الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أساليبنا النضالية الناجحة..

وديع السرغيني

2018 / 9 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


في أساليبنا النضالية الناجعة..
فسعيا منـّا لفتح النقاش الجاد والجدّي، حول قضايانا الراهنة، وحول الأساليب العملية لتدبير النضال من أجلها.. كان لا بد من حملة تنوير دائمة، دؤوبة، ومستمرة مع جميع الفعاليات الديمقراطية المناضلة، وبشكل خاص مع بعض الإمكانيات والطاقات المعطلة، التي ما زالت تعاني من وباء الجملة الثورية، ونشيد "الكفاح المسلح" و"حرب الشعب الطويلة الأمد".. حيث كثرت الفتاوي، والتخريجات السهلة والكسولة، التي تحاول ربط المناضلين بأشكال للنضال محدودة، غير صالحة في جميع الحالات والشروط، مهددة بأن تبقى في غالبها بدون فعالية وبدون أفق، مجرد شعارات وأحلام، وليس إلاّ..
فمن باب المزايدة الصبيانية، وليس التجذر كما يدعي البعض ذلك.. يتخذ النقاش والجدال حول الأسلوب الناجع لحسم السلطة، والإطاحة بالنظام القائم، مكانة مميزة، بحيث شكلت هذه النقطة محورا للخلافات في صفوف الحركة اليسارية والثورية، وأثيرت حولها السجالات الفكرية والسياسية، التي لا عدّ لها ولا حصر لها.. إذ بات من الصعب اتخاذ الموقف من هذا الأسلوب أو ذاك، بالرزانة المطلوبة وبالتبصر اللازم.. دون قدح ودون شتائم رخيصة.
وقد يدفع بك انجرافك لهذا النقاش، والمغامرة في تناول موضوعاته بدون بوصلة نظرية تهديك الطريق، للانجراف عن جادة الطريق، والتيهان عن المهام النضالية الملحة، ونسيان الأهداف الاشتراكية التي نناضل جميعا في سبيلها، كمكونات للحركة الاشتراكية الواعية، والمنظمة. فبانخراطنا الواعي في هذا النقاش الذي نود تأطيره لأقصى مدى عبر وضع النقط على الحروف، لتحديد أولوياتنا في هذه المرحلة بالذات، وللإجابة السديدة عن الأزمة الثورية ببلادنا، والتي من علاماتها الكبرى والبارزة، هي غياب الأداة الثورية اللازمة، أي الحزب الماركسي اللينيني كما تصوره المناضلون الاشتراكيون المخلصون لقضية الطبقة العاملة، والتغيير الاشتراكي المنشود.
إذ من الضروري واللازم البدء من أول خطوة على الطريق، والتي تستلزم موضوعيا وذاتيا تجميع كل الطاقات المناضلة من أجل الغاية التحررية الاشتراكية، داخل إطار ديمقراطي منظم، يدبـّر خلافاته بطرق ديمقراطية، أساسها النقد والنقد الذاتي.. وإذا استعصى علينا الأمر، يتم اللجوء إلى الأغلبية والتوجه العام في الآراء المتصارعة بعد تعميق النقاش والإنصات الرزين لكافة الآراء، الأغلبية والأقلية، سواء بسواء.. إذ لا بد من منع الاستبداد واستشرائه داخل التنظيم، ولا يجب المس بأي شكل كان، وتحت أي مبرر كان، بحقوق الأقلية في التعبير.. وهي حقوق يجب أن تبقى مضمونة ومصانة في إطار الصراع الحيوي، داخل هذا الإطار الديمقراطي المنشود، وبألا تربك قراراته الرسمية التي يجب أن تبقى، إلى حين، هي قرارات الأغلبية.. مع التذكير بأن جميع الخلافات والصراعات، لا يمكنها أن تمس بهوية التنظيم الفكرية وبمبادئه الأساسية، يعني منطلقاته الفكرية الماركسية الصريحة، وأهدافه الإستراتيجية الثورية الاشتراكية، التي لا لبس ولا غموض حولها.
فعكس هذا، تتجه الآن مختلف التجمعات والاتجاهات الراديكالية المغربية للتطاحن، والاصطدامات، وصنع الخلافات.. حول أمور تفصلية تتعلق بمسار الثورة، بوسائلها، وتقنياتها.. أمور يفترض أنها ستبقى مؤجلة إلى حين توفر، أو بالأحرى توفير، شروطها، كالكفاح المسلح، وحرب التحرير الشعبية، وحرب العصابات..الخ وكأن الموضوع هو موضوع اللحظة والساعة، والحال أن مجرد النقاش حوله يعتبر ممارسة متهورة، تشبه إلى حدّ ما عملية "وضع الحصان وراء العربة" وليس العكس، حيث العربة تحتاج لأكثر من حصان، تحتاج حقيقة لقادة ومفكرين ومنظمين أقوياء وأشداء، يخترقون بجهدهم وتفانيهم كل مجالات الصراع الطبقي والاحتجاج الشعبي المناضل، قصد تنظيمه وتأطيره، وفق المنظور الطبقي الماركسي السليم.
على هذا الأساس، ارتأينا بأن نتناول مجالات النضال السياسية بالنقاش، وبالشكل الذي يمليه علينا التزامنا الطبقي العمالي، وأولوياتنا السياسية والتنظيمية، وهويتنا الاشتراكية، التي تلزمنا بالمضي قدما نحو أهدافنا التحررية الاشتراكية، والتي تقتضي منا نسج جميع التحالفات اللازمة، واستقطاب جميع الفرق الثورية والاشتراكية، المناضلة والمبدئية، في خندق تقدمي ديمقراطي عريض، يوجه حرابه وسهامه مجتمعة لصدر النظام القائم، نظام الاستبداد، والاستغلال، والنهب، والعمالة للصهيونية والإمبريالية.. بغاية الإطاحة به والقضاء عليه نهائيا.
"فإننا نقف على أرضية نظرية ماركس: فهي التي حولت للمرة الأولى الاشتراكية من طوباوبة إلى علم، وأرست هذا العلم على أسس ثابتة ورسمت الطريق الذي ينبغي السير فيه، مع تطوير هذا العلم باستمرار، ومع دراسته وتعميقه بجميع تفاصيله.. حيث أوضحت مهمة الحزب الاشتراكي الثوري الحقيقية، هذه المهمة التي لا تقوم على اختلاق المشاريع لإعادة بناء المجتمع، ولا في وعظ الرأسماليين وأذنابهم، بتحسين أوضاع العمال، ولا في حبك المؤامرات.. بل في تنظيم نضال البروليتاريا الطبقي، وقيادة هذا النضال الذي هدفه النهائي هو ظفر البروليتاريا بالسلطة السياسية وتنظيم المجتمع الاشتراكي".
هذا التعريف المقتضب، الذي يحدد بشكل بسيط وحاسم هوية الحركة الاشتراكية وعموم المنتسبين لها، والمدافعين عنها.. دون أدنى لبس، ودون أدنى تخبط فكري أو سياسي، أو في وسائل النضال، أو في منهجية العمل.. فرض علينا بكل ملحاحية الخوض في هذا الموضوع، موضوع أساليب النضال وأولوياتنا في المرحلة.
فأساليب النضال كانت دائمة متنوعة، حيث لكل أسلوب أهميته التي يجب أن نعي بها ونعتبرها.. وخلال المرحلة الحالية من مسلسل الثورة لا بد أن نعطي الأهمية للنضال الاقتصادي في نضال البروليتاريا، أي الطبقة العاملة، لما لهذا من أهمية قصوى لا حصر لها.. ففي تصورنا للنضال، ولأشكال عمله، ولواجهته، لا بد من التأكيد على أهمية هذه الواجهة التي كانت مرتكزا تاريخيا للنضال العمالي منذ انطلاقاته الأولى.. حيث لا يجب إهمال الأساليب الممكنة الأخرى، لضبط سير أعمالنا، ولإنجاح خططنا للظفر بحركة اشتراكية واعية، ومنظمة، ومناضلة من أجل تحرر الطبقة العاملة وعموم الكادحين والمحرومين..الخ
"فكل إضراب ضد الرأسماليين يؤدي إلى توجيه الجيش والبوليس ضد العمال. وكل نضال اقتصادي يتحول حتما إلى نضال سياسي وينبغي على الحركة الاشتراكية أن تجمع هذا وذاك بعرى لا انفصام لها، في نضال طبقي واحد تخوضه البروليتاريا" فمن الناحية المبدئية لا يجب على الحركة الاشتراكية أن تختزل نضالها في هذا الأسلوب أو ذاك، أو تقتصر فقط على الإضرابات، فالحركة لا تنكر الأساليب الممكنة الأخرى، كأسلوب الكفاح التحرري المسلح، الذي نقدره لكونه عاملا حاسما خلال العملية الثورية بأكملها، "ويمكنه أن يكون صالحا تماما، أو حتى ضروريا في لحظة معينة من القتال.. لكن جوهر الأمر، لا يبدو الكفاح المسلح وكأنه عملية من عمليات الجيش المقاتل التي يجب أن تبقى مرتبطة ومنسقة مع مجمل منهاج النضال، حيث يظهر بوصفه وسيلة لهجمة منفردة مستقلة تماما عن كل جيش.. فواجبنا أن نحذر بكل الحزم من التولع بالكفاح المسلح باعتباره الوسيلة الرئيسية والأساسية للنضال.. فهذا الأسلوب لن يصلح إلا كأسلوب من أساليب الهجوم الحاسم" كان هذا الرأي الصارم والحاسم هو الذي عبر عنه لينين في مناسبات عدة، والتزم به البلاشفة وجميع قادة الحركة الاشتراكية الثورية، زمن الانتفاضات العمالية والشعبية بروسيا حينها.
وبعيدا عن أي تصور يشكك في دور العنف في التاريخ وخلال الثورات التي تهدف إلى التغيير.. لا بد من رفع اللبس عن الغاية من فتح هذا النقاش وخلال هذه الظرفية بالذات.. فمن الصحيح والثابت جدا، أن الثورة في مفهوم الماركسية ليست سوى هدمًا بالعنف لبناء سياسي ولّى عهده وأفلس وانقضى.. وهو تعبير كامل الصواب، بل هو لحظة سياسية، على جميع الفعاليات الاشتراكية، التحضير لها بكل اللوازم وبكل الجدية المطلوبة والشروط المرافقة لها، الفكرية والسياسية والتنظيمية والعسكرية، أي كل ما تستلزمه الحركة من تنظيم حزبي ونقابات ومنظمات جماهيرية واتحادات وجرائد..الخ
فالتحضيرات التي نستلهمها من هذه التجربة الروسية، ومن قيادتها البلشفية، ومن دروسها القيمة.. هي من دفعت صراحة بالحركة الاشتراكية المغربية، عن بكرة أبيها، لإعلان الانتماء والانتساب للمدرسة الماركسية اللينينية كاختيار وكالتزام.. وهي التي دفعت بنا لطرح الأسئلة والتساؤل عن السر في هذا التباهي، وفي هذه المزايدة الغريبة.. فهل يستقيم هذا الادعاء حول ارتباطنا واستنادنا على المرجعية الماركسية اللينينية، دون دعوة صريحة لبناء حزب الطبقة العاملة المستقل.. في مقابل الانبهار بالكفاح المسلح، والدعوة له خارج أدنى الشروط الفكرية والسياسية والتنظيمية.. هراء وليس إلاّ؟؟ إنه التباهي الفارغ، والتهافت الصبياني من أجل نيل شرف هذا الانتساب العظيم لهذه المدرسة المناضلة.. إذ لا معنى أن نكون ماركسيين ونعارض في نفس الآن الأهداف الإستراتيجية للحركة المناضلة من أجل الاشتراكية.. ونعارض التصور اللينيني لبناء حزب الطبقة العاملة، وما يرتبط به من إجراءات أولية وعملية لازمة.. كذلك الشأن بالنسبة للرسالة التاريخية للطبقة العاملة التي دعت بوضوح لبناء حزب طبقي عمالي لا يخلط في صفوفه باقي الكادحين من الطبقة المتوسطة، إلاّ إذا أصبحوا فعلا اشتراكيين ملتزمين.. هؤلاء الكادحين الذين يجب جذبهم لمصلحة الثورة في إطار من التحالف، تقوده الطبقة العاملة عبر حزبها المستقل.. فأين نحن من الماركسية ومن اللينينية إذا كنا نعارض بشكل مكشوف جميع تكتيكاتها الصائبة التي تلزم الحركة الاشتراكية بالإسراع لبناء الحزب العمالي الطبقي، والتفاني في تقوية منظماته النقابية وجميع جمعياته الموازية واتحاداته الجماهيرية.. في مسلسل يقوي التحالفات الطبقية والسياسية والاجتماعية خدمة لمعركة التحرر والديمقراطية والاشتراكية.
فلا مجال إذن للتطاول على هذا الإرث النضالي، الفكري والسياسي والتنظيمي العظيم، المعزز بالخطط التاكتيكية العملية والميدانية، والتي سبق وأن جسدها البلاشفة بنجاح كبير، في سياق الثورة التي أسقطت الاستبداد، وفتحت الباب على مصراعيه في وجه الثورة الاشتراكية المظفرة، وقضت نهائيا على الرأسمالية.. فخط الإضرابات والإضراب العام والانتفاضة العمالية ثم الانتفاضة الشعبية المسلحة، ثابت في تصور جميع الماركسيين اللينينيين المغاربة وغيرهم.. ولم يكن اعتناقه مجرد اختيار ضمن اختيارات أخرى، بل كلما في الأمر أنه التزام تاريخي لمصلحة الطبقة العاملة، حيث من المعروف أن الحركة الاشتراكية ضمت في صفوفها، بداية ولادتها، وتشكلها جميع التيارات الثورية البرجوازية الصغيرة، والتي نادت لحظتذاك بالتغيير وبنهج جميع الطرق والأساليب الممكنة لبلوغ أهدافها الثورية، حيث كانت الأساليب في مجملها شعبوية، متجهة بشكل أساسي ورئيسي للبوادي والأوساط الفلاحية المقهورة، مهملة بشكل ملموس الطبقة العاملة في المدن، وداخل الأحياء العمالية والشعبية، ومراهنة بشكل كبير على "الطبقة الفلاحية".. إضافة لإنتهاجها لبعض الأساليب الفوضوية والتآمرية التي تقيم الاعتبار الكبير والحاسم للعمليات الفردية الإرهابية، وللتصفيات الجسدية وللانقلابات العسكرية..الخ دون إعطاء الأهمية للبعد الاجتماعي للتغيير الاشتراكي، وللوعي بالنظرية الاشتراكية، وبالحزب الطبقي، وبالتعبئة الدؤوبة، وبالعمل المضني اللازم لتطوير الحركة الاشتراكية والجماهير العمالية والشعبية المرتبطة بها.. حيث كان الاقتصاد التضامني البرجوازي الصغير يعتد بديلا اقتصاديا للرأسمالية! عوض ما بشـّرت به النظرية الماركسية فيما بعد، والتي نادت بالاقتصاد الاشتراكي والشيوعي، القائم على إلغاء المِلكية الفردية والخاصة، والتضييق المرحلي على الإنتاج والتملك الصغير، في البوادي والمدن، في إطار خطط التجميع، والتحديث، والمكننة، والتأميم، والمصادرة المستمرة لأملاك البرجوازية وعموم الأغنياء..الخ
فمن الإضراب إلى المظاهرات، إلى بناء المتاريس وخوض معارك الشوارع واحتلال المعامل والمصانع، حيث سينتقل النضال العمالي الجماهيري من الإضراب، وسيبرز ويتقوى عود الخط اللينيني في صفوف الحركة الثورية الاشتراكية، عبر إنجازاته على الأرض ابتداء من الانتفاضة ثم الأخذ بزمام المبادرة وتسلم القيادة، كما هو الحال بالنسبة لانتفاضة 1905 الروسية العمالية والشعبية، التي لم تتأخر عن بلورة الشكل الديمقراطي المستقبلي للسلطة، وفبراير 1917 ثم أكتوبر 1917، العظيمة والتاريخية.
فعلى غرار بلدية أو كمونة باريز، شكلت الحركة الجماهيرية الثورية بروسيا، مجالس العمال، ومجالس الجنود، ومجالس الأحياء الشعبية ثم مجالس الفلاحين فيما بعد، والتي عبرت بصدق وتفاني عن مصالح الفلاحين الفقراء ولم تتهاون قط في نضالها ضد الملاكين الكبار.. فيجب الحذر كل الحذر من اعتبار الكفاح المسلح أو الحرب الشعبية الطويلة الأمد وسيلة رئيسية للنضال، إذ لا يمكن عزل هذه الوسيلة بالذات عن باقي الوسائل الأخرى الحاسمة، بل يجب إخضاع الكفاح المسلح نفسه لخطة التغيير الشاملة، والتي يتحكم في مسارها الحزب الطبقي، حزب الطبقة العاملة، والتي يحضرها بالضرورة البناء والتنظيم والنظرية الاشتراكية، ومواصلة الاجتهاد والمثابرة، والخطة التي يلزمها التقدير والأخذ بعين الاعتبار لجميع الوسائل القديمة والجديدة، في إطار من الكفاح والصمود، بلا هوادة ضد جميع الصيغ الجاهزة والمبهرة.
فنحن بصدد تناول إشكالية نظرية، ترتبط بموقع الطبقة العاملة في الثورة، وبشكل عملي في الثورة المغربية المنشودة، فما يعطي للطبقة العاملة قوتها وأهليتها التاريخية لقيادة عموم الكادحين نحو الثورة يرتبط بأمور عدة سبق وأن فصـّلت في حيثياتها النظرية الماركسية، ورواد الحركة الاشتراكية المناضلة منذ زمان ولـّى.
فقوتها مرتبطة أساسا بتحكمها في عصب الاقتصاد الرأسمالي، المبني على الاستغلال، وعلى ابتزاز فائض القيمة من عرق العمال والعاملات، وعلى نهج الغلاء، والاحتكار، وسرقة جيوب المواطنين الفقراء.. وبالإضافة إلى هذا تتميز الطبقة العاملة بقدراتها التنظيمية التي لا تقهر، وانضباطها الدائم المرتبط بطبيعة عملها، زيادة على امتلاكها، لوحدها، لأقوى سلاح يهدد الرأسمالية في وجودها، ألا وهو الإضراب بمضمونيه الاقتصادي والسياسي.. وبالإضافة لهذا وذاك، لا ترتبط الطبقة العامل بالثورة بناء على مصالح نفعية خاصة داخل المجتمع، ولن تخسر أي شيء خلال المسيرة الثورية، سوى قيودها وأغلالها فقط، ما ستضحي به من أجل تحرر المجتمع بكامله، إذ ستكسب عالما جديدا، كله أخوة وإنسانية، عالم جديد ينتفي فيه الاستغلال، والاستبداد، والظلم، والمِلكية الفردية والخاصة.. عالم جديد مفعم بالحرية والديمقراطية والمساوات..الخ
هذا ما أكد عليه باستمرار وثبات التصور الماركسي للتغيير، في وثيقته التاريخية والأساسية البيان الشيوعي.. وأثبتته حقائق التجارب الثورية الناجحة في الميدان فمشاركة الطبقة العاملة في عملية التغيير، وموقعها الطليعي خلال هذه المشاركة لا يخضع بالمرة للمزايدة أو المفاضلة الساذجة أو الاعتماد على قوتها العددية وسط السكان أو الكادحين.. ولا عن درجة البؤس والحرمان، الذي يمكن أن يعاني منه مواطنون بشكل أعمق، وأقسى، من الطبقة العاملة.. وهي ملاحظات وإشارات مهمة، وجب الانتباه لها وأخذها بعين الاعتبار من طرف جميع مناضلي ومكونات الحركة الثورية المغربية.
"فيمكن حل المنظمات الجماهيرية من هذا الشكل أو ذاك، ويمكن اضطهاد النقابات العلنية، ويمكن بوسائل شتى ممارسة المضايقات البوليسية لهدم كل مبادرة سافرة من جانب العمال في ظل نظام الثورة المضادة.. ولكن لا يمكن لأي قوة في العالم أن تزيل تجمع العمال الجماهيري في البلاد الرأسمالية.." .. فالغريب جدا أمام هذه المعطيات والتوجيهات النظرية الثاقبة، هو أن يظل العديد من المناضلين الماركسيين المغاربة متشبثين، ومقدسين للقبهم "اللينيني" دون الالتفات لهذه الملاحظات اللينينية والماركسية العميقة، فحين يصبح الإضراب وسيلة رئيسية لتحريك الجماهير، وطرح المطالب بهدف تحسين الأوضاع، وكسب الحريات الديمقراطية، وتغيير طبيعة النظام السياسي، ومصادرة أملاك المغتصبين..الخ سيتحقق فعلا هذا الارتباط وهذا التعبير عن الخط اللينيني، المتميز برؤيته الثورية، وبإستراتيجيته الاشتراكية.
فلا مناص ضمن هذا الفهم وهذه القناعة، من بذل المجهود لربط الصلات القوية مع الجماهير العمالية، رجالا ونساء، والمشاركة المنظمة والمسؤولة في احتجاجاتهم ونضالاتهم، التي لا يمكن أن تتعثر أو تتوقف، وإن كان هذا المنحى عنيدا ومعقدا في اللحظة الحالية.. فبدون هذه المشاركة المنظمة والواعية، لن يستقيم الوضع، ولن نتقدم في بناء العمل النقابي، ولن تكون لنا القدرة على تطويره، ولن ننجح في تشكيل الحزب السياسي للطبقة العاملة.. لنبقى في التالي مجرد مجموعات صغيرة متناثرة، مثل ذلك الصفر المسكين لا حول ولا قوة لها، لا يمكن أن تؤثر في الأوضاع السياسية، بالبلاد وفي حال ومستقبل الطبقة العاملة وعموم الكادحين والمحرومين.
فمن أجل النجاح في مهمة التغيير لمصلحة جميع الكادحين، عمل البلاشفة الروس بجد من أجل التطبيق السديد للتاكتيك الذي جمع، ووفـّق بين العمل غير الشرعي، أي السري، وبين الاستعمال الإلزامي والضروري "للإمكانات الشرعية".. حينها، كمساهمة لتطوير خط الثورة، وإبعاد جميع الأطروحات الرفضوية، والطهرانية التي تمانع المساومات، والتي كادت أن تقلص من جماهيرية الحزب، وتربك قواعده وأنصاره.. "ففي خضم هذا النضال نمت البلشفية وتقوّت، وتصلبّ عودها.." فهل أخلصنا فعلا لهذا التصور، أم زغنا عن الطريق القويم؟.
ذلك ما سنحاول رصده انطلاقا مما تعج به الساحة الفكرية والسياسية المغربية من تصورات وأطروحات حيث نجحت الخطابات اليسراوية، إلى حدّ ما، في الإستقطاب المؤقت والمرحلي لجل نشطاء الحركة الطلابية التقدمية، ونسبت خطابها ومواقفها، دون حياء، وعنوة، وزورا، للينينية، دون أن يكون لها أدنى إطلاع على مبادئها، وعلى فلسفتها، وعن تاريخ الحركة الاشتراكية ككل، وما عرفته من صراعات فكرية وسياسية، انتصرت في النهاية للخط الاشتراكي اللينيني، الذي تميـّز بدفاعه القوي والشرس عن بناء حزب الطبقة العاملة المستقل، وبمناداته ببناء النقابات العمالية، وبمطالبته جميع العمال والعاملات بالانخراط في جميع الاتحادات الجماهيرية، منبها جميع نشطاء الحركة الاشتراكية لاستعمال جميع الإمكانيات للاتصال بالجماهير العمالية والشعبية، قصد تعبئتها، وتنظيمها، ورفع الوعي الاشتراكي في صفوفها، دون التردد في استعمال البرلمانات البرجوازية لهذا الغرض، ودون إغفال للاتحادات الشبابية حيث سعى الخط البروليتاري لتكثيف أنشطته في صفوف الاتحادات المؤثرة، كاتحاد الطلاب، واتحاد الشبيبة الاشتراكية والشيوعية، وحركة المعطلين، واتحاد المرأة العاملة، واتحادات الفلاحين..الخ
لم يتردد حينها زعيم البلاشفة والحركة الاشتراكية الأممية عامة، عن توجيه رسائله للشباب الاشتراكي المناضل، من أجل تقوية الاتحاد الطلابي، وتقوية النواة الاشتراكية في صفوفه، ودعم التنظيم، ونصرة الطبقة العاملة، دون التهاون أو الإغفال للمطالب المادية والمعنوية للطلبة ولنضالاتهم من أجل تعليم ديمقراطي، ومن أجل جامعة دميقراطية وشعبية، وهو عكس ما نراه ونلمسه في الساحة الطلابية المغربية، حيث لم تتوانى العناصر القيادية عن الخلط بشكل فج وبئيس، بين مهامها كحركة ديمقراطية تناضل بالأساس من أجل جامعة ديمقراطية، ومن أجل تعليم شعبي يهم مختلف الطبقات الشعبية والفقيرة والمحرومة، وبين مهام الحركة الثورية والراديكالية.. الشيء الذي تتمادى في إغفاله هذه الاتجاهات اليسراوية والرفضوية، من خلال ممارساتها الغريبة جدا عن التقاليد الماركسية واللينينية، والتي لم تعد تميّز بين الصراع الفكري والسياسي اللازم، داخل الأوساط الطلابية، وبين الإقصاء، والإبادة الدموية التي تمارسها بعض القيادات في حق عموم المكونات الديمقراطية والتقدمية، الطلابية.. تحت مبرر انحرافها عن خط الثورة القويم أو تحريفيتها، وتزويرها للنصوص والمواقف الماركسية واللينينية.!
إنه هراء وليس إلا، انزلاق، وسخافة نظرية وسياسية لا تقيم أي اعتبار لطبيعة الحركة الطلابية، ولطبيعة مهامها، وللإطار المنظم لنضالاتها، والذي من المفروض أن يستوعب كافة الفصائل والمكونات والفعاليات التقدمية والديمقراطية، الإصلاحية والثورية، وينظم الصراع الديمقراطي في ما بينها على قاعدة وحدة ـ نقد ـ وحدة، واستنادا على القانون الأساسي للاتحاد ولمبادئه الأربعة التقدمية والديمقراطية والجماهيرية والاستقلالية.
فلا مكان لمن يحارب النقابات والعمل النقابي باعتباره عملا مخزيا، إصلاحيا، لا يليق بالمناضلين الثوريين، وبمهامهم، التي يتصدرها العنف، والكفاح المسلح، وحرب الشعب الطويلة الأمد..الخ لا مكان لمثل هؤلاء وسط الحركة الاشتراكية المناضلة، الواعية كل الوعي بأن تطور الطبقة العاملة لا يمكن انتظاره أبدا من خارج النقابات، لأن النقابة مرتكز عمالي أصيل، وهي التي تعلم وتدرب باستمرار العمال والعاملات على التنظيم، وعلى الانضباط، وعلى التنوع، وعلى الديمقراطية، وعلى الصراع، وعلى المطالبة بالحقوق.. وتعمل على تطوير الوعي العمالي، والانتقال من المطالبة بالحقوق المادية البسيطة إلى المطالبة بتعديل القوانين، ونقص ساعات العمل والزيادة في الأجور.. لأن النقابة والعمل النقابي هي من تدفع بالعمال والعاملات إلى ضرورة توفرهم على حزبهم السياسي المستقل، والواعي كل الوعي بمهامه داخل المجتمع، وبنظرية التغيير، وبمسلسل التغيير في مجمله، وبالموقع الطليعي الذي يجب أن تحتله الطبقة العاملة وحزبها خلال عملية التغيير ذاتها.. لقد كانت النقابات ومنذ تأسيسها، وعن حق، مدرسة للشيوعية، وستبقى كذلك إلى ما بعد فترة الحرية والتحرر. إن رفض العمل في النقابات العمالية، يعني بوضوح ترك جماهير العمال المتخلفة والناقصة التطور، تحت نفوذ الزعماء الرجعيين وعملاء البرجوازية والأرستقراطية العمالية.."
على هذا الأساس وأخذا بعين الاعتبار لهذه الملاحظات والتوجيهات، فإن نشاطنا الآن كحركة اشتراكية مناضلة، لا بد وأن ينصب في هذا الاتجاه، أي في اتجاه التعبئة، والتطوير، والتنظيم للحركة العمالية، والإسراع ببناء حزبها المستقل، ذلك الشرط الذي لا بد منه لنجاح، ولإنجاح ثورتنا الاشتراكية المنشودة.. فهو القادر على تحويل جميع المحاولات الاحتجاجية البسيطة والعفوية إلى نضال أرقى وأكثر تنظيم وتصميم، يرمي إلى الإطاحة بالرأسمالية، والقضاء على نظامها البرجوازي، الغارق في الاستبداد والنهب والاستغلال والقمع والحرمان.. على اعتبار أن هذا الطريق هو السبيل الوحيد لتحرر عموم الكادحين المحرومين، وعموم الشغيلة المضطهدين.. وعلى اعتبار أن العامل البروليتاري منتج فائض القيمة وعماد الإنتاج الرأسمالي كلـّه، هو الممثل الوحيد لكل الكادحين، وهو القائد، حامل الراية، المؤهل للدفاع عن عموم الفقراء والمستغلين والمحرومين والمضطهدين والمهمشين..الخ
فعدا هذا الالتزام الماركسي، واللينيني الصريح.. في مقابل شتى الانزلاقات والمغامراتية والفوضوية الفجـّة، يحب مرة أخرى تعميق النقاش الديمقراطي والرفاقي الهادئ حول المنحى السديد والناجع، الذي يتوجب علينا سلكه، بارتباط مع كل ما يتطلبه من آليات ضرورية لهذا النضال نفسه، وفي مقدمتها الحزب والنقابة والجمعيات والاتحادات..الخ
فوجود العمال الذين نعنيهم، ونسعى دائما للارتباط بهم، وتعبئتهم، ورفع وعيهم من أجل الخوض والمطالبة بحقوقهم الآنية، ولإصلاح أوضاعهم، والدفاع عن مطالبهم الإستراتيجية لتغيير واقع حالهم بشكل جذري ونهائي.. مرتبط بشكل ديالكتيكي بوجود النظام الرأسمالي نفسه، والقائم على الاستغلال والتربح والقمع والاستغلال..الخ فما عاش الرأسمال وانتشى، ولو للحظة، إلا بفضل عرق العمال وكدّهم.. فإما أن يربح ويكوّم الأرباح جريا وراء المزيد كالمجنون، وإمّا ستلتهمه طاحونة المنافسة بلا رحمة، لترمي به لمزبلة الإفلاس والاختفاء.. هكذا هو قانون الصراع، وهو شبيه لحدّ كبير بقانون الغاب أو المفرمة.
فالإضراب وفق هذا التحليل، ووفق هذا التقدير لدور الطبقة العاملة في الصراع، وفي النضال من أجل التغيير، وفي موقعها داخل هذا الصراع، نفسه.. كان وما زال شكلا من أشكال المقاومة الحاسمة واللصيقة بالنظام الرأسمالي، بل هو منتوجها الطبيعي والأصيل.. إنها مقاومة جماعية واعية ومنظمة، تستفرد بها الطبقة العاملة لوحدها، حيث يجب تناول المشعل ودعوة جميع مناضلي الحركة الاشتراكية للانخراط بقوة في معمعانها، بدل الفرجة أو التعليق السخيف، عليها، ولو بالإعجاب.!
فمن خلال المعطيات التي يتوفر عليها الجميع، المناضلون والمتتبعون، فلا أحد ينكر حقيقة التحاق العديد من الطلبة الجامعيين من قدماء المناضلين، بالمناطق الصناعية كعمال وكمستخدمين، ولا أحد يمكنه أن ينكر توفرهم على خبرة نضالية لا بأس بها، سحبوها معهم من فترة الدراسة الجامعية، حيث تربت وسطهم جل القيادات الخطيبة، والمفوّهة.. والتي صاحبتها عملية فرز مستمرة ووفيرة، لأنضج الدعاة وأقوى المحرضين، وأذكى المنظمين والمستقطبين.. وهو الشيء الذي لم نره لحدّ الآن ينعكس على حال الطبقة العاملة، أو على حركية الطبقة العاملة داخل هذه المنشئات التي تعتمد هذا النوع من العمال ـ رونو، يازاكي، دلفي، فولسفاكن..الخ ـ بحيث لا ينعكس هذا الرصيد النضالي على نضالات العمال والعاملات داخل هذه المؤسسات، وهو الشيء الذي يدعو لتطوير التواصل مع العمال داخل هذه المؤسسات، وتحفيزهم على التنظيم، وتنسيق الجهود، وخوض المعارك، على النموذج الذي انخرطت فيه عاملات وعمال شركة دلفي بطنجة وبالقنيطرة.. إذ لا يمكن أن يتقدم النضال وتطور الحركة الاشتراكية في خضـّمه، وتجني ثماره في هذه اللحظة التاريخية بالذات، إلا بالمزيد من الاهتمام بالطبقة العاملة، وبنضالاتها، وبمشاكلها النظرية والسياسية والتنظيمية.
فعن طريق الإضراب والإضرابات، يتقوى ارتباط العمال بالاشتراكيين وبالاشتراكية نفسها، كمشروع وكمستقبل، ويبدأ إجهاد النفس من أجل فهمها واستيعابها كنظرية، ومن أجل المزيد من تقديرها كمرحلة تاريخية لا بد منها، لأجل القضاء النهائي على الرأسمالية، وعلى أي شكل من أشكال الاستعباد والاستغلال والاضطهاد والتمييز الطبقي.
فالإضرابات هي التي تعلم العمال والعاملات أين تكمن قوة أرباب العمل وقوة ارتباطاتهم بجهاز الدولة والبوليس والقضاء، هي القادرة لوحدها على تفسير هذه العلاقة.. وفي مقابل قوة العمال، واتحادهم النقابي، وكل الحركة الاشتراكية التي تدعمهم وتساندهم، تتطور الأمور والصراع، وتبرز المصالح التي لا يعلو صوت فوق صوتها، ليتمتن تضامن الرأسماليين جميعهم في وجه العمال والحركة العمالية ككل.. الطبقة البرجوازية، في مقابل الطبقة العاملة وحلفائها الكادحين، حيث لا مفر من هذه النهاية التناحرية والعنيفة.. فهي نهاية حتمية، ولن تكون بداية أو مدخلا للصراع.
فأهمية الإضرابات أنها تطور النضال العمالي والشعبي، بحيث أنها تحفز على الانخراط في الاحتجاجات، وتقوي الحملات التضامنية، وحملات الدعم المادي والمعنوي، وتجلب أحسن العناصر، وأكثرها دربة، للمقاومة الشعبية، وتحقق العديد من المطالب والمكاسب المادية والمعنوية.. لكنها لا تقضي، ولن تقضي على الرأسمالية، إلاّ إذا نظمت الطبقة العاملة صفوفها في حزب اشتراكي ثوري، يوحد صفوفها، ويقود نضالاتها في جميع المجالات، وفي جميع الاحتجاجات الشعبية أو العمالية الخالصة، حيث يصبح الإضراب مجرد وسيلة ضمن وسائل أخرى، مساعدة لتحرر الطبقة العاملة، وتحرر الشعب الكادح والمحروم، بأكمله.
فلا مناص من هذا الوضوح، وهذا التوضيح، أمام هذه المسؤولية التي لا ينبغي التأخر عنها.. حيث المطلوب من جميع المناضلين السابقين في صفوف الحركة الطلابية، وفي صفوف حركة المعطلين، والحركة الشبيبية اليسارية، بأن يدركوا أوضاعهم الجديدة، وأن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية في وجه هذه المهام، التي تتطلب منهم ضمان الاستمرارية في النضال بطرق أخرى، وبوسائل أخرى، وهي الأكثر نجاعة.. فزمن النضال والرفاق لم ينتهي بعد وهو على العكس ما زال في بدايته، والمسؤولية بالتالي، على عاتقكم، تتطلب مساهمتكم، اعتمادا على رصيدكم وخبرتكم، لكي تنال الطبقة العاملة وعموم الكادحين المغاربة، حريتها وحريتهم.
على هذا الأساس يجب النظر إلى مهام الاشتراكيين المغاربة، في إطار من الشمولية، باعتبارها مهام نظرية وسياسية وتنظيمية في نفس الآن.. عسيرة ومعقدة بدون شك، تتطلب الصمود والإصرار والوعي، حيث ثقل المهام وصعوبتها، والتي يمكن أن تدفع بالبعض لليأس، بسبب من العياء وطول الانتظار، الذي يمكن أن يؤدي للتخلي النهائي، إذا لم تحصل الكارثة ويتم الانتقال لصفوف العدو الطبقي، كما هو الحال بالنسبة لعدد هائل من الوصوليين والانتهازيين والمهزومين من المعطلين، الذي عززوا صفوف "الأمن الخاص" ومكسرين للإضرابات، وفي صفوف الأجهزة البوليسية والاستخباراتية، وكذا الهيئات السياسية المشبوهة، التي أنشأت خصيصا لهذا الغرض، غرض التشويش، والتشويه لمصداقية اليسار، ولنضاله وصموده ومبدئيته ـ نموذج البام مثلا ـ
فالرنين الذي حملته معها بعض الشعارات داخل الساحة الجامعية عن الكفاح المسلح، وعن حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد، وعن دور هذا الشكل في تحرير الشعب والجماهير الشعبية.. لا يمكن أن يدفع بنا للتخلي عن المعركة التحررية بشكل نهائي، فالخطأ في تقديرنا ليس في الشعار في حد ذاته، حيث لا يمكننا الرفض بطريقة مطلقة لهذا الأسلوب الحاسم، والضروري، والحتمي خلال المعركة الطبقية الحاسمة، وخلال عملية الاستيلاء على المعامل والمصانع والشركات، واحتلال الشوارع والمناجم والضيعات..الخ فالعملية لا بد وأن يسبقها عمل مضني، ومسترسل في شتى الميادين، أي في الميادين الفكرية والسياسية والتنظيمية.. إذ لا بد وأن تتوفر الحركة الاشتراكية على نقابة قوية، وعلى جمعيات، ونوادي متنوعة.. ولا بد للحركة أن تتوفر على الحزب، كشرط لا بد منه لتطوير النضال، ولانجاح عملية التغيير.
إنها الحرب الطبقية الأكيدة، التي لن تنجح ولن تصل لمبتغاها التحرري سوى بوجود الحزب الطبقي البروليتاري، القادر على قيادة هذه الحرب حتى نهايتها، بثورة مظفرة تقضي نهائيا على الرأسمالية، وعلى الاستبداد، والاستعباد، والتمييز الطبقي والجنسي والعرقي والقومي..الخ

وديع السرغيني
غشت 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين