الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة سرية أبوح بها...الحلقة الأخيرة

ماجدة منصور

2018 / 12 / 4
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


(( أخافك في القرب، أخافك في البعد، فرارك يجذبني و سعيك يجمٌدني: أتعذب، لكن أي عذاب لا أذوق طوعا من أجلك!!
بردك يٌلهب و حقدك يغوي، فرارك يشدً و سخريتك تحرك المشاعر:
من يا ترى لم يحقد عليك أيتها المقيًدة الكبرى ، الحاضنة، الغاوية، الباحثة، الواجدة!
ومن يا ترى لم يعشقك، أنت البريئة، القلقة، المنفلتة كالريح، الآثمة بعيني طفل برئ!!
إلى أين تجرينني الآن أيتها البريئة ، القلقة ، الخارقة ، المارقة ، و الآن ها أنت تفرين مني مجددا_ أيها الطائر المتوحش و الناكر للجميل!!
ألاحقك راقصا ، أتبعك متقفيا أقل أثر منك...أين أنت؟؟ مدي لي يدك أو إصبعا فقط.
هنا مغاور و أدغال ، سيبتلعني التيه! قفي! لا تتحركي! ألا ترين البوم و الخفافيش و هي تحلق فوقك مخشخشة بأجنحتها؟؟
أيتها البومة! أيها الخفاش ! أتريدين أن تسخري مني؟ أين أنا الآن؟؟
من الكلاب تعلمت هذا العوار و النباح.
هكذا تحدث زرادشت.
دعاني عشيقي السري البارحة لحفلة راقصة يقيمها على شرف حبه لي و عنفوان هيامه لشخصي و عزة عشقه لجنابي فقد بلغ عشقه لي حد الهيام.
أواه ربي: لا أحب العشق و الهيام لهذه الدرجة...فطالما يقيد الحب حريتنا الخلاقة...و لهفتنا المجنونة الى الإنعتاق.
لدي رغبة جامحة بالإنعتاق من كل ما يحيط بي حتى لو كان عشقا و هياما!!!
الحرية توق خارق للحياة الحرة.
الحرية توق مجنون للخلاص من كل عوالم المادة.
الحرية ((هي جوهر الله الحي في وجودنا القصير هذا))
طالما إعتقدت بأن الحب هو زنزانة لحريتي فهو يقيدني بجنازير من حرير!! أي و الله.
يا لروحي الحرة هذه!!! من أي عالم أتتني!!! و من أي كون أتت لتحتويني!!
من ذا الذي سلَط عليَ كل هذا الدفق المستمر من الحرية؟؟؟
من ذا الذي يستطيع سجن روحي ضمن قيود حبه؟؟؟
هكذا فكرت.
و هكذا أفكر على الدوام.
تجاوبت مع دعوة عشيقي السري و قررت الذهاب معه لحفلته تلك.
إرتديت ثوبا رقيقا من الحرير البنفسجي...ووضعت حول عنقي طوقا من الياسمين.
ركبت معه سيارته ،،إنها سيارة لا تتسع سوى لإثنين.
وكأن الذي صممها...قد قصد ذلك.
إنها لإثنين فقط ...يا للروعة...إنه لا مكان لثالث بيننا....حتى لو كان الشيطان عينه!!
توجه بسيارته صوب الشرق!! ما الذي يجري!! إن إتجاه المدينة من الغرب....هكذا تساءلت.
لكنني قررت الصمت المطبق ،،فلأنشغل عنه بسماع موسيقا شوبان.
لأدعه يذهب حيث شاء به الهوى.
ظللت أراقب الغابات المتناثرة على جانبي الطريق حيث كانت أنوار سيارته تضيئ الشجر..ولم أكن أرى منه سوى ظلال راقصة.
إن الغابة تحتفل بقدوم الصيف إلى أستراليا المدهشة.
لطالما عشقت إستراليا و غاباتها المتوحشة.
بعد برهة: توقفت السيارة فوق تل كبير تحيطه أشجار كثيفة و زهورا لم أستطع رؤيتها و لكني إستطعت أن أشم أريج العطر و هو ينتشر بالأجواء.
نزلت معه و مشينا بإتجاه قمة التل ...كان القمر ساطعا جدا لدرجة أني استطعت أن أرى مجرى النهر الصغير و مياهه التي تلألأت كدمعة الرب.
فجأة إنطلقت من جواله أصوات موسيقى صوفية تسحر العقل و تخلب اللب و تأسر القلب و تحاوط الروح و تناغش الحواس وتستثير العمق و تبعث على العشق و البكاء.
ل الله درك أيها العشيق السري فأنت تعرف كيف تستثير السحر الكامن في عمق روحي و تلافبف قلبي و رعشة حواسي و رقة ضميري.
أخذنا الرقص لعوالم بعيدة كل البعد عن مستنقع الحاضر....أخذني الرقص مع عشيقي السري لعالم لا يشبه هذا العالم الساقط بفجوره...الميت بحكامه...الفاطس بتعاليمه...الهالك بأيديولوجيته...المنتحر بأطماعه...المقتول بأطماعه...المنخور بفساده
المذلول بفقره....المتسول ل لقمته...القاتل لأحراره...المحتضر ل روحه...العبد لأسياده....
فجأة أخذ عشيقي يرقص حولي على أنغام تلك الموسيقا الصوفية و التي لا تنتمي لهذا العالم.
و للحظة رأيت دموعه تتساقط غزيرة من عينيه...(كانت تبدو كحبات ألماس حقيقي)
أدهشني تلألئ دموعه و قد أكتست لون قوس قزح تحت ضوء القمر!!!
كان يرقص و يدور حولي...كصوفي فقد عقله و أخذته نشوة العشق الخالص.
ها هو ذا يعلمني معنى العشق و الحب الخالص: يا لدهشتي.
إنها رقصة فوق سفح التل المنبسط أمامي كعباءة الله.
قال لي فجأة: إقفزي الآن إلى فوق ...هيا أقفزي و عانقي النجوم و سبًحي بإسم الله الذي خلق.
(( أي زرادشت! لا تصفق بسوطك بهذا الدوي الفظيع! أنت تعلم بالتأكيد أن الضجيج يقتل الأفكار، و ها أنا أجد الآن...أن أفكارا رقيقة قد حلت بذهني.))
هكذا تحدث زرادشت
و هكذا حدثت نفسي...أنا و أنت كلانا لسنا بالخييرين ولا بالشريرين ففي ما وراء الخير و الشر قد وجدنا جزيرتنا و مرجنا الأخضر_نحن الإثنان و لا أحد غيرنا! لذا ينبغي لنا أن نكون ودودين مع بعضنا.
ها نحن نواصل رقصنا..كما الحياة تواصل رقصتها الأبدية.
سقطنا بعدها في لجة النوم و العدم المؤقت...بعدها صحوت على أصوات موسيقى عجائبية ترسلها العصاقير الملونة و فراشات الحقل المجاور.
كانت زخات الندى تملأ وجه عشيقي....
إبتدأت أمسح زخات الندى من فوق وجهه...و كان وجهه باردا...بلا معالم واضحة!!!
قبلت شفتاه الباردتان.
و علمت أنه قد ذهب كي يعيش في أبعاد أخرى.
كانت رقصته تلك....رقصة الوداع الأخير.
هنا أقف
من هناك أمشي
خلص الحكي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح