الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-ساعة التحرير دقت-.. تأريخ لحقبة منسية لا يخلو من انبهار وابتسار

محمود عبد الرحيم

2018 / 10 / 6
الادب والفن


"ساعة التحرير دقت".. تأريخ لحقبة منسية لا يخلو من انبهار وابتسار
*محمود عبد الرحيم:
فيلم " ساعة التحرير دقت.. بره يا استعمار" للمخرجة اللبنانية هيني سرور، من الأفلام التسجيلية التي أتيح لي مشاهدتها مرة أخرى في عرض خاص بالجامعة الأمريكية قبل أيام، بعد سنوات من مشاهدته بجمعية النقاد، وهو من انتاج السبعينات وإن جرى ترميمه مؤخرا حسب ذكر مخرجته.
وهذا الفيلم يستحق المشاهدة من زاوية أنه يسلط الضوء على حركة تحرر وطني بمنطقة الخليج لا يعرف كثيرون عنها شيئا، وهي " حركة تحرير ظفار" التي كان توجهها نحو مواجهة المستعمر البريطاني من جهة، والانفصال من جهة أخرى بعيدا عن الحكم الملكي أو السلطاني الذي يكرس التخلف بثالوثه المتعارف عليه.. الفقر والجهل والمرض، ليتمكن من السيطرة والتحكم في الشعب، وحرمانه من حقه في الحرية وثروات بلاده.
كما يلفت الفيلم النظر إلى مرحلة بزوغ نجم القوة الامبريالية الجديدة المهيمنة على العالم الولايات المتحدة واحتلالها مكان المستعمر القديم البريطاني، بالإشارة إلى تعظيم وجوده القوى عسكريا في منطقة الخليج، والحلول محل القوات البريطانية، حيث مصادر الطاقة.
فضلا عن التوجه التآمري لمماليك الخليج والتعاضد في مواجهة كل حركة تحرر وطني، تستهدف التخلص من الاستعمار وبناء دولة ديمقراطية اشتراكية عصرية .
وبالتأكيد لا يخفى على أحد الجهد المبذول في صناعة هذا الفيلم والمخاطر التي واجهتها المخرجة وفريق العمل خاصة أنها كانت تعايش هؤلاء الثوار، لكن بدا أن ثمة انبهار بهذه الحركة التحررية من زواية أنها أخذت منحى ماركسيا وليس قوميا عروبيا، ودمجت المرأة في كل مناحي الحياة بما فيها الحياة العسكرية، ما اعطاها حسب وصف المخرجة بعدا نسويا.
وهذه النقطة أو بالاحرى عدم أخذ المخرجة مسافة من الحدث الذي تتناوله، ومعالجته بعد مدى زمني أطول، جعلها تتجاهل نقاط الضعف والقوة لهذه الحركة والسياق المجتمعي المحاط بها، وجعلها تتوقف فقط عند الجانب المشرق وليس المظلم كذلك، وعند مرحلة قصيرة جدا في عمر الحركة، ولم تكمل مشروع التوثيق برصد المؤامرات التي حصلت والانشقاقات التي جرت وشراء كوادر مهمة من قيادات هذه الحركة مثل يوسف بن علوى وزير الخارجية الحالي الذي استقطبه قابوس بن سعيد، ما قاد لانهزام الحركة وتراجع الافكار الثورية التي كانت اشبه بقشرة خارجية لم تتجذر في مجتمع قبلي منغلق.
ومن ثم هناك نوع من الابتسار والخلل في رصد الحدث، ما يجعل هذا العمل أقرب لبرنامج تسجيلي وليس فيلما وثائقيا يقدم لنا صورة شمولية كاملة عن هذه الحركة التحررية والاجواء المحيطة بها، كما أن المباشرة والصوت العالي سواء في السرد أو التعليقات كان مزعجا، وبدا كما لو كنا أمام عملا دعائيا وليس فنيا يحرص على اللامباشرة والهمس وليس الصخب ولغة الشعارات، وتكون الصورة هي الأساس بكل ما تحمله من دلالات وطاقة انفعالية وفكرية وليس هذا الصوت الخطابي الزاعق.
ويحضرني هنا فيلم"أبناء بينوشيه" الذي يعد واحد من أهم الافلام الوثائقية التأريخية الذي وثقت مخرجته التشيلية لمرحلة حكم بينوشيه والتحولالات التي جرت في هذا المجتمع من الانقلاب العسكري والحكم الدموي الحديدي، وصولا للتحول الديمقراطي، وما تبعه من اشكاليات بحكم شبكات المصالح المرتبطة بالخارج، حيث لم تتسرع مخرجته التي كانت احد رموز الحركة الطلابية المناهضة لحكم بينوشيه، ووثقت للحدث بعد 30 عاما لتكون وجهة نظر ناضجة ورؤية شمولية، وهو ما نفتقره في صناعتنا للافلام الوثائقية التي يغيب عنها النضج في المعالجة وقصر زاوية الرؤية والانبهار والتوحد مع الحدث بحيث لا نتعامل معه بموضوعية وشمولية.
وعلي أي حال، هذا الفيلم "ساعة التحرير دقت.. بره يا استعمار" رغم كل هذه الملاحظات تجربة تستحق التقدير والمشاهدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج المغربي جواد غالب يحارب التطرف في فيلمه- أمل - • فران


.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال




.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر