الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد النقاد - مدخل.

احمد حسن

2018 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


فخ جديد يسقط فيه العديد ممن اسموا أنفسهم يساراً او اشتراكيين ذات يوم. ثمة انتاج نظري مبالغ فيه يسعى لتذويب الوحدات المفهومية التي أدركت العالم كبنيات طبقية وأدركت الافكار كمنظومات أيدلوجية ومن ثم ساعدت كثيرا على ابداع خطوط اجتماعية ومعرفية فاصلة، ودرجات لون بينية بين القوى الاجتماعية ذات الاتجاهات المتعارضة. تبدأ عملية التذويب بالتنظير لمصطلح شعب اولا لجعله هلاماً عاما يحل محل التشكيلات الطبقية، ثم تنتهي الى تذويب مفهوم الشعب نفسه لتحيله الى افراد وذرات صغيرة تتحرك في اتجاهات عشوائية، يمينا ويسارا دون ان يكون لها وجهة محددة. تمجد ما اصطلح على تسميته بالعفوية لتحوله الى فضيلة - لا تحتاج تنظيمات او أيدولوجيات. هكذا يتاح للقوى المنظمة في "الدولة" والشركات، وبيوت المال والبنوك واتحادات الصناعة ان تنفرد بالهيمنة على مسرح التبلور والتنظيم وتدير دور نشر ومطابع ش عشرات الالاف من النسخ من ادوات التذويب الطبقي والسياسي على مستوى الوعي والحركة.
حتى الثورات لم تسلم من تلك الشبكة الخبيثة. اختلطت بشدة بالحركات المطلبية والاحتجاجات واختزلت اليها. أطلق عليها تسميات كرنفاليه - مثل الربيع والبرتقال وما شابه. جرت تلك الشبكة الى خيوطها أكاديميون كانوا بالأمس يسارا وتحولوا الى كرنفالين في هذا المشهد (الايدلوجى) التصفوى. البعض استهوته تلك الموضات الفكرية فأطلق مفاهيم مرتبكة تارة يمينية وتارة يسارية وفى الاخير تفتقر الى الانسجام المنهجي. اخرون عقدوا نوعا من المصالح المشتركة مع الناشرين والمراكز البحثية والحقوقية وتحولوا الى جهاز تسويق وتبرير لتلك الفوضى المتعمدة.
ثمة عملية تجري ايضا لنزع المفاهيم المستقرة (التي تنتسب الى منظومة الافكار الثورية) من ثوريتها. تحويلها الى حليب بلا دسم يسهل التعامل معه.
ثمة غبار قديم جديد يجري اطلاقه دائما، انه تلك التهم الهزلية بالجمود والتخلف عن التطورات وحدوث نقلات كونية غيرت خريطة الصراع والقوى وكلاسيكية الطرح. الخ.
وفي 99% من الحالات لا يفعل هذا الغبار شيئاً سوي اثارة الاتربة حول القضايا الجذرية.. فلم يقدم احداً من تلك الشبكة نقداً يعترض بحق الادوات المنهجية التي يستخدمها ماركس على سبيل المثال. بل لم يجرؤ أحداً على انكار ازمات الرأسمالية العضوية وجريان الصراع الاجتماعي مجري الدم في شريان كل الصراعات حتى تلك التي تبدو كصراعات هوية او جندر. لم يدخل أحد منهم في نقاش جدي حول تلك القضايا.
ويكفي لتلك الشبكة البائسة ان يطلق أكاديمي غربي واحد اصطلاحا جديدًا، مجرد اصطلاح.. ليلتفوا حوله بتوق مراهقة الى أحدث الازياء. يتلقفوه ويكرروه كماسة مكتشفة في ظلمة التاريخ الحديث.. وللأسف دون أدني اعمال للعقل النقدي حول ماستهم التي لا تضيء الا لأنهم سلطوا عليها كل المصابيح الممكنة في الصحافة والمؤتمرات ودور النشر. هل يذكر أحدنا نكتة "نهاية الأيدلوجيا" وكيف تم تلقفها وتسويقها. هل نتذكر ذلك الكتاب الذي دخل غياهب النسيان بعد سنوات قليلة من التهليل والتفخيم له كمدخل لعلم اقتصاد جديد "رأس المال في القرن الواحد والعشرين" كيف تبخر تماماً.. هل نجح درديدا.. وهو مفكر اصيل نوعا ما، في صرف اشباح ماركس عن ان تحوم حول أوربا..
بالمقارنة نجد انتاج الشبكة أفقر وأكثر بؤساً بكثير.. بكل فقاعاته التي ما ان تتعرض للهواء حتى تنفجر.
نتعرض في الكتابة التالية الى نماذج عينية نبدأها بحوار مع الايطالي - جورجيو أجامبين- تحت عنوان : ما الشعب؟ ونترك للقاريء مقدماً رابط الحوار ليتمكن من التفاعل بشكل أسهل.
الرابط - https://www.medinaportal.com/agamben/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة بلينكن..محادثات عربية -غربية حول غزة في الرياض


.. لبنان - إسرائيل: تصعيد بلا حدود؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أوروبا: لماذا ينزل ماكرون إلى الحلبة من جديد؟ • فرانس 24 / F


.. شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف




.. البحر الأحمر يشتعل مجدداً.. فهل يضرب الحوثيون قاعدة أميركا ف