الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة عمال مدينة جرادة بين الأمس واليوم

عبد السلام أديب

2018 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


توطئة

تقدم الرفيق عبد السلام أديب بالورقة التالية كمشاركة له في الندوة المنظمة بشكل مشترك بين الهيئة المغربية لحقوق الانسان فرع زايو والكونفدرالية الديموقراطية للشغل فرع زايو أيضا، يوم السبت 06 أكتوبر 2018، احتفاء باليوم العالمي للمنجميين، تحت عنوان: "مستقبل المدينة المنجمية جرادة، في ظل سياسات الإقفال، وسؤال البدائل". وقد شكل انعقاد هذه الندوة مناسبة أيضا للتضامن مع الجماعات السلالية لدوار ولاد علال باولاد ستوت: حوالي 200 أسرة تم اقتلاعها فجأة من أراضيها التي سكنوها ازيد من 150 سنة لفائدة كولونيل في الدرك الملكي جاء من مدينة تمارة. وقد أعطيت لهم الكلمة في نهاية الندوة، كما حج جميع المشاركين في الندوة الى مكان اعتصام الساكنة أمام قيادة أولاد ستوت. أنظر الرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=8rkJKp9oepY&t=451s

فيما يلي مضمون الورقة:

أولا: معطيات عامة حول انتاج الفحم الحجري كقيمة تبادلية:

1 – الثورة الصناعية التي انطلقت خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر اعتمدت بشكل أساسي على انتاج الفحم، نظرا لكونه يشكل المادة الحرارية القوية متعددة الاستعمالات، سواء في صهر الحديد أو في انتاج الكهرباء أو في فروع صناعية شتى كإنتاج الإسمنت وفي معامل انتاج السكر ... الخ. ونظرا للأهمية الاستراتيجية للفحم في تطور الصناعات فقد توسع التنقيب على مناجم الفحم الحجري في أوروبا بكاملها، علما أن الازدهار الصناعي في المانيا وفرنسا وانجلترا اعتمد بالأساس على مناجم الفحم.

2 -ونظرا لارتفاع كلفة انتاج الفحم في أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر نتيجة الإضرابات وتزايد مطالب عمال مناجم الفحم وارتفاع عد الضحايا بين العمال خلال استخراج الفحم الحجري مما تطلب الكثير من شروط السلامة الصحية، فإن الحملات الاستعمارية في العالم أجمع فتح المجال امام استغلال مناجم فحم جديدة في المستعمرات وبتكاليف جد منخفضة، لكن بانعكاسات جد وخيمة على عمال الشعوب المستعمرة.

3 – كلفة الفحم إذن كسلعة وسيطة لمنتجات وسيطة أخرى أو نهائية تصبح تراكمية يسددها المستهلك النهائي كزبون للخدمات الكهربائية ان كان الفجم يستعمل في انتاج الكهرباء أو الزبون مستقل القطارات ان كان الفحم يستعمل في قيادة القطارات البخارية أو مستهلكي المنتجات المختلفة المعدنية أو الاسمنت أو السكر. فالفحم إذن يتوفر على قيمة استعمالية يستهلكها الزبون النهائي وكذلك قيمة تبادلية تسيطر عليها الطبقة الرأسمالية بمختلف مكوناتها من مالكي أسهم شركات استخراج الفحم مدراء الشركة ومحاسبون وطواقم إدارية ومسيري وسائل النقل ووسطاء البورصة ... الخ. فكل هؤلاء يستفيدون من فوائض القيمة التراكمية المنتزعة من العمل الحي للعمال.

4 – فنظرا لأن المغامرة في باطن الأرض لاستخراج الفحم الحجري لا يتطلب خبرة أو شهادات مسبقة فإن شركات الفحم تحرص على سداد أجور زهيدة للعمال، تمكن العامل بصعوبة من الحياة الكريمة لتجديد قوة عمله للعودة الى العمل في يوم الغد، وعادة لا يشكل هذا الأجر سوى الربع من القيمة الاستعمالية الحقيقية لقوة عمل العامل، أما ثلاث أرباع الأجر فتستحوذ عليه الطبقة الرأسمالية المسيطرة كفائض قيمة تراكمي.

5 – ولا يعوض الأجر المدفوع لعامل مناجم الفحم الحجري سيرورة تآكل قوة عمله، فنظرا لارتفاع نسبة ثان أكسيد الكاربون في الفحم فإن جسم العامل ورئتيه وقلبه وباقي أعضائه تتعرض لتسمم يومي سرعان ما تصاب بأمراض قاتلة مثل السيليكوز، وهو ما يقلص العمر الافتراضي للعامل، كما أن العمل اليومي في ابار مناجم الفحم الحجري تعرض العمال للانهيارات والانفجارات والاختناقات وحتى للغرق. وهذا يعني أن العامل المنجمي معرض لخطر أربعة عوامل هي الهواء والتراب والماء والنار. وحسب احصائيات رسمية قتل خلال مائة سنة مليون عامل منجمي في أبار الفحم الحجري.
6 ونظرا لأن آبار مناجم الفحم الحجري تتطلب أعدادا كبيرة من العمال، فيحصل وسط الطبقة العاملة المنجمية نوع من التضامن والتآلف وتطور الوعي الطبقي وسطها، مما يجعلها مع مرور الزمن تنظم نفسها وتبدأ بالمطالبة بحقوقها وبأجور أعلى تناسب المخاطر التي تتعرض لها. وبما أن الطبقة الرأسمالية مالكة المنجم تسعى دائما الى المحافظة على استمرار نفس قيمة الأجور حتى تحافظ على معدلات فائض القيمة المقتطعة فإنها تلجأ الى التعنت في الاستجابة الى مطالب العمال، بل تلجأ الى السلطات القمعية لقمع إضرابات العمال وطرد النشطاء منهم، حيث تصبح السلطات في خدمة الباطرونا. إذن فمناجم الفحم الحجري تصبح ميدانا للصراع الطبقي بين الطبقة العاملة المنجمية والطبقة الرأسمالية المتحكمة في تلك المناجم.

7 – يعتبر قطاع المناجم بصفة عامة القطاع الذي يضم أكبر عدد من العمال على الصعيد الدولي نظرا لتواجد هذا المعدن بكثرة في مختلف القارات. وتبقى الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر منتج للفحم الحجري في العالم. أما الصين فتبقى أكبر مستهلك لهذا المعدن في العالم. ورغم أن الفحم الحجري هو الأكثر افرازا لثاني أكسيد كاربون والمتسبب الأول في الاحتباس الحراري ورغم اتساع استغلال مصادر الطاقة المتجددة ، فلا يبدو أن استغلال الفحم الحجري سيعرف تراجعا في العشرين سنة المقبلة، نظرا لتزايد الاقبال على هذه المادة.

ثانيا: اكتشاف واستغلال الفحم الحجري في المغرب في ظل الاستعمار الفرنسي:

1 – اكتشاف واستغلال مناجم الفحم بمدينة جرادة المغربية انطلق مع فرض الحماية الفرنسية على المغرب، حيث بدأ التنقيب عن المعادن ومن بينها الفحم انطلاقا من سنة 1912. وفي دجنبر 1927 اكتشف البلجيكي اندري بريشان لفائدة شركته أوكري – مارياهاي، بمنطقة جرادة التي كانت خالية من السكان آنذاك، طبقة من الفحم الحجري، أظهرت التحليلات التي أجريت عليها في يناير 1928 أن الأمر يتعلق بفحم انتراست ذو القدرة الحرارية المرتفعة (7000 كيلو حرارية/كلغ) وستقدر احتياطيات الفحم الحجري آنذاك في منطقة جرادة ب 100 مليون طن. وهكذا منحت امتيازات منجمية مدتها 99 سنة للشركة الشريفة لمفاحم جرادة، وهي شركة مغربية بلجيكية، كما تم منح رخص معدنية للأبحاث قابلة للتجديد كل ثلاث سنوات. وانطلق الاستغلال منذ سنة 1932، كما انطلق بناء الطريق الرابطة بين جرادة ووجدة سنة 1936 على مسافة 150 كلومتر. وسيبدأ نقل الفحم الحجري على مسافة 700 كلومتر من جرادة نحو الدار البيضاء، حيث يتم تصدير جزء منه عبر ميناء الدار البيضاء.

2 – في سنة 1940 ستتحول الشركة الى مفاحم شمال افريقيا وهي شركة فرنسية مغربية تمتلك 68,9 % من الأسهم. بينما تركت باقي الأسهم (31 %) للمجموعة البلجيكية أوكري مارياهاي. وعند رفع رأسمال الشركة إلى 2.161 مليون فرنك، كان ذلك من نصيب كوفينيديس (أوكري – مارياهاي) البلجيكية والتي سيصبح لها أغلبية الأسهم أي (51 %).

3 – قدم أول المنجميين الذين عمروا مدينة جرادة من بين الفلاحين الفقراء المنتمين إلى مختلف القبائل والقرى المغربية، بحيث ستتشكل مدينة جرادة من مختلف مكونات الطبقات الشعبية المسحوقة المغربية على امتداد التراب الوطني، دفعها واقع البؤس والجفاف والاستغلال الاقطاعي الفرنسي الى التحول الى عمال في منجم الفحم بجرادة مقابل بضعة فرنكات دورية يعتاشون عليها في حدود ضمان كفافهم اليومي لتجديد قوة عمله، والاعتماد على ذلك الدخل الهزيل لتكوين أسرة أو استقدامها من البادية. وكثير ما كان العمل بالمنجم يحدث بشكل مؤقت قد لا يتجاوز شهرا أو شهرين. كما أن عددا من العمال كانوا يقضون جزءا من السنة في العمل بالمنجم بينما يقضون الجزء الآخر في قبيلتهم بين أهلهم. كما أن المساكن الأولى للعمال كانت عبارة عن خيام فقط.

الشكل البياني رقم 1

4 – كان منجم جرادة يشغل إذن حوالي 5.000 مستخدم في المتوسط، من أصل مغربي في أغلبيتهم، تنتمي أساسا الى منطقة وجدة حوالي ثلث العمال، أو من منطقة سوس حوالي الثلث أيضا، لكن قادمون أيضا من منطقة تازة ومن المنطقة المحتلة من طرف اسبانيا شمال المغرب، وأيضا من الدار البيضاء. ويمكن أن نضيف الى هؤلاء حوالي مائة فرنسي، إما فرنسيين مسلمين من أصل جزائري، واما شباب فرنسي غير مسلمين، متدربين. ويبقى عمال منطقة دبدو هم الأكثر استقرارا وتوارثوا العمل بالمنجم فاكتسبوا خبرة كبيرة في العمل المنجمي. مداخيل العمل المنجمي رغم هزالتها فقد كانت مستقرة وأعلى من مداخيل الفلاحة غير المستقرة.

5 – النسبة المرتفعة للعمال من منطقة سوس لا يجب الاندهاش لها، رغم بعد المسافة بين سوس وجرادة، حوالي 1.200 كلومتر. فساكنة منطقة سوس كبيرة وتزيد عن الموارد والامكانيات المتوفرة بسوس، وفي كل سنة تصدر الآلاف من شباب سوس. من جهة أخرى فإن السوسيين يتلاءمون مع العمل في باطن الأرض: قصار ونحيفي البنية، لكنهم أقوياء شديدي التحمل، خصوصا مع جودة التغذية، ينزلون برشاقة ودون صعوبة في المنافد الأكثر ضيقا. وكانت الباطرونا تحصل من خلالهم على مردوديات ممتازة، وقد عملوا على تحفيزهم بطعم الربح؛ فتعطشهم للربح كانت أسطورية. فهم يأتون إلى مدينة جرادة عزابا ويقررون جمع في أقرب وقت ممكن مبلغا من المال محددا مسبقا، ثم يعودون أدراجهم الى قبائلهم. ونتيجة لذلك فهم يبرهنون عن رصانة واقعية، ويحدث في بعض الأحيان أن يقلصوا من نسبة تغذيتهم من أجل الاقتصاد. هدفهم الأساسي العودة الى سوس بالنسبة للأغلبية، ثم الزواج وشراء قطعة أرض، وقطيع من الماشية أو دكان؛ بعضهم الآخر يبقى في المنجم ويرتقون في عملهم.

6 – وكانت إدارة المنجم تجري اختبارات نفسية وصحية على المرشحين للعمل بالمنجم ومعرفة مدى قدرتهم تحمل العمل تحت الأرض ومدى قدرتهم على استعمال الوسائل التقنية في الحفر واستخراج الفحم. وكلن التركيز على الخصوص على مدى تحمل العامل البقاء لمدة ثماني ساعات تحت الأرض منبطحا على بطنه أو جالسا القرفصاء في مكان جد ضيق ومزاولا باستمرار عملية الحفر وإخراج كميات الفحم المسؤول عن إخراجها. وبغض النظر عن أجور العمال التي كانت جد متواضعة (من 18.000 الى 20.000 فرنك في المتوسط شهريا أي حوالي 200 درهم حاليا)، فإن ظروف العمل كانت جد صعبة ولا تحترم فيها شروط العمل في مناجم الفحم. فتضاريس مناجم جرادة الداخلية تعتبر من بين أصعب التضاريس في العالم، نظرا لتعقد بنائها الجيولوجي، حيث تتشكل مرفولوجيتها من طبقات رقيقة يتراوح سمكها بين 0,3 و0,8 متر تحت عمق 600 متر. يضاف إلى ذاك هشاشة الرض المؤدية إلى انهيار الأتربة على العمال والتي كانت تتسبب في حوادث قاتلة.

الشكل البياني رقم 2

7 – ويضطر العمال داخل بعض مسالك البئر المنجمية، إلى الانبطاح على البطون والمشي على المناكب والعمل لمدى 8 ساعات منكمشين في مكان جد ضيق. كما أن العمل يتم في وسط ضعيف التهوية وكثيف الغبار لدرجة الاختناق، يضاف الى ذلك ضعف الانارة وغياب الإشارات المنبهة للأخطار. أما الحرارة فقد تصل في بعض المسالك إلى 45 درجة تضطر العمال للعمل بملابسهم الداخلية فقط.

8 – آليات العمل بسيطة ومحدودة وأغلبيتها تقليدية أو متقادمة، كما أن آليات النزول الى (السكيب) فيكتظ بها العمال وغالبا ما تسفر عن حوادث قاتلة. وبقدر ما تتزايد المخاطر المحدقة بالعمال بقدر ما تنعدم وسائل الوقاية من كمامات وقفازات وحتى في حالة توفرها فإنها تباع للعمال كبقية وسائل العمل الأخرى، كما لا تكون مجدية كثيرا لانها قد تساهم في اختناق العامل.

9 – المردودية الرأسمالية التي تنطلق من سعر التكلفة، تبلغ في المتوسط 700 كيلو لكل عامل، كانت هذه الكمية تبلغ 350 كيلوغرام سنة 1935، وقد تطورت خلال اليوم الواحد المكون من ثماني ساعات الى 1.110 كلغرام. فهي كمية أقل مقارنة مع مفاحم شمال فرنسا التي تبلغ 1.300 كلوغرام. ويحلوا للباطرونا الفرنسية والبلجيكية ارجاع هذا الضعف في الإنتاج المغربي، في نفس الوقت، الى طبيعة الاستغلال الصعبة في منجم جرادة، والى القاء اللوم خاصة على عدم كفاءة اليد العاملة المغربية وهو مبرر للحفاض على الأجور الهزيلة المقدمة للعمال. علما أن أجر العامل لا يزيد عن 20 في المائة من قيمة المردود اليومي الذي يحققه في ظروف استغلال جد صعبة.

10 – الفحم الحجري الانتراسيت المغربي عبارة عن فحم من النوع الجيد، غني بالكاربون، يتميز بطاقة مولدة للحرارة مرتفعة (7.500 إلى 8.000 سعرة حرارية)، ضعف مستواه الرمادي يضمن احتراقا بطيئا ومنتظم. لكن انتاج 500.000 طن، لا تتضمن نفس المفاوضات: فهناك عمليات انتقائية وغسيل تقدم للاستهلاك مجموعة من العروض الفحمية ذات استعمالات متنوعة. الجدول أدناه يبين كيف تم تفكيك انتاج سنة 1954، مع تبيان طبيعة كل مكون وسعر كل منتوج.

11 -والملاحظ أن المنتجات التي تنعت ب «النبيلة" (بمعنى ذات العيار الكبير 20 / 80) والتي تعتبر الأغلى، تمثل نسبة ضعيفة في مجموع الإنتاج (15,5 % سنة 1954)؛ بينما ذات العيار الصغير، والتي هي أقل جودة وتباع بأسعار أقل قتباع بكميات كبرى.


الشكل البياني رقم 3

12 – بلغ حجم الإنتاج سنة 1953، 560.000 طن، تم استهلاك ثلاث أرباع هذا الإنتاج داخل البلاد أي (387.500 طن)، بينما تم تصدير الباقي إلى كل من فرنسا والجزائر بمبلغ يفوق المليار (1.182 مليون فرنك). وقد تطور حجم انتاج الفحم منذ بداية استغلال مفاحم جرادة كما يلي: 1938: 123.000 طن؛ 1948: 290.000 طن؛ 1951: 394.000 طن؛ 1952: 460.000 طن.

13 – كان من نتائج تشكيل الحزب الشيوعي بالمغرب من طرف العمال الفرنسيين، دور حاسم في نشر ثقافة النضال النقابي وسط العمال المنجميين، فتم تشكيل نقابات قطاعية تابعة للمركزية النقابية الفرنسية (س.ج.ت) حيث تحولت هذه النقابات سنة 1946 إلى الاتحاد العام للنقابات المنجمية بالمغرب (U.G.S.C.M) حيث انخرط العمال المنجميين المغاربة ومن بينهم عمال جرادة رغم المنع والتهديدات الإدارية.
14 – كانت إرادة المناضلين النقابيين التابعين ل (س.ج.ت) هي توحيد جميع عمال المغرب بدون تمييز في العرق أو الجنسية أو الدين أو القناعة السياسية، من أجل إيقاظ وعيهم الطبقي والمحافظة على روابط التضامن مع الطبقة العاملة الفرنسية والعالمية.

15 – شكلت سنوات 1945 – 1948، فترة حافلة بالنضال والانتصارات المطلبية الكبرى، حيث أطلقت ثلاث شعارات عبأت حولها جميع العمال: "الأجر المتساوي في مقابل العمل المتساوي، والحق النقابي للجميع، ورفع الأجور والمرتبات". وقد تمكنت النقابات من تحقيق مطلب رفع الأجور المحددة باللوائح عدة مرات: 45 % سنة 1945؛ 25 % سنة 1946؛ 10 % سنة 1947.

وكان ذلك كتعويض جزئي للارتفاع السريع للأسعار نتيجة الظرفية الدولية للحرب العالمية الثانية. كما أن الحركات المطلبية لشهري مارس وأبريل 1984، فقد أدت إلى دخول عشرات الآلاف من العمال في إضرابات متتالية، وفي طليعتهم عمال السكك الحديدية وعمال التعدين والمناجم والمرافئ.

16 – قبلت الإقامة العامة في بروتوكول اتفاق، برفع الأجور بنسبة 50 %، كما اعترفت بمبدـ الحق النقابي بالنسبة للجميع، كما قبل ارباب العمل باستقبال المندوبين النقابيين، كما قبل ارباب العمل في نفس السلة، بكثير من التحفظ، أداء التعويضات العائلية للمغاربة.

17 – كان لنشاط الحركة النقابية من الخطورة بمكان، لم تقو الإقامة ولا أرباب العمل على تحمله لزمن أطول. فعلى إثر الإضرابات تم حل نقابات المناجم بخريبكة وجرادة، وكذلك الشأن بالنسبة لفدرالية المناجم (ماي – يونيو 1948)، كما أعتقل المئات من عمال المناجم، وحكم على البعض بالأشغال الشاقة وأبعد الآلاف من العمال مع عائلاتهم، ووقع تعويض العمال المغاربة بالمناجم بصورة كلية تقريبا.

18 –أن تجربة عمال مناجم جرادة تحت الاستغلال جعلتهم يتضامنون وينتفضون نقابيا وسياسيا على مستغليهم منطبقات رأسمالية مسيطرة على المنجم، فتحول نضالهم الى مدرسة للحركة العمالية المغربية في النضال والمقاومة وإرادة التحرر، وهذا ما سترته الطبقة العاملة المنجمية فيما بعد في ظل الاستقلال الشكلي حينما سيتواصل نفس الاستغلال والتراكم البدائي لرأس المال على حساب كرامة العمال.

19 – عرفت مدينة جرادة منذ بداية استغلال مناجم الفحم سنة 1932، نموا ديموغرافيا مهما، فمن قرية لا يتجاوز تعداد سكانها 853 شخصا فقط سنة 1936، إلى مدينة تعداد سكانها 11.126 شخص سنة 1952 بعد أن تضاعف عددهم ب 12 مرة.

ثالثا: شركة مفاحم جرادة من 1956 الى حين الاغلاق:
1 – عرفت السنوات الأولى للاستقلال مستويات محترمة من معدلات انتاج الفحم، حيث حافظ عمال المنجم على نفس وتيرة تزايد الإنتاج بحوالي 12 % سنويا، حيث كانت حصة من الإنتاج توجه نحو المحطات الحرارية لتوليد الكهرباء ونحو معامل الاسمنت. فيما يلي أحجام تطور انتاج الفحم فيما بين 1957 و1960: 1957: .000229، 12 %، 1958: .000235، 12 %، 1959: .000231، 11%، 1960: 257.000، 12 %.

2 - وقد ظهر واضحا أن إدارة شركة مفاحم جرادة بعد الاستقلال تريد المحافظة على نفس أسلوب استغلال مناجم الفحم بجرادة، خاصة بالنسبة للعلاقة مع الطبقة العاملة المنجمية. فالعنصر البشري وقوة عمل العمال هي المنتج الحقيقي لفائض القيمة وللأرباح، فلا المنجم ولا الآلات ولا حتى الفحم المستخرج بقادر على انتاج فائض القيمة وبالتالي الأرباح المرتفعة، فقط قوة عمل العامل المستخرج الحقيقي للفحم انطلاقا من الطبيعة، هي ما ينتج فائض القيمة انطلاقا من الأجور الهزيلة والعمل المجاني الذي تستولي عليه الباطرونا. فرغم الفرقعات الإعلامية للاستقلال الشكلي ظل عمال مناجم جرادة يرفلون في البؤس وتحد الأمراض الفتاكة من حياتهم نتيجة الأجور الهزيلة وعدم احترام شروط الوقاية أثناء العمل مما تتفاقم معه الأمراض وحوادث الشغل. فحتى قبيل اغلاق شركة مفاحم جرادة كان اجر العامل المنجمي في باطن الأرض لا يتجاوز 900 درهم شهريا والتي تم الوصول اليها بعد نضالات عنيفة للعمال في ظل تعنت واستغلال شديد لقوة عملهم.

3 - باستثناء مفاحم جرادة التي كانت تنتج الى حدود 1970 أقل من 500.000 طن، بينما كانت مجهزة منذ سنة 1953 من اجل انتاج 700.000 طن، فإن جهود الأبحاث لم تسفر عن أي اكتشاف جديد. منافسة الكهرباء الهيدروليكي الذي كان في طور النمو وزيت الفيول، والذي يتزايد استعمالهما في المحطات الحرارية، فرمل انتاج الفحم بجرادة. وكان يجب انتظار سياسة اكثر ارادوية لعقد السبعينات وتشغيل المحطة الحرارية بجرادة سنتي 1971 – 1972 والتي تمتص 95 % من الفحم المستخرج، لكي يتجاوز إنتاج الفحم ال 700.00 طن ويصل الى حجم أقصى وهو 837.500 طن سنة 1984.

4 – ورغم التغييرات وأشغال الحفر المنجزة، فإن هدف الوصول الى انتاج مليون طن لم يتحقق أبدا. تزايد التكاليف وصعوبات الاستغلال، واتجاه الاحتياطيات المحدودة نحو النفاذ وبيع الفحم بأقل من كلفة استخراجه وضع شركة مفاحم جرادة في وضعية مالية صعبة مما أدى الى الاقفال سنة 2000.

فيما يلي تطور حجم الإنتاج ما بين سنة 1955 وسنة 2000: 1955: 467.000 طن؛ 1960: 257.000 طن 1965: 636.000 طن؛ 1970: 657.000 طن؛ 1975: 652.000 طن؛ 1980: 628.600 طن؛ 1984: 837.500 طن 1985: 744.500 طن 1990: 518.000 طن؛ 1995: 649.600 طن؛ 2000: 28.570 طن.

5 – كافة المجهودات التي بدلت في الرفع من مستوى انتاج الفحم الحجري بجرادة والنتائج المالية المهمة التي تنتج عن البيع في السوق المحلية أو عند التصدير كانت تتم علي حساب إبقاء سعر قوة العمل منخفضا، نظرا لأن العمل الحي هو وحده المنتج لفائض القيمة. وبالموازاة مع استنزاف قوة العمل، كانت تحدث عدة حوادث داخل المناجم تكون مميتة أو تخلف عاهات، إضافة الى تفشي مرض السيليكوز.

6 – بلغ عدد العمال خلال عقد الثمانينات ما مجموعه 7479 مستخدما موزعين كالتالي: العمال: 6350؛ الأطر: 902؛ العمال المياومون: 100؛ المهندسون: 127. هذا مع العلم أن 87,7 % من العمال يشتغلون بباطن الأرض في ظروف قاسية ومحفوفة بالمخاطر. فمجرد نزول العمال إلى الآبار كان يشكل خطرا على حياتهم، مما يدفع عدد من العمال إلى ترك المنجم بشكل دوري. وترتب عن ذلك، أن عدد العمال الذين شغلتهم الشركة زاد عن 63 ألف عامل.

7 – لكن ندرة منافذ الشغل كانت ترفع مع الزمن نسبة الاستقرار، وتحصر المغادرين في المطرودين خاصة لأسباب نقابية. لكن واقع الاستغلال وعدم قدرة العمال على مغادرة العمل بمناجم الفحم رغم مخاطره نظرا لغياب البديل، عمق من حالة اغترابهم، فهاهو عامل منجمي في باطن الأرض، يصرح "المنجم عبارة عن جحيم، فهناك في باطن الأرض تنسى كل شيء، حتى أبناءك وأحلامك، ولا تفكر سوى في الحفر كالحيوان حيث يكون لدي أحيانا انطباع بأن صوتا يحدثني دون كلل: احفر إحفر أو مت".

8 – أجرة العامل في باطن المنجم، مشروطة بكمية الفحم المستخرج طيلة يوم العمل، فمقابل متر مكعب من الفحم (الطولة) يحصل الكادح على 25 درهم الى 35 درهم حسب التنقيط الذي يمنحه له المراقب، وفي أحسن الحالات لا يتجاوز أجر العامل الشهري 900 درهم. علما أن سداد الأجر يتم كل خمسة عشرة يوما. وواضح عدم تناسب الأجر مع المخاطر التي يكابدها العامل في انتاج الفحم ومع الأرباح القوية التي تحققها مبيعات الفحم والتي تدر على الباطرونا أرباحا كبيرة.

9 – قد يصطدم العامل بجهة صلبة داخل المنجم فيحفر دون الكثير من الجدوى، فيحصل على نقطة صفر مما يقلص من أجره، كما أن العامل يشتغل ستة أيام وهي فقط المدة التي يتقاضى عنها الأجر، أما يوم العطل فلا تحتسب.

10 – نتيجة فضاعة الاستغلال وقساوة الشروط المحيطة به، أصبحت حوادث الشغل متكاثرة بالمنجم، حيث كانت تسجل يوميا إصابات عديدة، يؤدي بعضها الى العجز التام أو الى الوفاة. وقد شهدت سنة 1981 ما مجموعه 1731 حادثة شغل خلفت 5 قتلى وفي سنة 1982 شهدت ما مجموعه 1624 حادثة خلفت 17 حالة وفاة. وفي سنة 1988 بلغ عدد ضحايا حوادث الشغل 240 ضحية.

11 – أعداء عمال مناجم جرادة اثنان، الباطرونا من جهة ومرض السيليكوز من جهة ثانية. فالسيليكوز يصيب الجهاز التنفسي للأشخاص الذين لهم احتكاك يومي بالسيليس خاصة عمال الفحم والاسمنت. والتعويضات على الإصابة بمرض السيليكوز أو حتى الوفاة من جرائه تعتبر هزيلة جدا. فهناك من اشتغل في باطن المنجم لمدة 16 سنة وأصيب بالسيليكوز وحدد عجزه في 70 % لا يتقاضى سوى 280 درهم في ثلاث أشهر رغم أن لديه 6 أطفال.

12 – بلغ عدد سكان مدينة جرادة سنة 1994 حوالي 64 ألف نسمة، حيث دفع انعدام منافذ الشغل بأغلبية العمال إلى الاستقرار وتكوين الأسر (95 %)، لكن مناجم جرادة لم تكن مؤهلة لإيواء جميع العمال، حيث كانت مساحة البيوت لا تتعدى 60 متر مربع بمدخل صغير ومرحاض وأحيانا بدون باب. وتسكن هذه البيوت في بعض الأحيان أسرة من عشرة أفراد بالنسبة للعمال المتزوجين، إذ من بينهم من يسكن مع أبنائه إضافة الى أقارب آخرين.

13 – التاريخ النضالي لعمال مفاحم جرادة منذ عهد الحماية جعلتهم ينخرطون بكثرة في المركزيات النقابية ويدخلون في إضرابات جماعية للمطالبة بحقوقهم المشروعة، رغم أن البيروقراطيات النقابية أو ما يسمى بالارستقراطية النقابية على مستوى الامانات العامة لهذه المركزيات كانت تعمل جاهدة على فرملة اندفاع العمال في مواجهتهم للباطرونا، بل وتعمل حتى على تكسير اضراباتهم وإيجاد حلول وسطى ملائمة لرغبات الباطرونا، لذلك تعددت النقابات العاملة وسط العمال.

14 – ويتذكر العمال القدماء سلسلة الإضرابات البطولية التي خاضوها في مواجهة تعنت الباطرونا، حيث يتدكرون اضراب سنة 1973، والذي قوبل بالقمع الوحشي والاعتقالات بالجملة وطرد العديد من العمال. وكذا اضرابات صيف 1981 و1984 وصيف 1985 والتي كان يغتقل على اثرها العديد من العمال. ثم اضراب ابريل 1987 ودجنبر 1988 والذي اعتقل على اثره الكاتب العام لنقابة المنجميين بعد محاصرة مقر النقابة. فرد الباطرونا على نضالات العمال كان دائما هو القمع والاعتقال والترهيب.

15 – في احدى تصريحاته لمح ادريس بنهيمة وزير الطاقة والمعادن أن من بين أسباب اغلاق مفاحم جرادة التكلفة الاجتماعية المرتفعة ونتيجة الإضرابات العمالية المتكررة، وهو ما يرفع التكاليف وينقص من المردودية.

16 – إن اغلاق شركة مفاحم جرادة الذي تم بعد مفاوضات ماراطونية بين النقابات والشركة اسفر على توقيع اتفاقية الاغلاق تتضمن عدة بنود من بينها خلق بدائل اقتصادية لاعادة ادماج عمال مفاحم جرادة وتشغيل أبنائهم. لكن هذا البند لم يتحقق. وقد عادر منذ سنة 2000 الى غاية 2014 حوالي 20 ألف من ساكنة مدينة جرادة العاملين بالمنجم. وأكدت احصائيات سنة 2014 أن عدد سكان مدينة جرادة تقلص الى 43 ألف نسمة.

رابعا: استمرار مأساة ساكنة مدينة جرادة مع الساندريات التقليدية لإنتاج الفحم:

1 – لم تجد الطبقة العاملة المنجمية أمامها، عقب اغلاق شركة مفاحم جرادة، سوى خياران، إما الهجرة نحو مدن أخرى قد تجد فيها مجالات أوسع للعمل أو اللجوء الى حفر تقليدي لآبار تسمى بالساندريات لاستخراج الفحم لفائدة "البارونات" الذين يحصلون من السلطة على رخص استخراج الفحم.

2 – فأمام انسداد آفاق الشغل بمدينة جرادة وغياب البدائل الاقتصادية أمام أبنائها، لم يجد شباب المدينة أمامهم مدا من العمل من جديد في حفر تلك الساندريات بوسائلهم التقليدية، ثم يعملون على استخراج أكياس الفحم لبيعها عبر وسائط البارونات الى المركز الحراري بالمدينة.

3 – ويبدوا أن هناك تواطؤا بين بارونات الفحم الحجري والسلطة حيث تسلم لهم هذه الأخيرة رخص استخراج الفحم، فيعمل البارونات على إيجاد وسائط بينهم وبين عمال مدينة جرادة، تعمل هذه الوسائط على تسليف أو كراء وسائل الحفر للعمال وتجهيز آبار السندريات ومدها بعدة وسائل تقنية، ويعمل العمال على استخراج أكياس الفحم، يأخد العمال مقابلها 60 درهما الى 80 درهم حسب المواسم الصعبة، ويبيع البارونات تلك الأكياس من الفحم الى المركز الحراري بالمدينة بمبلغ 800 درهم الى 1.200 درهم. أما الوسيط فيستخلص من الاثنين العامل والبارون مقابل خدماته وتسليفاته. الطرف الضعيف في العملية هو العامل الذي بالكاد يؤمن له ما يتقاضاه من مقابل أكياس الفحم تجديد قوة عمله واعالة عائلته.

4 – أما البارونات فراكموا في ظرف وجيز على حساب عمال الساندريات الملايير، نتيجة ملكيتهم لرخص المقالع وبيعهم للفحم للمركز الحراري. وهنا يتجلى مدى الاستغلال الوحشي الذي يتعرض له عامل الساندريات، فهو يشتغل بدون أي تأمين، ومعرض للمخاطر داخل الآبار حيث كثيرا ما تقع حوادث مميتة أو تخلف عاهات مزمنة أو تصيب العامل بداء السيليكوز. اغتراب العامل في هذه العملية أصبح مضاعفا،لأن جهوده وانتاجه يستولي عليه البارونات والمركز الحراري والسلطات المحلية المشرفة على تلك الرخص.

5 – ما بين سنة 2000 وسنة 2018، عرفت تعدد آبار الساندريات التي تجاوزت الألف عدة حوادث مات خلالها 47 عامل. واذا كانت ردود فعل العمال في السنوات الأولى لاقفال شركة مفاحم جرادة ضعيفة لا مبالية لأن أعداد الوفيات كانت ضعيفة. إلا أن تجاوز هذه الوفيات العدد الأربعين مع تجاهل السلطات الكامل لبنود اقفال شركة مفاحم جرادة القاضية بإيجاد بدائل اقتصادية لاعادة ادماج شباب المدينة وضعف مداخل الساكنة وارتفاع فواتير الماء والكهرباء وارتفاع حدة البطالة بين الشباب التي وصلت الى 27 في المائة، شكلت تراكما كافيا لانفجار غضب الساكنة. حيث تمظهر في البداية على شكل احتجاج على غلاء أسعار فواتير الماء والكهرباء واتخاذ قرار عدم سداد تلك الفواتير، وهو ما جعل السلطات تقدم على قمع تلك الاحتجاجات وتلقي القبض عل الناشطين من الشباب. لكن وفاة شقيقين في احدى الساندريات يوم 22 دجنبر 2017، أجج غضب ساكنة مدينة جرادة بكاملها، متذكرة تجاهل باطرونا مفاحم جرادة تنفيذ بنود اتفاقية الاغلاق، وأن ما يحصل من وفيات وامراض وبيس بالمدينة سببه هذ ذلك التجاهل. لقد كانت الوفيات المتعددة وتجاهل السلطات لبنود الاتفاق واعتقال أبناء المدينة عقب احتجاجهم على غلاء أسعار الماء والكهرباء، بمثابة الأرضية التي تضفي المشروعية على غضبهم واحتجاجاتهم. ومنذ دجنبر 2017 الى غاية مارس 2018، كانت الاحتجاجات يومية، أججتها حصول وفيات لاحقة، لكنها كانت احتجاجات سلمية، وبملف مطلبي واقعي في مقدمته ضرورة وفاء السلطات ببند اتفاقية الاغلاق القاضي بإيجاد بدائل اقتصادية.

6 – حاولت الحكومة في البدائة ايفاد بعض أعضائها لمفاوضت الساكنة وهو ما قام به كل من عزيز أخنوش وزير الفلاحة وعزيز الرباح وزير التجهيز، ثم بعد ذلك جاءت زيارة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني الى مدينة وجدة مقدما عرضا حكوميا آخر لا يستجيب لمطالب ساكنة جرادة. ورغم تزكية العرض الحكومي من طرف عدد من الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية ورؤساء الجماعات المحلية وجمعيات المجتمع المدني. الا أن ساكنة مدينة جرادة رفضت ذلك العرض وتشبثت بمطالبها، وواصلت احتجاجاتها السلمية. وهذا ما أجج غضب الحكومة وأمرت بقمع احتجاجات ساكنة جرادة واعتقال أبنائها الذين بلغ عدد المعتقلين منهم الى اليوم حوالي 94 معتقل ومحاكمتهم لاسباب مفبركة معا اجترار تلك المحاكمات الى اليوم.

بدلا من الخاتمة:

1 - كان غرض هذا العرض المخصص لأزمة عمال مدينة جرادة بين الأمس واليوم، هو التأكيد على تشابه الاستغلال والقمع والنضال والأزمة بين الأمس واليوم. فنفس المشاهد من الاستغلال والمعاناة وتأزيم أوضاع الطبقة العاملة المغربية الشريفة المنتجة لخيرات وفيرة تستولي عليها الباطرونا والطبقة الرأسمالية بدون عمل يذكر، هي نفسها المشاهد التي حدثت تحت هيمنة الاستعمار الفرنسي ثم تكررت عقب الاستقلال الشكلي تحت هيمنة الباطرونى المشرفة على شركة مفاحم جرادة وهي أيضا المشاهد التي تتكرر بعد اغلاق شركة مفاحم جرادة دون ان تحقق بنود الاغلاق والتي لا زالت مستمرة الى سنة 2018،والتي زج بسببها حوالي 94 شاب من شباب جرادة ذنبهم الوحيد انهم يطالبون الدولة بالوفاء بوعدها في إيجاد بدائل اقتصادية.

2 – كان غرض الاستعمار وباطرونا مفاحم جرادة هو استنزاف خيرات المدينة من الفحم على حساب سكانها دون أن تفكر في إقامة بدائل اقتصادية بالمدينة، بل كانت تنهب وتصرف فوائض القيمة المستخلصة من قوة عمل الكادحين بعيدا عن مدينة جرادة، وتشكل مصدر ثروات الطبقة الرأسمالية المهيمنة في بلادنا بدون شريك.

3 – ما هي اليوم أهم الأفكار التي يمكن الدفاع عنها بخصوص أزمة عمال مدينة جرادة ومعتقليها:

أ - نضال ساكنة جرادة مشروع وسلمي

ب - من حق ساكنة جرادة رفض العرض الحكومي والتعبير عن احتجاجاتهم على اهمال تنمية مدينتهم

ج - عدم مشروعية الاعتقالات التي حدثت لان الاحتجاج مشروع وكان سلميا

د - عدم استماع الأحزاب والنقابات والجمعيات والجماعات المحلية لساكنة جرادة والدفاع عن مطالبها يجعلها خارج دائرة الوساطة

ه - الوساطة بين الدولة والساكنة يجب ان يقع بين أبناء جرادة والمعتقلين منهم بعد اطلاق سراحهم

و - المطالبة بالاطلاق الفوري لسراح جميع المعتقلين على خلفية الحراك الشعبية

ز - حراك جرادة مثل حراك الريف ينشأ قوة مضادة للعدوان الحكومي على القوت اليومي للطبقات الشعبية المسحوقة

ح – ضرورة استمرار التضامن الشعبي ووحدة النضال فهو الضمانة الوحيدة لتحقيق المطالب

https://www.facebook.com/groups/matin.rouge/?ref=bookmarks

https://www.youtube.com/watch?v=5_-WEDCa_LE&t=2376s








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي