الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
رواية السّيق والقلق
نزهة أبو غوش
روائيّ وكاتبة، وناقدة
2018 / 8 / 30
الادب والفن
نزهة أبو غوش:
السّيق
رواية للكاتبة المقدسيّة ليندا صندوقة. صدرت حديثا 2018عن مؤسّسة تامر للتّعليم المجتمعي.
لم تذكر الكاتبة بأن النّص هو رواية، مع أن عناصر الرّواية اكتملت بها.
من النّاحية الفنيّة ابتعدت الكاتبة عن الاسلوب السّردي الكلاسيكي بصيغة ال هو؛ واستخدمت ضمير أنت المخاطب، والأنا. أمّا بالنسبة للحوار فغالبا كان حوارا مع الذّات، ممّا أضاف الكشف عن داخليّة ونفسيّة الشّخصيّات في الرّواية بالإضافة إِلى الصّفات الخارجيّة الّتي أضافها، أو أضافتها الرّاوي/ الرّاوية. عندما حاور ثائر نفسه في صفحة 70:" ألا توجد طريف تتسرّب عبره الآلام؟" كذلك صفحة 98 "غريب كيف نتشبّث بأقدارنا، حتّى لو كانت مؤلمة" كذلك ص 32" أكان النّاس يقفون وينظرون في عيون بعضهم ويتحدّثون؟"
استطاعت الكاتبة ليندا بهذا الأسلوب – الحوار الذّاتي- أن توصل للقارئ مدى تألّم البطل ثائر ومدى شعوره بالتّشتّت والضّياع في بلد محتلّ، فهو لم يهدأ أبدًا مع ذاته ومع غيره. كلّ ما حوله مشوّش بلا ألوان. تسكنه الكوابيس المؤلمة. لا يعرف طعما للرّاحة،. كلّ شيء في المدينة- القدس- مجهول بالنسبة له " النّظر إِلى المدينة من بعيد لا يشبه داخلها المكتظّ" . حتّى أنّه فضّل الموت على الحياة" كان العالم في عيني ضيّقا ويزداد ضيقا، والهواء فليلا شحيحا، والموت قريبا" ص 34.
حالة الضّياع في الرّواية تعكس حال ضياع معظم شباب المدينة التائهين. يمكن أن تنطبق المواقع، - التّكيّة، الحوش، الأزقّة، المساجد، الكنائس، الثّوب المطرّز، الفلّاحات البائعات،... - كذلك الأحداث؛ على كلّ مدينة فلسطينيّة، ولولا أنّ الكاتبة ذكرت بوّابة "باب العامود"، كذلك كثرة الجنود في المدينة؛ لما عرفنا بأنّها القدس.
في رواية الكاتبة العديد من التّلميحات والرّموز " كلّ شعوب الأرض تجمعهم سمة واحدة، إلا من يحاول أن ينشئ وطنا على أرض غيره" ص 41.
رافق الضّياع في الرّواية حالة القلق المستمرّ، قلق أُم عصام أو ثائر الواضح تماما على زوجها وأبنائها وخاصّة ثائر، كذلك قلق الجدة على حفيدها الّذي يبدي سلوكا غريبا، مثل كنسه اليومي المتواصل للّا شيء؛ كذلك الكوابيس الّتي تقلقه وتسيطر عليه.
أرادت الكاتبة أن توصل من خلال قلق شخصيّاتها المستمرّ بأنّ الحياة بلا قلق لا تسوى شيئا. لماذا لا نقلق والجنود يملأون حارات وأزقّة المدينة؟ لما ذا لا نقلق والمستوطنون يحتلّون بيوتنا بعد طردنا منها؟ لماذا ولماذا...
كرّر الرّاوي مرارا عمليّة الكنس، فهو يكنس الأرض في عمله وساحة جدّته، حتّى أنّه يكنس الهواء؛ بهذه الصّورة البلاغيّة استطاعت الكاتبة أن تقنعنا كقرّاء عن مدى رغبة ثائر في مسح الماضي المؤلم الّذي يلاحقه من رأسه. وعندما نجح في مسحها ندم؛ لأنّه عرف بأن الماضي مغروس في الذّاكر، ولن ينسى أبدا. أرادت الكاتبة أن تقول: يجب أن نقلق، يجب أن نبحث عن ذاتنا من خلال قلقنا، يجب أن ننبش في الماضي قبل الحاضر. كان ثائر متألما وحزينا؛ بسبب مرض والده نتيجة تلقّيه ضربات على رأسه من قبل الجنود، كذلك عندما هدم الجنود بيتهم الّذي ترعرع وتربّى فيه مدّة عشر سنوات. صمّم في داخله ألا ينسى أبدا؛ أرادت ليندا أن تقول لقارئها: من الخطر أن ننسى ماضينا. قال ثائر: " الكوابيس بوصلة تريحني" " القلق حياتي ودونه لا أكون " نهاية الرواية.
هناك بعض التّلميحات في رواية السّيق" قد أضافت عمقا في المعنى والفكرة. قالت الجدّة " الأحلام المزعجة تزور المناضلين" ص62 " ثائر يرى بقلبه وعقله، لا بعينيه فقط"
انتقدت الكاتبة صندوقة حالة اللامبالاة الّتي يعيشها النّاس؛ فهي عكس القلق الّذي يعيشه أبطال روايتها وخاصّة ثائر.
لغة الرّواية سلسة تشملها المحسّنات البلاغيّة والاستعارات، مستواها الفكري واللغوي أعلى من القارئين في سنّ اليافعين كما ذكرت على الغلاف.
الشخصيّات في الرّواية:
- شخصيّة ثائر: ترمز للقلق والضّياع، النّضال الفكري.
- شخصيّة الأم : رمز الأمل واليأس في آن واحد.
- شخصيّة الجدّة : رمز الصّبر والحكمة.
- شخصيّة الأبّ: الضّحيّة.
- شخصيّة عصام: رمز اللامبالاة.
- الطّفلان، شمس، والمولود الجديد: الأمل المشرق.
بالنسبة للعنوان: "السّيف"هل هو الشّعب المساق، كما تسوق الرّياح الغيمة المحمّلة بالأمطار؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح