الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن ضحية الولاية الكهنوتية والنزعات الجهوية والأطماع الرجعية الخارجية!

منذر علي

2018 / 10 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في اليمن الأمور بدأت بثورة شعبية أزاحت النظام العائلي بزعامة علي عبد الله صالح ، وبروز سلطة متنافرة من أحشاء النظام السابق ، ما لبثت أن صنعت، على صورتها، خريطة فيدرالية أكثر تنافرًا ، ثم تدحرجت الأمور و بدأت بفكرة الولاية في الرأس ، وتسللت منه إلى داخل دبة الغاز ، وتذرعت بمطالب الشعب، وخرجت من الدبة ، مسرعة، ودخلت في الدبابة ، وسارت نحو القصر الجمهوري ، وكشفت عن نفسها في الانقلاب المليشاوي الأحمق ، وتجلت نتائجها في العدوان الداخلي والعدوان الخارجي الغاشمين هذا هو بيت القصيد، وهذه ، ببساطة ، هي القصة التي أسفرت عن اغتيال الوطن اليمني.

الولاية ، كانت هي بيت القصيد ، التي أدت إلى العصيد. إذ لقد ترتب على "انقلاب الولاية" ، أنَّ الحكام السابقين هربوا من صنعاء ، و لَجَؤُوا إلى السعودية، وبرروا للعدو السعودي عدوانه على شعبنا. إذْ كان العدو السعودي التاريخي التوسعي الطامع ، يراقب الأحداث في اليمن منذ فترة طويلة ، و يترقب عن كثب سير التطورات المتلاحقة، التي تعصف باليمن ، ويبحث عن مُسوِّغ سياسي لتدخله العسكري، فوجد بغيته في انقلاب المليشيات، وطَلبَ التدخل ، غير الشرعي، من قبل "الشرعية". فقام العدو بعدوانه الغاشم ، فوقع أنصار الانقلاب والشرعية في مصيدة ، لا فكاك لهم منها ، وترتب على ذلك أنَّ المواطن اليمني اليوم أصبح ، دون إرادة منه ، قابع في مسلخ العدوان الداخلي والخارجي!

لست سنيًا ولا شيعيًا ، فأنا ببساطة مسلم ، يؤمن بكتاب الله وسنة رسوله ، وبحق الشعب اليمني في حكم نفسه بنفسه، خارج إطار أية وصاية دينية، أو قبلية، أو عرقية داخلية أو هيمنة خارجية. ومع ذلك فلو عاد الزمن بنا إلى عصر النبي محمد ، صلى اللوسلم ، وقُدِّر لي أنْ أحْضَر اجتماع سقيفة بني ساعدة ، لكنتُ قد بايعتُ ، دون تردد ، عليًا، وليًا على المسلمين، ليس لقربه من النبي ، وليس كُرهًا لأبي بكر ، أو انتقاصًا منه، ولكن لما يتمتع به عليٌّ من مزايا شخصية فريدة، مقارنة بالآخرين، بحسب قراءتي المتواضعة للتاريخ الإسلامي.


اليوم ليس علينا أنْ نعود إلى الماضي البعيد لنبحث عن أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية ، وإنما علينا أن ننظر إلى المستقبل ، ونتعلم من الشعوب ، التي سبقتنا في ميدان الحضارة ، ونحاول أن نقتفي أثرها لكي ننهض بشعبنا اليمني وشعوبنا العربية ، ونخرجها من عصر البربرية والموت.

اليوم ليس ثمة سقيفة ، كتلك التي أجتمع فيها الأنصار والمهاجرون ، وإنما هناك ساحة انتخابية واسعة ، تشمل كل اليمن ، وكل قطر عربي وإسلامي ، وليست محصورة بمَنْ بقيَ من أبناء المهاجرين والأنصار ، ومن أحفاد علي ومعاوية ، وإنما تشمل كل فرد بالغ ، سواء كان أسود ، أم أسمر ، رجلٌ أم امرأة ، تجاوز ال: 18 سنة من العمر ، وليست هناك مبايعة ، على ذات النمط القديم ، وإنما هناك انتخابات ديمقراطية نزيهة ومتكافئة ، تمنح صوتًا لكل مواطن، سواء كان رجل أم امرأة ، وعلى ضوء النتيجة ، يتقرر من هو الحاكم، أو من هي الحاكمة، لولاية محددة ، يمكن تجدديها ، إذا قررت الإرادة الشعبية ذلك.


وكما أشرتُ سلفًا ، فأنَّ الرئيس، هنا ، قد يكون رجلًا أو امرأة ، بصرف النظر عن لونه، أو أصله، أو قبيلته ، أو معتقده الطائفي الخاص، ذلك أنَّ المقياس الوحيد للحاكم ، هو أن يحظي بثقة الشعب. وهذا يعني أنَّ الشعب ، بأغلبيته ، هو من يحدد حكامه ، وليست طائفة دينية ، أو جماعة قبلية، أو جماعة جهوية عصوبية ضيقة في المجتمع، أو قوي خارجية متربصة بالوطن ، بشكل مباشر، كما الحال في اليوم ، أو من خلال شلة من المراهقين الأوباش من أبناء الوطن، الذين يتاجرون بمعانات شعبهم ، ويبيعونه بالجملة والتقسيط للقوى الخارجية.

هذا هو النظام الذي يجري اليوم تطبيقه في العالم المعاصر، أي في كل دول العالم المتقدم ، بما في ذلك ، أغلب الدول، التي تنتسب إلى العالم الثالث، كالهند وباكستان ، وبنجلادش، وجنوب أفريقيا ، والعراق ولبنان، وتونس، وتركيا وماليزيا وغيرها.


غني عن القول ، أنَّ السيطرة على البشر ليست بالأمر السهل ؛ ففي أحيان كثيرة لا يستطيع الأب أن يسيطر حتى على أطفاله ، الذين يرتبط بهم بجينات خاصة ، وتجمعه بهم روابط بيولوجية واعتبارات اجتماعية وأخلاقية ودينية متعددة . إذْ أنَّ الأبناء والبنات، يتمردون أحيانًا على رب الأسرة ، إذا أحسوا أنه قد قيّد حريتهم وأستبد بهم ، وعرَّض حياتهم للخطر ، فما بالكم أنْ يأتي شخص ما ، مصاب بجنون العظمة ، ومعطوب بأوهام التفوق العرقي ، جراء انتسابه ، المزعوم و المُتوهم ، لطائفة دينية معينة ، و يسعى لفرض نفسه " واليًا" على أقرانه، من أبناء الوطن ، حاكمًا عليهم ، معتبرًا نفسه ، دون خجل ، أنه أفضلهم ، وهو وأفراد طائفته مَنْ يقررون ذلك ، وما على الآخرين سوى أنْ يرضخوا صاغرين لحُكمه ، ولحِكْمته البلهاء ، ويحيطون بالعناية ويتحلقون حوله لِتقبيل ركبتيه صباحًا ومساءًا والدعوة له بطول العمر والانتصار على "أعداء الولاية "، الذين يرفضون العبودية ، إلاَّ لله دون وسيط، ويتطلعون لبناء " وطن حر وشعب سعيد".

إنَّ هذا ليس فقط هو الجنون بعينه، ولكنه مشروع لحرب دائمة، بين أبناء الوطن، لا تبقي ولا تذر ، وتعريض الوطن للضياع. هل من عاقل يسمع؟

نحن الآن في مسلخ رهيب لا نظير له في تاريخ اليمن ، بسبب نزق وجنون أنصار الولاية ، الموالون لإيران ، وحماقة وغباء وخيانة أنصار الشرعية ، الموالون للسعودية والإمارات. لا شأن لنا بهؤلاء الأوباش!.
أيها اليمنيون واليمنيات، ثوروا ضد قاتليكم!

فالحوار بين المكونات السياسية اليمنية ،على امتداد الوطن، واجب وطني وقانوني وأخلاقي ، فضلًا عن كونه يتناغم مع قرارات الأمم المتحدة ، وليس هناك من مخرج غير الحوار والضغوطات الشعبية السلمية المتنامية، المتحررة من الوصاية الخارجية الماكرة ، لوقف الاقتتال الداخلي ، وصد العدوان الخارجي ، وإنقاذ الشعب اليمني من المجاعة والموت وصيانة الكيان الوطني الواحد ، وهذا لا يعني، بأي حال من من الأحوال، الدعوة إلى التصالح بين القيادات المتطرفة للحوثيين والإصلاح ، وخاصة من الصف الأول والثاني. فهذا ، بالقطع، لن يكون حوارًا ، وإنما انتحارًا و نوع من توافق إجرامي بين القتلة لتمكنيهم من الإيغال في الخراب والدخول في مرحلة تحالف الظلام والجحيم، بدعم خارجي: جديد أو قديم ، ضد الشعب اليمني المنكوب بالتخلف والعدوان.
اليوم اليمن لا يفقد فقط خيرة أبنائه وبناته ، جراء الحرب والأمراض والجوع ، ولكنه ، كوطن، على وشك أن يضيع في متاهات الجنون والفوضوية والارتهان الغبي للقوى الخارجية.
أَوْقِفُوا الحرب وعودوا إلى الشعب اليمني ، برجاله ، ونسائه ، ليقرر من هو الحاكم ، لأن الشعب ، لا غيره، هو مصدر الولاية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الهجوم على إسرائيل: كيف ستتعامل ألمانيا مع إيران؟


.. زيلينسكي مستاء من الدعم الغربي المحدود لأوكرانيا بعد صدّ اله




.. العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية: توتر وانفراج ثم توتر؟


.. خالد جرادة: ماالذي تعنيه حرية الحركة عندما تكون من غزة؟ • فر




.. موقف الدول العربية بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم