الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرجعية تحت طائلة الشفافية ...... حكومات العراق أوراق خريف تتساقط من شجرة النجف العتيقة......

فراس يونس

2018 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


أختلف الكثيرون في وصف دور ومهام المرجعية الدينية الشيعية ومسؤولياتها تجاه افراد المجتمع،فبين من يدعوا الى حصر دور المرجعية بالمسائل الفقهية والامور التبليغية وبين من يطالب بتدخلها وابداء رأيها في كل شاردة و واردة تواجه الامة، وهذا التأرجح ممتمد منذ عصور الأئمة عليهم السلام الى يومنا هذا.
بيد أن صاحب القراءة الجيدة و الرؤية الواضحة عليه ان يضع نصب عينيه حالة المجتمع و وضعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي أو المرحلة التي يقيم فيها دور المرجعية، فلكل زمان محددات ومعوقات وكذلك ظروف محيطة بالمرجعية بصورة خاصة والمجتمع بصورة عامة، وهذه كلها تأطر مسؤوليات ودور المرجعية وترسم خطوط عملها، وهذا بالتأكيد واضح لدى من يكون بمقام المرجعية، فالشخصية التي تتصدى للمرجعية من المفروض انها شخصية غير اعتيادية وذات مواصفات تستطيع من خلالها أدارة الأزمات بكل حنكة وحذر ضمن ما يقره الشرع ويبرء ذمة المرجع امام الله، فالقضية ليست بالهينة،فكان المراجع يتدخلون ويعارضون ويقودون ثورات وآخرين يؤثرون الالتزام بالدرس ومتابعة الطلبة والمبلغين، وهذا برايي واضح لدى الجميع.
لكننا وبعد عام 2003 واجهنا حالة قد تكون غير مسبوقة وهي خفاء الادوار وضبابية المواقف للمرجعيات والعمل خلاف المتبنيات احياناً،ونحن هنا نتحدث بالتاكيد عن مرجعية النجف الاشرف، فالحال ان الحكم الواقعي بعد سقوط النظام البائد أصبح شيعياً محضاً(ومن يقول بغير ذلك فهو واهم)وبالفعل بدأت مرجعية السيد علي السيستاني باقامة صلاة الجمعة المعروف شروط اقامتها حسب راي السيد السيستاني وبدأ يستقبل الوفود السياسية هو وجميع المراجع الاخرين كالسيد الحكيم والشيخ الفياض والشيخ النجفي والشيخ اليعقوبي ، حتى وجه جميع المراجع ياستثناء الشيخ اليعقوبي بالتوجه للتصويت بنعم على الدستور ومن ثم دعم التحالف الشيعي وقائمة الشمعة كما عبروا عنها،وهذا تدخل تفصيلي في الشان السياسي و رسم خارطة العراق السياسية وقالب حكمها الى الآن كون الدستور هو الحاكم.
ثم وبعد سبع او ستٍ عجاف امتنعت تلك المرجعية عن التدخل في الشان السياسي واصبحت تصدر التوجيهات من خلال خطب صلاة الجمعة فأختلفت البوصلة واختلت الرؤية لدى المجتمع الذي كان ينظر الى قيادة وجهته في التأسيس لنظام سياسي اصبح مُحكماً قبضته على مقاليد السلطة ومفاتيح الحل والعقد في كل مفاصل الحياة،ثم قال لهم (أني بريءٌ مما تعملون)،وقد يؤول المؤولون ويتحجج اصحاب الحجج بأمور شتى ونسلم معهم بسلامة تغيير الموقف (مع عدم قبولها عقلائياً)، ولكن ان نفاجئ بان حكومات ما بعد 2010 لم تكن لو لا قبول المرجعية بالمرشح اي ان المرجعية في الظلام السياسي تستخدم كل امكانياتها في تشكيل الحكومات و الآن وفي عام 2018 بدات بحملة اعلامية كبيرة عبارة عن نصائح وارشادات وتوجيهات وغيرها من العناوين التي اخذت الآمال بعيداً وسط مجتمع يعاني من نقص كل شيئ ومن فساد كل شيئ،وطال وقت المشاورات والمناورات حتى اصبحوا على ماناموا عليه فجاؤا ب عادل عبد المهدي كمرشح باسم المرجعية والسيد مقتدى الصدر، وكانه عقم العراق حتى ياتوا بتلك البضاعة المزجاة بل والمنتهية الصلاحية،وحيث ان الصبر كان حاضراً، فما اضيق العيش لولا فسحة الامل، كنا نمني النفس بان لديهم خطة ستراتيجية يعمل على اساسها عبد المهدي ولديهم من قوة البدن ما يغطي ضعف الراس، حتى سقطت ورقة التوت عن اتفاقياتهم بتلك التشكيلة الوزارية الشاحبة التي خدمتها زيارة الاربعين تغطيةً وتعتيماً، وهم صم بكم بغير ذي صوت مدافع او رأي مقنع وكأن على رؤسهم الطير.
طوال تلك السنين منذ الاستفتاء على الدستور حتى أقرار أخر قانون انتخابي كان هنالك رجل واضح متصد غير خجل ولا وجل ،بل متعمد البيان والحديث في كل شأن سياسي او عسكري او اقتصادي او اجتماعي وبابه مفتوح للجميع ،لا غرف مظلمة ولا تحركات بأذرع خفية ولادفع شخصيات للتصدي ودعمها فأذا فشلت تبرأ منها... وجه واحد متبنى واحد رؤية واحدة ،صادح بما يملك من اذرع سياسية او اجتماعية، يعرفونه جيداً ولكن دائماً ما يحاولون التضليل عليه أعلامياً وعدم دعم مواقفه التي كانت كثيرا ما تحرجهم وتدعهم يقلقون، اين الجديد بأن يصدر المرجع الشيخ اليعقوبي بياناً حول تشكيل الحكومة الجديدة؟!! وأين الأختلاف في المتبنيات والرؤى؟ بالعكس فأن عدم صدور بيان كان سيحمل خطه المتصدي مسؤولية كونه تخلى عن نهجه في توجيه انظار المجتمع الى ما يدور حوله وتنبيههم الى شباك الشر المحيطة بهم نصرةً للحق وأبراءً للذمة.
ثم انه ليس من العيب ان تشكل ذراعاً سياسياً يوصل مشاريعك ونصائحك ويلبي حاجات الناس الذين من الصعب عليهم ايصال اصواتهم واحتياجاتهم للطبقة الحاكمة فيكون بذلك بابك المفتوح هو المخرج وذراعك السياسي هو الواسطة،ولم يخلو مجتمع او جماعة من طامعين وفاسدين ومتمردين على الحق وغير مطيعين وما موسى الأشعري إلا مصداقاً لكل من يخون ويتلون ويفسد تحت ظل القيادة الصالحة والامثلة غير ذلك كثير، ولكن المعيب ان تشتغل في السياسة سرا وتدعم احزاب وشخصيات باطناً بل وتُسخر جميع امكانياتك في سبيل ذلك بما فيها من اماكن وسبل أمكنك الناس منها على سبيل العدالة والأصلاح وهذا كله خلاف الشفافية والوضوح امام المجتمع بل عملية خلط للأوراق وتضييع للمنهج الحق الذي أورثه الأئمة والصالحين.
فما آن الأوان أن يعرف المجتمع من هم قادته الحقيقيون؟ أيمكن ان نخدع بعد ١٥ عاما من التجربة؟ فمعرفة طبخة داخل قدر مغلق لا تحتاج الى فتحه بل الى شم رائحته، وكذا فمعرفة القائد يجب ان تاتي من تتبع المسار وقرآة النتائج.
وعلى قدر تأثير ذلك البيان الذي صدح بالحق في وجه الباطل سيكون حجم الهجمة الشعواء التي ستشن لأسقاط سمعة ذلك الرجل الصالح الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، ولم يحسب حساباتهم السياسية قبل ان يعطي رأيه، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا جهاراً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب