الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن ان تعود دولة لبنان سويسرا الشرق .... ولماذا لبنان وحده يدفع ثمن فاتورة القضية الفلسطينية؟

يعقوب يوسف
كاتب مستقل

(Yaqoob Yuosuf)

2018 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



هل يمكن ان تعود دولة لبنان سويسرا الشرق؟
ولماذا لبنان وحده يدفع ثمن فاتورة القضية الفلسطينية؟
الجزء الأول
لماذا مقارنة لبنان بسويسرا؟
بدأً جميعنا يعرف ماذا تعني كلمة سويسرا البلد الصغير نسبيا سواء في المساحة (41285 كم2) اوفي تعداد السكان (8.3 مليون)
ويجب ان نعلم ان هناك تشابه كبير بين طبيعة لبنان وسويسرا، ويتميز لبنان عن سويسرا انها بلد يطل على البحر وهذا امر له أهميته الكبيرة في استقلالية الدولة، فيما كان انغلاق سويسرا في قلب أوروبا سببا في الكثير من الغزوات.
.
وكلنا يعلم ان هذا البلد الذي تمسك شعبه بالحياد التام تحول الى واحد من كبار بلدان العالم في الاقتصاد حيث تتواجد على ارضه العديد من الشركات العملاقة متعددة الجنسيات في كافة المجلات، ومكانته الرفيعة في العديد من المجالات الصناعية، فمن منا لا يعرف مملكة الساعات العظيمة ونستلة والأجهزة الدقيقة والآلات الموسيقية والكيماويات والأدوية، صناعات من مختلف الأنواع بما فيها المنتجات الثقيلة وصناعات تنتج للتصدير بسبب جودتها،
والبلد الذي لا يملك جيشا قويا ولا يرسل قواته للحروب وانما تستخدم قواته لحفظ السلام ينتج العديد من الأسلحة للأغراض التصديرية.
.
وهذا البلد الجبلي الثلجي يعتبر من البلدان المتقدمة في المجال الزراعي وفي السياحة فهي من أرقى الدول في هذا المجال، ولديها اقوى الأنظمة المصرفية العالمية المعروفة بحساباتها السرية وفيها ينعقد سنويا المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ومؤتمرات بازل للأعمال المصرفية وكانت جنيف مقر ا لعصبة الأمم المتحدة.
وخلاصة القول انه اغنى شعب في العالم حيث معدل دخل الفرد السنوي فيها يقدر ب (100000) دولار، وقد سخرت سويسرا قدراتها المالية الهائلة في خدمة شعبها ورفاهيته، وكذلك الحال في الاتصالات وأرقى شبكات السكك الحديدية والانفاق والعديد من الاعمال الهندسية والخدمية التي جعلت سويسرا من كبريات البلدان المتقدمة في النشاط السياحي والخدمي وهي التي بدورها زادتها ازدهاراً.
كما الحال في دولة اليابان المتقدمة، دولة سويسرا أيضا فقيرة بالمعادن، ولكن في هذا البلد المتطور وصاحب المكانة المتقدمة عالميا في صناعة وتجارة الذهب، استخرجوا الذهب من مجاري المياه.
.
كانت سويسرا ولا تزال مركزا للعديد من المنظمات الدولية، والمقر الأوروبي للأمم المتحدة في قصر الأمم في جنيف، و شاركت على مدى عقود طويلة في نشاطات وكالات متخصصة، مثل منظمة الثقافة والتربية والعلوم التابعة للأمم المتحدة "يونسكو" ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة العمل الدولية وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة اليونيسف، وفيها وعلى يد رجالها تأسست منظمة الصليب الأحمر الإنسانية. مع انها لم تنظم الى الأمم المتحدة إلا مؤخرا في العام 2002
وفي سويسرا مقرات للمئات من المنظمات الإنسانية العالمية والاتحادات الرياضية.
.
يتميز عظمة الشعب السويسري بتمسكه الكبير في الحياد الى درجة انه في خضم الحرب العالمية الثانية - على سبيل المثال - كان جواسيس الأطراف المتصارعة يراقبون بعضهم البعض عن قرب لدرجة ان الطرفين يعرفون ذلك دون ان يجرأ أحد التحرش بالأخر، وبالرغم من بشاعة الغوستابو المعروف والذي نادى بعضهم الى غزو سويسرا إ لا ان المانيا لم تتجرأ على غزو دولة لا تملك جيشا لأنها تملك إرادة شعب يؤمن بالحياد التام.
.
على الرغم من ان دولة لبنان تأسست على أساس المحاصصة الطائفية المتناقضة تماما مع الفكر العلماني والديمقراطي الفعلي إلا ان تكوينها أخذ طابعا شبيها بالديمقراطية المقبولة وكان اللبنانيون يعيشون ويعملون بحرية وانسجام نسبي وشجع هذه الانسجام نمو السياحة في هذا البلد بشكل كبير ساهم في تطورها وازدهاره ورفاهية ابناءه بشكل يحسدون عليه وكان للزيادة النسبية في عدد المسيحيين المسالمين بطبيعتهم دورا فاعلا في هذا التفاهم الذي قل نظيره، قبل ان تدخل الايادي الأجنبية لتدمر هذا البلد وللأسف كانت أشرس تلك التدخلات من اقرب الناس اليها، وهكذا كان لبنان فعلا يسمى سويسرا الشرق حيث كان يعيش فيها العديد من المواطنين ورجال الاعمال والسياسيين العرب والأجانب.
كان لبنان كسويسرا وإن بنسبة اقل، في الحركة المصرفية حيث كانت الأموال تتدفق عليها نتيجة للأمان والاستقرار السياسي التي كانت تتمتع بها قبل ازمة بنك انترا المعروفة، إلا أن تهريب وسحب الأموال الأجنبية والوطنية بدأ مع الانفلات الأمني، وفيما كان الاقتصاد اللبناني من القوة بحيث أن قيمة الدولار الأمريكي اقل من ليرتان انهارت الليرة الى ما دون 1500،
وكان لبنان المركز الرئيسي في الشرق الأوسط لخطوط الطيران الدولية أي ان اغلب شركات الطيران تقف في مطار بيروت للانترانسيت نظرا لحركة السياحة الكبيرة في لبنان، واتذكر انه في بداية السبعينات اقر العراق رسم طابع بمبلغ 10 دنانير لكل مسافر الى خارج البلد، طار على الفور الرئيس اللبناني سليمان فرنجية الى العراق يطلب استثناء لبنان من الرسم.
ولكون لبنان كان بلد مستقل نسبيا كان مركزا فاعلا في البلاد العربية والشرق الأوسط للترجمة والطباعة والنشر الحر وكان للصحافة نصيب من الأمان بحيث كان لمستقلين ولكل حزب عربي ولكل دولة عربية أصدقاء او وكلاء لها ينشرون ما يريدون نشره بكامل حريتهم،
وقد ساهمت حركة الطباعة والنشر مع انتشار الكوادر التعليمية اللبنانية في التطور الثقافي والعلمي في العالم العربي،
وكل ذلك كان بالطبع ينصب في اقتصاد البلد ورفاهيته،
الى ان امتدت يد الغدر عليها لتخربها وتهجر نسبة كبيرة من أبنائها من كل الاطياف الوطنية وخاصة المسيحيين، وتشعل الفتنة بينهم جميعا.
.
كباقي الشعوب وقعت الكثير من الحروب على الشعب السويسري وقدم الكثير من الدماء على مذبح الحرية، ولكن السقطة الكبيرة التي انزلق فيها السويسريين هي انبهار شبابهم بمبادئ الثورة الفرنسية لكنهم عرفوا الخدعة بعد ان دفعوا الألاف من ابنائهم ضحايا على الأراضي الروسية،
تعلموا الدرس وكان هذا الدرس هو سويسرا اليوم، اما لبنان فلم يتعلم شعبه الدرس للأسف وهذا هو الفرق.
.
هل وجود طوائف في لبنان سبب عدم وحدة الشعب اللبناني
عندما نقارن لبنان مع سويسرا نجد ان سويسرا هي أيضا دولة متكونة من طوائف واديان كثيرة فسويسرا تضم مسيحيين بروتستانت وكاثوليك وطوائف اخرى، ومسلمين من اغلب الطوائف، وملحدين ولا دينيين، إضافة الى بوذيين وهندوس، اذن دولة فيها طوائف (كما هي الحال في لبنان) ولكن الأهم سويسرا ليست طائفية النظام. وهذا هو الأساس.
يبدا دستور الدولة السويسري باسم الرب، لكنه دستور فيدرالي ديمقراطي. وإضافة الى ذلك فأن سويسرا تجمع العديد من القوميات ورسميا تتكون من الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانية وهو غير موجود بشكل مهم في لبنان، فهل هناك تنوع أكثر من هذا، ألا يفترض أن هذا أكبر عائق يؤدي الى التصادم كما يحصل في غالبية بلدان العالم بما فيها العالم الإسلامي ولكنه في سويسرا لم يكن له أي تأثير،اذن هكذا يقاس رقي الشعوب وقوة ارادتها.
- سويسرا بلد الحرية الجماعية الكاملة
دولة سويسرا لا تقدم على اتخاذ قرار او اصدار قانون او تعديل قانون الا باستفتاء عام ويستطيع كل مواطن أن يقترح مشروع قانون على ان يطرح ذلك على الشعب للاستفتاء ليصبح نافذا، ولإجراء استفتاء على تغيير مادة دستورية او قانون يجب جمع تواقيع عدد معين من الناخبين أو موافقة عدد من الولايات فمثلا طرح بعض السويسريين مشروع غريب للغاية لا يخطر على بال أحد وهو قطع قرون الابقار لأنها قد تتسبب في قتل او إيذاء بعض المواطنين، والمدافعين عن حقوق الحيوان رفضوا، والقرار النهائي بالطبع في صناديق الاقتراع.
وتعتبر الحرية الشخصية من مقومات المجتمع السويسري التي تعطي الحق للفرد باتخاذ قرارات غريبة الاطوار احياننا كالسماح للفرد باتخاذ قرار الانتحار.
.
والمفارقة الكبيرة تتمثل في قدرة الشعب اللبناني النسبية في التعايش السلمي خلال فترة قصيرة جدا من استقلاله قياسا بدولة سويسرا التي احتاجت الى قرون عديدة لصقل استقلاليتها التي هي عليه اليوم، هذه المفارقة لم يكن لها ان تكون لولا عوامل وطنية وخارجية عديدة.
.
بالرغم من ان هذا النوع من التعايش الاجتماعي السلمي لا يتوافق مع مصالح جميع الأنظمة العربية منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، الا انه في بداية الامر كانت التدخلات الخارجية صغيرة ومتفرقة لم تؤثر على الحياة العامة فيها، وحتى بعد مجيء عبد الناصر في مصر كان الإعلان الرسمي للقوميين العرب هو استثناء لبنان من شعار اسقاط الأنظمة العربية، مع ان التيار الناصري كان له حضوره في الشارع اللبناني، وكذلك الحال مع سوريا حتى مجيء حافظ الأسد من جهة ودخول الاعداد الهائلة من الفلسطينيين الى لبنان وخاصة بعد فشلهم في تأسيس موطئ قدم لهم في الأردن من جهة اخرى،
لتتدهور الأوضاع بسرعة وتنقلب راسا على عقب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا، أي تداعيات لها؟| المسائية


.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات جديدة على إيران




.. لماذا أجلت إسرائيل ردها على الهجوم الإيراني؟ • فرانس 24


.. مواطن يهاجم رئيسة المفوضية الأوروبية: دماء أطفال غزة على يدك




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا الحربية أغارت على بنى تحتية ومبان