الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
وظلا يتهامسان ...
ماجد صفوت استمالك
2018 / 11 / 1الادب والفن
وظلا يتهامسان ...
كانا بجانبي علي المحطة ينتظران المترو ليحملها الي وجهة لا نعلمها .. جعلته امامها ممسكة بيده التي تستند علي عكاز طبي معدني ، تخشي عليه من تدافع الركوب ، من اليسار ، من اتجاه ما كانت يوما اون هلبيس القديمة ب امجادها ... حاليا عين شمس التي تحمل نفس الاسم بلغة اخري لكن بغير مجد ، من ناحيتها جاء القطار مزدحما لا مجال فيه لقدم اخري و مع ذلك تقدم البعض برفق -وبغير رفق- مفسحين مجالا لأنفسهم و استطاعوا الركوب ، غير اننا لا نملك هذه القدرة فبقينا ، صاحب العكاز المعدني ذو الجلباب الصوفي الواسع بشعره المشعث و ذقنه البيضاء مع تجاعيد حفرها الزمن علي وجهه و زوجته قصيره القامة بطرحة زرقاء و نظرة جادة خلف نظارتها المذهبة وآخرون و انا ، بقينا ننتظر بعد ان تراجع الرجل في انزواء آمرا زوجته بالتراجع ممسكا عنها انفعالها و صياحها بهم للانتباه لحالهم وترك المجال لهم للركوب
مضي القطار في الاتجاه الاخر حاملا اكوام البشر من ذوي القدرة تاركا الباقيين في حسرة مع قليل من الرجاء في رحمة القدر .... القدر الذي لا يملك من ادوات لحل تلك المشكلة سوي الشركة المصرية لادارة و تشغيل مترو الانفاق و بعض بقايا اخلاق في النفوس، وبرغم ضعف و قلة تلك الادوات الا ان القدر نجح واغاثنا بقطار اخر اقل تكدسا فناديته للركوب محاولا تخفيف ما به من حنق ، استجاب للنداء بدون حماس و ركبنا ، وداخل القطار قام أحدهم من مجلسه تاركا لهما اختيار من منهما ليجلس ، ويبدو أن الامر محسوما بينهما منذ زمن ليس بقريب ، فجلس هو متحاشيا تلاقي بصره بأخر فقد يري عجزه في الاعين و يخشي مواجهة ذلك خاصة بجلوسه ووقوفها و هو المسئول عنها ... وقفت امامه بنظرتها الجادة رافعة ذراعها بقدر ما تستطيع للامساك بحلقة بيضاء معلقة تحفظ توازنها مع حركة القطار، وقفت امامه كحارس امين مسئولة عن رعايته
بعد قليل اكمل القدر مهمته و اتاح لها مكانا بجانبه فتركت الحلقة العالية واستندت علي رجله وجلست .... وقتها فقط نظر نحوها و ابتسم ، ابتسامة سريعة وصغيرة علي وجه اعتاد اخفاء المشاعر من البشر وقلب احتفظ بمشاعره معاندا الزمن ... ثم مال كل منهما ناحية الاخر وظلا يتهامسان ....
ومن مكان ما توهمنا الحرية سابقا وعلي محطة ميدان التحرير مشيا كلاهما بتمهل في اطمئنان من انتهت معاناته وبقي كل منهما يستمتع بصحبة الاخر ، كانت يده اليمني علي العكاز و اليسري تعانق كفها في ارتياح
#عصر_ما_قبل_الحضارة
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح