الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنتريات أردوغان التي لا تنتهي !

درباس إبراهيم

2018 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


أردوغان الذي يمتاز بخطاباته الشعبوية المثيرة للسخرية ،يبالغ كثيرا في خطاباته بوصف نفسه، وإمكانيات بلده في مواجهة القوى العظمى ،والمخاطر الداخلية ،والخارجية ،ولكن الواقع هو عكس ما يصوره أردوغان لجماهيريه ،وعنترياته تشبه كثيرا عنتريات الرؤساء الذين يصابون بجنون العظمة ويظنون أن بإمكانهم فعل كل ما يرغبون ويريدون من دون أن يجرؤ أحد على الوقوف بوجههم ، لكنهم في النهاية يصطدمون بواقع مغاير عن الواقع الذي يصورنه في مخيلتهم ،وفي الغالب نهاية هذه النماذج تكون مأساوية.

استطاع أردوغان أن يضحك على ذقون السذج من الجماهير ( السنية ) غير التركية من خلال رفع شعارات رنانة كالوقوف بوجه إسرائيل والدفاع عن أهل سوريا والوقوف بوجه الإمبريالية ...الخ ، وقد لعب الإعلام العربي وتحديدا قناة الجزيرة وبعض الشخصيات الدينية العربية والكردية دورا كبيرا بالترويج لسلطان السنة (العثماني) أردوغان الذي كان يريد أن يتصدر تركيا العالم الأسلامي وأن تحل تركيا محل السعودية خاصة بعد الهزات التي تعرضت لها السعودية في السنوات القليلة الماضية ،فحاول الإعلام إظهار أردوغان على أنه حامي حمى المسلمين السنة ، وأنه الإمام العادل الذي سينشر عدله في كل مكان .

لكن سرعان ما أنكشف السلطان على حقيقته عندما ترك أهل حلب يواجهون الموت لوحدهم ،لقد باعهم السلطان بثمن بخس للنظام السوري وروسيا وإيران ،الذين عاثوا فسادا وخرابا في المدينة ، وأصبح الخط الأحمر الذي كان أردوغان يهدد به النظام وحلفاءه خطا أخضرا قابلا للمرور .

وقبل ذلك عندما أسقطت تركيا طائرة روسيا ،خرح بوتين ببيان يهدد بقطع العلاقات الاقتصادية مع تركيا ،ثم خرج أردوغان بعد ذلك ليرد على بوتين ردا "عنتريا" قائلا : تركيا لن تعتذر لأحد ، و أن من أنتهكوا أجواءنا هم من عليهم أن يقدموا الاعتذار ،وبعد أن رفض أردوغان تقديم الاعتذار لروسيا ،نفذ بوتين تهديده وبدأ بقطع العلاقات الإقتصادية مع تركيا تدريجيا ،فتأثر الاقتصاد التركي الهش .ليضطر أردوغان بعد ذلك التراجع عن تصريحاته "العنترية" السابقة وذهب إلى موسكو صاغرا يعتذر لبوتن !

قبل بدء معركة الرقة ، صرح أردوغان تصريحا "عنتريا" قال فيه: أن هذه المعركة لن تبدأ من دون مشاركتنا فيها ، وأعترض على مشاركة قوات سوريا الديمقراطية إلى جانب قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية ، إلا أن تصريحات أردوغان (العنترية) لم توقف معركة تحرير الرقة التي بدأت من دون مشاركة تركيا ،بل وبمشاركة قوات سوريا الديمقراطية ، واكتفى أردوغان كعادته بتصريحاته " العنترية" المعترضة على عدم السماح لتركيا بالمشاركة في المعركة وبالمقابل السماح بمشاركة قوات سوريا الديمقراطية ،لأن ببساطة تركيا لا تسطتيع الوقوف بوجه مصالح وطموحات دول عظمى كأميركا أو روسيا .

أردوغان وضع خطوط حمر على كل المحافظات والمواقع التي كان يسيطر عليها المعارضة السورية ،فخسر المعارضة كل تلك المواقع ولم يبق لها سوى إدلب ، وكل ذلك حصل نتيجة إتفاقات بين تركيا و روسيا وإيران على حساب المعارضة التي كانت تظن أن تركيا ستقف بجانبها وتحميها لكن ذلك لم يحدث فتركيا لم تحم إلا مصالحها ،ولولا الضغوطات الاميركية والأوربية والأمم المتحدة على روسيا ؛ لأصبحت إدلب إيضا بيد روسيا والنظام .
العنترية الوحيدة التي نفذها أردوغان على أرض الواقع في سوريا هي عنترية إحتلال مدينة عفرين الكردية ، وأستطع إحتلال عفرين لسببين ،السبب الأول هو أن منطقة عفرين لم تكن تحت الحماية الأميركية ،والسبب الثاني هو أن روسيا لم تكن تهمها عفرين بقدر ما كانت مهتمة بالغوطة التي باعها أردوغان لها مقابل عفرين ، بمعنى آخر لو كانت عفرين تحت الحماية الأميركية أو الروسية لما تجرأ أردوغان من الاقتراب منها .

وفي العراق خرج أردوغان "بتصريح"عنتري ناري يقول فيه لن نسمح بمشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في معركة الموصل ،لكن بعد ذلك شاركت ميليشيات الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل بل ومازالت إلى يومنا هذا تتواجد في المدينة ، ولم يحرك أردوغان ساكنا !
وبعد إستفتاء اقليم كردستان خرج أردوغان بعدة تصريحات عنترية يهدد بغلق الحدود مع كردستان ومنع تدفق النفط عبر حدود بلده ، لكنه لم ينفذ تهديداته، ولم يجازف بمصالح بلده الاقتصادية في كردستان ،لذلك لم يغلق الحدود ولو لدقيقة واحدة .

أما عنتريات أردوغان ضد إسرائيل فهي لا تعد ولا تحصى ، فعلى الرغم من أن تركيا تعتبر ثاني دولة ذات أغلبية إسلامية بعد إيران أعترفت بدولة إسرائيل ، وعلى الرغم من علاقة إسرائيل القوية من الناحية الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع تركيا ، إلا أن النظام التركي لا يترك مناسبة إلا ويتاجر بالقضية الفلسطينية بالشعارات و الكلمات الرنانة التي يطلقها اردوغان (إعلاميا) بين الفينة والأخرى في محاولة منه لخداع البسطاء ، علما أن المبادلات التجاري بين تركيا وإسرائيل في عهد أردوغان كان نشطا أكثر من أي عهد آخر ، حيث بلغ التبادل التجارية بين البلدين في العام 2016 إلى أكثر من 4.2 مليار دولار لترتفع بنسبة 14% في العام 2017، وفي الوقت الذي ندد أردوغان بنقل السفارة الأميركية إلى القدس كانت شركة تركية تتفق على بناء السفارة الأميركية في القدس !

استغل أردوغان مأساة السوريين خير استغلال ،واستخدم اللاجئين كورقة رابحة لابتزاز الدول الأوربية التي ترفض دخول تركيا في إتحادها لأسباب كثيرة ،أبرزها عنتريات أردوغان التي لا تنقطع ضد أغلب الدول الأوربية .

وفي أزمة القس الأميركي الذي قبضت عليه تركيا وأتهمته بالتجسس ،أزدادت عنتريات أردوغان ضد أميركا حيث قال أنه لن يخضع للضغوطات الأميركية ،لكن بعد العقوبات الأميركية التي ساهمت في هبوط الليرة التركية إلى مستويات قياسية ،رضغ أردوغان للمطالب الأميركية ،وأطلق سراح القس برانسون .

حقيقة يستحق أردوغان أن نعطيه لقب بطل (العنتريات) العالمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر