الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصداقة //الانسان وتعدد المرايا

علي حسن الفواز

2006 / 4 / 8
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يقال كثيرا في ادبيات السلف الصالح ،ان الانسان اجتماعي بالطبع!أي ان جوهر وجوده يقوم على اساس فكرة الاجتماع والجمع والجماع!! ولكن يجوز لي ان أقول ان الانسان كان تعارفي/ صداقاتي،، وهذا التوصيف ينطلق من فكرة ان الانسان القديم اكتشف النار وعرف الزراعة واكتشف الشهوة والحماية من خلال علاقته بالآخر، النوع الجنسي والنوع الاجتماعي، وهذا ما جعله يغادر مفهوم الطبيعة التجريدي /العري الاولي والفردي في الوجود الى مفهوم الطبيعة الحسي القائم على ضرورة الاخر ،،وهذا الاكتشاف المبكر للاخر هو اصل وجود الصداقة ،علما ان هذه التسمية هي اسقاطية وتوصيفية في اشتقاقها اللغوي وليس في اصل المعني القائم على اساس وجود الثنائيات التوليدية ..فضلا عن القرآن الكريم قد اكد هذه الحقيقة في اطارها الجوهري( يا ايها الناس ان خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) اي ان وضع المعرفة بالنوع والتوالد هو الاصل...
ومع تعقد الوجود الاجتماعي وتحول الثنائيات الى مكونات متعددة ،احتاج الانسان الى نوع من الشروط الاجتماعية والاعرافية التي تؤطر وتحكم هذه العلاقات التي اصبحت عرضة للتفكك والتغاير مع اتساع اشكال نظيرة لها،،اي ان الصدق في الحكم واستحضاره في المعاملات هو اول علامة على وجود الخيانة الانسانية!!
اظن ان هذه المقدمة ضرورية للتعريف بقيمة الصداقة المشتقة من الصدق، والتي هي جزء من كينونة الانسان ،اذ لايمكن للانسان ان يحيا دونها،لانها الحافظة لنوعه ووجوده ،،ولكن حتى لا يدخل هذا الموضوع في القياس التجريدي ،فان الصداقة كأي مفهوم حي ، او اي مقطع وجودي ،، اذ هي قابلة للانزياح والتغيير باشكال مختلفة ودلالات مختلفة واطر تتسع وتضيق حسب العوامل الداخلة والمؤثرة في صياغة العلاقات الانسانية في المكان والمجتمع والاسرة..ولا اظن ان الحديث عن غياب معان ثابتة للصداقة والعلاقات الاشباعية بصورة مفعمة برومانسيتها( الصداقة كنز) و(رب اخ لم تلده امك) وغيرها يعني اننا دخلنا (العدم) الصداقاتي وعدنا الى توحشنا القديم بعد نزول ابينا ادم الى الارض ,, بقدر ما يعني ان اشكال العلاقات الانسانية قد تعقد مثلما تعقد كل شيىء في حياتنا وفقد الانسان في اطار هذا التعقيد الكثير من اطمئناناته القديمة، ولان الانسان بطبيعته بطىء الاستجابة والتفاعل مع القوانين الاجتماعية، فانه يجد نفسه يواجه غربة وجودية ازاء عالم لم يعد يبادله الامان بسهولة وتلقائية !!..
ان ايقاع الحياة يتجه الى تفكيك شمولية الاتجاهات ونوعية المجتمعات الابوية المحكومة باعراف يختلط فيها المقدس والاشباع التعويضي، من خلال سلطة المعيش وسلطة الارواء ، الى نوع من (الخصخصة) الوجودية التي تكرس اللانسان الفرد امام قدره وامام خياراته وارادته وتضعه في صلب حريته وارادته كما يقول الوجوديون،فضلا عن الحضارة المعاصرة تعاني من تفكك مركزياتها التقليدية، وبالتالي فان هذا التفكك ينعكس على العلاقات الاجتماعية في ثنائياتها وجمعها،بدءا من الدائرة الاجتماعية العامة وصولا الى البيت العائلي وربما حتى علاقاتنا الخالصة مع من نهوى!!!!،ولان هذه العلاقات ذات عمق حسي ،فان الاختلال فيها يبدو واضحا،مما يجعل الانسان عرضة لنوبات وعراض عصابية تفقده توازنه الاجتماعية وتدعوه للسخط والتذمر وعدم التقبل لانها تمس جوهره !!
اظن الانسان العربي ،مازال رومانسيا جدا ،ويتعاطى مع الانعطفات الكونية الخطيرة وحتى انعطافات الشارع الضاج بالاسئلة والمكشوف للعابرين ،بنوع من التلقائية والبراءة ، وربما هذا ما جعلنا امام الاخرين باننا كائنات (مستشرقة) بامتياز..
لننظر الى الافق جيدا ونبصر ما هو خارج الدائرة سنجد ان اصدقاءنا مازلوا عن موعدنا القديم ، ويمارسون ذات الطقوس في المقهى والجريدة والشارع، ولكن ما تغير هو اننا بحاجة الى غسيل لغوي حاد ، والى الاعتراف با ن الارض كروية !! وان الحياة لاتحتمل الثبات وان الانسان القديم والحديث لاينزل الى النهر مرتين!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية