الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديوان الحيرة العظيمة - 9/5

أحمد عبد العظيم طه

2018 / 8 / 31
الادب والفن


إفلاس

أفلسَ الشاعرُ

فاقشعرتْ روحه
وحزِنَ قلبهُ
ودَمعتْ عيناه

وكانت تلكَ الأحاسيسُ القليلة
هي مقتنياته ُالأخيرة قُبَيْلَ إفلاسه

لذلكَ فقد حافظَ عليها مثل دَمِهِ
ولم يُهدرها كلها مرةً واحدةً
كما يَفعلُ المُفلِسُ بآخرِ عشرة جنيهات
حتى أنه قَسّمَهَا على أيام الأسبوع بالعدلِ

ففي كل نهارٍ عَصْرَةُ قلب واحدة
وفي كل ليلةٍ قبسٌ من ارتعاش الروح
ودمعةٌ واحدة

فلمّا انتهتْ الأيام
حفر حفرة عميقة بحجمِ مقبرةٍ جماعية
ثم وضع جميع القصائد، في صمتٍ عظيم
وظَلَّ يُهيلُ التراب

غير شاعر بشيء
غير شاعر بأي شيء
...



سَكَرات



هَيّأتُ نفسي بنفسي لانطلاقي
أَوثَقتُ تَحديدي.. َأَطلقتُ إطلاقي

فما بَالُ الكيان رجيمًا يَسْرِي بالأفقِ
وماللشُهُبِ لم تَدن لإحراقي

كأني لستُ شيطانًا يُجِيلُ السمع والبصر
كأني أَرْبَأُ شاعرًا تَحفُّني أوراقي
أتْلُو المَدِيحَ لخاطِرِيِ المِرْمَاحِ
أَكتبه ُعندي أُفُقًا لآفاقي

يا سَيدي
طَوقُ المُنى قد حَزَّ بالقلبِ
واللُبُّ مِن فرطِ الهوى قد جُنَّ
والقلمُ في هذا المقام يَخُطُّ بالسُحبِ
" فَطِنَ الذي.. مَنْ فَطِنَ؟ "
..........................

ولكنهم الحق، والصدق، وسلامةُ النية
فيما سأتلو مِن الرشادِ
والهدوء الأمين
والضوء على ما حدثَ

فأنتَ مَن أسمعتني في فؤادي سمعًا عزيزًا
ففقِهتُ الأصوات وسمعتُ الأفئدة
وسمعتُ الوجود إذ يَتنفس

وأنتَ مَن زدتني في البصرِ
بقدر ما أضاءتْ روحي
فرأيتُ آثار مشيئتكَ على الأرض
وباتَ لي مِن البصيرةِ ما يَفتحُ ثُقبًا كالعينِ السحريةِ
في بابِ السماء..

وأنتَ مَن وهبتني تلك الأفكار النفيسة كالياقوت الأزرق
وذلكَ التفكير العميق كمقبرةٍ ملكية تَعُجُّ بالذهب والنفائس

أنتَ الذي خلعتَ عليَّ حياةً قاسيةً
لأصِل إليكَ مِن أَقصر الطُرُق وأشدها فتنة
-الحاجة إليكَ–

لأعي مِن بعد الوصول كيف أُقدّرُ الطُهر
وكيف أكرهُ الدَنَس
لأعرف كم تكونُ السَكينة مُقَدّمَة على اللذةِ
وأن الدهشةَ هي أُمُّ الفرح
وأن الشقاءَ هو أعظمُ النِعَم للذين يَشعرون بسرعة
أولئكَ المُرهَفونَ جدًا كشفراتِ الأمواس
ويذبحون أنفسهم مِن فرط الحِدَة، والإحساسِ، والحزنِ
فيَنزِفونَ دمًا عذبًا، رائقَ الحُمرة، وجهنميَّ الحرارة
وإنهم يَغمسونَ أصابعهم في دَمِهم ويكتبونَ:

إلَهنا
خَلَقْتَنَا لحكمةٍ
ولكننا لسنَا حُكماء لنَفْهَم
وبالقطعِ أنتَ تَعْلَمُ

فاغفِرَ لنا الشطط
وأَيِّدنا حين يَحدثُ اللَغَط.



طائر



حطَّ طائرٌ على سورِ الشُرفة
بالأحرَى هو عصفورٌ صغيرٌ
-كيلا يَأخذ الأمر حدًا مُبالغًا بهِ مِن الزيف-

لقد نَظرتُ في عينيهِ
-هل نَظرَ أحدكمْ بعيني عصفورٍ مِن قبل-
تكوينٌ دقيقٌ جدًا
-لكأنّ عين العصفور بأكملِها هي نظرةٌ مني-

إنه يَفهمُ النظرات التي تُشبه عيناه
-النظرات الصغيرة-
عندما تبدو عيناي كعيني أبيهِ إذ كان يُعلّمُه الطيران
- فبالتأكيد إن للعصفورِ أبًا هو مَنْ عَلّمَهُ الطيران-

ظننتُ أنه قد نام مِغناطيسيًا فاقتربتُ
لمْ يَهرب.. ولمْ يَنَمْ
-فقط هو مِن النوع الذي لا يطرفُ له جَفنٌ-

تَغَيَّرَتْ نظرتي
-دُهشتُ فبانَ ذلكَ في عيني-
فطارَ
-طار العصفور بعيدًا-
جَرّاءَ نظرة دهشة واحدة

حتمًا هو يَفْقَه التغير
ويكره النظرات الكبيرة
-حبذا الدَهشَة منها!!-






الصَبِيُ "سكريبتْ مُصَوَّر"



* تِتْر المقدمة:

سيُكتب اسم البطل تحتَ كلمة المُصَوِّر
بحروفٍ زرقاء صغيرة على خلفيةٍ سوداء
ويُسمعُ صوت كَمان خافِت تتبعه أبواقٌ رخيمة

* الأحداث:

تُفتَتَحُ المَشَاهد بمشهدِ ليلٍ طويلٍ وكئيب
وشيءٌ يَرقُد في المسافةِ بين الليل وبَيت تُضيئه الشموع

تقترب العدسة من الشيءِ ببطءٍ ليُصبح صبيًا يَشعُر بالبرد
ويَخترقُ السماء بعينيه الضيقتين المُفعمتين قسوةً ووحدةً ونهمًا للخرق

يَخرُجُ رجلٌ وامرأةٌ لا يَرى أحدهما الآخر
يَنهران الصبي ويُدخلانه البيت المُضاء، فيَنطفئُ الشمع بأنفاسهِ
وتَنفرج الأبواب للقادمِ المُظلمِ، وتُفسحُ الحوائط مكانًا

يتمدد على ظَهْرِهِ وعيناهُ تموران بالبصرِ فلا يَحدهما سقفٌ
ويصلُ الخَارقُ ما اختَرَقَ ويَخرقُ ما لم يَلج من قبل

العَدَسَةُ لا تَرى ما يَرى فتَجُولُ قليلاً فوق الحائط
تَظهرُ سبعة براويز خاوية، وبروازٌ واحد يحملُ وجهًا بالأبيض والأسود
ويَظهرُ اسم المُصَوِّر أسفله محفورًا بأظافرَ عَصَبِية

لا بد أن يكونَ الضوءُ المُصاحبُ للعَدَسةِ ذا لونٍ أزرق
كي يشيرَ إلى الظلامِ الدامغِ للمشهدِ

أشياءٌ نائمة تَتَحركُ حوله ُ
لا يَلتفتُ إليها، ولا يَرى غير ما يَرى
تقتربُ العَدَسَة من وجههِ المُصَوب نحو مُطلَق السَقف
ويُزعجُه الضوء الأزرق الشحيب

تَحتَرقُ العَدَسَة إذ تَصطدمُ بعينيهِ
ويَنتهي دورها في الأحداثِ بأدخنةٍ حمراءٍ دموية
تتصاعد إثر الاحتراق
ثم يَتلاشى الضوء والأدخنة بتدرجٍ رتيب

يَنهضُ غيرَ مُكترثٍ ويُثبّتُ وجهه في طرفِ الغرفةِ
ويَخْرِقُ بابًا واسِعًا بعينيهِ
ثم يَدخلُ ويغلقُ البابَ خلفه ُمُحدِثًا صريرًا بالسكونِ الفظيعِ
لكن لا أحد يَستيقظُ بالخارج

يَمشي بشارعٍ كالشوارعِ جميعًا، لكنه مُقفرٌ بشدةٍ
وأضواءهُ خافتة لتُوحي بعهودٍ بَعيدةٍ على الذاكرةِ

يُعلنُ مذياع ٌمجهولٌ أنها الواحدةُ ليلاً
ومِن كلِ البناياتِ الغارقة في (سَـقْطِ الخفوتِ)
تَخرجُ موسيقات وحشية تتألفُ من وترياتٍ هامسة
تَقطعها صرخات حادة، وهزجٌ غير مفهوم بيد أن له غنجٌ يُشجي
وليس يُلاحظُ أحد ٌأن الموسيقى غير الشارع
كما يُضفيِ عليها نَقْر حِذائه نوعًا من الواقعيةِ

هو يَعرفُ الذين يَمرون عليه بين الحينِ والآخر
إنما يَعرفهم كأشياءٍ وحوادثَ تَمشي
لذا فيُمْكِنه أن يَمرَّ مِن خلالِهم
أو يَتجاهلهم بأعصابٍ باردةٍ كالليلِ الذي يَطعَنه الشارع
طعنةً في أولهِ تنفذُ من آخرهِ

يَتحتمُ أن تكونَ طعنة الشارع للّيْلِ
مُتزامنةً مع نَقْرِ الخطواتِ، لتَشيِ بحيويةِ السياقِ
ومِن الضروري أن يَبدو الشارعُ وكأنه يَنزفُ ويَئِنُّ
كأن يتعوجُ ويَتثنى ويَتفجر منه ماءٌ لزِج
كَدَمِ الذبائحِ بالأضاحي تقريبًا

تَنحرفُ الموسيقى مدة دقائق إلى إيقاعٍ راقص
ثم تَعُود ُإلى طبيعتها

يَنتفضُ مفجوءًا بالرجل والمرأة اللذيّن لا يَرى أحدهما الآخر
ولكنَ حَجْمَهما هائلُ الضخامة هذه المَرة
حتى أنّ الرجُل تَرتفعُ رأسه عن البناياتِ المُجاورة
ويبدو وجهه في الضخامةِ مُفْزِعًا

يَختبئ الصبي بمنحنىً جانبيٍّ حتى يَرى أقدامهما المُريعة تَعبُرُ
فيخرُجُ من مَكمنِهِ. ويَراهما يَدخلان إلى منزلٍ تُضيؤه ُالشموع
فلا يَبتسمُ ابتسامة حزينة، ولا تَدمع ُعيناه...

* اقتراح جانبي:
من الجائِزِ حين يَختبئ بالمنحنى الجانبي
أن يَتعثرَ بحَجَرٍ صغيرٍ ويَكاد يَنْكَبُّ على وجههِ
فتَتَلقفه فتاة كبيرة تختبئ هي الأخرى مِن شيءٍ آخر
وتَضُمُه قبلَ أنْ يَمَسَّ الأرض
وتُقَبّله كولدٍ حَبيبٍ وبَدنًا وروحًا سَتَدْخُلهما آمنة بعد حين
فتَحْتَمِي وتَأنسُ إلى أن يَأتيَ الفجر
وكان يَنظرُ لها مَدهوشًا
وتَرِفُّ حولهما عَدْوُدَة ٌسَاحرة ٌمِن الناياتِ والربَابِ فقط
فيَخرُجُ مِن مَكْمَنِهِ مَشغولاً بمَن معه
يُداعبها ويُراقصها في وسَط الشارع. إنما بلا موسيقى تمامًا
فقط صمتٌ عميق
لكنهما يبدوان كمَن يَسمعُ شيئا لا يَسمعه ُغيرهما
ذلكَ حتى تأتي أمّها بغتة
فتُوَدِعُه الفتاة وتَذهبُ بمنتهى الغرابةِ التي في الدنيا...

هو الآن يُغذُّ السير ويشعر أنه يَنسى أمرًا ما
لا بد أن يُراعي المُصَوِر –الحقيقي– حساسية الزاوية
التي ستقتربُ من رأسهِ
فيُحاولُ أولاً إيضاح منطقة الشعور القَلِق
ثم منطقة الغيم القاتم في ركن الذاكرة
...
مِن فُرجةٍ ضيقةٍ بين البيوت شديدة الإعتام
يَرى تُرعةً ضيقةً تَجريِ ويَلْمَعُ ماؤها لمَعَانًا مَخسُوفًا
ويَرى امرأةً تَغسِلُ أشياء فِضيةً مُطفأةَ البريق
وتُحدّقُ فيه بعينٍ حمراء لها حدقةٌ سوداء سَوادًا داهمًا..
تُناديه ويَسمعُ صوتها برأسهِ يقول: تعااااالَ/فيمشي إليها..
خطواته ثقيلة مُتصلبة كأنما شيئًا يَسحبه ببطءٍ مُخيف

يَسريِ بالهواءِ صوت صفيرٍ مقطوع
وإنه يَدنو من المرأةِ، فتتغيرُ هيأتُها إلى شيءٍ يَقترب
هو يَفُحُّ من فمهِ كلامًا هامسًا
فيَراها كلبًا له ذات العين ويَقترب
هو يَفُحُّ فحيحًا فيراها شجرة وارفة، مُعتمة جدًا
وتحملُ العين الحمراء عند أعلى الورق وتقترب
فيَختنقُ فحيحًا...
ويَعدو بموازاةِ الشاطئ عَدْوًا مَغلولاً كأنما القدمين صخرتان
تتعقبه الشجرة الرهيبة فيَخْتَلِجُ اختلاجة أليمة
ويَسقُطُ على ظهرهِ فتكاد الشجرة تَقَعُ بوجْهِهَا في وجهِهِ...
وإذ يَصرخُ بكلمةٍ صادقةِ العَزمِ وخارقةٍ كالنارِ
تَحترقُ الشجرة مُتَلَوّيَة كالمُحترقِ وتُلقِي بعينِها في الماء
فتروغُ العين الحمراء إلى القاع

سينتبه المُصَوِر حتمًا لدِقْةِ المَشَاهِدِ، وتَتَابُعها بحِنكةٍ بالغة،
تُزِيلُ عنها شُبْهات التَخْييل، وصياغات الأحلام
وما إلى ذلكَ مما قد يَطرأُ على قلبِ المُتابع لِما يَصيرُ ويَحدثُ

وجهه يَتغيّرُ مِن شِدةِ الرعبِ
لِيَبِيتَ أكبر في مَنظرهِ وأكثر تعاسة عن ذي قبل
وقد اشتَعلَ الرأسُ شيْبًا.

تَرفُلُ بالجوِ تَقَاسيمُ قانونْ مع شَرخٍ رقيق ٍمِن الفلوتْ
ولكنها تبدو شِريرةٌ ومُخالِفةٌ لفِطْرَةِ القانونْ والفلوتْ

يَرفعُ بَصرهُ إلى السماءِ بذاتِ مَوضعٍ خَرقه مِنها فيما مَضى..
يَجدها قد التَأمَتْ فيَحمدُ اللهَ ويُثنيِ عليه عَدَدَ نِعَمه بصوتٍ مُجلجلٍ
لكأنه بينَ واديَينِ يُسَبِّحُ..
ثم يَسجُدُ بعينينِ مُغمَضتينِ مُتَشنجتينِ مِن هولِ الخشوعِ
وبفمٍ صامتٍ مِن فَرطِ الجلالِ

يكونُ مِن الحسنِ جدًا أن يُسيطرَ السكونُ الموحشُ على هذا المَشْهَد

يَعتدلُ بألمٍ ويَفتحُ عينيهِ فإذا هُما تَخرقان الأرض جميعها خَرقا
ولا أحد يَرى ما يَرى.. فقط هو يَرى
فقط يَنهارُ باكيًا.

* تِتْرُ النهاية:

تَصعدُ أصواتُ ضحكات تَتَراوحُ بين الفِسْق ِوالعذوبةِ
وتَبْرُزُ عبارةٌ خضراء مكتوبٌ بها:
(وهكذا عاشَ الصبيُّ –الذي هو المُصَوِّرُ الخياليُّ– حياةً صَعبة
لم تنتهِ بَعد.. ولكن كيفَ سَيَتصرف؟! ذلكَ هو أشرسُ ما يُواجهُ
الخارقينَ في حيواتهم).

بَعدَ صعود العبارة لأعلى
سيُكتبُ اسم المُصَور الحقيقي بأظافر عَصبية تحتَ كلمة البطولة
ثم يَتبعه ُبَقية العاملينَ ولكن بلا توصيفٍ لأدوارِهِم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا