الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نظرة على لوحة جوديث تقطع راس هولوفيرنس للفنان الايطالي كارفاجيو، رسمت عام 1598
الاء السعودي
2018 / 9 / 16الادب والفن
يعتبر كارفاجيو او ميكيلانجلو ميريزي (يختلف عن النحات الشهير ميكيلانجيلو بوناروتي)، اشهر رسّام إيطالي في عصره!! والذي كان ايضا مصابا بالانفصام، حيث انه كان يفكر بطريقتين مختلفتين يدمجهما أثناء رسمه!! كما ان موهبته في الرسم والنحت ولدت معه، وتم رعايتها تحت أحضان الكنيسة ليخلف المعلم الأول ميكيلانجيلو بوناروتي!! وعلى الجهة الأخرى، بعيداً عن أحضان الكنيسة، كان كارافاجيو، أشهر فنان في روما!! يبهر ويخلق مشاهد في لوحاته لم يرى لها مثيل!! ووصفها المؤرخ الفني "سايمون شاما" بدراما الشوارع!! ولكنها بعد موته بقيت حية لتشهد على ابداع فنان يصنف ضمن الاكثر تأثيرا في مجال الفن والذي اصبح له تيار فني يحمل اسمه ضمن المدارس الفنية بأوروبا..
هنا لدينا لوحته "جوديث تقطع رأس هولوفيرنس"، طبعا اللوحة هي من ضمن لوحات كثيرة تجسد الحدث ذاته والقسوة ذاتها، اي ان كارفاجيو لم يكن الوحيد الذي يجسد قصة جوديث وقطعها لرأس القائد هولوفيرنس، ولكنه ربما يكن الابرز، واللوحة كما هي كثير من لوحاته، غالبا ما تصنف ضمن الأعنف والاقصى في تاريخ الفن!! فلا أظن ان هنالك مشهد اكثر سادية ويحمل كل معاني القسوة المفرطة من مشهد انسان يقطع راس انسان اخر مهما كانت جريمته!! ما بالك اذا كان من يقوم بالفعل وقطع الراس هو امرأة؟! ذلك المخلوق الذي لطالما تغنى الشعراء والاُدباء برقته ولينه، بحنانه ولطفه، بنعومته وضعفه!! لذلك، يستكثر ان ترتكب امرأة عملا يتسم بالعنف والوحشية، بصرف النظر عن مدى عدالة أو منطقية الأسباب وما يُساق لها أحيانا من مبرّرات ودوافع وطنية أو دينية!!
اللوحة هنا تمثل حدثا من احد اسفار العهد القديم وهو سفر "جوديث"، وهي امرأة ارملة يهودية شابة قتل زوجها في احدى المعارك، وهي نموذج للمرأة الصلبة والمتزمتة التي تقتل العدو وتقضي على الخصم ليحيا شعبها وتنقذ بني إسرائيل!! وسلاحها في ذلك جمالها وسحرها الفاتن وجاذبيتها الملفتة!! والقصّة تعود إلى حوالي منتصف القرن الثاني قبل الميلاد، وقد ورد ذكرها في الإنجيل ايضا!! حيث تذكر أن الملك البابلي نبوخذ نصّر أرسل قائد جيشه هولوفيرنس على رأس كتيبة ضخمة لتهديد شعوب البلاد المجاورة التي لم تساند وتؤيد حكمه!! وقد فرض هولوفيرنس خلال تلك الحملة حصارا على أهالي مدينة تسمّى بيتوليا، التي تنتمي اليها جوديث، التي اشتهرت بحنكتها وذكاءها و بالطبع.. جمالها!! فتسلحت به، واغوت هولوفيرنس، وفِي احدى المرات، استدعاها الى خيمته، وقد جعلته يسرف في الشرب، فاستغلت ذلك للوصول لغايتها وأنهت الحصار المفروض على قومها!! وجوديث هي ليست المرأة الوحيدة في التاريخ التي تستخدم جمالها وجاذبيتها في إغواء وسحر قادة الجيوش والإيقاع بهم في فخهن في سبيل نصرة شعوبهن وقد استعين بثلاثة عناصر أساسية في سبيل تحقيق ذلك وهي: الجنس والتخفي والخمر!!
جوديث هنا تبدو مصمّمة على قطع راس قائد الجيش الغازي بينما توحي نظرتها بالنفور والثأر والعتاد اثناء قطعها لرأس هولوفيرنس الذي اخذ دمه بالتدفق وعيونه بالجحظ من هول مصيره!! طبعا تمسك بإحدى يديها بشعره كي تثبته وتمنعه من المقاومة بينما بيدها الاخرى يقبع السيف ذو النصل الحاد الذي اخذ ينساب بقوة على رقبة هولوفيرنس!! وتميل بجسدها إلى الخلف كي لا تتلامس ثيابها البيضاء الناصعة بدماء هولوفيرنس الحمراء القانية المتدفقة من رقبته، تماما مثلما يفعل من يذبح حيوانا!! طبعا المراة التي معها هي خادمتها التي دخلت برفقتها خيمة هولوفيرنس، تعابير وجه جوديث تظهر كم هي امرأة ثابتة الجأش!! تقطب حاجبيها للعزم وعدم الاكتراث بقطع الرأس!! وخادمتها العجوز (على الرغم لم يذكر في الكتاب المقدس كم كان عمر الخادمة)، الا انها تبدو منشرحة لذلك المشهد الموحش أمامها وترمقه بنظرة لذة الانتقام!! وهولوفيرنس يناظر السماء وقد تيقن بأن الله قد هزمه!! وانه لن يكون بمقدوره أن يتجنّب غضبه!! وقد عادت بعد ذلك هي وخادمتها منتصرة إلى أرض قومها ومعها رأس هولوفيرنس المقطوع، وبهذا ضمنت سلامة شعبها، كما يقول الإنجيل، اضافة الى ان كارفاجيو استخدم هنا اللون البني ودرجاته بكثرة ايضا..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. برنامج TheStage يسترجع محطات لامعة من مسيرة الممثل فادي ابرا
.. معالم ولاية واشنطن.. إلهام لكثير من الفنانين
.. هكذا وصف أسامة الرحباني التطور الموسيقي للرحابنة
.. الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا يقدم استقال
.. د.تيسير الآلوسي بمحاضرة بعنوان مسرح المقاومة بين الجمالية وا