الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية العقل والنص تفكيك التناقض .*

احسان طالب

2018 / 8 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العقلانية مبدأ فكري ونظرية فلسفية تضع " كل شيء" تحت وصاية قوانين العقل وتحليلاته وتفسيراته مستعينا بالمنطق كأداة ـ لوغوس ـ
هل قوانين العقل نص ؟!
وربما يبدو غريبا أو يعد عنصرا دخيلا اعتبار العرفان ـ الاستشراق ـ حالة عقلانية ، فالعرفانية تتجسد في حصول المعرفة الروحية بالصفاء والنقاء ومن ثمة الاتصال بالروح و السمو والتعالي، لدرجة الوصول لحالة تخلو من المادة ، روحية محضة ـ تمكن من التوحد بين عناصر الوجود الأصلي ، الواجب والضروري ، وبين الوجود منبثق عن الأصل ، وجود محتاج وليس مستغني .
في تلك الحالة التي تكون الروح واعية ومدركة وحتى مفكرة ـ تكشف وتستكشف أسرار الوجود ـ يحدث توحد بين مسميين يتشاركان ذات الصفات ويفترقان بذات الوظائف ـ في ذلك المشهد المشهود تصبح العرفانية والإشراق ظاهرة عقلانية . وثاقة الصلة بين العرفانية والنص التاريخي تدخلنا ، وفق التحليل السابق ، بنسق الترابط الحيوي بين العقل والنص ، نحن اعتبرنا أعلى منتجات أو انكشافات النص مسألة عقلانية ، فلا مناص إذن لأي من الإثنين الانفكاك عن الآخر ؛ قد يبدو توجهنا هنا تكبيلا للعقل ، بيد أن تصورنا لمفهوم التفكر ـ بواسطة العقل ـ يوجب الاستناد إلى عتبات بديهية هي بالأصل غلال للعقل ، وليس مجحفا الميل لإسباغ صفة النص على المثل الأفلاطونية كأنموذج ، أو وسم اللوغوس الأرسطي بنص ، ما نرمي إليه تفكيك الإشكالية وإعادة بنية العلاقة الطبيعية بين الطرفين .
هل نحن هنا أمام إشكالية السؤال : من هو الأسبق بالوجود البذور أم الثمار ، الوجود أم غايته ؟ في الحقيقة فإن حل الإشكال هنا لن يفضي إلى نتيجة ذات فائدة منطقية ، فقراءتنا الفينومينولوجية المعتادة تتيح لنا فهم الوجود بما هو وكما هو بالمقام الأول .
وفي تفاصل تلك الظاهرة يغدو الخير مبرأ من أغلال المنفعة وأواصر الانقياد والتقليد .لواحد من العنصرين . بل لا مفر من توافقهما إذا أخذنا مبدأ معياريا هو حالة ديمومة الجدل بين النص والعقل .
بذلك التصور قد نتمكن من التسليم للعلم دون تحويله لمعبود فهو المرجع الرئيس والأهم والأقدر لكنه ليس محض المرجع ـ على الأقل إلى اليوم ـ للفهم والتفسير والكشف .
من مزايا النص التاريخي وربما من إشكالياته ؛ أنه نص مفتوح رغم تمامه وختمه، فكلما أخضعته لنقد أو معالجة معيارية جديدة ينفتح على مسارات معاني غير مسبوقة، ويبقى الجدل البرهاني مستمرا حول : هل التفسير أو التأويل شيء في النص أم حوله وخارجه ؟ هل القصد الغائي و القصد الدلالي معياري أم استشاري، وأخيرا هل النص عين الذات فلا تنقطع الصلة بينه وبين النَاص ، أم هو عين موضوع ينفصل عن ذاته بمجرد الإفصاح عنه ؟
انحازت مذاهب فلسفية لمحدودية العقل البشري ما يعني تاليا وجود ضرورة لمعرفة خارج العقل ، يتلقاها من الخارج ، في حين ذهب العقلانيون إلى كفاية العقل وقدرته على بلوغ المعرفة دون حاجة لتلقين أو وحي .
في كلا الحالتين ترتكز المعرفة على العقل ، فذلك المحدود طبقا للمثاليين هو مناط التلقي ، وهو القادر على استيعاب ما يوحى ، فهو الناقل والمفسر والمعلل .
هكذا في كل الأحوال ، باعتبار النص منتج عقلي ،لا مناص من إعطاء العقل أولوية ، لأنه ببساطة من يحدد ماهية " المعنى " هو العقل ومن يقدر حدود المعنى هو أيضا .
ربما كان حل اللغز بين نقد العقل المحض وبين حدود العقل البشري ؛ هو قدرة ذلك العقل على الكشف، ومعرفة ما كان وما هو كائن وما يمكن أن يكون في حدود الطاقة والعلم " المحدودين" أي القابلية للخطأ والصواب ، فنحن أمام " كمية " من التفكير المنطقي المتسلسل زمنيا، ذلك "الكم" يمتلك القابلية للتحول ل" نوع " فتغدو منتجات العقل حقائق . للتفكير والتحليل على سبيل الحقيقة
سلطة المفسر أقوى من سلطة النص عملياً.
عندما يأخذ النص طريقه ليغدو سلوكا عادة ما يمسك بناصيته ؛ الحدس المشترك ، أو المخيلة الجماعية . أو القراءات والتفسيرات التاريخية ، وفي كل الحالات ، تتراجع سلطة النص كمؤثر أصيل لتنتقل إلى نواتجه والأوصياء عليه، التفكير الحر – العقلاني- يعيد للنص مكانته ويسمح بقراءة مباينة للشائع وأحيانا المغرض ، التفكير النمطي ، المقيد بالأيديولوجيا أو حتى المنهج ، يتيح سبيلا مؤهلا ومحددا للفهم ، وعادة ما يكون عتبة للتمكن من التفكر الحر ، شريطة التحرر من قيود آليات ووسائل وأنماط التفكير التي تفرضها الأيديولوجيا والمنهج ، ذلك هو السياق المنطقي لبدء عملية انتاج " مفكرات " أي منتجات تفكر ، جديدة ومحايدة وأكثر موضوعية ، في تلك الحالة يحصل تفكيك لبنية النص من أجل فهم وتأويل أكثر قدرة على الاستيعاب المتاح ، الموجود ، بذات النص وموضوعه ، وعبر هذه الآلية سيكون ممكنا إنتاج نصوص جديدة ، والحصول على قدر وأفق مفتوح من تلك التي تحظى بالمكانة التاريخية والمنطقية وحتى العلمية . ولعلنا نبدأ هنا ، وفي كل الإحالات ، بإنتاج منهج أو مذهب أو مدرسة جديدة بسياق المنهج أو المذهب .ـ
يبقى السؤال الملح : إلى أي مدى يمكن اعتبار النص ـ أي نص ـ منتج عقلي ؟ مفيد جدا بظرفنا الرهن تعريف محددات العقلانية ، بالاتساق مع تحليلنا أعلاه نجد ، بصعوبة ، أن كثير من اللاعقلانيات ـ الأسطورة ، الخيال العلمي ، التضحية والفداء ، السريالية ،الخ . قضايا في صلب العقل ، المفهوم أو المصطلح المنفتح أو المنكشف أو الموجود بسياق أفق لا نهائي لوظائف وأليات وأدوات التفكر يؤذن باستيعاب ذلك التناقض الإيجابي المولد للمعنى .
* استكمال لمبحث النص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال