الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفد العمارة الشعبي في مقابلة مع الزعيم عبد الكريم قاسم بتاريخ 2/9/1958

عبد الأمير رحيمة العبود

2018 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


منذ تشكيل لجنة الدفاع عن الجمهورية في لواء العمارة كان الاستاذ عبد علوان الطائي، ممثل الحزب الشيوعي في تلك اللجنة، يطالب دائما بضرورة زيارة الزعيم عبد الكريم قاسم من قبل وفد يمثل الأحزاب و المنظمات الاجتماعية في لواء العمارة، لغرض تهنئة الزعيم عبد الكريم قاسم بانبثاق ثورة 14 تموز، وكذلك توضيح بعض المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية التي يعاني منها سكان هذا اللواء، على غرار ما كان يحصل من زيارات لسكان بقية الألوية العراقية للزعيم عبد الكريم قاسم.
الا ان هذا الاقتراح كان يجابه بصعوبة معرفة الوسيلة لتحقيق هذه الزيارة، و كيفية الحصول على موافقة الزعيم عليها و تحديد موعد لهذه الزيارة.
و شاءت الصدف ان ازور بغداد بتاريخ 24/8/1958 و ان التقي هناك بالصديق مجيد الحاج حمود، و هو أخ الاستاذ هديب الحاج حمود وزير الزراعة حينذاك، فطرحت عليه رغبة زملائي في لواء العمارة بزيارة الزعيم عبد الكريم قاسم، و قد وعدني في حينه بطرح الموضوع على اخيه الاستاذ هديب مساء ذلك اليوم لعله يحقق هذا الطلب.
و في مساء اليوم التالي اتصل بي الأخ مجيد و أبلغني بان الاستاذ هديب حصل على موافقة الزعيم على اجراء اللقاء مع وفد شعبي من لواء العمارة في الساعة العاشرة من صباح يوم 2/9/1959.
و بناءً على ذلك اتصلت تلفونيا بالأخ عبد علوان و أخبرته بذلك، و في اليوم التالي وصل الوفد الى بغداد مكونا من الاستاذ عبد علوان الطائي ممثلا عن الحزب الشيوعي رئيسا للوفد، و الاستاذ محمود العلاق ممثلا عن الحزب الوطني الديموقراطي و السيد كاظم جبار ممثلا عن الفلاحين، و انا ممثلا عن اتحاد الطلبة و شخصين لا اتذكر اسميهما احدهما ممثلا عن المعلمين و الاخر ممثلا عن المحامين في اللواء.
و في صباح يوم 2/9/1958 كان وفدنا يقف عند البوابة الرئيسية لوزارة الدفاع و لم يكن فيها سوى بعض الجنود، و كانوا على علم بموعد مقابلتنا، فاصطحبنا احدهم الى بناية وزارة الدفاع حيث يقيم الزعيم هناك. و ذهبنا مشيا على الاقدام في الساحة الكبيرة التي تفصل بين الباب الرئيسي و بناية وزارة الدفاع، و التي يتجاوز طولها مئات الامتار، و قد اثار استغرابنا ان هذه الساحة الكبيرة ليس فيها الا العدد القليل من الجنود و الاجهزة الأمنية. و عند وصولنا الى بناية وزارة الدفاع صعدنا درجا في مقدمتها يوصلنا الى الطابق الثاني حيث يقيم الزعيم عبد الكريم قاسم، و في الطابق الثاني لم نشاهد كذلك سوى عدد قليل من الجنود المسلحين، و فيه دخلنا غرفة السكرتارية و يجلس فيها ضابطان أمام منضدتين، اصطحبنا احدهما الى قاعة مجاورة، و هناك جلسنا بانتظار اللقاء مع الزعيم، و بعد استراحة قصيرة أطل علينا الزعيم عبد الكريم قاسم بصحبة وزير الارشاد الاستاذ محمد صديق شنشل فاستقبلناه بالتصفيق ثم صافحنا واحدا واحدا، ثم عبرنا له عن فرحة المواطنين في لواء العمارة بانبثاق ثورة 14 تموز، و اعتزازهم و حبهم لسيادته، كما طرحنا عليه معاناة الفلاحين في لواء العمارة (ميسان حالياً) من ظلم الاقطاعيين، و تطلعهم الى قيام قيادة ثورة 14 تموز بمعالجة هذه المشكلة عن طريق انصاف الفلاحيين بتوزيع الاراضي الأميرية عليهم، من خلال الاسراع بتشريع قانون الاصلاح الزراعي.
لكنه استفسر عن اسباب مظاهر الفوضى التي اقترنت بعدم احترام الانظمة و القوانين في منطقتنا و قيام البعض بالاعتداء على بعض الفئات السياسية من القوميين و البعثيين. فكان الصمت منا سيد الموقف.
و على وجه الاجمال كان اللقاء مع الزعيم عبد الكريم قاسم مفيدا و ممتعا، و تميز بتواضعه و وضوح افكاره، و اهتمامه بضرورة الانطلاق من التسامح و احترام القوانين و الانظمة السائدة عند معالجة المشاكل التي تحدث بين المواطنين، و عموماً تضمنت كلمته مجموعة من المبادئ التي تعتبر من اهم اسس النظام المدني الديمقراطي و بعد انتهاء هذا اللقاء السريع قام الرئيس عبد الكريم قاسم بإلقاء كلمته في هذا اللقاء يجدها القراء والقارئات في أدناه. وفي اليوم التالي نشرت الكلمة في الصحف كافة و التي اقتطفناها من كتاب ((الزعيم عبد الكريم قاسم يتحدث : مبادئ ثورة 14 تموز في خطب الزعيم. 1985))
كلمة سيادة الزعيم الركن عد الكريم قاسم رئيس الوزراء التي ارتجلها يوم الثلاثاء 2/9/1958 في وفد العمارة في ديوان وزارة الدفاع
الحمد لله الذي جمعنا في هذا المكان لنلتقي بأبناء الشعب امثالكم في جو من الود و الصراحة و الاخاء. بعد زوال العهد البائد حيث سلمت مقادير البلاد الى اياد امينة من ابناء الشعب و ليس لغير ابنائه.. اليوم ايها الاخوة لا يستطيع اي أجنبي ان يتحكم بمصير البلد و بمقدراته. اننا الان احرار في بلادنا و سنعمل لخيره و لن نبالي ببعض الحشرات التي قد تعترض طريقنا طريق حريتنا فسوف تزول العقبات و تضمحل مع الزمن.
علينا ان نكون صبورين و صابرين و بهذه الروح سنحل جميع القضايا و الصعاب. اننا اذا اردنا ان نحاسب كل الأشخاص المسيئين في العهد البائد الذين كانوا سائرين في ركاب الخونة تدفعهم متطلبات المعيشة او طلب الفائدة او الحصول على جاه أو منصب وهم يؤلفون نسبة كبيرة من اخواننا سيكون هذا الحساب غير مثمر و لكننا نحاسب الرؤوس و المسؤولين الكبار أما الباقون فسوف يهتدون الى الطريق المستقيم عندما يشعرون بأخطائهم على ضوء الحقائق الواضحة و النتائج الملموسة في خدمة ابناء الشعب.
انا اريد هنا ان اشكركم على شعوركم النبيل نحو الجمهورية و اريد منكم ان تتصفوا بالتسامح مع بعضكم و الصغير يحترم الكبير و الكبير يعطف على الصغير لتكونوا كتلة واحدة نسير نحو هدف واحد وغاية واحدة.
اننا سنصلح كل الامور و لكن بالتدريج بشكل يؤمن كل رغبات شعب الجمهورية. و ان الفساد الذي خيم علينا مدى سنين ليس من السهل ازالته بوقت قصير و مع هذه فنحن حريصون على الاسراع بالإصلاح لتدعيم ثروتكم و طالما ليس هناك اي عنصر فاسد يدفع بالجماعات نحو الشر فان الافراد جميعا سيتوجهون نحو الخير و الصالح العام.
سنحمل دوما روحا طيبة حتى تجاه المسيئين من رجال العهد الماضي لان الظروف السابقة تختلف عما نحن فيه الان حيث كنا نعيش في جو من التجسس و الريبة و الشك بين افراد الشعب انفسهم من جهة و بين الشعب و الحكومة من جهة اخرى اما الان فان عهدا جديدا من الاخوة و المحبة و الصراحة قد حل و ساد.
و اخيرا احب ان اكرر عليكم التمسك بمبدأ التسامح الذي يؤدي بنا الى التعاون و عدم الانشقاق كما ادعوكم الى توحيد الصفوف وجمع الشمل و ان لا تدعوا اي مخرب يدخل بينكم طمعا في ماله و ان تكونوا متيقظين دوما و الحمد لله فقد كسبنا من امثالكم خمسة ملايين مواطن صالح يكافحون لهدف واحد و لمصلحة واحدة.
اننا سائرون على طريق سوف لا نحيد عنها ابدا و هي التي ستوصلنا الى اهدافنا و ليكن هذا شعاركم وادامة كيان الجمهورية رائدكم و لقد اصبحت و الحمد لله جمهوريتنا ذات مكانة مرموقة بين دول العالم و سنسعى دوما لرفع المستوى المعاشي و الثقافي و الصحي في هذا البلد و لكن بصورة تدريجية و مضمونة.
لقد وجدنا مواطن الفساد و سوف نعمل على اقتلاعها بفضل جهودكم و ايمانكم بقوة هذا الكيان. ان القوى المعنوية و الروح الوطنية العالية التي يتحلى بها ابناء الشعب ستزيد من اندفاعانا و ستصبح جذوة تزيد من جهودنا و جهودكم نحو جمهوريتنا الغالية التي جاءت نتيجة لتعاون الشعب و الجيش في ثورة 14/تموز الخالدة.
اوصيكم ثانية بالتسامح و التعاون و عدم التفرقة حتى مع الناس الذين اساءوا اليكم و نحن لا نأخذ الابن بجريرة الاب لان الاطفال الحاليين انفسهم سيكونون الجيل الصالح في المستقبل القريب ان شاء الله. ان الاصلاح الزراعي في طريقه الى التنفيذ و سنعمل على رفع مستوى الفلاح و مستوى افراد الشعب كافة ولكننا سوف لا ننكل بالملاكين و نظلمهم بل سنوقظ ضمائرهم و وجدانهم نحو اخوانهم افراد هذا الشعب و بذلك سيسايرون ركب الانطلاق و التحرر و المساواة.
سيكون همنا ازالة الطمع و سنعمل للمصلحة العامة دوما كهدف سامي و واجب مقدس لخدمة امتنا.
و السلام عليكم...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح