الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملتقى الجامعات العربية عودة الى عصر الإنحطاط 3

مجد يونس أحمد

2006 / 4 / 3
الادب والفن


ملتقى الجامعات العربية في جمهورية مصر العربية
تدني في مستوى الأداء؛وعودة الى عصور التخلف والجهل
( 3 )

غدا عند السادسة والنصف صباحا ستبتلعنا الحافلة في جوفها , تنقلنا إلى جامعة جنوب الوادي في محافظة قِنا , التي تبعد مسافة ثمانمائة وخمسون كيلو مترا عن القاهرة, ومسافة زمنية تبلغ حوالي العشر ساعات متواصلة , قِنا , المكان المقرر لإقامة فعاليات المهرجان الذي يقام كل عام ..
حسنٌ : لدينا بعض الوقت للتنزه قليلا في أرجاء القاهرة .
حافلة صغيرة تقدمها لنا الجامعة ؛ ليس مجاناً , لا , بل قيل لنا , بدل أن تدفعوا أجرة مواصلات تصل إلى ثمانين جنيه , تعالوا وأعطوا السائق فقط أربعون جنيه , فيعمل على نقلكم ذهابا إيابا...
صعدنا الحافلة الصغيرة وانطلق بنا السائق إلى خان الخليل , يرافقنا هذه المرة العم منصور , وعبر الجسور التي تمتد على طول جسد النهر( النيل ) واصلة الضفتين ببعضها البعض ...
اعتلت الحافلة إحدى هذه الجسور والتي يقال عنها ( الكوبري ). أربعة من الأسود الضخمة تجلس مترقبة أطراف الجسر الأربعة , يا له من منظر منذ أربع سنوات ولم تتعب تلك الأسود من وقفتها المتحفزة تلك , يقال عن النحات الذي نحت هذه الأسود انه انتحر حين علم أنه نسي أن يضع شارباً لكل من منحوتاته الأسدية الأربعة, انتحر !؟!.. لماذا؟!.. الله وحده يعلم لماذا ؟..
تصل الحافلة إلى مدخل خان الخليل , ننزل من الحافلة , وأول من يستقبلنا في مدخل الخان كلب يقال عنه في بلادي مصطلح ( جعاري), كلب متشرد يبحث عن بقايا عظام أو ما شابه, ودونما أن يهرب من أمام البشر المكتظة هناك , نعم , وهناك هرة تنبش أكوام القمامة بحثا عن طعام لها ,كان هناك كلاب كثيرة في الشارع , عندما دخلنا مخترقين الحاجز إلى الخان , وقعنا في قبضة إحدى المتسولات التي تبرع في تقديم نشرة إخبارية في زمن الطوارئ ,إذ تتكلم حوالي خمسمائة كلمة بالدقيقة الواحدة بنبرة واضحة ومتزنة ,كانت تحمل طفلا اعتنت برسم ماكياج له على جبينه على أنه ينزف وتريد المال حسنة لوجه الله , وكنت أنا قد أخرجت مبلغاً من المال وقدره خمسون دولارا على أن أبادله بعملة محلية للبلد الذي أزوره , وحين جحظت عيناها لرؤية المبلغ بدأت النواح وعينيها تراقبان المبلغ الذي بحوزتي , طبعا هي لا تعلم أن هذا المبلغ لا يعني شيء بالنسبة لي في تلك البلاد , ولكن بالنسبة لها كان يعني الكثير , , بكل رقة وطيبة بادرت بالقول مخاطبا إياها : اذهبي أرجوك , ووفري علي رؤية هذا المنظر المثير للقرف والسخرية , دونما تعاطف , ليس لأنني فقدت الرحمة , بل للأسلوب القذر والمُلح بانتزاع ما يمكنها انتزاعه حسنة لوجه الله , بدأت أكون فكرة : أن التسول بات مهنة حقيقية في تلك البلاد بالإضافة إلى اللصوصية والتطرف , هناك النصب والاحتيال أيضا , وهاهو واحد منهم ينصب لنا فخاً وقعنا فيه جميعاً...
حين وصلنا إلى ساحة الخان , وجدنا المكان مكتظاً بالزوار الأصليين من ذوي الجلود المحترقة بالإضافة إلى الوافدين من خارج البلاد , مما جعل الأقسطة عطية ينجح في تمييزنا عن السكان المحليين , فبادر بالقول يلحّ علينا بالدخول إلى قهوة الزهراء ( كشري , شيشة , حلويات , ) وأي شيء ترغب به وهكذا كان عطية يحيك لنا شباك الصيد المحكمة جيدا ,وكنا بنفس الوقت متحفزين لأي شرك قد نقع فيه ..
على الرغم من ذلك , جلسنا , وسرعان ما بدأ الأقسطة عطية و بكل جرأة بتقديم خدماته التي يقنصنا من خلالها قائلاً:
( إيه يا جماعة حد عاوز يبدل دولار لجنيه ؟ )...
فما كان من المجموعة إلا أن تبدي موافقتها في محاولة لاختزال عناء المجادلة والمساومة على سعر الدولار وكنت أنا أكثر الراغبين بذلك وفعلا, استبدلت الخمسين دولار التي كانت بحوزتي والتي عملت على توفير ما أمكن من النقود فاكتفيت بذلك المبلغ في الوقت الحالي , غير أن الأقسطة عطية لم يكن يبدل العملة حسنة لوجه الله , أو فقط لأننا رغبنا بناءا على ما طلبه بالجلوس في المقهى الذي يعمل فيه أو يمتلكه , بل هناك البقشيش الذي سيضعه في جيبه , وفعلا قال لي :
- إيه يا بيه , مافيش حاجة كدة وإلا كدة , أنت عارف بقى !!..
وبسرعة بادرت بإعطائه اثنان من الجنيهات مختصِراً الطريق على نفسي خوفا من أن يجلس في حضني حتى تأتي لحظة انتزاعه للمال ..
إذن حتى الصباح تدخن الشيشة , وتحتسي الكشري أو المهلبية والرز بلبن والذي يقال عنه في بلادي ( رز بحليب ), جموع من البشر تتسابق لحجز مكان ما في زاوية ما من هذا المكان , بسبب شهرته فقط والتي لم أعرف سبباً لها ...
على الطاولات التي رصفت بجانب بعضها البعض صحون الكشري , والزغاليل المحشية بالرز والخالية من أنفلونزا الطيور رغم ظهور إصابات انفلونزية في مصر , وغيره من مشروبات الببسي والكوكا كولا إلى ما هناك من المكسرات والمياه المعدنية , وعطية المكوك الذي يغزل لنا فخاً يتصيدنا به , كانت بدهيته تسبقه بمسافة بعيدة .
تنظر حولك! هاهي فرقة موسيقية تدخل حاملة آلات الموسيقى , العود والرِق , أو الإيقاع , يجلسون على طاولة ما؛ بعد أن يطلب صاحب الطاولة جلوسهم ليعزفوا له ومن ثم يعطيهم أجرهم المستحق , أجمل شيء في هذا المكان , الموسيقيون الجوالون , وذاك رسام جوال أيضا يغطي الرصيف بلوحاته المرسومة وهاهو زبون يجلس قبالته يرسمه بالفحم , كان ازدحاما مرهقا , لا تستطيع التنفس دونما أن يصطادك بائع آخر , ويبدأ بجمله المعتادة .
عطية فين الحساب يا عطية ؟!
عطية : أيوه يا فندم حاضر , منورين والله , الحساب أهو ..!
ينظر رئيس الوفد إلى الفاتورة الغير نظامية وقد بدأت العيون يتطاير منها الشرر والدهشة والاستغراب من تحليق الأسعار بتلك الطريقة .. كان الحساب يعادل ما يعادل من العملة السورية , أو لنقل يعادل في العملة العالمية؛مئة وعشرون دولاراً,وبدأت الصيحات والتأنيب لعطية الذي ظن انه سينام اليوم قرير العين بعد تحقيقه ربحاً وفيرا جاءه من السماء ودونما ضمير يعذبه معتبرا ذلك فهلوية وشطارة لا مثيل لها , أو أن معلمه سيعمل على ترقيته في عمله , وبدأ النقاش يرتفع عاليا حول الأسعار , وبقينا نفعل ذلك إلى أن عادت أرقام الفاتورة بالهبوط في ميناء السعر الحقيقي لكل شيء , مع ربح طفيف , فكان الحساب حوالي مائتان من الجنيهات ..
خمسمائة جنيه تنكمش لتصبح حوالي مائتين من الجنيهات المصرية....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في