط سيقف جدا الى جانب الخلاص من الرئيس بعد فترتي رئاسة خاصة ولما يعلم ان هذا اصلا هو ما يقره الدستور الحالي وبالذات ولما يفهم ان حكومة السيسي التي يكرهها - بسبب من الغلاء والمجاعة والفساد والنخاسة - تحاول الالتفاف على هذا الحال والغاءه .. لهذا اراهن بان المصريين سيقفوا الى جانب الدستور الحالي وسيرفضوا تغييره.

ب) الاعتماد على مخططات الثوريين في خوض هذه المعركة .. خطتنا يجب ان تبدأ باعلان اكبر تحالف لمنع تعديل الدستور .. وتكتيكات التحالف لا يجب ان تبدأ وترتكن لمجرد التصويت ب"لا" لكنها يجب ان تنتهي بالتصويت .. يجب ان نعتمد طرقا تلف وتلم المصريين من حولنا من قبيل الدعوة للاضراب العام في اي من التواريخ الثورية (كجمعة الغضب - او اسقاط مبارك او مرسي ..الخ) تحت شعار "منع تعديل الدستور للخلاص من الرئيس كل 8 سنوات". في المرة الاولى قد يكون التفاعل الجماهيري ضعيف .. لكن هذه المعركة ستستمر لسنوات من الآن ولاشك في المحاولة الرابعة او الخامسة او حتى العاشرة او العشرين لدعوة الاضراب سنجد التضامن الشعبي مع شعار "منع تعديل الدستور للخلاص من الرئيس كل 8 سنوات"

ملحوظة هامة :
ان نجاح اي اضراب عام في البلد سيثير حقدا ورعبا غير مسبوق لدى راسماليي مصر وسيواجهوا مثل هذا التصعيد الثوري بانهار من الدماء. وبالوصول لهذه النقطة .. بوصول الطبقة الحاكمة لنقطة المجزرة عندها يصعد الامل والنور الى ليل الثورة المضادة الطويل الذي خيم على وطننا المنهوب لاكثر من خمس سنوات حتى الان.. دماء الشهداء تروى غضب واصرار الجماهير لا ترعبهم… وعلى هذا يجب ان نرتكن (على برنامجا ثوريا واعيا مخططا يستهدف التغيير الجذري للمجتمع باشد الاساليب والتكتيكات الثورية / ومن الناحية الاخرى على وعيا جماهيرا شكلت قاعدته ثورة يناير بشهداءها ومصابيها ومعتقليها )

اخيرا .. فان اهم ما بهذه الخطة "منع تعديل الدستور للخلاص من الرئيس كل 8 سنوات" ليس فقط اننا سنضمن الخلاص من الرئيس كل فترتي رئاسة لكن
أ) انتصارا بمثل هذا الحجم - منع تعديل الدستور- سيمثل احياءا لكل ما جرى دفنه من امجاد انتفاضة الجماهير
ب) انتصارا بمثل هذا الحجم سيعيد ثقة الجماهير بنفسها وسيُفهمها ان السلطة في ايديهم بحق خاصة واننا لن نستطيع انجاز هذه الخطة الا باتباع اشد الطرق ثورية والتي لا تعني سوى اعداد الجماهير للاستيلاء على السلطة السياسية والاجتماعية في المجتمع وافهامهم قدرتهم على ادارة المجتمع بانفسهم افضل الف مرة من "اشرف" حكومة جمهورية اختبروها او حتى سمعوا عنها
ج) انتصار بمثل حجم منع تعديل الدستور سيعني ان الانتخابات القادمة ستُجرى في حالة ثورية مدهشة نتيجة لمنع تعديل الدستور الذي لن ننجح في اتمام منع تعديله سوى باتباع ااشد الطرق الثورية كما شرحنا (اي عبر سلاسل من الاضرابات والعصيانات المدنية وحتى لا يجب استبعاد الانتفاض ابدا) والمقصود اجمالا ان الربع الاول من القرن الحادي والعشرين لن ينتهي الا والمصريين على ثقة بانهم يسيروا في طريق تغيير مجتمعهم باشد الطرق ثورية .. بالارتكان للقوة الخلاقة للفعل الجماهيري.

على كل ثوريي مصر التفكير والنقاش والتحضير لمثل هذه المعركة التي ستستدعيها لمجتمعنا حكومة عسكرية تتمتع بدعم منظمة الثورة المضادة العالمية (الامم المتحدة) لن نستطيع مواجهتهم سوى بالاعتماد على قوانا الذاتية وفقط .. قوة الفعل الجماهيري

لازال هدفنا واملنا في الحياة ممثلا بالشعارا (الشعب يريد اسقاط النظام)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر