الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش يعود من الشباك

سمير عادل

2018 / 11 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


التحذير الاخير لمقتدى الصدر وتأكيد محافظ الموصل عليه حول امكانية عودة داعش من جديد الى الموصل يكشف عن حقيقة لطالما حاولت سلطة الاسلام السياسي الشيعي بجميع رؤوسها التغطية عليها. تلك الحقيقة التي تحدثنا عنها في هذا العمود وفي اكثر من مناسبة، هي استمرار الظلم الطائفي التي تمارسه تلك السلطة بامتياز.
ولكن ليست الاحزاب الاسلامية الشيعية هي الوحيدة المسؤولة عن تعبيد الطريق نحو عودة داعش الذي طرد من الباب ليدخل احيانا خلسة من الشباك واحيانا اخرى وبوضح النهار وتحت مرأى ومسمع القادة العسكريين والامنيين في المناطق والمدن الغربية.
ثلاثة اطراف تغذي عودة داعش ليل نهار كي تسمن وتتغول من جديد في العراق، الاولى وهي سلطة الاحزاب الاسلامية الشيعية المسؤولة الرئيسية على عودة داعش وتسليم المناطق المصنفة السنية اليها مثلما فعلت في 10 حزيران 2014 على طبق من ذهب، بسبب ظلمها الطائفي المقيت، والقوة الثانية هي الادارة الامريكية التي تربي داعش في اقفاصها، وتفتح ابواب تلك الاقفاص كلما شعرت بتمدد النفوذ الايراني في العراق وانصياع الحكومة العراقية لأوامر الجمهورية الاسلامية في ايران، والقوة الثالثة هي الاحزاب والقوى العروبية والتي ترتدي اللباس الطائفي السني لإضفاء الشرعية على صراعها من اجل السلطة والنفوذ والامتيازات مع السلطة الطائفية في بغداد، واظهار نفسها بأنها ممثلة "السنة" في العراق. وفي خضم صراع هذه القوى تدفع جماهير المنطقة الغربية عموما ثمنا من امنها وسلامتها ومصيرها ومستقبلها، اولئك الذين اصبحوا بين مطرقة الإسلام السياسي الشيعي وسندان الاسلام السياسي السني والمتحالف مع القوى العروبية.
ان الحلول التي تقدمها او الصرخات التي تطلقها القوى السنية او حتى مقتدى الصدر للحيلولة دون عودة داعش وكل اشكال الارهاب لا تتجاوز الشعار الذي استهلك واصبح خارج الصلاحية، وهو محاربة الفساد. وكأن محاربة الفساد هي عصا سحرية من الممكن ان تجلب الامن والامان وتمطر سماء العراق بالمن والسلوى. وكما قلنا سابقا ان الفساد نتيجة لسلطة تلك الاحزاب وفي المناطق الغربية سياسة ممنهجة تعبر عن الظلم الطائفي الذي ولد مع تبوء الاحزاب الاسلامية الشيعية السلطة بدعم الغزو والاحتلال العسكري للعراق وسياساته اللاحقة. ان القوى السنية من صالحها التمسك بلباسها الطائفي كي تتقاسم مع القوى الاسلامية الشيعية ما تسلبها من اموال وعرق العمال ومحرومي العراق، وفي لحظة معينة ستطرح فدراليتها الطائفية وتحت ذريعة هذه المرة محاربة الفساد والارهاب لتكمل مسيرة تقسيم الانسان في العراق حسب الاسس الطائفية على صعيد الجغرافية السياسية.
ان الدراسة الاخيرة التي كشفت عنها مؤخرا منظمة الهجرة الدولية وتنشرها "الى الامام" في هذا العدد حول استمرار نزوح النازحين وبعد اعلان الانتصار على داعش في ايلول ٢٠١٧ اي بعد اكثر من عام، تعبر عن المشهد الطائفي الذي يخيم على اوضاع النازحين بشكل خاص وتفسر دون اي عناء عن احدى اسباب تدشين مرحلة جديدة من الانفلات الامني التي تعتبر جرس انذار لعودة داعش.
ان التقارير الامنية وشهود عيان تتحدث ليس عن مدينة الموصل وحدها التي تهددها خطر عودة داعش فحسب، بل هناك العديد من المدن مثل الحويجة التابعة لمحافظة كركوك او المناطق التابعة اداريا لمحافظة الانبار تتجول عصابات داعش في الليل وتنسحب في النهار، وكأنها تتقاسم الواجبات العسكرية مع قطعات الجيش.
ان سلطة الاحزاب الشيعية وميليشياتها لا تملك غير الحل الامني والاعتقالات العشوائية وعمليات الاختطاف وسياسة التعذيب في المناطق والمدن المصنفة بالسنية، وتضاف الى العوامل الرئيسية التي تَحَوَلّ دون تجفيف الحاضنات الاجتماعية لداعش.
ان سر وجود العراق على الخارطة السياسية العالمية اليوم هي من اجل نهبه وسرقته بشكل شرعي من قبل الشركات والمؤسسات الاقتصادية العالمية واهمها شركات النفط. في حين يتم التغاضي والتعتيم بكل اشكاله الاعلامي والسياسي وعدم المبالاة عن كل ما يجري من سياسة افقار ممنهج وظلم طائفي وعمليات اختطاف وقتل. اي ليس في وارد الدول والمؤسسات ماذا يحدث اليوم وماذا يدور من اهوال ومأساة. وان الظلم الطائفي احدى اوجه تلك المأساة التي من شأنها ان تعيد انتاج عصابات داعش ولكن بنسخ اكثر سفالة ووحشية من قبل.
اننا نؤكد من جديد على السياسة التي طرحناها للقضاء على داعش هي؛ انهاء الظلم الطائفي عن طريق تشكيل حكومات محلية غير قومية وغير دينية، واعادة اعمار البنية التحتية للمدن التي طرد منها داعش، وتوفير فرص العمل او اقرار قانون ضمان بطالة لعدم اتاحة الفرصة لداعش والمليشيات الارهابية من استغلال الاوضاع الاقتصادية للشباب وتجنيدهم في صفوفها، وانهاء مأساة النازحين عن طريق دفع تعويضات مناسبة لإعادة اعمار مساكنهم وبيوتهم. وعندها لا يحتاج العراق الى الوجود الامريكي العسكري ولا الى الوجود العسكري الايراني عبر مستشاريه وميليشياته التي تبرر وجودهما بمحاربة الارهاب وداعش. وان اية سياسة بغير ذلك لن تتمكن من انهاء عمر داعش والى الابد في العراق، ولن تتمكن من انهاء الوجود العسكري الايراني والامريكي الذين يلعبان دورا كبيرا في خلق دواعش مختلفة وحسب الزمان والمصالح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال