الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس نقابة التعليم الابتدائي هيكل ميت تحت هيمنة أقلية منفصلة عن القطاع

بشير الحامدي

2018 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تونس ـ نقابة التعليم الابتدائي هيكل ميت تحت هيمنة أقلية منفصلة عن القطاع
لم يعد هناك من كلام كثير يقال لهيكل أثبت في كل المحطات أنه هيكل ليس في حجم المسؤولية المفروض أن يكون عليها. هيكل نقابي لقطاع مناضل تاريخيا ومستهدف منذ سنوات وتحديدا في السنوات الأخيرة بالهرسلة لتمرير مشروع في التعليم معاد لحقوق الأغلبية من التونسيين وأبنائهم.
لم يعد جائزا نضاليا و أخلاقيا لأي هيكل يدعي تمثيل المعلمين التونسيين والدفاع عنهم نقابيا كان أو جمعياتيا أن لا يكون له موقف معارض لما خطط وينفذ في قطاع التعليم من سياسات معادية للمعلّم والمتعلّم وللمدرسة عموما باسم الإصلاح[1] كما لم يعد جائزا أيضا في القطاع أن لا تتوسع قاعدة المشاركة في أخذ القرار قطاعيا و أن تواصل مجموعات قليلة أو أنفار معدودون باسم التمثيلية احتكار القرار القطاعي والتفريط فيه وإبرام اتفاقيات لا تراعي حقوق المعلمين ولا حقوق المتعلمين ولا المؤسسة التعليمية اتفاقيات تبرم في إطار صفقات سياسية مشبوهة لصالح هذا الوزير أو ذاك البيروقراطي الكبير أو تلك الحكومة.
قطاع التعليم الابتدائي يتعرض منذ ما يقارب العقدين أي منذ تبني نظام تعليم الكفايات إلى هجمة غير مسبوقة تاريخيا من أجل إنهائه كقطاع عمومي مجاني محمول أمر تمويله على الدولة. هجمة تستهدف وعبر مراحل تحويل التعليم إلى مجرد خدمة للقادرين عليها يقدمها رأس المال عبر منشآت تعليمية خاصة بكل مرحلة من مراحل التعليم. هذه إذن هي القضية الكبرى التي تتمفصل حولها كل القضايا الجزئية والتفصيلية الأخرى التي يتخبط فيها قطاع التعليم الابتدائي اليوم والتي للأسف لم تهتم بها النقابات ولم توليها ما تستحق من العناية ولم توضع لها الاستراتيجيات المضادة. لذلك فنقابات لا ينبني وجودها على استراتيجية معارضة للمشروع الذي يستهدف القطاع الذي تمثله لا يمكن تاريخيا لها أن تستمر وستموت حتما كجسم معبر عن القطاع ومرتبط به بمفعول افتقارها لأسباب وجود فعلية وهو حال نقابة التعليم الابتدائي وعديد النقابات الأخرى في الاتحاد العام التونسي للشغل.
هو هكذا الواقع واقع الصراع في هذا الطور من تاريخ رأس المال. ماكينة رأس المال استوعبت أغلب الهيئات التي ولدت من رحمها أو طبعتها بطابعها أو ولدت قريبة من دائرتها. ماكينة رأس المال في طور أزمتها الراهنة وضعت الجميع في مواجهة نفسه ومن لم يكن قادرا على البقاء انهار ورفع الراية وارتبط. هذا هو الصراع وهذا هو الواقع ومن لا يمتلك قدرة على المقاومة سيرتبط ويضمر ثم يضمحل. تاريخ الاشتراكية الديمقراطية ونقاباتها دليل. تاريخ الشيوعية الأوروبية ونقاباتها دليل. تاريخ الستالينية ونقاباتها دليل. تاريخ البيروقراطيات النقابية دليل. لا ينجو ولن ينجوَ سوى الذي يمتلك استراتيجيات مستقلة ومقاومة. هذا هو الشرط اليوم لكل ممارسة نضال. وللأسف فنقابة التعليم الابتدائي وكما لم تمتلك استراتيجية مضادة لنظام تعليم الكفايات ولم يكن لها مشروع خاص مضاد لمشروع الفشل هذا لم تمتلك أيضا تقييما علميا وخاصا لفشل هذا النظام وبالتالي وعمليا وجدت نفسها تتبنى استراتيجيات السلطة أي استراتيجيات من تدعي أنها تعارضه وهو سقوط مدو لا قرار له وهو سبب كل مآزقها الراهنة في علاقة بمطالب المعلمين وفي علاقة بما يسمى الإصلاح التربوي.
نقابة التعليم الابتدائي منذ محمد الطرابلسي تحولت إلى نقابة مشاركة وبذلك انتهت عمليا عاجزة أمام مكتب بيروقراطي مركزي فاسد ومتحالف مع السلطة وعاجزة أيضا أمام حكومة ووزارة تعرف من أين تضغط عليها وتمسكها لذلك رأيناها عديد المرات شريكة في كثير من قضايا الفساد والمحسوبية ورأيناها تبيع وتشتري أثناء الحركة المراكز الشاغرة ورأيناها ضالعة في صفقات تشغيل النواب ورأيناها تبرم الاتفاقيات التفريطية دون العودة للمنتسبين ورأيناها ترحّلُ الملفات القطاعية للمكتب البيروقراطي المركزي الكبير يضغط بها على الحكومة ... لقد تحولت بكل هذا إلى نقابة فاقدة لأي مصداقية ولأي آلية حقيقية لضمان سيادة المعلمين على قرارهم. نقابة التعليم الابتدائي بكل هذا لم تكن عمليا قادرة على إدارة المعركة ضد وزارة التربية ومنذ ما قبل عهد ناجي جلول. والقطاع وتحديدا من سنة 2014 كان يخوض معركته دون قيادة قادرة على كسب المعارك وقد تجلى ذلك في الهزيمة المدوية والانسحاب من الميدان والذي مثلته قرارات الهيئة الإدارية التي رفضت مقاطعة السنة الدراسية 2015 وعوضتها بيومي إضراب واتفاقية 5 ديسمبر 2015 التفريطية المخزية التي توجت مسار الهزيمة والتفريط هذا وصولا للاتفاقيات الأخيرة التي أمضتها النقابة بعد تجديدها سنة 2017 مع النوفمبري حاتم بن سالم خلف ناجي جلول.
نقابة التعليم الابتدائي عمليا لم يعد بمقدورها التقديم للقطاع إنها ستبقى تراوح هنا وهناك بين ضغط قاعدة القطاع التي وعى جزء عريض منها عجزها الذي وضحناه وعدم قدرتها على الدفاع عن مطالب القطاع وبين التزامات المكتب المركزي البيروقراطي مع الحكومة وهجوم الوزارة والحكومة لتمرير جملة القرارت المتعلقة سواء بما يسمى إصلاح التعليم أو بسياسية التقشف وعدم التفاوض في المطالب ذات المفعول المادي.
هذا العجز يؤكد مرة أخرى ما قلناه سابقا وما كتبناه وهو أن دائرة الدفاع عن الحقوق اليوم صارت تتطلب هيئات مجال اهتمامها وقدرتها وحركتها أوسع من مجال الحق النقابي وأن القطاعات الكبرى ذات النسبة المرتفعة من المنتسبين صارت تتطلب إضافة للنقابات هيئات مقاومة أخرى هيئات مقاومة مستقلة تعمل إلى جانب النقابات لصد الغول الرأسمالي عن التهام الأخضر واليابس على مستوى الحقوق القطاعية أو الحقوق المتصلة بالحركة الجماهيرية عموما. لا حل في الحقيقة غير هذه الإمكانية ولكن ستبقى الإمكانية في مجال الأماني الجميلة إذا لم تتوفر لها شروط تحققها: مناضلون مؤمنون بالمشروع ونسبة كبيرة من المنتسبين للقطاع مستعدون للتضحية والمقاومة وعدم مهادنة السياسات الحكومية والهيئات النقابية البيروقراطية.
ـــــــــــ
[1] أنظر رابط ما يسمي بالكتاب الأبيض مشروع إصلاح المنظومة التربوية المنشور سنة 2016
الذي وضعته وزارة التربية بمشاركة نقابات التعليم والمعهد العربي لحقوق الإنسان
https://www.4shared.com/web/preview/pdf/uaiKuD_9fi?








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف