الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمات التي تهدد مستقبل البشر*

عبد الأمير رحيمة العبود

2018 / 8 / 27
الادارة و الاقتصاد


أولا: أزمة الإنفجار السكاني
ثانيا: أزمة المياه
ثالثا: أزمة الغذاء
رابعا: أزمة تلوث البيئة
خامسا: الأزمة الاقتصادية
سادسا: تفاقم الارهاب
نادراً أن يمر يوم دون أن تشير وسائل الأعلام إلى حصول مشكلة كبيره يعاني منها البشر في مناطق مختلفه من العالم. فتارة تشير الأخبار إلى حصول العواصف والفيضانات، التي تغطى مساحات كبيره من الأراضي الزراعيه، وتسبب غرق المدن وهجرة الآف البشر من مناطق سكناهم طلباً لانقاذ حياتهم، وتارة أخرى تتحدث الأخبار عن أنتشار الجفاف والتصحر في مناطق شاسعه من القارة الأفريقية وتعرض أعداد كبيره من البشر إلى المجاعه، وأحياناً تتحدث التقارير عن مشكلة الأحتباس الحراري وما سوف يترتب على ظاهرة أزدياد حرارة الأرض من مشاكل تثير المخاوف في الأمد القريب والبعيد.
أما أخبار الأزمات الاقتصادية فهي تتكرر يومياً لتعلن عما تعاني منه العديد من دول العالم، من ضمنها الدول الأوربيه، من أزمات المديونية والعجر في الموازنات الماليه وغيرها من المشاكل الاقتصادية المتزايدة.
يضاف إلى ذلك الأخبار عن أزمات شحة المياه العذبة التي تعاني منها دول كثيره في العالم، وكذلك أخبار أنتشار الأرهاب وما تقترن به نشاطاته من عمليات القتل والاختطاف وتفجير السيارات المفخخه والعبوات الناسفه التي تودي دائما إلى قتل الأبرياء من النساء والأطفال، والتي أصبحت نشاطاته تزداد وتنتقل من دولة إلى أخرى حتى شملت مؤخراً بعض الدول المتطوره.
هذه الأخبار وغيرها من الأخبار التي تتحدث عن المشاكل المتزايدة والخطيره التي تتعرض لها المجتمعات البشريه، ما أن يطلع عليها المرء حتى يساوره القلق عما قد يعانيه أحفاده بعد مرور ثلاثين عاماً أو أكثر. وهو ما يثير التساؤل عن الأزمات التي سوف يجهابهها البشر في المستقبل القريب والبعيد، وهل سوف تتفاقم تلك الأزمات إلى الحد الذي يهدد مستقبل البشر أم أن الأمكانيات متوفره لمعالجتها والحد من مخاطرها.
للأجابه على تلك الأسئلة سوف نستعرض أهم تلك الأزمات وتوضيح مخاطرها وأثارها على الوجه التالي:


أولاً: أزمة الانفجار السكاني
المقصود هنا ظاهرة الأزدياد السريع في حجم سكان العالم، إذ أن سكان العالم أصبح ينمو بوتيرة سريعة جداً لا تتلائم في المراحل الزمنيه الأخيره مع ما هو متوفر في الكرة الأرضية من موارد طبيعيه تكفى لمعيشة هؤلاء البشر وتشغيلهم ومن الممكن ملاحظة هذا النمو السريع لسكان العالم من خلال ملاحظه التقديرات لتطور حجم سكان العالم.
تقديرات حول نمو سكان العالم حتى عام 2013
الفترة العدد
7000-6000 قبل الميلاد 5-10 مليون نسمة
1 بعد الميلاد 250-350 مليون نسمة
1650 بعد الميلاد 500 مليون نسمة
1850 بعد الميلاد 1200 مليون نسمة
1950 بعد الميلاد 2500 مليون نسمة
1964 بعد الميلاد 3200 مليون نسمة
2013 بعد الميلاد 7000 مليون نسمة
المصدر: Goran Ohlin, Historical outline of world population, Groth UNO. World population conference 1965 WPC/WF 4865.
حيث كان سكان العالم يقدر خلال العام الأول لميلاد المسيح بقرابه 350 مليون نسمه ولم يزدد سكان العالم حتى عام 1650 إلا بمقدار 150 مليون نسمه حيث قدر حينذاك بـ500 مليون نسمه فقط. بمعنى أن معدلات نمو سكان العالم خلال تلك الفترة الطويلة كانت بطيئة جداً بسبب تعادل معدلات الولادات مقابل معدلات الوفيات في تلك المرحلة.
لكن هذه الحالة قد تغيرت منذ عام 1650 وبخاصه بعد قيام الثوره الصناعية بسبب توسع مجالات الإنتاج وأزدياد الدخول وتحسن الأوضاع المعاشيه والصحية للناس الذي أدى إلى تناقص معدلات الوفيات بالقياس إلى معدلات الولادات في تلك المناطق. ولهذا أزداد حجم سكان العالم خلال الفتره من عام 1650 ولغاية 1964 من 500 مليون نسمه إلى 3200 مليون نسمه. بمعنى أن سكان العالم قد أزداد خلال هذه الفترة التي تبلغ 314 عاماً بمقدار 2700 مليون نسمه نتيجه تناقص حجم الوفيات بالقياس إلى حجم الولادات.
هذه الحالة من التسارع في نمو حجم سكان العالم راحت وتيرتها تتصاعد خلال السنوات اللاحقه، حتى أزداد حجم السكان خلال الفترة من عام 1964 ولغاية 2013 من 3200 مليون نسمه إلى 7000 مليون نسمه، وهذا يعنى أن حجم سكان العالم قد أزداد خلال هذه الفتره البالغه 49 عاماً فقط ما مقدارة 4000 مليون شخصياً، والتقديرات تشير إلى أن سكان العالم سوف يصل إلى قرابة 9000 مليون نسمه في عام 2050.
وعند تأمل هذا النمو السريع في حجم سكان العالم يلاحظ بأن معدلات نمو السكان في الدول المتطوره كان متهاوده بخاصة خلال الفترة بعد الحرب العالميه الثانية، بل أنها قد تميزت بالتوازن النسبى خلال تلك الفترة بسبب إنخفاض معدلات الولادة في هذه الدول بتأثير تحول مجتمعات هذه الدول إلى مجتمعات متحضرة تتميز بارتفاع المستويات المعيشية والثقافية. مجتمعات أصبح نمط المعيشة فيها يقتضى تنظيم الأسرة وتحديد النسل، وهكذا برزت في هذه الدول ظاهرة التوازن النسبي بين معدلات الولادات ومعدلات الوفيات.
توزيع سكان العالم حسب المناطق للسنوات 1940، 1970، 2000 (بالملايين)
1940 1970 2000
العدد % العدد % العدد %
مجموع سكان العالم 2295 100 3635 100 6514 100
الدول المتطورة 821 35.8 90 30.0 1453 22.3
أوروبا 379 16.5 462 12.7 568 8.7
الاتحاد السوفيتي 195 8.5 243 6.7 330 5.1
أمريكا الشمالية 144 6.3 228 6.3 333 5.1
اليابان 72 3.1 103 2.8 133 2.0
دول أخرى 31 1.4 54 1.5 89 1.4
الدولة النامية 1474 64.2 2545 70.0 5061 77.7
شرق آسيا 610 26.6 1126 31.0 2354 36.1
جنوب آسيا 563 24.5 827 22.7 1291 19.8
أفريقيا 191 8.3 344 9.5 818 12.6
أمريكا اللاتينية 110 4.8 248 6.8 598 9.2
المصدر:Trend in developing countries, World bank 1971 table 1.5.
غير أن أتجاه نمو السكان قد أكتسب طابعاً خطيراً في الدول الناميه خلال الفترة ذاتها بسبب إنخفاض معدلات الوفيات في هذه الدول، وما يميز ظاهرة إنخفاض معدلات الوفيات في الدول الناميه هو أنها لم تات كنتيجه طبيعيه لتغير الهياكل الاقتصادية وتحسن المستويات المعيشية والثقافية في هذا الجزء من العالم، الذي يشكل سكانه ثلثى سكان العالم، كما حصل ذلك في الدول المتطوره، وإنما حصل ذلك، أساساً، نتيجة لعامل خارجي هو استعمال الأدويه والوسائل الصحية المستورده، والتي كان لها دور فعال في مكافحه الأمراض المتوطنه والساريه، وتقليص معدلات الوفيات بين الأطفال بصوره خاصة.
ومما يثير الأنتباه عند تأمل هذا الأزدياد السريع في حجم سكان العالم والذي تركز في الدول الناميه التي تعاني غالبتها من مشاكل الفقر والجهل وتعثر عمليات التنميه الاقتصادية، هو أن هذا النمو السريع للسكان قد أصبح عاملاً معرقلاً لأسلوب التطور الاقتصادي والاجتماعي في هذا الجزء من العالم باستثناء ما حصل مؤخرا في الدول الناهضة مثل الصين والهند والبرازيل والعديد من دول جنوب شرق آسيا، فبدلاً من توجه هذه الدول إلى استثمار مواردها الماليه نحو خطط التنمية أصبحت مضطره إلى أنفاقها على مجالات توفير الأغذيه والخدمات الاجتماعية لهذه الأعداد المتزايدة من سكانها، وهو ما تمخض عن أزدياد البطالة وأنتشار الفقر والمرض والجهل في هذه المجتمعات.
يضاف إلى ذلك أن هذا النمو السريع للسكان أصبح عاملاً رئيسياً من عوامل الأزمة الاقتصادية وأزمة شحة المياه العذبة وأزمة التلوث وأزمة الأغذية في أكثر دول العالم.
ثانياً: أزمة المياه العذبة
المياه العذبة هي أساس الحياة للمخلوقات قاطبة، حيث إن المخلوقات البشريه والحيوانيه لا يمكن أن تعيش بدون المياه ﭽﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣﭼ(ص) والمعروف أن المياه تغطى 3/4 الكرة الأرضية، لكن 97.5% من هذه المياه مالحه، وهي مياه البحار والمحيطات التي تتميز بدرجات عالية من الملوحة التي تصل إلى 35000 جزء من المليون، وهي بذلك لا تصلح للاستهلاك البشري وللكثير من الحيوانات والنباتات، إذ تتحدد نسبة الملوحة في المياه العذبة الصالحة للاستهلاك البشري فيما بين 500-1000 جزء من المليون.
وفي ضوء هذه الحقيقة لا تشكل المياه العذبة سوى 2.5% من مجمل مساحة المياه على الكرة الأرضية، وحسب ما تذكر بعض الدراسات فأن هذه المياه العذبة تتوزع بنسبة 68% منها في القطبين الشمالي والجنوبي. من الكرة الأرضية وأعالي الجبال، و30% منها توجد تحت الأرض على شكل مياه جوفيه، أما ما يتوفر من المياه العذبة فوق سطح الأرض فلا يتجاوز نسبة 3% من مجمل كمياة تلك المياه العذبة، وهي بذلك تقدر بـ150 كيلو متر مكعب فقط.
وإلى جانب ما تتميز به المياه العذبة من نسبة ضئيله في الكرة الأرضية بالقياس إلى مجمل ما يتوفر من مياه على سطح الكرة الأرضية، فأن هذه النسبة الضئيلة كانت كافيه لتغطيه حاجة البشر عبر التاريخ، ألا أنها لم تعد كافيه لتغطيه حاجتهم منذ مطلع القرن الماضي بسبب الأزدياد المضطرد لحاجه البشر إلى المياه العذبة نتيجة لتزايد أعداد البشر كما لاحظنا سابقاً، وأزدياد أستهلاكهم من المياه العذبة لأغراض الشرب والمعيشة والعمليات الأنتاجية، والتغيرات التي حصلت خلال هذه الفترة على أنماط معيشتهم وسبل أستخدامهم للمياة العذبة.
ويبدوا أن ما يتوفر من المياه العذبة لم يتوزع توزيعاً متساوياً على المناطق المختلفة من الكرة الأرضية، بل أن بعض مناطق الكرة الأرضية تتميز بغزارة ما يتوفر فيها من المياه، كالولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوربيه، وكندا، بينما تعاني 88 دوله في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينيه من شحه المياه العذبة، والجدير بالذكر هو أن شحه المياه العذبة في هذه الدول قد أصبحت عائقاً أمام تحقيق التنمية الاقتصادية وتطوير الإنتاج الزراعي والحيواني. فضلاً عما تعانيه دول عديده في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينيه من أزدياد حالات الجفاف والتصحر حتى بلغ تقدير من يعانون من شحة المياه العذبة في هذه المناطق ما يتجاوز المليار شخصاً.
وقد تضاعفت مخاطر أزمة المياه العذبة في الأونه الأخيرة بسبب تفاقم مشاكل تلوث البيئة وأزدياد حرارة الأرض، التي أدت إلى أزدياد مستوى ذوبان الثلوج في القطبين الشمالي والجنوبي وفي أعالى الجبال، وتسرب كميات هائله من مياهها إلى المحيطات والبحار وتحولها إلى مياه مالحه.
وتتوقع الدراسات أن يحصل من جراء ذلك أرتفاع منسوب سطح المياه في البحار والمحيطات إلى مستويات عالية قد تهدد العديد من الدول والمدن بالغرق.
وبسبب هذه الشحه من المياه كثر الصراع فيما بين الدول التي تقع على منبع الأنهار التي راحت توسع استخداماتها لمياه الأنهار دون النظر لحاجة الدول التي تقع على مصب الأنهار، وقد شمل هذا الصراع أغلب الدول المتشاطئه في العالم.
والعراق وكما هو معروف، من أكثر الدول التي تعاني من الصراع بسبب قيام تركيا في الأونة الأخيرة بحجب نسبة عالية من مياه نهري دجلة والفرات نتيجة قيامها بإنشاء الخزانات العملاقة ومشاريع الارواء على مصادر المياه في هذين النهرين، وكذلك قيام إيران بإغلاق الروافد التي تصب في شط العرب وغيره من الأراضي العراقية/ وكذلك إلى قيام سوريا بتوسيع استخدامها لنهر الفرات، وهو ما تسبب بالشحة والنقص في مياه المناطف العراقية الوسطى والجنوبية.
وأزاء ما تعانيه غالبيه دول العالم من أزمة شحه المياه العذبة يعتبر أسلوب تحلية مياه البحار والمحيطات المالحه وتحويلها إلى مياه عذبه هو أهم مخرج لمعالجة أزمة المياه وتوفير المياه العذبة. إلا أن كلفه تحلية مياه البحار هذه لا تزال مرتفعه إلى الحدود التي تعجز الدول الناميه عن توفيرها.
ويظل السؤال قائماً: هل سوف تتطور الأساليب التكنولوجيه إلى المستوى الذي يساعد على تخفيض كلف تحليه المياه إلى الحدود التي بموجبها تستطيع الدول الفقيرة توفير ما تحتاجه من المياه العذبة لسكانها؟ وهل سوف تحصل أساليب أخرى لمعالجة ما تعانيه دول العالم من شحه المياه العذبة؟
هذا الحلم لايزال بعيد المنال في الوقت الحاضر، ولا يعلم أحد متى يتحقق ذلك في المستقبل!.

ثالثاً: أزمة الغذاء
تفاقمت أزمة الغذاء عالمياً في الآونة الأخيرة، فبعض الدراسات تذكر أن قرابة المليار شخص في العالم ليس لديهم الغذاء الكافي الذي تتطلبه الحياه الصحية، في حين يقدر عدد الأفراد في القرن الأفريقي الذين يعانون من المجاعه والذين هم بحاجه إلى المساعدات الغذائية من منظمة الأمم المتحدة بما يزيد عن المليون شخصاً.
هذا إلى جانب ما تتصف به أسعار الأغذيه في الأسواق الدوليه من أرتفاعات مستمره تشكل عبئاً كبيراً على الموازين الماليه لغالبية الدول الناميه، التي تشكل استيراد الأغذيه نسبة عالية منها.
وتعود أسباب أزمة الغذاء في العالم إلى عوامل متعددة منها زيادة الطلب على الغذاء في الأسواق الدوليه بسبب أزدياد عدد السكان، وتحسن المستويات المعيشيه في العديد من دول العالم وفي مقدمتها الدول الناهضه مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا ودول الخليج العربي، واقتران هذا التحسن بزيادة طلب سكان هذه الدول على المواد الغذائية.
ومقابل هذا الطلب المتزايد يلاحظ بأن عرض المواد الغذائية في الأسواق الدوليه لم ينِم بشكل مكافئ، بخاصة بالنسبة للمواد الغذائية الأساسيه كالقمح والرز والذره والسكر والزيوت النباتيه وقد ساهمت عوامل متعدده في عرقلة أزدياد عرض المواد الغذائية في الأسواق الدوليه في مقدمتها التغيرات المناخيه التي سببت تدمير مساحات شاسعه من الأراضي الزراعيه سواءً بسبب الجفاف والتصحر الذي أنتشر في العديد من الدول الأفريقيه والآسيويه نتيجة لتناقص معدلات سقوط الأمطار في تلك الدول. وكذلك بسبب أزدياد الفيضانات التي دمرت مساحات كبيره من الأراضي الزراعيه في العديد من الدول في أسيا وأمريكا اللاتينيه بصورة خاصه، بسبب الأعاصير وأزدياد معدلات سقوط الأمطار في تلك الدول. يضاف إلى ذلك بسبب التوسع في أستخدام المواد الغذائية مثل القمح والذرة وقصب السكر والزيوت النباتيه من قبل الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوربيه في أنتاج الوقود الحيوي (الأيثانول) بكميات كبيرة تشكل نسب عالية مما تنتجه هذه الدول، ولغرض أستخدامه كوسيله للطاقة بدلاً من المنتجات النفطيه التي ارتفعت أسعارها في الأسواق الدوليه. ومن الأسباب لذلك في الوقت ذاته أنخفاض مستويات الاستثمار الدولي في مجالات الإنتاج الزراعي بالمقارنه مع بقيه مجالات الاستثمار الدوليه، والذي كان عائقاً دون أرتفاع مستويات الأنتاجية الزراعية في الدول الناميه بصورة خاصة.
كما أن تغير نمط الاستهلاك للمواد الغذائية باتجاه زيادة الطلب على اللحوم والالبان على المستوى الدولي، وبصوره خاصة في الدول الصاعدة، قد ساهم في زيادة الطلب على الحبوب لغرض استخدامها كعلف للحيوانات بدلاً من أستخدامها كمواد غذائية للبشر والسؤال المطروح الآن:
هل سوف تستطيع دول العالم في المستقبل معالجه هذه المشكلة على الوجه الذي يساعد على زيادة المعروض من المواد الغذائية في الأسواق الدوليه بالمستوى الذي يتوازن مع الزيادات المتواصله في الطلب على تلك المواد بغيه ضمان توفير المواد الغذائية لهذه الجموع المتزايدة من البشر، والحيلولة دون أتساع أعداد الجياع من البشر في المستقبل؟
رابعاً: أزمة تلوث البيئة
البيئة تعنى العلاقة بين الكائنات الحيه، الحيوانيه والنباتيه، وما يحيط بها من عناصر الطبيعه، كالأرض، والهواء، والماء، والغلاف الجوي، وهذه العلاقة ترتبط بنظام هو النظام البيئى، الذي يوفر الظروف الملائمة لكي تعيش هذه الكائنات.
والمعروف أن البيئة كانت تتعرض إلى التلوث والكوارث لأسباب ليس لها علاقه بنشاط الأنسان كانفجار البراكين وما يرافقها من الغازات السامة التي تقذفها تلك البراكين وتسبب تلوث الفضاء الخارجي، وكذلك الزلازل، والفيضانات، والعواصف، وحرائق الغابات التي كانت تسبب مختلف الكوارث للبشر في كل مراحل التاريخ.
إلا أن ما حصل جراء تلك العمليات عبر العصور لم يتسبب في حصول الكوارث الطبيعيه بمستوى ما نعيشه في الوقت الحاضر، بل أن ما يحصل من الكوارث الطبيعية في الوقت الحاضر بسبب نشاطات البشر التي راحت تتزايد منذ منتصف القرن الماضي قد تجاوزت ذلك بكثير، وأصبحت تكتسب طابعاً خطيراً ومدمراً لعوامل متعدده أهمها استخدام الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز) لغرض حرقه في سبيل توليد الطاقه الضروريه للأنتاج والنقل وغيرها من الاستخدامات البشريه، التي راحت تتزايد يوماً بعد يوم، حيث أن حرق الوقود الأحفوري يقترن دائماً بانبعاث ثاني أوكسيد الكربون وغيره من الغازات السامه بكميات كبيره نحو الغلاف الجوي، والتي أدت إلى تلوث الفضاء الخارجي وكان لها الدور الكبير في تفاقم مشكلة الأحتباس الحراري وأزدياد حرارة الأرض، وهو ما كان السبب الرئيسى في حبس الحرارة داخل الغلاف الجوي وظهور الخلل بين ما يدخل من حرارة إلى الأرض وما يخرج منها.
تقليص ساحه الغابات
وقد ترافقت هذه العمليات مع توسع أعمال البشر في تقليص مساحة الغابات الطبيعية، عن طريق قطع أشجار الغابات لغرض استخدام أخشابها في العمليات الصناعيه، واستخدام أراضيها للأغراض الزراعيه، ولا يخفى ما للغابات من دور في أستهلاك ثاني أوكسيد الكربون وأطلاق الأوكسجين نحو الفضاء وهو ما يوضح أثر تقليص مساحة الغابات في تفاقم أزمة تلوث البيئة.
ثقب الأوزون
تتواجد ذرات الاوزون في طبقات الجو السفلى والعليا، وتُكِّون هذه الذرات طبقه الأوزون التي تعتبر بمثابة الدرع الذي يحمي الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجيه الضاره وتحول في الوقت ذاته دون تفاقم حرارة الأرض، ويلاحظ أن أنبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون ومركبات الفلور وغيرها من الغارات السامة نحو الفضاء الخارجي قد سببت تفتت ذرات الأوزون في طبقات الجو العليا وظهور ما أصطلح على تسميته بثقب الأوزون، الذي كان أحد آثاره أزدياد حرارة الأرض، والأضطرابات المناخيه، وأزدياد معدلات أشعه الشمس فوق البنفسجيه، التي تسبب الكثير من الأمراض للبشر بخاصه أزدياد حالات الأصابه بالسرطان واختلال جهاز المناعه.
مخاطر أرتفاع درجات الحرارة
يحتسب أرتفاع درجات حرارة الأرض التي أشرنا إليها تواً من أخطر موشرات تلوث البيئة، إذ أن هذا الارتفاع في حرارة الأرض هو أهم أسباب تفاقم الاضطرابات المناخية التي كانت وراء أزدياد ذوبان الثلوج في القطبين الشمالي والجنوبي وفي أعالي الجبال، وتسرب الجزء الأكبر من مياههما نحو المحيطات والبحار وتحولها إلى مياه مالحه، وكذلك أرتفاع مستويات سطح البحار والمحيطات وغرق بعض الجزر والمناطق الساحليه، فضلاً عن أزدياد شدة الأعاصير والعواصف وحصول التغيرات في خارطة هطول الأمطار. والتي أدت، كما أشرنا سابقاً، إلى حصول الكوارث البشريه وتعرض المناطق الزراعيه والمدن إلى الغرق في حين تعرضت مناطق أخرى من التي انخفضت فيها مستويات هطول الأمطار إلى الجفاف والتصحر.
وتحذر بعض الدراسات العلميه من أزدياد حرارة الأرض إلى حدود تتجاوز الدرجتين المئويتين خلال الفترة حتى عام 2030 لأن تجاوز هذا المستوى من الحرارة قد يؤدي إلى أرتفاع مستويات سطح البحار والمحيطات إلى الحدود التي تسبب غرق جزر عديده في المحيط الأطلسي ومدن ساحليه عديده. أما إذا تجاوزت درجات الحرارة مستوى ثلاثة درجات مئوية فسوف تتعرض 12 دوله إلى الغرق، وتتفاقم مخاطر الاضطرابات المناخيه عندئذ إلى مستويات لا يمكن مجابهتها، أضافة إلى ما سوف تسببه هذه الأزديادات في حرارة الأرض من تردي الإنتاج الزراعي وأنخفاض انتاجيته، وأنقراض العديد من الكائنات الحيوانيه والنباتية وتعرض البشر إلى مختلف الأمراض الخطيره.
ولا تقف مشكلات تلوث البيئة عند حدود ما يحصل في الفضاء الخارجي، بل أن مشكلات البيئة قد شملت تلوث البحار والمحيطات من جراء ما تقدمه ناقلات النفط العملاقه ومحطات أستخراج النفط في البحار من مواد سامه في تلك البحار وكذلك تعرض الأنهار الجاريه للتلوث من جراء ما يقذف فيها من مواد سامه من المصانع وشبكات المجاري.
والسؤال الذي يطرح دائماً: هل سوف تتعاون دول العالم في سبيل الحد من ظاهره تلوث البيئة عبر القيام بالأجراءات التي تكلف مبالغ طائله. أم أن الأجيال القادمه سوف تتعرض إلى المزيد من الكوارث والمآسي؟

خامساً: الأزمة الاقتصادية
عند تأمل الواقع الاقتصادي لمختلف دول العالم، يمكن الجزم بأن غالبية دول العالم تعاني من المشاكل الاقتصادية المستعصية مثل العجز في الموازنات المالية، وصعوبة تمويل مشاريع التنمية، وتراكم الديون الخارجيه، وتفاقم مشكلة البطالة، وأتساع مستويات الفقر والعوز عند نسبة عالية من السكان.
على أن هذه المشاكل تتخذ طابعاً خطيراً ومتزايداً في الدول النامية التي يشكل سكانها ثلثى سكان العالم، فلو أستثنينا الدول الصاعدة مثل الصين والهند وبعض دول جنوب شرق أسيا ودول الخليج العربي نجد أن بقية الدول الناميه تعاني من مشاكل اقتصاديه متزايدة، سببها الرئيسى هو سيطرة الدول المتطورة على أهم منافذ الاقتصاد الدولي، وعدم توفر الموارد الماليه اللأزمة للاسراع بتنميتها الاقتصادية، وهو ما افضى إلى عرقلة نهوضها الاقتصادي ومعاناتها المتزايده من مشاكل التخلف الاقتصادي وأنخفاض المستويات المعيشيه لسكانها وانتشار الفقر والبطالة فيما بينهم.
وعلى الطرف الثاني لم تسلم الدول المتطورة من مظاهر الأزمة الاقتصادية فمن ناحية تعرضت الدول الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعيه بسبب عوامل الخلل في تطبيقات التجربه الاشتراكية التي أنتهت بأنهيار دول المعسكر الاشتراكي وتحولها نحو تطبيق النهج الرأسمالي منذ عقد التسعينات من القرن الماضي.
أما بقية الدول الرأسمالية المتطورة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربا الغربيه فقد رحنا منذ عام 2008 نسمع عن تعرض الأسواق الماليه في تلك الدول إلى الأنهيار بتأثير أنهيار أسعار الأسهم والسندات في البورصات الدوليه. وكذلك أنهيار البنوك الكبرى وبيوت المال وشركات التأمين على المخاطر، ولم تقف مخاطر تلك الأزمة عند حدود الأسواق والمؤسسات الماليه، بل أنها تسربت نحو حقول الإنتاج الكبرى في تلك الدول، فاضطرت المصانع الكبرى إلى بيع جزء من ممتلكاتها وتقليص إنتاجها والاستغناء عن الاف العاملين فيها.
وقد تفاقمت تلك الأزمة في بداياتها في كل من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي، لكنها سرعان ما أنتشرت آثارها في دول أخرى مثل الصين وروسيا واليابان ولم تسلم غالبيه دول العالم من آثارها المباشرة وغير المباشرة.
وتوخيا لتلافي حصول المزيد من الأنهيار في المؤسسات الاقتصادية لتلك الدول، ولغرض أنعاش مؤسساتها الاقتصادية لم تجد تلك الدول بديلاً عن تدخل الدولة عن طريق ضخ الأموال الهائلة على شكل قروض للبنوك والمؤسسات الإنتاجية التي تعرضت للأنهيار بغيه أسعافها ومساعداتها على معالجه مشاكلها والحد من الكساد وتوفير فرص التشغيل.
ويبدوا أن تلك الأجراءات لم تسعف تلك الدول من أجل تحقيق التوازن الاقتصادي المنشود، بدليل أن الأزمة الاقتصادية بدأت تتخذ طابعاً جديداً في تلك الدول يتميز بتفاقم العجز في الموازين الماليه نتيجه لتوسع الانفاق فيها إلى الحدود التي تتجاوز مواردها الماليه بمستويات عالية، وهو ما أدى إلى أزدياد مستويات الديون الخارجيه عندها إلى الحدود التي أصبحت ولازالت حتى الآن تهدد العديد من تلك الدول بالافلاس، خذ مثلاً ما يحصل حالياً في كل من اليونان والبرتغال وأسبانياً وأيطاليا.
ولو توقفنا اليوم عند واقع كافة الدول الرأسمالية المتطوره لوجدنا أن أغلبها تعاني من مشاكل البطالة والعجز في موازناتها الماليه، وأزدياد حجم ديونها الخارجيه، وأزدياد أعداد العاطلين بين مواطنيها، وهو ما يضطرها إلى تطبيق الأجراءات التقشفيه التي باتت تستنزف المستويات المعيشيه لغالبية سكانها وبخاصة الفقراء منهم.
والسؤال المطروح الآن: ما هي توقعات المستقبل حول الأوضاع الاقتصادية لدول العالم في الأمد البعيد، وهل سوف تستطيع هذه الدول تحقيق الأنتعاش الاقتصادي والتنمية المستدامه؟ أم أنها سوف تتعرض إلى المزيد من الأزمات؟


سادساً: تفاقم الأرهاب
نقصد بالأرهاب أعمال العنف التي تعتمد أساليب القتل والاغتيال وأختطاف الرهائن، وعمليات التفجر والتخريب، بقصد أثارة الرعب في نفوس الناس، في سبيل تحقيق أهداف محدده، وغير مشروعه لمن يقومون بتلك الأعمال الأرهابية.
ولم تكن عمليات الأرهاب جديده في أفق التاريخ، بل أنها كانت تحصل منذ العصور القديمه، بفترات متباعده ومحدوده، وما يميزها طيله تلك الفتره ولغاية عقد السبعينات من القرن الماضي أنها كانت تطال الملوك والرؤساء والحكام والقاده والشخصيات المعروفة والمؤثرة في المجتمع دون أن تستهدف الأبرياء وعامة الناس وممتلكاتهم.
ولكن ما كان يحصل من أعمال أرهابيه منذ عقد السبعينات من القرن الماضي قد تميز باتساع مفعول العمليات الأرهابية وأزدياد عددها وخطورتها كالعمليات الأرهابية التي كانت تحصل في المحلات العامه والسفارات والطائرات والتي كانت تتسبب في قتل وجرح عدد كبير من الناس دون التميز فيما بينهم، وكذلك تدمير المنشآت والمساكن وكل ما يوجد في مناطق تلك العمليات، ولعل ما حصل في أيلول من عام 2001 من هجوم أرهابي على منظمه التجاره الدولية ووزارة الدفاع الأمريكية الذي أودى بحياه ما يزيد على الثلاثة الأف شخص وتدمير العمارات الشاهقة مثال واضح على توسع أبعاد وآثار العمليات الأرهابية منذ ذلك الحين، ومنذ ثلاثة عقود كانت معظم العمليات الأرهابية تحصل من قبل منظمة القاعدة والمنظمات الدينيه المتحالفه معها لأسباب دينيه هدفها تحرير أفغانستان من القوات المحتله، لكن تلك العمليات سرعان ما أصبحت تنتشر في العديد من الدول في المحيط العربي أو الإسلامي.
فما أن حصل أحتلال العراق في عام 2003 حتى راحت العمليات الأرهابية داخل العراق تتزايد يوماً بعد يوم، على شكل تفجير العبوات الناسفه والسيارات المفخخه أو التفجرات الانتحاريه بالاحزمه الناسفه، وكان الهدف المعلن منها هو تحرير العراق من قوات الاحتلال.
كانت تلك العمليات الأرهابية تحصل في المناطق العامة، والأسواق والأبنيه الحكوميه، والجوامع، وكانت تسبب قتل وجرح عدد كبير من العراقيين أغلبهم من فقراء الناس، وبعضهم من النساء والاطفال، وكذلك تدمير الدور السكنيه والمحلات التجاريه، وحرق وأتلاف الممتلكات العائدة للعراقيين ولم تشكل خسائر وضحاياً القوات الأمريكية الأنسبة ضئيله منها.
وحينما تحقق تحرير العراق في عام 2011 من قوات الأحتلال لم تتوقف العمليات الأرهابيه، بل أزدادت فتكا بالعراقيين وممتلكاتهم.
فانت تسمع كل يوم عن حصول التفجيرات والقتل العشوائي وحرق وتدمير الأبنيه والممتلكات، في الأسواق، والجوامع والشوارع والمناطق العامه حيثما يتواجد الناس بمختلف الأعمار من الرجال والنساء والأطفال، وتكون حصيلة التفجير الأرهابي قتل عدد كبير من الأبرياء بمختلف الأعمار وغالبيتهم من الفقراء والمعدمين، وهي تطال حتى المؤسسات ذات النفع العام لكافه المواطنين، كالمدارس والمستشفيات. وحينما يتسائل المرء عن الجهة التي قامت بتلك التفجيرات الأرهابية، ومن هم المستهدفون من قبلها، وما هو الهدف من ذلك العمل الأرهابي.
لم يحصل المرء في الغالب جوابا على ذلك ، بل تعددت الاتهامات لجهات متعدده، ولم تتوفر الأدله على أي منها في أكثر الأحيان.
ولم تقف مخاطر العمليات الأرهابية عند ما حصل في أفغانستان والعراق، بل أن ما حصل في سوريا خلال العامين المنعمرمين قد تجاوز ذلك فتكا وتدميراً، ولم ينحصر القيام بالعمليات الأرهابية في سوريا على منظمة واحدة، وإنما تعددت أسماء المنظمات الأرهابيه التي تقوم بها، وراحت تتصارع وتتقاتل فيما بينها في الأونه الأخيرة.
وما أن حل عام 2014 حتى أصبحت منظمة ((داعش الارهابية)) تحتل ثلث الأراضي العراقية وتسيطر على محافظة الموصل والجزء الأكبر من محافظات الرمادي وتكريت وديالى، وكذلك أصبحت هذه المنظمة وغيرها من المنظمات الارهابية تسيطر على الجزء الأكبر من الأراضي السورية والليبية.
لقد توسعت خارطة الأرهاب، حتى أصبحت تشتمل في الوقت الحاضر على دول عديده مثل ليبيا، واليمن، وتونس ومصر، والعديد من الدول العربيه والإسلامية، وهي تحصل كذلك في بعض الدول الأفريقية ولم تسلم منها حتى بعض الدول الأوربية.
والسؤال المطروح الآن: هل سوف تستطيع الأنظمة السياسيه والاجتماعيه القضاء على أساليب الأرهاب أو الحد منها؟ كما أستطاعت كل من ألمانيا واليابان وفرنسا وأيطالياً في عقد السبعينات من تصفيه نشاطات منظمات "بادر ما ينهوف" والجيش الأحمر والقضاء عليها.
وماذا لو راحت التيارات المعارضة في كل من الدول الأوربيه والولايات المتحدة الأمريكيه، وبقيه الدول المتطوره تعتمد على العمليات الأرهابيه وسيلة لتحقيق أهدافها وهي التي تمتلك القدره والكفاءة التكنولوجية، في أستخدام السموم والأشعاعات النووية، وغيرها من أساليب الفتك والتدمير الجبارة.
ألم يشكل ذلك عندئذ مزيداً من المخاطر التي تهدد مستقبل البشريه؟
الخاتمة
ليس المقصود من هذه الدراسة تقديم مشهد كارثى ومتشائم عن ما سوف يحصل في المستقبل، وهي لا تدعي بأن مخاطر الأزمات التي تحدثت عنها سوف تحصل لا محاله، في الأمد المتوسط أو البعيد.
ذلك لأن التاريخ قد أثبت قدره العقل البشري على أبتكار الأساليب، وبخاصة التكنولوجية منها، القادرة على معالجه ما يعانيه الإنسان من المشاكل وتذليلها والحد منها. أنما المقصود منها هو توضيح أبعاد الأزمات التي يتعرض لها البشر كما تبدو أمامنا الآن، بغيه التحذير من أستمرارها وأستفحالها، وما قد يحصل فيما لو لم يسع البشر إلى العمل من الآن، على أبتداع الأساليب اللأزمة لمعالجتها. وذلك لكي لا تعاني الأجيال القادمة من هولها، لأن الموارد المتاحه في الكرة الأرضية هي ليست ملك للأجيال الحاليه فقط وأنما للأجيال القادمة حق فيها:
1- وهو ما يقتضي أجراء تغيير جذري في أسلوب الحياة بالنسبة للجيل الحالي على الوجه الذي يضمن أستخدام الموارد الطبيعيه بطريقه لا تؤدي إلى تدهورها وفنائها، وأنما من خلال المحافظة على رصيد منها، بخاصة من التربة والمياه والهواء والمواد المعدنيه والنباتيه والثروة الحيوانية، بمستوى يضمن قدرة الأجيال القادمة على تلبيه أحتياجاتها منها.
2- وقد أوضحت هذه الدراسه غياب التصرف العقلاني، من قبل الأنظمة السياسية والاجتماعية بالموارد الطبيعة، بمعنى أن أستهلاك موارد الطبيعة النباتيه والحيوانيه والمعدنيه وما تحتويه الطبيعة من المياه والهواء، من أجل تغطيه حاجه البشر إلى السلع والخدمات قد تميز بالأسراف بسبب توسع استهلاك البشر لهذه المواد بالمستويات التي تجاوزت أشباع أحتياجاتهم الضروريه، وربما إلى حدود المبالغه في أشباع الحاجات الكماليه، والحاجات التي تتميز بالترف والبذح، كما يحصل بشكل مفرط في الدول المتطوره، وهو ما يقتضى العمل على ترشيد الاستهلاك في الوقت الحاضر والمستقبل، على الوجه الذي يضمن تحقيق التوازن بين تلبية حاجة الأجيال الحاليه وقدرة الأجيال القادمه على تلبية أحتياجاتها.
3- وفي سبيل الحد من مخاطر حرق الوقود الاُحفوري لغرض توليد الطاقة، التي أشارت إليها هذه الدراسة ينبغي التوسع في استخدام أساليب الطاقة المتجددة أو النظيفة، كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة المياه والأمواج، والطاقة في باطن الأرض، وطاقة الكتلة الحيوية(**)، لما تتميز به هذه الأساليب المستخدمة في توليد الطاقة من عدم مساهمتها في تلوث البيئة، ولكونها متجددة ولا تنظب، ولغرض تحقيق التوازن بين متطلبات الاستهلاك البشري من الموارد الطبيعية، وما توفره الأرض من امكانات طبيعية، ينبغي الاستعانة باساليب التنمية المستدامة، وكذلك توسيع الجهود للاستعانة باساليب البحث العلمي والتكنولوجي لتحقيق هذه المهمة.
4-لقد كانت حصيلة الأخذ بتوجهات المدرسه اللبيراليه التي تجسدت بالابتعاد عن تدخل الدولة في تنظيم الحياة الاقتصادية هو طغيان الفوضى في الأنشطة والسياسات الاقتصادية، وظهور الأزمات الاقتصادية التي تحدثت عنها هذه الدراسه وهو ما يقتضى العودة إلى تدخل الدولة في تنظيم الحياة الاقتصادية على الوجه الذي يضمن تفادي حصول الأزمات الاقتصادية، على أن تكون الأهداف المركزية للسياسة الاقتصادية هي تحقيق النمو السريع في الانتاج، وبسط العدالة الاجتماعية، والقضاء على الفقر والعوز عند المواطنين والحفاظ على مقومات البيئة في الوقت ذاته.
5- لقد أتضح جلياً بأن النموذج الفريد لاقتصاد السوق الذي يضمن تحقيق الأزدهار والتوازن في الاقتصادات الوطنيه لأي بلد هو ذلك النموذج الذي يجمع بين تدخل الدوله لتنظيم الحياة الاقتصادية وفتح المجال أمام القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي لممارسه النشاطات الاقتصادية ضمن الضوابط التي تحددها القوانين والتشريعات.
ولعل ما حصل في كل من الصين والهند والعديد من دول جنوب أسيا من معدلات عالية في التنمية والازدهار الاقتصادي، تفوق ما هو سائد في الدول الأخرى دليل على صحه هذا التوجه.
6- تعتبر التطورات التكنولوجيه هي الأفق الأمثل لمعالجه أغلب المشاكل التي تم التطرق إليها، ولهذا ينبغى تحقيق الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا والعمل في سبيل تحديثها، بخاصه ما يتعلق بالتكنولوجيا الحيويه وما تتضمنه من استخدام الجينات الخاصه بالبذور المحسنه التي تستخدم لإنتاج المحاصيل التي تتميز باتساع مقاومتها للأملاح وقله استهلاكها للمياه والسعي لتطوير التكنولوجيا المتعلقة بتحويل المياه إلى الطاقه بكلف متهاودة كوسيله لمعالجة أزمة الطاقه وأزمة التلوث، ومواصلة البحوث المتعلقة بتخفيض تكاليف تحليه مياه البحار وتحويلها إلى مياه صالحه للاستهلاك البشري إلى الحدود التي تساعد على استخدامها من قبل الدول الفقيره لمعالجه أزمة شحه المياه العذبة التي تعاني منها، وكذلك أستخدام الأساليب التكنولوجيه في معالجه مشاكل ثقب الأوزون على الوجه الذي يساهم في تقليص أنبعاث الغازات الملوثه للبيئه.
7- التوسع في تطبيق برامج التخطيط السكاني في الدول الناميه وما تتضمه من أساليب مختلفه لتحديد النسل، بغيه تقليص مستوى الولادات بالقياس إلى مستوى الوفيات، وذلك في سبيل الحد من مخاطر الأنفجار السكاني، والعمل على مساعدة الدول الناميه في مجال توفير متطلبات أنجاز تلك البرامج.
8- طالما أن الإنسان هو محور التأثير في عناصر البيئة، وكذلك الاستفادة منها، لذلك ينبغي وضع أستراتيجيه للتربيه والتعليم في الدول الناميه، تستهدف بناء جيل جديد يتصف بحب العمل واحترام القوانين والأنظمة، ونبذ العنف، والأنطلاق من أسس العداله والديمقراطيه في التعامل مع الآخرين، وأن تتضمن مناهج التعليم التوعيه بأجراءات التنمية المستدامه، وما تتضمنه من أساليب لترشيد الأستهلاك والعنايه بمصادر البيئة وضرورة تحقيق أستدامتها.
(*) القيت هذه المحاضرة بتاريخ 7/1/2014 في الندوة التي تعقد يوم الثلاثاء في كل أسبوع في دار الأستاذ عطا عبد الوهاب في عمان.
(**) القيت هذه المحاضرة بتاريخ 7/1/2014 في الندوة التي تعقد يوم الثلاثاء في كل أسبوع في دار الأستاذ عطا عبد الوهاب في عمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً- اقتصادية قناة السويس تشهد مراسم اف


.. موازنة 2024/25.. تمهد لانطلاقة قوية للاقتصاد المصرى




.. أسعار الذهب اليوم تعاود الانخفاض وعيار 21 يسجل 3110


.. كيف أثرت المواجهات الإسرائيلية الإيرانية على أسواق العالم..




.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024