الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية النجاح والتحقق (1)

شريف الغرينى

2018 / 10 / 28
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


انتظرت كثيرا لأعاود الكتابة ، سنوات مرت وانا منقطع تماماً عن استكمال مشروعى الأدبى ،لا اصدر شيئا ولا أنشر إبداعا إلا بعض التدوينات هنا أو هناك مكتفيا بإيصال افكارى عبر وسائل التواصل التى اعتبرتها دورية العصر النافذة ومنبر فذ لمن لا منير له، ومع ذلك كانت تصدر منى عفوا بضع شذرات و بعض خواطر رغما عن انفى الكسول ، واليوم عدت على استحياء وانا لا أعفى نفسي من المسئولية ولن أعارض اذا لامنى اللأئمون على انقطاعى غير المبرر و تقصيرى فى حق نفسى وحق الكتابة أو حق الأخرين ممن وثقوا بى يوما وتابعوا ما كنت اكتب ، لماذا كل هذا الصمت الطويل اذا كان لدى دائما ما أقوله؛ صوابا كان أم غير ذلك، إبداعاً كان، أو مجرد ضجيج عابث يسعى لإثبات الوجود، لكنى فى النهاية مسئول أمام القارىء طالما أن لدى ما أقوله خاصة اذا كنت أملك ادوات الحفر على الجدران واعرف تماما ما يحتاجه اللاجى لتلك الجدران بنفس الطريقة التى اعرف بها ما تحتاج أن تبوح به هذه الرأس التى ثقلت واثقلت على صاحبها وهو الذى لم يتمنى يوما رأسا غيرها برغم ما كبدته من عنت فى حياته وبرغم ما يعتريها من ثقوب .
اول ما قصدت من مواضيع كانت فى نقد تلك الكتب التى تتناول النجاح وتنتنشر بين اوساط المهتمين بالنجاح فى العالم ، بلغات مختلفة مثل كتاب السر والعادات السبع وقاعدة الخمس ثوان “ وما إلى ذلك من الكتب المهمة التى ساهمت فى تنمية وصقل النفس البشرية بقيم العمل والنجاح والتى حققت صيتا ونجاحا ملحوظا وبلغ ذيوع صيتها المشرقين والمغربين
ومن هنا بدأت بلا تردد أو ترو أو إختيار فما تحمله بطون المحابر وما استقر فى جوف اقلامى وما يقض مضاجع أناملى التى انتظرت نهضتى من ثباتى لا يمكن ان تشرحه رواية او عدة روايات فدفق الأفكار وكثرتها وتسارعها فى وجدانى و ذاتى ونفسي وتموجاتها فى اعماقى جعلها تعيق بعضها بعضا على منافذ البوح سواء كانت منافذ شعرية او قصصية او روائية فكان علاج ذلك سؤالا واحدا ! لماذا لا تتحدث فى سرد مفتوح يسمح لخيول افكارك المتكاثرة على منافذ خروجك أن تنطلق دفعة واحدة كيفما اتفق ؛تطير بجناحين أو تسير على قضبان إن شأءت ان تكون عربات قطار ، أو تمخر البحر سفينة؟ إذ لو كان فى مرونة تغيير الفضاء الإبداعى ما يساعد فى كشف مقصود لفكرة او معنى أو قيمة فلماذا اتسيج بسياج انا فى غير حاجة إليه وانا مازلت اعالج روحى التى تحاول الخروج من مرابض السكون إلى مضامير الركض والسرعة
قصدت الحديث إبتدأ عن النجاح وقضاياه وسبله بدون تفكير ولا أعرف ماذ سيقول المحلل النفسي عنى وعن هذا التداعى ودلالته العقلية والنفسية خاصة اذا كان الحديث آت من رجل مثلى يرى أنه قد أخفق ويرى أنه تأخر كثيرا ومع ذلك عاديتحسس قلمه ليكتب عن اسرار النجاح كوسيلة يعتذر بها !! وسر اعتذاره ليس لأنه يظن غرورا أنه مفتقد من الناس تطارده همهمات الجماهير المحتشدة تحت نافذته تزأر بدعوات الرجوع للقلم أو لأنه واسع العلم ذائع الصيت تبرق له مشاهير الدوريات فى العالم تستكتبه وتستجدى بعض من عنايته ؟ لا ليس الأمر كذلك، بل لأنه مؤمن بأن المفكر و الأديب الحقيقى وكل صاحب سراج مهما كان تواضعه ورقة حال ابداعاته ، يجب أن يجتهد وينفض الغبار عن روحه وألا يحبس ضياؤه داخل وجدان واحد مهما كانت الأسباب خاصة اذا كانت هناك لدى صاحب ذلك السراج نظرة مختلفة وقياسات غير مألوفة لظواهر الحياة مثله مثل أى رسول يوحى اليه وعليه أن يبلغ ما يأتيه من وحى، فالبلاغ والبيان دور متجدد يأخذ صفة التكليف العينى حينا كما فى حالة الرسل والأنبياء المعروفين والتطوعى أحيانا كما فى حالات الكشافين لاسرار النفوس والحياة بعلومها النظرية والتطبيقية ، فالوحى لم ولن ينقطع كما يحسب البعض ، الذى انقطع فى ظنى هو التكليف وأسباب ذلك هو أن السماء اكتفت بما لدى الارض من ذاكرة عصرية تحفظ كل ما انزلت من شرائع وكتب ولم تعد تكلف أحدا بحمل عبء التبليغ والتذكير بعد أن صار الكون ملىء بالحواسب ومخازن المعلومات وبعد أن صارت ماتدعو به و إليه كل الكتب السماوية من قيم مناهج حضارية تدرسها الأمم بالفعل سواء كانت تلك الأمم على وعى بانها وحى الله او دون وعى ، وإذا ذهبنا مع من ذهبوا إلى أن الوحى قد انقطع فإن ذلك سيكون فيما يتعلق بالوحى المكتوب اما فيما يتعلق بحياة الإنسان وحضارته وكشفه فلن يتوقف هذا النوع من الوحى إلا اذا انقطعت علاقة الأرض بالسماء وهذا ما لا اعتقد حدوثه او نظريا مع أخر كشف لأخر سر على الأرض ، فالإنسان فى كل مكان و منذ أن إنسلخ من رحم الأرض يتلقى وحيا وعلامات ونذر وبشارات تتصل أو تنقطع؛ فمنهم قادر على الرصد وقراءة الوحى بأشكاله وفى نفس الوقت بارا بإنسانيته ، فيتطوع لإيصال ما أوحى له كالعلماء الأفذاذ المحققين واصحاب الفنون البارزين و الفلاسفة المجددين، ومنهم كسالى متهافتين ضعاف العزم يلقون عصا الراعى ويهبطون من فوق مناراتهم ويتراجعون من خطوط المقدمة إلى بطن الحشود العادية ضبحا فى مخيمات لقمة العيش ، مستسلمين ليوميات فاترة ألفها إنسان نمطى .. ليت الأمر يتوقف عند هذا، لكن الامر يتحول إلى مأساة وملهاة حقيقية مع هذا النوع من البشر الذى تخلى طوعا عن حمل مشاعل التنوير وهو عليها قادر ، فلا هو عبر مع صفوة العابرين ولا هو راض بالسباحة فى مسابح العامة ، فيتعذب عذاب خيل اصيل ترك مضامير السباق وهتافات النبلاء ومطاردات الأثرياءله بالورود ليجر عربات تحمل صرف المجارير ، فيكون فى حياته متقلب الوجه غير مطمئن ولا مرتاح ولا راض ولابد أنه ستغلبه طبيعته و أنه سيعود يوما للبحث عن كيانه الحقيقى مهما مر عليه من الوقت أو غطت الساعة الترابية عضلات عزائمة وجدائل تنافسيته ،مهما اختيىء فى الأيام وغبارها أو فى الليالى وعتمتها، لابد من عودته ، فارسا ليحمل تروسه ورماحة ودروعه ويعتلى صهوة جوادة ليلحق من سبقوه وليعوض ما فاته ، وليضيف لرفوف المكتبات وابلا جديدا ترشد به الحيارى من طلاب النجاح الى مسالك الناجحين ومعابر الأفذاذ النافذين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ