الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمة التطهير العرقي في القانون الدولي

خالد الخالدي

2018 / 10 / 16
دراسات وابحاث قانونية


في ظل مختلف اشكال وافعال الانتهاكات الجسيمة الواسعة النطاق والتي جاءت كاستراتيجية مارسها ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف – داعش – بحق الاقليات العرقية الدينية القومية الاثنية في العراق و كوردستان العراق وخصوصا ( الايزيديين – المسيحيين – الشبك – الكاكائيين ) ) والتي تاتي في اطار النزاع المسلح الذي يقوده هذا التنظيم المتطرف ضد البشرية جمعاء و الذي يشكل تهديدا واضحا للسلم العالمي والانساني عبر تهديده لسلامة وامن الدول والاقاليم نجد ان تطبيق استراتيجية التنظيم والتي توصف بالتهجير القسري او الابعاد الجماعي للمدنيين تأتي ضمن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان و حسب وصف الامم المتحدة لها بقرارها 47 / 121 اعتمد الوصف القانوني لها ب( التطهير العرقي ) والذي جاء اشارة لما واجهته الاقلية الاسلامية في يوغسلافيا سابقا من اعمال وجرائم ابادة جماعية تم الاعتراف الدولي بها وتحديد ما يقارب 200 الف لضحاياها بين عامي 1991 – 1999 حيث ان الانتهاء الفعلي كان بكوسوفو وبدأ بالبوسنة والهرسك وبما ان طبيعة الصراع الاني في العراق يختلف كثيرا عن الصراعات المسلحة التي واجهتها الانسانية لأنها تميزت بانتهاكات فاقت المديات القانونية التي يمكن ان يسترشد بها الحقوقيون والمدافعون عن حقوق الانسان لتوصيف وتكييف هذه الانتهاكات لكثرة اشكالها وتشعبها اطرح هنا خلاصة لبحث حول مفهوم التطهير العرقي مستعينا بما مر به الجنس البشري من احداث مماثلة يمكن ان نخرج منها بتوصيف مقارب لهذا النوع من الانتهاكات الجسيمة والا يبقى التوصيف ضمن صلاحيات الجهاز التشريعي والقضائي في جمهورية العراق على المستوى المحلي و الامم المتحدة والاجهزة المرتبطة بها وفق القانونين الدولي والانساني لحقوق الانسان على المستوى الدولي .
ووفق ما تقدم فأن التطهير العرقي حسب التعاريف في القانون الدولي العام هو (مخطط للتخلص المتعمد من سكان إقليم معين، لأشخاص من مجموعة عرقية معينة، وذلك باستخدام القوة أو التخويف )
او يعرف انه أي التطهير العرقي ( هو اجبار الناس على المغادرة بوسائل تستخدم لتحقيق هذه الغاية النهائية والتي تتفاوت بين القانونية وشبه القانونية )
او قد يعرف التطهير العرقي على انه ( سلسلة من الاجراءات قانونية او غير قانونية الهدف منها افراغ اقليم معين من فئة معينة لصالح اقليم اخر وفئة اخرى )وهذه اهم التعريفات الدولية للمصطلح
لوعدنا الى الانتهاكات التي ترافق جريمة التطهير العرقي والتي تم بموجبها اطلاق هذه التعريفات سنجد انها القتل الفردي والجماعي والاغتيالات المنظمة والتعذيب سواء كان بفعل السلطة او باغفال منها او خارج اطار القانون والاعتقال التعسفي والاحتجاز والإعدام خارج نطاق القضاء والاغتصاب الفردي والجماعي و العنف الجنسي اجمالا و حصار السكان المدنيين و التهجير والترحيل و الابعاد والطرد للسكان المدنيين بشكل قسري او خلق ظروف توفر هذه الغاية والهجمات العسكرية المتعمدة او التهديدات بشن هجمات على المدنيين و المناطق المدنية والتدمير المتعمد للممتلكات .
الان لو اردنا مؤامة لهذه التعريفات الكثيرة بما يقابلها من الانتهاكات في سياق جمهورية العراق وخصوصا وضع الاقليات لربما سنجد ان التعريف الاتي سيكون مقاربا وهو مستوحى من تعريف الابادة الجماعية ضد المسلمين في يوغسلافيا السابقة
التطهير العرقي في جمهورية العراق هو ((المخططات التي تم اتخاذها كاستراتيجية تحتوي وسائل عنيفة وترهيبية ( اثارة الفزع والخوف ) مورست ضد فئات معينة عرقية ودينية واثنية ضمن مناطق جغرافية بعينها لصالح فئة اخرى بواسطة تنظيمات مسلحة لا تمتلك اي صفة معنوية ))
يجدر الاشارة الى ان ارهابية بظل عدم وجود تعريف للارهاب قد يكون به سجال كلامي ترهيبية قد تكون ملائمة اكثر .
تبرز اهمية مصطلح التطهير العرقي قانونيا انه يتداخل وبشكل كبير مع مصطلح جريمة الابادة الجماعية وقد استخدم كثيرا مع كل اشارة الى الابادة الجماعية في يوغسلافيا والسبب ان ما جرى هناك اعطى بعدا جديدا على جميع الاصعدة لهذا المصطلح لان كم ونوع الانتهاكات التي مورست تحت يافطة هذا المصطلح دفعت الامم المتحدة الى اصدار قرار جاء فيه
( السياسة المقيتة للتطهير العرقي ) بقرارها 47 / 121 لكن مهما بلغ التطهير العرقي من مديات فهو يعد شكلا من اشكال أفعال جريمة الابادة الجماعية وليس جريمة ابادة جماعية اي لايمكن الاعتماد على التطهير العرقي لوحده باثبات الابادة بل نحتاج الى اثبات ان ماحدث هو تطهير عرقي من خلال دعمه بإحدى فئات الافعال التي تم حصرها بالفقرة الثانية من اتفاقية منع وقوع الابادة الجماعية 1948 او المادة السادسة من النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية 1998 من ثم يتم تقديم هذا الانتهاك على انه شكل من اشكال أفعال جريمة الإبادة الجماعية والحال ينطبق على الأقلية المسيحية في العراق اذا ما تم العمل الفعلي والجاد على دعم الفقرتين باء وجيم من المادة السادسة باثبات التطهير العرقي .
ان ما جعل هناك لبسا هل هو فعل جريمة ابادة جماعية ام لا هو اثبات النية فجريمة الإبادة الجماعية تتطلب التدمير الجزئي او الكلي بقصد اهلاك الجماعة وانهاؤها فمثلا لا يعني بالضرورة ترحيل وتهجير جماعة ما جريمة ابادة جماعية الا اذا ارتبط بقصد جنائي واضح جرمي التدمير الجزئي او الكلي او انهاء وجودها هذا التداخل الكبير بين جريمة التطهير العرقي وبين جريمة الابادة الجماعية دفع المشرع في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا الى اطلاق تفسير في 2 اغسطس 2001 حكم امحكمة الفقرة 562 جاء فيه (يوجد تشابه واضح بين سياسة جريمة الإبادة الجماعية والسياسة المعروفة باسم جريمة التطهير العرقي)
اذ ربطت المحكمة انه لاجل التفريق بين السياستين لايمكن ان يجزم به الا بدليل يتضمن اثبات النية على ان التطهير العرقي كان الغرض منه هو ممارسة فعل اجرامي مشدد بهدف التدمير ، من جانبها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في اقتباس من محكمة العدل الدولية جاءت بتفسير اكثر وضوحا بخصوص المصطلحين حددت العلاقة بينهما وهو
(( هناك فرق واضح بين التدمير المادي ومجرد تشتيت الجماعة اذ لا يكفي طرد جماعة أو جزء منها في حد ذاته للإشارة إلى جريمة إبادة جماعية ))
الان اصبحنا امام مدى حجم الترابط في بعض ملفات الانتهاكات و عليه يجب علينا كمدافعين عن حقوق الانسان ان نكون دقيقين جدا بالتعامل مع المصطلحات علينا ان نكون دقيقين جدا بالتعامل مع ما يرد بالتقارير الدولية لانها أولا واخرا حقوق مجتمعات وحقوق ضحايا لا يمكن التهاون بها .

المصادر
1 - المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة
2 - تاريخ الابادة البوسنية
3 - قرار الامم المتحدة 47 / 121
4 - مشاركات بدورات تدريبية سابقة تضمنت قانون المحكمة الجنائية الدولية icc








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عائلات الأسرى الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ويطالبون بالإ


.. States must intensify their efforts to combat climate change




.. شبكات | اعتقال وفصل موظفين من غوغل احتجوا على مشروع نيمبوس م


.. لحظة اعتقال شيف سوري في تركيا




.. محمود عباس يرفض طلبا أميركيا بالتراجع عن تصويت عضوية فلسطين