الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب الناقد داود سلمان الشويلي (الجنس في الرواية العراقية )

حبيب النايف

2018 / 11 / 3
الادب والفن


قراءة في كتاب الناقد داودسلمان الشويلي (الجنس في الرواية العراقية )

داود سلمان الشويلي كاتب متنوع المواهب وثري بنتاجه , لازالت ذاكرته متقدة من خلال العطاء المتواصل الذي يتميز به بعد اكثر من اربعة عقود من الكتابة الا انه بقى ينبوع يتدفق منه الماء وبغزارة وكانه لازال في بداية نشاطه , انها سمة مرافقة له حيث رفد المكتبة العراقية والعربية بكثير من نتاجاته التي توزعت بين القصة القصيرة والرواية والنقد منذ سبعينيات القرن الماضي ولازال في قمة عطاءه ومن خلال متابعتي له لاحظت بان هناك ما يقارب اكثر من ستين كتاب لازالت تنتظر الطبع .
وكتابه الاخير (الجنس في الرواية العراقية )الذي صدرت الطبعة الاولى منه 2018 الذي قال الكاتب في مقدمته للكتاب ان اهتمامه بقضية الجنس في الرواية العراقية قد شغله منذ مدة طويلة مما حفزه للكتابة عن هذا الموضوع الشائك والذي يخشى الكثير من الكتاب الولوج في طريقه الوعر ليكون احد المصادر التي قد يحتاجها الباحث حين يتناول قضية الجنس في الرواية العراقية لاحقا .
لقد تضمن الكتاب الذي يتكون من ست فصول , بعض الكتاب العراقيين الذين ضمنوا في كتاباتهم العلاقة بين الرجل والمراءة وتحديد تلك العلاقة التي تراوحت بين الهبوط والصعود في مستواها ومدى تعمقها الى حد علاقات حميمية او تتجاوز المتعارف علية او تصل احيانا الى ممارسة المحرمات هم عبد الرحمن مجيد الربيعي وهشام الركابي وحازم مراد وناطق خلوصي ولطفية الدليمي لسبر اغوار بعض روايتهم التي تناولت المسكوت عنه في العلاقة بين الرجل والمرأة .
لكني سأتناول في هذه الملاحظات الانطباعية التي تولدت عندي اثناء قراءتي للكتاب بنسخة البي دي اف التي ارسلها لي الكاتب مشكورا الفصل الاول منه فقط بمقاطعة الستة والتي تركزت على ثلاث روايات للروائي عبد الرحمن مجيد الربيعي وهي الوشم ,والانهار ,والقمر والاسوار .
تناول الكاتب في الجزء الرابع الفصل الاول ص13 من الكتاب, رواية الوشم التي حددت العلاقة بين الرجل والمرأة وكيف تعامل معها الروائي والاسباب التي دفعت بطل الرواية كريم الناصري الى ان يتصرف بهذه الطريقة الفجة للعلاقة مع المرأة مع العلم انه الثوري والمثقف والمناضل الذي يحمل افكار متحررة وتنويرية ,
و قد حدد الكاتب فشل تلك العلاقة الى ((قصة الخيبة التي تذوق مرارتها كريم الناصري عند بعثه عن (المعوض ) عن خيبته السياسية ,بعد ان وقع ورقة البراءة من التنظيم السياسي الذي ينتمي اليه والتي من خلاله اطلق سراحة من السجن بعد سبعة شهور من الاعتقال ,فخرج مكسرا ساقطا سياسيا حسب المفهوم السياسي الدارج فيهرب من مدينته الناصرية الى بغداد ))
لذا فان هذه العلاقة هي البحث عن شيء في المرأة (الجنس ) وليس المرأة نفسها لتشكل معه وحدة عضوية لأسرة متكاملة مما يحجم تلك العلاقة ويفرغها من محتواها الانساني والاجتماعي لذا نلاحظ ان كريم الناصري يحاول اخفاء خيبته و يصبح الجنس عنده هو تنفيس عن حالة الخذلان والانكسار التي مر بها بعد ان فقد امله في الحياة التي اعتقد بانه ومن خلال انتمائه لاحد الاحزاب في تلك الفترة ان يكون اكثر التزاما والتصاقا بها ونموذج للثوري الذي يحقق الاهداف التي امن بها
** اما في رواية الانهار التي حاول الكاتب الولوج في اعماقها ورصد الحالة التي اراد الروائي التطرق لها بعد هزيمة حزيران من عام 1967ودورها في تأزيم الوضع الاجتماعي والسياسي في المنطقة بأكملها ومنها العراق حيث ظهرت بوادر الانكسار والتداعي واضحة على اكثر طبقات المجتمع ومنها المثقفة التي كان يعول عليها باعتبارها القادرة على تحريك الشارع وبث الحماس الثوري فيه وتحقيق الاهداف التي حددتها القيادات السياسية في حينها ,لكنها تصاب بالفشل بعد الهزيمة المرة التي بدأت اثارها واضحة على كل شيء وانحسر المد الثوري واخذت الروح الحماسية بالنكوص والارتداد .لذلك فان الكتاب تقمص الشخصيات الرئيسية في تلك الرواية وحاول اماطة اللثام عن دواخلها والمسكوت عنها وهل بإمكانها المحافظة على وتيرة اهتمامها القديم ام ان النكسة اوهنت عزيمتها وسحبتها للظل
لذا نلاحظ بطل الرواية (صلاح كامل ) الثوري الذي لازالت عقدة الريف متأصلة فيه رغم ثقافته والآراء التقدمية التي اكتسبها من خلال قراءاته الثورية الا انه يبقى رهين لتلك الافكار القبلية والمتخلفة التي تعيش داخلة وتحاول ان تكون كالسيف على رقبته لذا فانه كما يقول الكاتب في ص32 :
(فهو في السياسة تقدمي مناهض للاستعمار اما فيما يخص المرأة فانه رجعي لحد النخاع )
لذا يقول لصديقة اسماعيل العماري عندما يطلب منه الزواج من هدى في نفس الصفحة : (في هذا الراس السخيف تعشعش كل قيمي البدوية التي جبلت عليها وكل تقدميتي تتلاشى عندما اواجه بمثل هذا الامر,, افهمت )ص32
و بالرغم من الافكار المتحررة لكنه يبقى مسكون بأفكار بالية لم يستطع التخلص منها وتبقى المرأة تفتنه بجسدها الرشيق واردافها المكتنزة ومؤخرتها التي يغويه تكورها وبروزها مما يثير فيه الشهوة ويجعله يفكر بالمرأة كجسد يدير لها ظهره بعد كل ممارسة لأنه لا يبحث عن الحب الصادق والعفيف والذي من خلاله يتمنكن من تكون اسرة واستقرار تعيد له توازنه وانما يبحث عن لذة فارغة
كما يقول الكاتب في ص32((انه يريدها ولم يكن ليحبها كما هو شانه كل شاب مع اي مومس يقضي معها لحظات قصيرة ملؤها اللذة والانتشاء رغم انه بعد ان ينهي يصيبه القرف والاشمئزاز منها )).
***
اما في رواية القمر والاسوار في المقطع السادس من الفصل الاول صفحة 48 فان الكاتب قد حاول فك رموزالعلاقات التي كانت سائدة بين الرجل والمرأة بشكل يختلف عما لاحظناه في روايتي الوشم والانهار لان الروائي قد انتقل الى جانب اخر ومهم من هذه العلاقات والظروف التي تحيط بها والاجواء النفسية التي تحاول تؤطر تلك العلاقات حيث يقول الكاتب ص49 (ان المجتمع الذي اختار منه الروائي شرائحه الاجتماعية هو مجتمع بسيط غير مدنس برذائل المدينة يحمل ثقافة محدودة تأخذ طابعا عشائريا غير متزمت مغلفة بطابع ديني )
لذا فان العلاقة هنا تحكمها العلاقات العشائرية والدينية التي تجعل من المرأة اداة طيعة يتم التحكم بها من قبل الاب الذي يملك السلطة الابوية داخل العائلة مما يجعلها مسلوبة الارادة طيعة تنفذ ما تؤمر به حتى لو كانت الحالة تقرير مصيرها في الزواج .
ان علاقة الرجل بالمرأة علاقة طبيعية حين تكون مبنية بشكل صحيح ووفق الاسس والاعراف الاجتماعية السائدة في كل بلد وقد تتحول تلك العلاقة الى حب او زواج لا يؤثر على ما يعتبره المجتمع من المحرمات مما يجعل الكاتب بتناول هذه الحالة وفق السياقات المتعارف عليها بدون تردد او حرج .
ان ما تناوله الناقد الشويلي في كتابات الربيعي وعلاقات شخوصه الجنسية ماهي الا افرازات لمرحلة معينة مر بها العراق في تلك الفترة وان العلاقات التي تقام بين شخوص الرواية سواء من الرجال او النساء ماهي الا علاقات غير مشروعة تعبر عن حالة الكبت والحرمان او حالة الفشل في العلاقات الزوجية او الهروب من حالة انكسار خاصة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع