الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرحلة التقاعد بداية حياة جديدة

سميح مسعود

2018 / 11 / 19
الادب والفن




بسطت الحرية سلطانها عليّ، مع بدء مرحلة التقاعد، وتولّد لدي إحساس بأنني مطلق السراح من القيود الوظيفية، التي أحاطت بي طوال سنوات طويلة، إحاطة السوار بالمعصم... ولا أخفي أن كلماتي تتصل بارتباط وثيق بدلالات مقولة معروفة لجان بول سارتر مؤداها "أصبح الإنسان في زماننا عبداً للوظيفة والألقاب المهنية" ما يَعني أن الموظف مهما علا شأنه تضِقْ تطلعاته في حدود آفاق محدودة، يُكرر أفعاله فيها بما تُمليه عليه واجباته الوظيفية.
وما يَعني أيضاً بأن مرحلة التقاعد هي مرحلة الحرية في حياة الإنسان، يمكنه من خلالها إدراك ما يجول حوله من تجليات اجتماعية وسياسية وفكرية وأدبية متعددة، ويمكن لصاحب القلم أن يعبر عن رؤاه ومضامينه التقييمية حولها، وما يراه من حلول مناسبة يطلقها دون زيف ورياء... تساعد على معالجة إشكاليات مجتمعه السائدة.
أحلت على التقاعد قبل عشر سنوات عندما وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً، لكنني لم أخلد للراحة وانتظار الأجل المحتوم، بل قمت باختيار منحى مغاير ومختلف عن نمط حياة غيري من المتقاعدين، عندما صار الوقت ملك يدي، عاد شوقي إلى الكتابة، واستطعت بعد زمن قصير أن أبدأ بنشر نصوصٍ لي ضبطها تحت مظلةعلم الاقتصاد(اختصاصي) والأدب، ومع الأيام توغل الأدب عمقاً في أعمالي، وتمكنت من تأليف نصوصٍ أدبية أدخلت في نفسي الراحة والسعادة، حققتها بحرية بعيداً عن القيود الوظيفية وكل أشكال الضبط وممارسات الرقابة والتسلط، محققاً بذلك طموحات ذاتية، لم أتمكن من تحقيقها من قبل.
وهكذا دخلت مرحلة جديدة من العمر، هبت معها دفقات متتابعة من التغيير، أبعدت عني كل الحواجز والقيود الوظيفية التي كانت تحاصرني وتضيق عليّ الخناق، وتبعدني عن ممارسة الكتابة في مجالات أدبية تهمني، تتشابك مع مضامين نصية شعرية ونثرية مليئة بالأحلام والرؤى والخيالات الجميلة.
حققت انجازات كثيرة خلال السنوات العشر الماضية، نشرتها في كتاب بعنوان " حصاد السنين: مذكرات ما بعد التقاعد" ليس من أجل التوثيق، رغم أهمية ذلك، بل بهدف تعريف القارئ بأن الإحالة على التقاعد ليست نهاية الحياة، بل بداية مرحلة جديدة مليئة بالإنجازات والأعمال المفيدة، تؤكد على أنّ قدرة الإنسان على الإبداع والإنجاز لا علاقة لها بالعُمر، تتعدى السنين وتقع خارج منصة الزمن المعيش، تتوالى في أعمال جديدة متواصلة حتى آخر لحظة في الحياة، حين تخفت الفوانيس، وتسدل الستائر على أبواب العمر.
وأملي أن تصل رسالتي إلى القراء من المتقاعدين وغيرهم، وأن يقوموا بما قمت به من استغلال نافع للوقت في فترة مهمة من مراحل العمر، وأن يعبروا عن آرائهم بصوت عالٍ دون خشية من سوء فهم أو أحكام مسبقة، المهم أن يوسعوا دائرة مشاركتهم في مناشط الحياة المختلفة بما يحلو لهم، ويثبتوا للذين حولهم بأنهم ما زالوا على قيد الحياة، يمارسون حياتهم الطبيعية على أفضل وجه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مثلك
بلبل ( 2018 / 11 / 19 - 22:23 )
انا مثلك تماما احلت على التقاعد مند عشر سنوات واصبحت مهووسا بالتصوير الفوتوغرافي الذي كنت اهواه ولن يكن الوقت الكافي لممارسته واصبحت اشعر بنفسي كطائر غادر القفص اطير من مكان لمكان استكشف اصور واصور واعرض صوري


2 - مثلك
بلبل ( 2018 / 11 / 19 - 22:23 )
انا مثلك تماما احلت على التقاعد مند عشر سنوات واصبحت مهووسا بالتصوير الفوتوغرافي الذي كنت اهواه ولن يكن الوقت الكافي لممارسته واصبحت اشعر بنفسي كطائر غادر القفص اطير من مكان لمكان استكشف اصور واصور واعرض صوري

اخر الافلام

.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو