الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة وجوه للتدين: مسلم، اسلامي ومتأسلم

مالوم ابو رغيف

2018 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



عندما يكون الاسلام خارج السلطة سيكون غيره عندما يكون هو السلطة اذ يصبح الدين الحاكم وايدلوجيا للعسف وللظلم والاستغفال ويفقد الجانب الروحي العبادي الميزة الاساسية والضرورية لاي دين تلك التي تشيع بعض من الارتياح في النفوس المتعبة وتمنح عزاء وملتجا للمظلومين والمحتاجين الذين لا ملاذ لهم من سلطة الحاكم ومرارة الواقع سوى الدين كمخفف لآلامهم كما يخفف الأفيون آلام المريض.
عندما يكون الاسلام خارج السلطة فان الايمان به ليس فرضا اجباريا بقدر ما هو حالة ذاتية، فهي نتيجة وراثة ابوية او نتيجة لتاثيرات مجتمعية عامة تتغير وفق مستجدات المعرفة والتطور، لكن عندما يكون هو السلطة يكون فرضا اجباريا قسريا ينهي الحالة الذاتية كشكل من اشكال القبول ويفرضها كثابت ملزم يلغي كل الاختيارات الاخرى.
عندما يكون هو السلطة سيكون الاسلام هو جلباب الحاكم وعرشه وصولجانه وسيفه وسوطه الذي يجلد به ظهور المؤمنين وغير المؤمنين على حد سواء.
خلال عملية تحول الاسلام الى سلطة تنشأ عمليات تمحور واستقطاب اجتماعية وسياسية، اذ كل شيء سيحمل صبغة دينية، الثقافة، الادب، الشعر، الامثال، الصحافة الاعلام، نواميس العشائر، الاعراس حتى الاغاني والرقصات الشعبية تتغير وتصبح اناشيد او اهزوجات دينية.
ينقسم الناس خلال عملية التمحور حول السلطة الدينية ومظاهرها ليس حسب قناعاتهم الذاتية بالاختيار بين الجيد والاجود، اذ ان الدين عندما يكون فرضا ينهي الحقيقي لصالح المزيف. الدين هو مصنع الزيف وقاتل الفطرة والاصالة، فتغدو القناعات مظهرا من مظاهر الكذب والنفاق الاجتماعي، ويصطف الناس وفق مآربهم ومصالحهم ومنافعهم الذاتية الفردية بينما يكف المجتمع ان يكون وحدة التقاء وتعاون، ويقودهم فهمهم البسيط الى الانتساب والانشداد عاطفيا الى هذه المرجعية او تلك، الى هذا الحزب او ذاك، الى هذا الامام، القائد، رئيس الكتلة او ذلك، الى هذا المنشد او القاريء او الخطيب او الروزخون او ذاك مع ان لا فرق بينهم فالجميع يردد خطابا دينيا مكررا مملا متعارضا مع المعقول مصطدما بشروط الحياة العصرية التي يغدو الميل الى تحقيقها مظهرا من مظاهر الفساد والتحلل حسب الهرطقة الدينية.
ان هذا الاصطفاف حول الدين يصنف الناس حسب مواقفهم منه واختلافاتهم فيه وليس حسب شرائحهم الاجتماعية ومقدار مداخيلهم او تعليمهم، فرز لا يختلف في جوهره عن ذلك الذي حدث عندما اصبح حزب البعث هو الحزب القائد وفرض آيدلوجيته بالقوة والقسر فبعّث التعليم والادب والشعر والفنون والغناء وجعلها بمثابة الصراط المستقيم للحصول على وظيفة او مقعد دراسي او البقاء على قيد الحياة.
خلال هذا التمحور الديني تنشأ مصطلحات تحمل روح العداء والتناحر والتفرقة والبغض وتصبح هي الاكثر تداولا في المجتمع وفي السياسة وفي الثقافة مثل رافضي، ناصبي، ملحد، علماني، كافر، زنديق، موالي، سني، شيعي مسيحي يزيدي صابئي بينما تتراجع المصطلحات القديمة التي تشير الى تصنيفات طبقية ورؤى فلسفية مثل وطني، بروليتاري، برجوازي، ماركسي، قومي، وجودي، مادي، كادح. الاخطر عندما تتسلل هذه المصطلحات الى الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
ويمكن لنا ان نميز بين ثلاثة انواع رئيسية من المسلمين في الاصطفاف الديني الجاري في العراق الآن

المسلم البسيط غير المؤدلج وغير المدرك لماذا هو مسلم، وهو يشكل الغالبية العظمى من الناس.
الدين بالنسبة له عرفا اجتماعيا اكثر مما هو واجبا قدسيا. اذ انه يتقيد بالدين حسب العرف الاجتماعي وليس حسب العرف الكهنوتي، لا تاثير للفتوى عليه ان لم تكن عبر القنوات الاجتماعية، اي عندما يصبح الجنجلوت الديني تقليدا اجتماعيا(هذا ما يقوم به التيار الصدري بتحويل التعليمات الدينية الى نوع من الممارسات الاجتماعية اي انه يعطي للدين وجها اجتماعيا وهذا ما يفسر انتشاره بين بسطاء الناس في مدينة الثورة(الصدر) كذلك حركة الاخوان في مصر حيث انتشرت بين بسطاء الناس عبر الفعاليات الاجتماعية مثل توزيع المواد على المحتاجين وعلاجهم طبيا والاستماع الى مشاكلهم والسيطرة عليهم لغويا)
الحجاب بالنسبة للمسلم البسيط لا يحمل قيمة دينية بقدر ما يحمل قيمة اجتماعية اساسها العيب. فهو لا يجد ضيرا ان تكشف المراة عن صدرها وهي ترضع طفلها امام الناس ولا يجد معيبا ان تشق ثوبها عن صدرها في حالات الوفيات ولا يعارض ذهابها للتسوق اليومي ولا يفرض عليها حجابا وهي داخل المنزل كما يفعل المتدينون.
2ـ الاسلامي
وهو المسلم المؤدلج الذي يؤمن بان الاسلام دين عبادة ودين حياة ودين حكم ودين قضاء ودين علم وحسبه ووفقه وعلى اساسه يجب ان تُشرّع القوانين ويُكتّب الدستور.
الاسلامي غالبا ما ينتظم في صفوف احد الاحزاب الاسلامية ويتثقف بجركونها وطروحاتها السياسية والاجتماعية والاسطورية ويقرأ كتب مؤلفي الاسلام السياسي بغض النظر عن اختلافائات انتمائات المؤلفين الطائفية والمذهبية، اذ ان ما يهمه هو ايديلوجيا التدين في مجملها العام وليس في افتراقات الولاء وخلافات المذاهب، مع ان هذا الاسلامي قد يحمل معه روح التعصب الطائفي والمذهبي ويلجأ الى التكفير كوسيلة للتغلب على الخصوم او تجريم المنافسين ألا انه يدعو الى الامة الاسلامية الواحدة حسب فهمه الطائفي الأيدلوجي.

المتأسلم وهو غالبا ما يكون من الجيل الاكثر شبابا الذي يسعى الى اثبات اخلاصه الديني كما يحاول المراهق اثبات قدرته الجنسية في تنفيذ الفتاوى والتقيد بالآوامر بغض النظر عن العواقب. المتأسلمون في الغالب مجموعة من الاغبياء والمراهقين الذين لا يجدون وسيلة افضل لأظهار التزامهم بالدين سوى التهور. هم اداة القتل والخراب والدمار التي يسيطر عليها الاسلاميون الآيدلوجيون ورجال الكهنوت العقائدي ويوظفونها في فرض فتاويهم على الناس واخافتهم، لذلك نجد ان اكثر الارهابيين او منفذي الاغتيالات هم من جيل الشباب المتأسلم
وخاصة اولئك الذين ينتظمون في المليشيات الطائفية والمجاميع الارهابية ويكون قتل الانسان او اغتياله عندهم فرصة لاثبات التصاق المتأسلم بالدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحجاب
بارباروسا آكيم ( 2018 / 9 / 30 - 00:46 )
إقتباس ..
الحجاب بالنسبة للمسلم البسيط لا يحمل قيمة دينية بقدر ما يحمل قيمة اجتماعية اساسها العيب. فهو لا يجد ضيرا ان تكشف المراة عن صدرها وهي ترضع طفلها امام الناس ولا يجد معيبا ان تشق ثوبها عن صدرها في حالات الوفيات ولا يعارض ذهابها للتسوق اليومي ولا يفرض عليها حجابا وهي داخل المنزل كما يفعل المتدينون.

ماهي المشكلة لما ظهر تنظيم الإخوان المسلمين الإجرامي
صار الحجاب فرض دونه الرقاب
https://youtu.be/2YPoXF7Woc4

https://youtu.be/OWCJnFu9gF0

تحياتي و تقديري


2 - أيديولوجية التكفير تعتني بنقاط الاختلاف لا الاتفاق
ليندا كبرييل ( 2018 / 9 / 30 - 04:32 )
الأستاذ القدير مالوم أبو رغيف

بعد إهدائك المحبة والسلام،
مقالك كالعادة يغور في أعماق الإنسان ويقف عند النقاط الحساسة

أخطر الأنواع في الاصطفاف الديني عموما وليس في العراق فحسب: الثاني أي الإسلامي

فهو يستطيع تحويل المراهق المتأسلم إلى قنبلة شديدة الانفجار مستغلا حماس الشباب وغروره
ويستطيع ابتلاع عقل المسلم البسيط غير المؤدلج بتوجيهه بالعافية أو بالإرغام على منطلقاته
الإسلامي يعلم الفروقات الخطيرة بين المذاهب الإسلامية التي تجعل من كل مذهب دينا مستقلا بذاته،
لكنه يرفع شعار الوحدة الإسلامية لخدمة هدفه البعيد

إنهم يتصارعون على قضية تبدو دينية لكن الغالب فيها له سلطة التحكّم في القرار السياسي وإرغام البشر على الخضوع له
لذا تركز أيديولوجية الصراع على نقاط الاختلاف لا الاتفاق

المراهق المغرور قبل أن يوجّه فوهة البندقية إلى صدور البشر، قد تعرّض إلى عملية غسيل مخ فترات طويلة جعلته يؤمن بلا نقاش أن معتقده هو الصواب ومعتقد الآخر هو الضلال، فنراه أداة طيّعة مُنفِّذة في أياديهم

زيارة منارتك تبعث الراحة في النفس فالرجاء أن تكون بخير لنظل معك بخير،
تفضل خالص التقدير لشخصك الكريم
وشكرا


3 - يم العباية حلوة عباتك
مالوم ابو رغيف ( 2018 / 9 / 30 - 09:50 )
حزب الاخوان المسلمين حزب ايديلوجي اكثر مما حزب اسلامي سياسي، فهو يحاول فرض رؤيته الايديلوجية على جمهور المسلمين عبر تحويل القيم الاجتماعية المتعرف عليها الى قيم دينية تخضع الى معادلة الثواب والعقاب، الى رضا الله وغضب.ـ
ذلك يعني ان القيمة الاجتماعية موجودة ومعروفة لكنها خالية من تضمين ديني فان لم يلتزم بها الناس او تركوها ليس هناك سخط وعقاب وعذاب، لذلك قبل ان ينتشر الفكر الاخواني ويتحول الى قوة افراد عددية كان من السهل جدا التخلص من الحجاب حتى اصبح مجرد زي شعبي او حتى اغوائي ونشات الاغاني حوله مثل اغنية
يم العباية حلوة عباتك
وكانت هناك اغاني تشع على السفور
مثل اغنية
قومي اوقفيلي ورفعي البوشية
خليني اروي ضامي العطشان
والبوشية هي كلما ايرانية تعني غطاء الوجه الخفيف جدا حتى تكاد ترى شفاه المراة المطلية بالاحمر من خلاله.ـ
الحجر نفسه، كما هو الحجر الاسود مثلا، اذا ما اعطي قيمة دينية يصبح مقدسا، فالحجاب اصبح رمزا للالتزام الاجتماعي بالتقاليد، انما رمزا للالتزام بالاسلام وفروضة المقدسة
لكن او ان اشير ان ذلك لا يمكن ان يحدث، اذا ما انتشرت الثقافة العلمانية وميل الناس الى التحرر..
يتبع


4 - الزميل العزيز بارباروسا آكيم
مالوم ابو رغيف ( 2018 / 9 / 30 - 09:57 )
في ايران مثلا رغم السلطة الاسلامية المتزمتة، الا ان الشعب الايراني قاوم هذا التزمت بالتحدي واخذت النساء الايرانيات يحورن الحجاب للتخلص من قيمته الدينية.ـ
لاحظ كيف تضع المراة الاوربية على رأسها غطاء خفيفا عندما تزور دولة اسلامية مثل ايران والسعودية، ان ذلك يرمز الى احترام القيمة الدينية للزي، بينما لو كانت حكومة اخرى لبقت الازياء تحمل قيم اجتماعية فقط.ـ
وعن الاخوان المسلمين، هؤلاء لم يشتد عودهم يوقى ويصبح جذع شجرة يابسة ليس فيها حياء لولا قيام الحكم الاسلامي في ايران الذي ساند الاخوان في حربه العقائدية ضد السعودية وكذلك في الصراع السني الشيعي والتسابق بينهما حول من يكون اشد ظلاما
تحياتي


5 - الزميلة ليندا كبرييل مع التحية
مالوم ابو رغيف ( 2018 / 9 / 30 - 10:59 )
تحياتي زميلتي العزيزة ليندا كبرييل
اتفق تماما مع رأيك القائل بان الاسلامي هو الاشد خطرا على المجتمع، فهؤلاء لا يعتمدون على روايات الموروث التي جعلها العلم والادب والثقافة العصرية مجرد اساطير مثل حكاية علاء الدين والمصباح السحري، انما يحورون المقولات الفلسفية الى مقولات اسلامية ويبثونها في الثقافة والادب والشعر فتنتشر مشوهه مضرة مفسدة للعقول وللافهام.ـ
وهم حتى في مظاهرهم ليس على شاكلة واحدة، فمنهم من يرتدي الزي الاوربي او الزي الديني او الزي الشعبي، بل ان منهم من يجعل نفسه متوافقا مع العصرنة والتحديث، لكن مهمته الاساسية ليس نشر التحديث والعصرنة بقدر ما اعطاءهما قيم اسلامية مبنية على البغض والحقد.ـ
السلطة الكهنوتية التقليدية فقدت قدرات التأثير ولم تعد مؤثرة إلا على عقول المؤمنين المغفلين لكن ليس على الاجيال الجديدة، لذلك انتقلت قوة التاثير الى الاسلاميين الايديلوجين الذين ينشرون نظرياتهم الاسلامية في العقيدة فلم يتركوا حقلا من حقول الحياة الى ودسوا انوفهم فيه..ـ
يتبع


6 - الزميلة ليندا كبرييل مع التحية 2
مالوم ابو رغيف ( 2018 / 9 / 30 - 11:21 )
ان مهمتهم هي تحويل الجنجلوت الديني الى رؤى فلسفية عقائدية تزعم انها تحي تراث الامة الاسلامية المجيدة كما يصفونها فيغدو العنف مبررا مثلما تبرر الدول العنف بذرائع حماية الامن القومي او الوقوف بحزم لصد مؤامرات الاعداء.ـ
لذلك دائما ما يترافق الخطاب الاسلامي الايديلوجي بعبارات الحقد والبغض والاتهامات بالتآمر والتخويين والتعاون مع الاعداء الصليبيين.ـ
حزب الدعوة الاسلامي هو حزب شيعي لكن اغلب اعضاءه تتلمذوا على مؤلفات سيد قطب السني والوهابي المتعصب، هو نموذج للمثقف الاسلامي الذي استخدم طاقته الابداعية في تحويل الاسلام الى ايديلوجيا ارهابية.ـ
كذلك فان كتب باقر الصدر الشيعي فلسفتنا واقتصادنا والبنك اللاروبي بالاسلام تخظى باهمية غير قليلة عند الايديلوجيين السنة
ان هذا لا يختلف في جوهره عن قراءة الاسلامي للفلسفة الغربية او الهندية وتحويل افكارها الى الايديلوجيا الاسلامية ونسبها الى احد الآئمة الاسلاميين او الى النبي محمد بعد افراغها من محتواها الفلسفي وتغييرها الى رؤية دينية.ـ
هذا الاسلوب نجح في التأثير ليس على جمهور المسلمين العادي بل حتى على المثقفين
تحياتي وشكري لجميل كلماتك

اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح