الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سامحيني .. أغنية العماري الريفي المناهض لاضطهاد المرأة

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2018 / 10 / 16
الادب والفن


سامحيني .. أغنية العماري الريفي المناهض لاضطهاد المرأة

ـ أسماء محمد مصطفى

حين سمعت أغنية (سامحيني) لعبادي العماري ، وللمرة الأولى ، استوقفتني، ليس لأنها أخذتني الى عوالم جميلة من الحب وطلب السماح فقط ، وإنما لأنها كانت المرة الاولى التي تناهت فيها الى سمعي أغنية عراقية تتناول موضوعة تنازل رجل عن كبريائه واعتداده ليطلب من المرأة الحبيبة السماح، وهو تنازل يمثل قمة الحب ولايقلل من قيمة الرجل كما قد يتصور بعضهم وبعضهن ، بل إنه يزيد من اعتزاز المرأة به وبحبه سواء أكانت تبادله الحب وهي هنا تعتز به وتحترمه وتحبه كذلك ام لاتبادله وهي في هذه الحالة تحترم موقفه ، ومثل هذا الاحترام من فنان هو قضية إنسانية تستحق مبادلتها بالمثل من الجمهور لاسيما النساء :
" سامحيني
سامحيني يانبع ريحان حبي
الغاركَ بروض المحبة
سامحيني ياملاك الرغبتني
بهالحياة المالي بيهه جنت رغبة
سامحيني ياطلبتي البلعمر
والعمر ينطي البشر بالدنيا طلبه
وآنة رايي آنة رايي
بهالحجاية البيني وبينج بسيطة وموش صعبة
يارخص حبي وغلات اجفاي عندج
يارخص عيني المسجبة
جا نسيتي افلان انه
الماصح ورك وبورد كمتي اتكاتبيني
جانسيتي افلان انه
ذاك الاجي ولو جو هلج
تحت العباية اتلبديني
جا نسيتي امرار ماجي
ومثل جية المفصلة لمن تجيني
ها ترى جدم الصخر لان وتكلم
وهم صخر لو جان كَلبج كلميني
كلميني بعد مابياش اكَلج سامحيني
واخجل النفسي وسمعتي
لني واكَف بين اديج اتوسلج وتحاسبيني "

وحين أطلعت على سيرة عبادي العماري (عبادي هاتو فياض المحمداوي) الذي ظهر في ستينيات القرن العشرين ليكون أبرز مطربي الأغنية الريفية لم استغرب أن يغني"سامحيني" ، فهو من مدينة العمارة / المجر، المسكونة بحب الفن والجمال ، لاسيما إنها قريبة من عالم الأهوار الساحرة ، وللمرأة دور في الحياة الاجتماعية والعمل والكفاح الى جانب الرجل ، لذا اكتسبت مكانة اجتماعية ، حيث المجتمع أكثر انفتاحا وأقل تعصبا ، ولم تكن مهمشة تماما كما كنت اتصور. وهذه المعلومة عن مكانة المرأة في المجر عرفتها من خلال زوجي المجراوي ، فأنا بغدادية ولم أحتك بمجتمعات جنوبية قبل زواجي ـ ومع ذلك كان هناك بعض الممارسات والأعراف المرفوضة التي أخذت تتقلص مع إتساع مساحة الوعي ، ومن هنا تأتي أهمية الأصوات الفنية التي نادت ومنذ عقود بالانتصار للمرأة ضد الممارسات المسيئة ، وليس التغزل بها فقط ، ومنها صوت المجري عبادي العماري الذي كان مطربا ذا موقف ولايغني لمجرد حب الغناء ، فقد دافع عن المرأة ضد الظلم ومن ذلك تقديمها ثمناً لتسوية الفصول العشائرية وله عن هذه العادة غير الإنسانية أغنية بعنوان (فصلية) أداها عام 1973 . يقال إنّ من كتب كلماتها هو الشاعر الشعبي ناصر محسن الساري :
"جابوها دفع للدار لاديرم ولاحنه ولاصفكَه ولادف النعر بالسلف لاهلهوله لاملكَه
سالت الناس عن قصة هالبنيه شعجب جارو عليها بغير حنيه
ورديت بكَلب حزنان من كَالوي فصليه
العنت ظلم التقاليد بالف حركَه عمنهه الاخضر الهرفي بسعر اليابس تحركَه
احديثه اتكول حوريه بربيع العمر مياله حرام ادموعهه الطيبات عالخدين همالهه
وين العطف والرحمه يفصاله لاسوت ذنب لاهيه جتالهجاهيجي حكم ديوانك المهيوب ودلاله علي تحرم فناجينه وكهوته وكعدت ارجاله
غصبتوها ظلمتوها حرمتوها هضمتوها وهبتوها لشخص ظالم حتى من العقل ما يملك اوشاله
يحاجيها بدفرته وكَال فصليه عساها ابخت من فصلوا واطو مهرة الفارس لوادم ماهي خياله
وحوبتها وراهم دوم تحركَهم بكل شهكَه
تتحسر تدير العين محد يرحم الشكوى اسيره تكَول جابوها بلارحمة ولاسلوى
ياديوان السلف بسك فحطنه من الفصل والثار والنهوه " .

كتب عن عبادي العماري باحثون ومنهم الباحث الراحل قاسم موسى الفرطوسي الذي وثق حياة العماري وذكر ( أن عبادي من عائلة فقيرة وولد عام 1941 في كوخ من القصب والبردي ... تأثر بماشاع في الأهوار من أغانٍ فضلا عن تأثره بمطربي الريف الرواد كجويسم كاظم وسيد محمد وسلمان المنكوب وصالح الحمراني ومسعود العمارتلي ، وغنى الهجع والبستة في مرحلة المراهقة . هاجرت العائلة الى بغداد عام 1958 وسكنت في منطقة شعبية اسمها الشاكرية فأتيحت له فرصة الغناء في (الشاكرية والميزرة والوشاش) ومن ثم مدينة الثورة سابقا ، وفي بغداد التقى عبادي العماري برواد الطرب وتعرف عليهم امثال داخل حسن وحضيري بوعزيز وناصر حكيم وغيرهم الذين سبقوه الى الإذاعة والتلفزيون وعندما ذاع صيته أصبح مطربا معروفا تلاقفته مكاتب التسجيل في بغداد والمحافظات لاسيما بعد أن شكل ثلاثيا مع الشاعر عباس الخياط ( صاحب تسجيلات الخيال ) وعازف الكمان الشهير فالح حسن فغنى لعباس الخياط عشرات الأغاني ومئات الأبوذيات وكذلك غنى لمعظم الشعراء الرواد بالرغم من كونه شاعرا شعبيا حيث كانت أغانيه من نظمه وكانت موجهة وهادفة ضد العادات والتقاليد الاجتماعية والدخيلة على عاداتنا الاصيلة ).

توفي العماري في أواخر ثمانينيات القرن العشرين بعد رحلة غنائية تمتد لأكثر من ربع قرن تاركا وراءه أغاني ومواويل مازالت ماثلة في ذاكرة مستمعيه الى جانب أغنيتي "سامحيني " و"فصلية" كـ " سليمة ، بيَّن ماعندك وفه ، قطار الشوق ، لابالنجف لابالكوت ، بت جبار ، دكتور ، الريم الأسمر ، الشدة هينة تصير بمعاضد هواك ، دار أهلي الزهية ، عزاز والله أنتم علينا ، ياعيني شو نمتي ، شالو احبابك ، إذا قال فيك الناس ، وياي أخذ صورة ، عرفنا أسباب زعلتكم علينه ، توبة نتوب لا هايه بعيدة ، هاك اسمع " ، تلك الأغاني والمواويل والأبوذيات التي تمثل إرثا فنيا يستحق الاحترام والإشادة والحفاظ عليه بصفته صفحة مشعة من صفحات التراث العراقي الأصيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو


.. صباح العربية | على الهواء.. الفنان يزن رزق يرسم صورة باستخدا




.. صباح العربية | من العالم العربي إلى هوليوود.. كوميديا عربية