الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور فخري الدباغ رائد الطب النفسي في العراق

حكمت الحاج

2018 / 9 / 30
الادب والفن


في إحدى المناسبات التي حظيت فيها بالجلوس معه، وأنا حينذاك طالب في كلية الزراعة والغابات بجامعة الموصل، ردّ الدكتور فخري الدباغ على سؤال وجّه إليه عن رأيه في الأدب والفن قائلا (الأدب يخدم الحياة ويبحث عن الحقيقة بطريقته الخاصة وهذه هي نقطة الالتقاء بين الأدب والعلم أعتقد أنّ الفنّ نتاج عقلي انفعالي للإنسان وكل إنتاج فني هو عملية اختزالية تترجم الحياة إلى رموز لغوية جميلة).
لم يكن د. فخري الدباغ طبيبا وحسب ولم يكن أستاذا وحسب بل كان يوزّع اهتمامه ما بين الطب والأدب وكتابة المقال لمختلف المجلات العراقية والعربية حيث يبلغ عدد مقالاته الثقافية المنشورة ما يقرب (185) مقالة بالإضافة إلى (29) مقالة علمية في موضوع الأمراض النفسية. وقد جمع قسما من مقالاته ونشرها في كتاب تحت عنوان (في ضمير الزمن-1981) نشر أول كتاب له عام (1959) بعنوان (الأطباء والناس) كما نشر (الموت اختيارا) عام 968 أتبعه بكتاب (غسل الدماغ) عام 1970.وقد ساهم بالكتابة عن أدب الخيال العلمي بعدّة مقالات حاول فيها عقد مقارنة ما بين العلم ورؤية الأديب للعلم فيما يسمّى برواية الخيال العلمي. لقد كان يقول دائما (عقلية الفنان امتزاج كامل بين العلم والأدب. إنّ التجربة والمعرفة والثقافة العلمية ضرورية ولازمة للأديب المبدع).
ولد الدكتور فخري الدباغ عام 1929 في مدينة الموصل محافظة نينوى. وكان والده يعمل في دباغة الجلود. تفوق في دراسته وأبدى اهتماما بالأدب والثقافة والمطالعة والكتابة، ونشر أول مقال له في مجلة الإلهام المدرسية عام 1945 بعنوان (بنسلين الحياة ما هو). التحق بكلية الطب بجامعة بغداد واتسعت اهتماماته بالأدب والعلوم الطبية والنفسية وبدأ يكتب في مجلة أخبار الكلية الطبية وأصبح في هيئة تحريرها ثم أصبح رئيس تحرير المجلة. أنهى دراسته الجامعية في العراق عام 1953 حيث التحق بعدها بمعهد مودزلي بجامعة لندن في المملكة المتحدة لإكمال دراسته العليا والتخصص في مجال الأمراض النفسية والعصبية وحصل على دبلوم الطب النفسي 1960 – 1962.
حاز على دبلوم اختصاص في الطب النفسي عام 1962 من المملكة المتّحدة وأصبح عضوا في الكلية الملكية للأطباء النفسيين – إنكلترا (1972) زميل الكلية الملكية لأطباء النفسيين –إنكلترا عام 1978، عضو المجمع العلمي العراقي، عضو مشارك في الجمعية الملكية البريطانية. شغل عمادة كلية الطب في جامعة الموصل للفترة ما بين 1974 – 1979.
من أهم مؤلفاته المنشورة: أصول الطب النفساني 1974 – جنوح الأحداث عام 1975 – خطوات على قاع المحيط عام 1970 – مقدمة في علم النفس عام 1982.
لقد ترك الفقيد عدّة مشاريع لكتب غير مكتملة وأخرى ما زالت مخطوطة تنتظر من يلتفت إليها ويساهم في نشرها فمسودّة كتاب (أزمة الطب المعاصر) كاملة تماما وهي الآن في حوزة عائلة الفقيد، كما أنّه كان يعمل في إكمال كتاب طريف عن (نظرية العشق عند العرب) وفيه يعتبر العشق مرضا يصاب به الإنسان ويحدّد له العلاج كما أنّ له تحت الطبع كتاب (علم النفس العسكري) بالاشتراك مع الدكتور قيس عبد الفتاح مهدي.
وقبل وفاته كان يعدّ لإصدار الجزء الثاني من (غسل الدماغ) لطبعته الثانية عن دار بيروت.
في ذات الجلسة قال د. فخري الدباغ عن نفسه: (أنا إنسان دائم البحث عن الحقيقة وعن إضافة كل ما هو جديد في الطب والأدب وإذا أجمع بين الطب والأدب فإنّما لأؤكّد أنّ عقلية الفنان هي امتزاج كامل بين العلم والأدب كضرورة في الخلق الجاد المتّسم بالفهم والوعي والخصب العاطفي).
ويذكر الدكتور عمر الطالب في موسوعته "موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين" أن الدكتور فخري الدباغ أسهم، منذ كان طالبا في إعدادية الموصل في تحرير "مجلة الإلهام" التي كانت تصدرها المدرسة. وتعد المقالة التي كتبها في سنة 1945 أول مقالة ينشرها وكانت بعنوان "بنسلين الحياة". وفي سنة 1946 أنهى الدراسة الإعدادية، وسرعان ما استمر في كتابة المقالات والدراسات وتأليف الكتب وإلقاء المحاضرات حتى وفاته.
ودخل اسم فخري الدباغ في موسوعة السير العالمية المعروفة بـ "هو از هو، أي: من هو في العالم العربي"، الطبعة السادسة للسنة 1981-1982 (ص 832) – لبنان، وحصل على كتب شكر وتقدير لا تعد ولا تحصى من جهات عديدة، ونال شهادة تخصصية فخرية من الكلية الملكية للأطباء النفسانيين في لندن 1978. واختير عضوا في مجمع اللغة العربية الأردني مارس/ آذار 1980. وبعد وفاته سميت إحدى ردهات المستشفى العام في الموصل باسمه، وخصصت خزانات بكتبه في المكتبة المركزية العامة في الموصل والمكتبة المركزية لجامعة الموصل وفي كلية الطب. كما كرم اسمه بدرع الصحة النفسية على هامش المؤتمر الوطني الثالث للصحة النفسية الذي انعقد ببغداد بين 17-18 أكتوبر/تشرين الأول 2008 ببغداد هو وبعض الأطباء النفسانيين العراقيين الرواد.
هكذا كان المرحوم الدكتور فخري الدباغ مثالا للأديب المتابع والمثقف والاختصاصي العلمي الرصين وكلنا أمل أن تبادر الجهات المختصّة بالتعاون مع عائلة الفقيد إلى نشر ما تركه من كتب مكتملة أو مقالات كجزء يسير ومفيد من عملية إحياء ذكراه العبقة.

(ملحق بمؤلفات وكتب الدكتور فخري الدباغ):
لقد ألف الدكتور فخري الدباغ 17 كتابا في مختلف مجالات الطب والأدب منها التي أصبحت كتبا منهجية لا زالت تدرس في كلية الطب وكلية التربية – قسم علم النفس وحتى في بعض الكليات والمعاهد العسكرية مثل كلية الأمن القومي سابقا وكلية البكر للدراسات العسكرية.
1- أطفالنا والثقافة الجنسية 1956- 1984.
2- الأطباء والناس 1959.
3- الطفولة والمراهقة (مترجم).
4- الثورة الجنسية في أمريكا 1960.
5- الموت اختيارا 1968.
6- غسل الدماغ 1970 – 1977 – 1980.
7- جنوح الأحداث 1975.
8- الحرب النفسية 1979.
9- خطوات على قاع المحيط 1979.
10- العلاج النفسي أنواعه وأساليبه 1980.
11- في ضمير الزمن 1981.
12- مقدمة في علم النفس (منهجي) 1982.
13- اختبار رافن للمصفوفات المتتابعة لقياس الذكاء في العراق 1983.
14- علم النفس العسكري 1986. (صدر بعد وفاته)
15- السلوك الإنساني بين الحقيقة والخيال 1986 (صدر عن مجلة العربي).
16- الأطباء الأدباء 1990 (أعد وطبع بعد وفاته).
17- أزمة الطب المعاصر (لم يتم طبعه لحد الآن بسبب عدم وجود جهة تتولى عملية النشر).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب


.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل




.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال