الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميليشيات مجددا

جليل البصري

2006 / 4 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


في هذه الساحة الغرائبية التي اسمها الساحة السياسية العراقية نجد كل يوم وربما كل ساعة خبرا يصدم البعض ويثير نوازع البعض ، لكن وعي المواطن بما يجري لا يزال مغيبا تماما ، فهو عديم الفعل وردود أفعاله غير محسوبة تماما او بعبارة أخرى لا يعمل لها حساب . وفي هذه الساحة يختلط الحابل بالنابل وتتسع يوما بعد يوم دائرة الخوف لتختزل مساحة الحرية التي بدأت في التاسع من نيسان 2003 بدلا من ان تتسع ، وتجاوزت دائرة الخوف الإرهابيين الذين وسعوا إلى أقصى مدى مساحة إرهابهم والمشمولين به ليصبح كل مواطن وكل ممتلكات شخصية او حكومية هدفا مستباحاً ، ودخلت ضمن دائرة الخوف الميليشيات المسلحة التي لا يمكن التكهن بردود أفعالها وانضباطها أو مدى انضباطها ، وصار الاختراق الإرهابي والميليشياتي لأجهزة أمن الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية مدعاة خوف أخر ، جعل المواطن يتهيب التعامل معها خوف الوشاية والقتل ، واتسعت هذه الدائرة بشكل اكبر بكثير عندما باتت هذه القوات وعملياتها غير محسوبة النتائج فإذا اعتقل المواطن ليس هناك ما يضمن عودته او تقديمه للمحاكمة وقد يجد اهله جثته ملقاة في مكان ما وعليها اثار التعذيب هذا ما بدأ يحسه المواطن وليس هو اتهام لهذه الأجهزة التي اعترف وزير الداخلية نفسه باختراقها بأكثر من 3 آلاف عنصرا إرهابيا .. وبات المواطن غير المنضوي تحت لواء الحزب ما أوجهة يخشى كل شيء لان لديه إحساس عميق بأن لا احد يستطيع او يريد الدفاع عنه ، وهو إحساس من لم تكن له مكانة أو أهمية في هذا الحزب أو ذاك أيضا، وكيف تكون هناك طمأنينة ونحن نرى بوضوح العشرات من الصحفيين والقادة وذوي المراكز الإدارية يتساقطون تحت طائلة الإرهاب والاغتيال والخطف . وفي ظل غياب المواطن الذي صوت لناخبيه ، انطلقت من أكثر من ثلاث أشهر أكبر وأوسع مباحثات ومساومات للخروج بصفقة مشتركة لتوزيع المناصب الرئاسية والوزارات السيادية فيما الوضع الأمني يزداد سوءا وتتسع دائرة القتل الطائفي على الهوية بمعدل مذهل يتجاوز الأربعين ضحية يوميا في بغداد .
ولم يعد هناك من حاجة الى ذكر أن الميليشيات قد قتلت من العراقيين وزرعت الرعب اكبر مما فعل الإرهابيون أنفسهم فالميليشيات تملك إضافة الى كل الأدوات غطاءً حرا للتحرك والسيطرة ، بحيث أن بغداد العاصمة صارت كانتونات ومناطق نفوذ .
ويبدو أن ما قاله السفير الأميركي زلماي خليل زاد حول ارهاب الميليشيات قد اثار استياء البعض بحيث صار رجل مثل رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري (يحذر الولايات المتحدة من التدخل الذي لا داعي له في الشؤون الداخلية للعراق ومجريات العملية السياسية في البلاد في نغمة تذكرنا بعهود سابقة عندما كان ذبح العراقيين مستمر والحكومات تندد بالتدخل في الشؤون الداخلية ، وكأن ذبح العراقيين وعدم وجود من يحميهم ويحفظ الآمن والنظام ليس شأن العالم ومسؤوليته الإنسانية .. والانكى من ذلك كله دعوة الجعفري لواشنطن لقبول وجود الميليشيات مثل جيش المهدي التي تعد بالآلاف كواقع يجب قبوله وحقيقة يتعين قبولها ضمن معطيات المشهد السياسي الرئيسي في البلاد . ان تفكيرا بهذا المستوى يعني ان السلطة تقف عاجزة او غير راغبة في كبح جماح الميليشيات والحد من تدخلها في عمل الدولة وايقافها عند حدها باعتبارها كيانات لم يعد وجودها مرغوبا بل يتقاطع مع حرية العراقي ومع بناء دولة القانون ومع السير لتحويل الولاءات العراقية المجزئة الى ولاء للعراق وهويته ، تستقيم فيه الطموحات السلطوية وتأخذ مسارا ديمقراطيا حقيقيا بعيدا عن الفئوية والطائفية .. ان اعتبار وجود الميليشيات واقع يجب قبوله يعني اننا عدنا الى نقطة الصفر .. ويعني اننا فشلنا في السير نحو الامام في المسيرة الديمقراطية خطوة واحدة ، بل ويعني اننا عدنا خطوتين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست