الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتيال خاشقجي واعادة الاعتبار للقانون الدولي

شريف هلالي

2018 / 11 / 6
السياسة والعلاقات الدولية


كان قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده جريمة وحشية بكل المقاييس ، حيث قتل في مكان من المفترض به أن يحميه لا الايقاع به، و يفترض به الدفاع عنه في حالة انتهاك حقوقه أو حدوث اي مكروه في البلد المضيف ، الا ان قاتليه لم يغمض لهم جفن ولم يبالوا بكل هذه القواعد الدنيا.
ومارست القنصلية دورا اجراميا باغتيال احد حاملي جنسيتها لمجرد اختلافه في الرأي مع النظام السعودي؛ ليس كذلك فقط بل قتله وتقطيعه اربا مما يعيدنا إلى القرون الوسطى .
كما مارست القنصلية دورا يتناقض مع كافة القوانين المحلية والدولية ومن بينها اتفاقيات فيينا فيما يتعلق بدور وحصانات السفارات والقنصليات في البلد المضيف .
كانت اخر واقعة مشابهة لهذا الحدث هي اختفاء الصحفي المصري رضا هلال عام 2003 من القاهرة ، ولا يعرف مصيره حتى الأن وهناك تكهنات بالتخلص منه ، وما تم قبل ذلك باختطاف الناشط الحقوقي والمعارض الليبي منصور الكيخيا من القاهرة أيضا عام 1993 اثناء اجتماع للمنظمة العربية لحقوق الإنسان ونقله فيما يبدو إلى ليبيا وقتله هناك.
وربما لم يسبق أن تعرض النظام السعودي لمثل هذه الضغوط السياسية والدبلوماسية قبلل. وهو ما وصل إلى مطالب بدأت بمقاطعة بعض الأنشطة الداخلية مثل مؤتمر الاستثمار الذي عقد أخيرا بالرياض ، مرورا بفرض عقوبات على النظام السعودي ومنع استيراد السلاح ، ووقف طموحات ولي العهد محمد بن سلمان في تولى الحكم خلفا لوالده، انتهاء بتدويل القضية جنائيا
وجاء ذلك بفضل احتجاجات بعض اعضاء الكونجرس في الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوربية وكذلك بفضل تصاعد دور منظمات حقوق الأنسان الدولية وهو ما ادى للضغوط على قيادات الدول الغربية .
كما أدت الضغوط السياسية و التسريبات الاعلامية المختلفة إلى اعتراف السعودية بمقتل الرجل ، و ارجعتها إلى شجار حدث بالقنصلية بين خاشقجي والفريق الذي اغتاله ؛الا انه حتى الآن لم تظهر جثته ، واخيرا ظهر بيان رسمي تركي يشير إلى احتمال تقطيع اطراف خاشقجي وتهريبها بشكل ما .
بشكل او بأخر كان هناك بعض العوامل المؤدية إلى تصاعد ردود الفعل تجاه هكذا جريمة ، فضلا عن بعض النتائج الايجابية التي جاءت في اعقابها من اهمها :
ـ اعادة الاعتبار بشكل جزئي ما لمبادئ حقوق الإنسان ، باعتبار ما حدث يمثل انتهاك صارخ للحق في الحياة لاحد الصحفيين المعروفين بسبب رأيه ، وهو ما اقلق كافة المنظمات العاملة في مجال حقوق على المستويين العربي والدولي ومنها منظمة العفو الدولية ولجنة حماية الصحفيين ومنظمة هيومان رايتس ووتش وبعض أجهزة الأمم المتحدة .
ـ اعادة الاعتبار جزئيا كذلك لقواعد ومبادئ القانون الدولي بشكل عام والنقاش الدائر فيما يتصل بحدود دور القنصليات والسفارات في البلدان المضيفة ، والحصانات والامتيازات التي نصت عليها اتفاقيات فيينا عام 1961 و1963 . واستخدامها خارج دورها وهو ما تحدث عنه الرئيس التركي اردوجان حيث تحدث عن امكانية تعديلات في هذه الاتفاقيات.
ـ القاء الضوء على ممارسات النظام السعودي فيما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان وخاصة بالتعامل مع المعارضين سواء داخل او خارج السعودية بذكر ما تم مع بعض الامراء ورجال الأعمال من احتجازهم في فندق الريتز بالرياض ثم اخلاء سبيلهم بعد اجراء تسويات مالية معهم . وخارجها من خلال بعض الجرائم الغامضة مع بعض المعارضين خارج المملكة . وكذلك ما قيل حول احتجاز سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني .
ـ القاء الضوء على الوضع الكارثي في اليمن ، وانتباه الدول الكبرى إلى ما يحدث من دمار بفعل الصراع الدائر بين السعودية والتحالف الذي تقوده ، وبين قوى المعارضة في اليمن " الحوثيين بالتحديد" وتأثير ذلك على وضع المدنيين. ومقتل الالاف بتأثير هذه الحرب ، والوضع الصحي والغذائي المتردي للمواطنين اليمنيين . وربما تكون المبادرة الاخيرة الذي تحدث عنها الرئيس الامريكي ترامب بضرورة انهاء الحرب في اليمن خلال شهر ، وما يمارسه من ضغوط لوقف هذا الصراع ربما يكون ايجابيا بتأثير حادث القنصلية.
ـ بروز الدور الذي قامت به وسائل الاعلام العالمية في القاء الضوء على هذه الجريمة ومتابعتها دقيقة بدقيقة ، وهو ما قامت به وسائل الاعلام في تركيا ، وكذلك خلال قناة الجزيرة والتي خصصت اوقات مطولة لتغطية هذه الجريمة ـ حتى لو كان ذلك بهدف الكيد للنظام السعودي ـ
بالاضافة إلى ذلك كان هذا الدور مهما في ممارسة الضغوط على الدول الأوربية لاتخاذ خطوات لمواجهة هذه الجريمة.
ـ ان ما حدث يمثل انذارا لعدم تكرار هذه الجريمة مرة اخرى سواء في مباني قنصلية رسمية تابعة لبعض البلدان أو خارجها . ولم تكن هذه الجريمة لتمر دون مواقف من قبل المجتمع الدولي ، والجدل هنا كان يثور حول السؤال الأساسي هل تغلب الدول الكبرى مصالحها السياسية والاقتصادية مع المملكة السعودية ام تكون لفكرة احترام حقوق الانسان أولوية حتى لو بشكل جزئي هذه المرة ؟ ورأيي ان الصراع تحول بمرور الوقت إلى الانحياز لحقوق الإنسان بفعل تأثير الاعلام ومنظمات حقوق الإنسان على المستوى الدولي.
نأمل الا تتكرر هذه الجريمة مرة أخرى وان يعود الاعتبار كاملا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وان يقوم النظام الأممي بدوره في حماية الحريات والحقوق بدون تسييس وبدون ازدواجية ، وان تكون قواعد القانون الدولي هي الحاكم لمنظومة العلاقات الدولية ، وخاصة فيما يتعلق بمعاناة الشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال الاسرائيلي ولفت الانتباه لما يحدث في سوريا وليبيا من حالة الصراع الأهلي والذي تقوده دول لتحقيق مصالح سياسية معينة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات