الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلفيقات وحقائق عن اللواء صلاح جديد

محمود جديد

2018 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


- استكمالاً لإلقاء الضوء حول تاريخ المرحوم صلاح جديد بمناسبة مرور ربع قرن على الذكرى المؤلمة لرحيله مسموماً في سجون المرتدين والطغاة في 19 / 8 / 1993 نتابع توضيح الحقائق عنه، ودحض الأكاذيب والتلفيقات حوله ، والتي تزدهر عادةً في المنعطفات الهامة من تاريخ سورية من قِبل أقلام جاهلة ، أو حاقدة وموتورة ، أو طائفية كريهة ، أو مرتدة عن حزبها وتاريخها وفكرها ، أو أقلام مأجورة مستعدة للكتابة في كل مجال يُطلب منها ....الخ
إن تهمة الطائفية هي الأكثر رواجاً لحساسية هذا الموضوع ، وسهولة تسويقه في هذا الزمن الرديء، وعادة مايلجأ مستخدمو هذا السلاح الى الإنشاء السياسي لجهلهم ، أو لعدم وجود المعلومة الحقيقية التي يُعتدّ بها، كما أن بعضهم يلجأ أحياناً لسوق اتهامات الآخرين على ألسنتهم، بشكل يوحي بصحتها، وهو يعلم يقيناً بطلانها وزيفها، ولكنه يعجز عن النطق بها، ويتهرب من تحمل مسؤولية توجيهها .. ولكنّ الملاحظ أنّ موضوع اللجنة العسكرية الذي تحدثت عنه سابقاً ، واستدعاء ضباط احتياط بعد قيام الثامن من آذار / 1963هو الموضوع الأكثر رواجاً الذي يطرقه هؤلاء الملفّقون منطلقين من تفسيراتهم الذاتية ، وقد تجد بعضهم جاهلاً بالأمور العسكرية ولم يمضِ يوماً واحداً في حياته داخل الجيش ، وبعضهم سخّر قلمه بهذا المجال ويعترف "بعدم توفّر وثائق مؤكّدة تدعم أي تحليل واقعي ، وهي غير موجودة تماماً ، أي بشكل توثيقي سوى بعض المظاهر والاستدلالات . "
وحول هذه المسألة نوضّح مايلي :
- كان المرحوم صلاح عضواً في مجلس قيادة الثورة ، واللجنة العسكرية ، وعمل نائباً لإدارة شؤون الضبّاط ثمّ مديراً لها لوقت قصير ، ولاحقاً رئيس أركان الجيش لأشهر قليلة، وقد تخلّى عن هذا المنصب طواعية ليتفرّغ لبناء الحزب ، وهذا قلّما يحدث في بلدان العالم الثالث ، لأنّه لم يكُ من اللاهثين وراء التمسّك بالسلطة أو بمنصب عسكري هام ، بل كان يمتلك مشروعاً وطنيّاً قوميّاً تقدّمياً يسارياً حقيقياً، وهذا المشروع يحتاج إلى حزب موّهل لتحمّل هذه المسؤولية الجسيمة ، ولم يكن حزب البعث آنذاك بالمواصفات المطلوبة نتيجة حلّه أيّام الوحدة وتمزّقه ، والخلل في بنيته التنظيمية من الأساس ، فلذلك تفرًّغ للعمل الحزبي كأمين قطري مساعد بهدف السعي الجاد لبناء الأداة الحزبية الثورية المنشودة ...
ومن خلال المناصب التي عمل بها لم تسمح له أخلاقه ومبادئه تجاوز غيره في أي قرار سياسي ، أو حزبي، أو عسكري ، لأنّه كان يؤمن إيماناً قاطعاً بالقيادة الجماعية ، وبالتالي لم ينفرد في يوم من الأيّام بقرار الترشيحات للاستدعاء إلى الاحتياط ، أو التسريحات التي تمّت ، ولم يكن يمتلك صلاحية ذلك لوحده، بل كان يشاركه في ذلك رفاقه العسكريون على الخصوص داخل اللجنة العسكرية وخارجها ، وكذلك لجنة شؤون الضباط ، والضباط القادة والمسؤولون الذين يحتلون مناصب عليا لها علاقة بموضوع التسريح أو الاستدعاء إلى الخدمة مثل المخابرات العسكرية ورئاسة الأركان وقيادة الجيش ورئاسة الدولة .. وعقب سقوط حكم الانفصال كان الفريق لؤي الأتاسي هو رئيس مجلس قيادة الثورة والجيش والدولة ، وخلفه الفريق أمين الحافظ ، وكان اللواء زياد الحريري رئيس الأركان ، وهؤلاء الثلاثة جميعاً شاركوا في اتخاذ القرارات بالتسريح والاستدعاء ، وصدرت النشرات العسكرية بأسمائهم ، وهي موثّقة في الأرشيف العسكري ... وهاهو الأستاذ اللواء غسان حدّاد الذي كان رئيس المرحوم صلاح في إدارة شؤون الضباط يروي لنا كيف كانت تتمّ آلية العمل في هذا المجال ( وهو حيّ يُرزق أمدٌ الله بعمره ) ومشهود له بالوطنية والنزاهة والصدق ، حيث يقول في معرض جوابه لسؤال من موقع الحوار الديمقراطي :
" الحوار الديمقراطي" : السيّد الأستاذ اللواء : عندما كنتٓ مديراً لإدارة شؤون الضباط ، وكان المرحوم صلاح جديد برتبة مقدم ونائباً لك، والمقدم رمزي الأوربلي معاوناً لمدير الإدارة ، كيف كانت آلية تحركات الضباط من ترفيع أو نقل أو استدعاء الضباط الاحتياط إلى الجيش أو إحالتهم إلى التقاعد ...الى غير ذلك ؟ هل كانت إدارة شؤون الضباط تملك الصلاحيات العسكرية لاستدعاء ضباط احتياط بمفردها ؟ أم أنّها بحاجة إلى موافقة أو قرار الجهات العسكرية العليا ؟
الأستاذ اللواء غسان حداد :بعد نجاح حركة الثامن من آذار وتشكيل مجلس قيادة الثورة ، والقيادة العامة الجديدة للجيش والقوات المسلحة ، قامت القيادة بتشكيل عدد من اللجان التي أنيط بها مهام شؤون الضباط ، فكانت هناك لجنة للترقيات وأخرى للتنقلات وثالثة للاستدعاء ورابعة للإحالة على التقاعد ...الخ .وقد قامت هذه اللجان بمهامها وفق توجيهات القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة ، وتسليم محاضرها أولاً بأول إلى المقدم رمزي الأوربلي معاون مدير الإدارة ، المخّول بتنسيقها وتقديمها الى الفريق الركن لؤي الاتاسي القائد العام للقوات المسلحة لاتخاذ القرار المناسب بشأنها ، بعد التداول مع المختصين حسب أهمية الموضوع . وقد استمرت هذه الصيغة في حدود علمي حتى استقالة الفريق الأتاسي من منصبه ، علماً بأن فترة إدارتي لمديرية شؤون الضباط استمرت شهرين ،حيث قدمت استقالتي عند استلامي وزارة التخطيط في 12 أيار 1963 .كما أن المرحوم صلاح جديد تولاها لبضعة أشهر فقط ، انتهت عندما تسلم رئاسة الأركان العامة .."
إضافة إلى أهميّة ماذُكِر ، فإنّي أرغب بأن أكون شفّافاً ولا أخفي شيئاً أعرفه ، فإنّ حزب البعث قرّر تعويض الضباط المسرّحين وتعبئة النقص في الوحدات العسكرية بضباط احتياط حزبيين سابقين من جميع محافظات القطر ، وتناسبٓ العدد طرداً مع الوجود الحزبي في تلك المحافظات آنذاك والنقص في الجيش ، وشارك رفاقنا العسكريون خارج اللجنة العسكرية وداخلها ( وكان عددها آنذاك 15 ضابطاً ) بفعاليّة في ترشيحهم ، كما ساهم الرفاق المدنيون أيضاً في هذا المجال، .. وهنا أودّ التوضيح أنّ جميع هؤلاء المرشّحين كانوا قد تخرّجوا من كليّة ضبّاط الاحتياط ، وبعضم كان معبّأً في وحدات عسكرية احتياطية ، كما أعيد تأهيلهم في دورات عسكرية خاصة لاحقاً ، وليسوا مدنييّن كما يحاول البعض إبرازهم ، وقد تعرّفت على بعض منهم في الكتيبة التي خدمت فيها في معسكرات قطنا في عام 1963 ، والذين كانوا من مختلف الطوائف والمناطق ، ولا أزال أتذكّر أسماء البعض ، منهم : عطيّة سرحان من درعا ، وقاسم القاضي من بلدة الضمير (ريف دمشق ) ، وأحمد عقيل من يبرود ، وجودت بطرس سلّوم ( من ريف حماه ) ، ومجيد نيّوف من (ريف بانياس الساحل ) .. وكانوا ضبّاطاً جيّدين وليسوا أقلّ كفاءة من العاملين .. وما كان الوضع في كتيبتي إلّا نموذجاً لبقية الكتائب في الجيش مع اختلافات طفيفة ..
وأستطيع الجزم بأنّ المرحوم صلاح لم يقترح أحداً من تلقاء نفسه ، بل اعتمد على ترشيحات رفاقه العسكريين من كافّة محافظات القطر ، وكذلك على ترشيحات فروع الحزب في المحافظات ، وهذه الترشيحات تخضع لموافقة الأجهزة الأمنية المختصة.. ووقتها كان الحماس الحزبي والوطني طاغياً على الجميع ، وليس للحسابات الطائفية الكريهة .. وهاهو الرفيق العزيز مروان حبش الذي عايش تلك الفترة يدلي بشهادته بالحرف الواحد حول الموضوع وبشكل موثّق بالأسماء عن الموضوع :
" من خلال الدور الرئيس للضباط البعثيين في انقلاب 8 / 3 / 1963 كان متاحاً للحزب بدعوة بعض أعضائه ومؤيديه ممن كانوا قد أدّوا خدمة العلم برتبة مرشح، وهؤلاء يرتقون إلى رتبة ملازم مع انتهاء فترة خدمتهم الإلزامية ويحصلون وهم مدنيون على ترفيعات مستمرة وفقاً لقانون الجيش.
وبغية تعزيز قوة الحزب في القوات المسلحة وقوات الشرطة المدنية، كلفت القيادة القومية أحد أعضائها وهو الرفيق حمدي عبد المجيد بالتنسيق مع الرفاق العسكريين لإنجاز هذا الهدف، وعلى إثره طُلب من منظمات الحزب في القطر ترشيح أسماء الرفاق والأصدقاء ليصار إلى دعوتهم، وكانت قوائم الأسماء ترسل للرفيق عضو القيادة القومية حمدي عبد المجيد وهو يحيلها للرفاق المسؤولين في قيادة الجيش.
رشحت قيادة الشعبة ، (كانت منطقة القنيطرة تابعة لمحافظة دمشق)، وعلى مراحل، حوالي 20 اسماً تتراوح رتبهم بين النقيب والملازم، وتمت دعوتهم جميعاً.
النقباء: محمد وحيد عرقاوي (بانياس)- دعاس الأحمد(جبا)الملازم أول: نشأت حبش-جلال مرهج- جمال زغلول- طه قاسم طه- يوسف أبو سمرة- موسى جبارة-(من قريتي جباتا الزيت)- أسعد حمود الصفدي- مجيد أبو صالح (مجدل شمس)- محمد تيسير الفرا- محمود شنرو(القنيطرة)- نصر الدين حسين- يونس حسين(عين فيت)- عزالدين عبد الغني(العدنانية)- خالد عرقاوي(بانياس ).
ملازم ثاني: أسعد بدران(جباتا الزيت)- جميل بدر(زعورة).
ومنعاً لأي لبس وسوء تقدير، أرى ضرورة توضيح أن المدعوين كالتالي: 11 من المذهب السني- 2 من الديانة المسيحية- 2 من المذهب العلوي- 1 من المذهب المرشدي- 2 من المذهب الدرزي- ومنهم 1 داغستاني وواحد شركسي.
بعد أحداث 18 تموز 1963 بفترة وجيزة شكلت قيادة الجيش لجنة لفحص هؤلاء الضباط ، وغيرهم من المدعوين للخدمة الاحتياطية ، وتم تثبيت من نجح منهم بالفحص الطبي واللياقة العسكرية وعددهم حوالي 132 ضابطاً ، وإعادة من لم ينجح إلى وظيفته السابقة، وأحيل غير الموظفين إلى وظائف مدنية.
كما التحق المثبتون، حسب رتبهم وقدمهم ،بدورات أمر سرية، وغيرها من دورات التأهيل العسكري حسب اختصاصهم، ولا يخفى أن غالبية هؤلاء الضباط كانوا في الصفوف المتقدمة بالتعليم الجامعي ومنهم من كان خريجاً,ولا بد أن أذكّر بأن قيادة شعبة القنيطرة قد وافقت على تثبيت ثلاثة ممّن كانوا يخدمون في الجيش كضباط احتياط من الإثنية الشركسية. "
ولكن لا يعني هذا عدم تسلّل عدد قليل من الاحتياطيين عن طريق العلاقات الشخصية خارج الأسس الحزبية المعتمدة، ولم تقتصر على طائفة بعينها ، وعلى كلّ حال ، فقد كانت رتب جميع المدعوين ملازماً ، ملازماً أوّل ، وعدداً قليلاً من النقباء ، ولم يساهم أيّ منهم بدور بارز مؤثّر في مجرى الحياة السياسية ..
وأخيراً ، أستطيع الجزم بأنّ التعاطف المتصاعد مؤخّراً مع صلاح جديد وإنصافه والملموس على صفحتي وغيرها ، وبروز أقلام نظيفة تمتلك ضميراً حيّاً تعترف بمناقبه ووطنيته وإخلاصه لحزبه وأمته شكّلت عاملاً رئيسيّاً لزيادة جرعة الحقد في صدور البعض ، وجعلهم ينفثون سمومهم ، ويلجؤون إلى المساهمة القذرة بتشويه سمعة الشهيد صلاح جديد .. ونحن نمتلك الكثير من المعلومات الصحيحة عن مسيرة بعضهم والموثّقة لدينا ، وقد نضطّر لفضحهم إذا لزم الأمر وتفنيد مغالطاتهم وأكاذيبهم سطراً سطراً ...،
وبورك بالأخ العزيز الذي علّق على كتابات بعضهم ووصفهم "بنفايات البعث " ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس