الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحَسمُ مطلوبٌ

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2018 / 9 / 4
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


أزفّت الساعة وآن وقت الجلسة الأولى لمجلس النواب ، وإمتلأت القاعة بالحضور بالفائزين في الإنتخابات ، والضيوف الرسميين وممثلي السفارات والمنظمات الدولية ، وألقيت خطابات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب السابق ، ثم إنتقل الفائزون في الإنتخابات إلى القاعة الرئيسية لمجلس النوّاب للمباشرة بالأعمال البروتوكولية : فترأس الجلسة أكبر الفائزين سناً ، وأقسم الحضور اليمين الدستورية ليصبحوا نواباً .

أوّل واجبات رئيس الجلسة هو فتح باب الترشيح لمنصب رئيس مجلس النوّاب ونائبيه ، وقد تقدّم خمسة نواب بطلب الترشح ، ثم تبعهم سادس ، وبينما كان النصاب لا زال قائماً ، وبدل أن يدعو رئيس الجلسة إلى التصويت لمنصب رئيس مجلس النواب ، إنحشر ظرف البحث على متاهة ، كان المفروض أن يُحسب لها الحساب مسبقاً ، متاهة " الكتلة الأكبر " في مجلس النواب . لقد إدعت كتلة نيابية ، بإعتبارها الكتلة الأكبر ، سمّت نفسها " تحالف الإصلاح والإعمار " المتكوّنة من أكثر من إثنتين وعشرين كتلة بأن لها أكثر من 180 نائباً ، وقدّمت قائمة إلى رئاسة المجلس بأسماء تلك الكتل مع عد النواب المنضوين فيها وتوقيع رئيس الكتلة ، بينما إدعت كتلة نيابية أخرى كونها هي التي تُعتبر الكتلة الأكبر ، وسمّت نفسها " كتلة البناء " ومتكوّنة من 145 نائباً ، وقدّمت إلى رئاسة المجلس قائمة بأسماء وتواقيع جميع النواب المنضوين فيها فراداً . ثم بعد ذلك إدعت الكتلة الأولى أنها أصبحت تحوي 184 نائباً بينما الثانية أصبحت تدّعي أنها أصبحت تحوي على 153 نائباً ، كل هذا والطرفان لا يُدخلان في حساباتهما أعداد النواب الكرد الذين لا زالوا لم يقرروا موقفهم في الإنتماء إلى أيٍّ من المحورين ، و لا مجموعات أخرى من كتلة الحوار الوطني .

المتاهة التي دخل فيها مجلس النواب ، أو بكلمة أخرى السّويرة ، التي لفّت مجريات جريان العمل في المجلس ، هي أن كتلة الإصلاح والإعمار قد قدّمت إلى رئاسة المجلس قائمة بأسماء الكتل وعدد النواب مع توقيع رئيس الكتلة فقط ، متّبعة سياقات ما حدث في الجلسات السابقة لمجلس النواب ، بينما قدمت كتلة البناء تواقيع النواب فرداً فرداً . ولقد كانت هناك فرصة للكتلة الأولى للتدارك وسد هذا النقص ، ولكنها ، و لا أدري ما الذي كان في أذهان قادتها ، أغفلت ذلك . إن صاحب الدار الذي يعرف أن داره مهددة من اللصوص ، لا يترك باباً مفتوحة . هذه المتاهة فتحت باباً لعرض موضوع حلّها إلى المحكمة الإتحادية العليا ، التي وإن كنا حسني الظن بها ، إلاّ أن ذلك لا يمنع الشك إحتمال أن يكون قرارها على الضد من ما ذهب إليه حسنو النيّة .

عملية حسابية بسيطة بتجميع عدد النواب المفروض أنهم منضوون في كتلة الإصلاح والإعمار ( 184 نائباً ) مع عدد النواب المنضوين في كتلة البناء ( 153 ) ، وعدم إعتبار عدد النواب الكرد وبعض نواب الحوار الوطني الذين يزيد عددهم على ستين نائباً ، فإن المجموع يكون 337 نائباً ! بينما عدد أعضاء مجلس النواب 329 نائباً فقط ، ومن هنا يتبيّن عدم صحّة الأرقام المذكورة في إدعاءات كلا الكتلتين ، ولكن إذا كنا قد لاحظنا القائمة المقدّمة من كتلة البناء تحمل تواقيع النوّاب فرداً فرداً ، فذلك يوحي بصحتها بحدود الأسماء ال 145 المقدّمة أولاً ، إذا ما تحققنا أنها لا تنظوي على أسماء نواب من كتل أخرى . بينما تظل القائمة المقدّمة من قبل كتلة الإصلاح والإعمار مشكوك فيها لسببين : أولهما عدم معرفة أسماء النواب المنضوين تحت كل كيان من الكيانات ، وبالتالي عدم التأكد من رصانة الكيانات وعدم تعرضها للتفكك وذهاب بعض النواب إلى كيان آخر ، وثانيهما أن كتلة الإصلاح والإعمار إن كانت فعلاً تحتوي على 184 نائباً فقد كان الأجدر بها أن تبقى تحت قبة البرلمان وتحافظ على إكتمال النصاب وإختيار رئيس مجلس النواب ونائبيه ، وأنا لا أعتقد التحجج بعدم وجود الكرد كافياً للإمتناع عن القيام بالواجبات التي تمليها المسؤولية الوطنية على النواب الذين يدعون أنهم المعوّل عليهم لبناء العراق الجديد . ثم أن التسيّب وعدم إحترام الوقت وإستثماره ، يتيح للأطراف الأخرى فرص العمل " لشراء الأصوات " من جهة وحرف المسيرة عن توجهها .

صورة العراق الراهنة تبيّن بوضوح أنه ذاهبٌ إلى هاوية بسبب صراع بين محورين ، معالم كل محور منهما معلومة وواضحة ، واحدة تجدّ إلى أمام والثانية تسوق للوراء ، وهناك قادة الكرد و" الحوار الوطني " يتفرجون ، ويصرّحون أنهم يقفون بمسافة واحدة من المحورين المتطاحنين ، وأنهم سيميلون إلى الجهة الغالبة منهما . إنها ، لعمري ، سياسة إنتهازية ، لا يجنون منها غير الإحتقار سواء من الجهة التي يتركونها أم الجهة التي يميلون إليها ، و لا من أبناء الشعب عامة . إنها سياسة معيبة ، فعليهم الكف والرجوع عنها ، ما داموا و لا زالوا محترمين ، ولهم مكانة في ضمير الشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024