الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعادة تأهيل داعش في المنطقة، ودور الشيوعيين والقوى التحررية والانسانية

سمير عادل

2018 / 12 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم تسمح اميركا والغرب ان تكون مفاتيح القضاء على داعش بيد جماهير المنطقة، بنفس قدر تسمينه واطلاق وحشيته بيد اميركا والغرب وسياسات حكومات المنطقة وخاصة السياسة الطائفية التي مارستها سلطة الاسلام الشيعي في العراق منذ غزو العراق واحتلاله عبر مساومة سافرة وتعاون وثيق مع الادارة الامريكية بذريعة الاطاحة بالدكتاتورية ونشر الديمقراطية في العراق.
الذعر الذي ابدته اهم الحكومات الغربية مثل بريطانيا وفرنسا من اعلان الانسحاب الامريكي المفاجئ من سوريا، ليس بسبب عدم قدرة اي دولة ان تملء الفراغ الذي سيتركه انسحاب القوات الامريكية، ولا بالكذبة التي اطلقها دونالد ترامب بأنه تم القضاء على داعش كمبرر لاعلان انسحاب قواته من سوريا، فالكل يعرف بمن فيهم ترامب نفسه ان داعش محتجز عند حدود القوات الامريكية في شرق الفرات في سوريا، وعليه اقامة جبرية مؤقتة، بل يكمن ذلك الذعر مما تضمره الادارة الامريكية من سيناريو جديد في المنطقة، وخاصة بعد ان وصلت حدة الخلافات بين الاتحاد الاوربي وامريكا الى مرحلة القطيعة على الصعيد الاقتصادي بما يخص الحمائية والتعرفة الكمركية على السلع الاوربية، والعسكرية التي تطالب ادارة ترامب من دول حلف الاطلسي زيادة مساهماتها المالية، والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ الى جانب الانسحاب من عدة مؤسسات تابعة للامم المتحدة مثل مجلس حقوق الانسان ومنظمة غوث ورعاية اللاجئين الفلسطينيين وغيرها. وهنا لا بد من ذكر ان مكانة امريكا في العالم بدأت تتآكل ومشروعها فشل في الشرق الاوسط، وبجميع سيناريوهاته، الذي بدء بالنظام العالمي الجديد حيث دشنه بوش الاب بعد احتلال العراق للكويت في اب من عام ١٩٩٠، ومن ثم مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي توج باحتلال العراق في ٢٠٠٣ وانتهاء بما سمي بـ"الربيع العربي" الذي افرغ من محتواه الثوري ولجم جماح الجماهير التواقة للحرية والمساواة، ليكون نهايته استبدال انظمة الحكومات القومية العربية بتيار "الاسلام المعتدل" متمثل بالإخوان المسلمين من اجل ان تصبح اداة لتقوية النفوذ الامريكي في المنطقة. وجميع تلك المشاريع هوت وفشلت واخيرها كانت في سورية. ولم يكن داعش الا واحد من تلك السناريوهات لإعادة رسم سيناريو النفوذ الامريكي ضمن مرحلة انتقالية عالمية شهدت وما زالت تشهد صراعات على اعادة تقسيم العالم وخاصة بعد انتهاء عالم القطب الواحد بالهيمنة الامريكية.
لنشحذ الذاكرة قليلا الى الايام الاولى من سقوط الموصل بيد داعش، فانهالت التصريحات الامريكية من قبل القادة العسكريين والسياسيين، بأن القضاء على داعش يحتاج الى ثلاثين سنة واقلها كانت عشر سنوات، وان داعش تستخدم المدنيين كدروع بشرية وهذا سبب رئيسي بعدم قدرة قوات التحالف بقيادة امريكا من الانتهاء سريعا من داعش، وكلنا شهدنا كيف هدمت مدينة الموصل على رؤوس اهلها ودفن الاف احياء بصواريخ وقنابل طائرات التحالف الامريكي. اي ما نريد ان نقوله ان داعش ما زال نافذ المفعول ولم يخرج من الخدمة. وان السيناريو الجديد هذه المرة هو دعم داعش بشكل غير مباشر وقد يغير اسمه او يخرج من رحمه جماعة اخرى مثلما خرج داعش من رحم القاعدة، كما دعمت الجماعات الارهابية الاسلامية في سوريا طوال ست سنوات، ويجلس جون مكين الذي رحل عنوة عن العالم، وكان يشغل حينها منصب رئيس لجنة الاسلحة في مجلس الشيوخ والمرشح السابق للرئاسة الامريكية الى جانب ابو بكر البغدادي وقادة ارهابيين اخرين في سوريا عام ٢٠١٣ كما شاهدناه جميعا في وثائقيات بي بي سي، ليعلن عن دعم الولايات المتحدة الامريكية لتلك الجماعات الارهابية. وقد نجحت امريكا في اعادة انتاج وجودها في المنطقة من خلال ظهور داعش، الا ان مشروعها فشل، وليس امامها الا استبدال ذلك المشروع بمشروع اخر او سيناريو اخر، وهو خلق الفوضى غير الخلاقة بإدارة داعش الذي هو العنوان الثانوي او الاسم المخفف لإدارة التوحش في المنطقة، وهي عقيدة داعش التي جاءت في كتاب أحد منظريه بعنوان “ادارة التوحش".
ليس في العراق دولة، بل مجموعة من المليشيات تدافع عن مصالح ونفوذ سلطة الاسلام السياسي الشيعي المتداخلة عضويا مع مصالح وجود الجمهورية الاسلامية في ايران. وان مواجهتها لداعش هو جزء من الصراع على السلطة والنفوذ والامتيازات ولكن بعناوين مختلفة، فالأول ظهر ونمى تحت عنوان مواجهة الظلم الطائفي "للسنة" بينما يستمد الثاني وجوده من مظلومية الشيعة، وكلا الطرفين يستمدان قوتهما المادية من سرقة النفط وبيعه، فالأول عن طريق تركيا بينما الثاني عن طريق ايران.
ان عراق المليشيات وليس الدولة يفسر صيحة عبد المهدي وهو لم تطأ اقدامه بعد ممارسة السلطة بشكل فعلي، وقد استنجد بوزير الخارجية الامريكي وهو يصرخ بأن امن سوريا من امن العراق اذا ما انسحبت القوات الامريكية من سوريا.
ان اعادة سيناريو داعش يعتمد على مسالتين، في العراق طالما هناك سياسة طائفية يعني هناك ارضية لاحتضان عصابات داعش واخواتها، وفي المنطقة يعتمد تمددها على الدعم الغربي وبالأخص الامريكي وحلفائها الاقليميين. ولن تستسلم امريكا اوتنسحب دون ان تترك وريث لها، لن تكن افضل منها اذا لم نقل اسوء من داعش، او تشعل حرب جديدة وفي المنطقة لكن في مكان اخر وتحت عنوان اخر. وهذه المرة لو نفخ الروح بداعش او من يولد من رحمه، فليس امام الشيوعيين والقوى التحررية والانسانية الا ان تبادر هي وان تهب للتصدي لهذا السيناريو الجديد، وما نقدمه من تحليل هنا ليس من اجل التحليل بل من اجل تهيئة الاستعدادات على جميع الاصعدة ولأسوء الاحتمالات بما فيها تشكيل قوى الجماهير المسلحة والمستقلة للتصدي لسيناريو مثل سيناريوهات داعش، وبموازاة ذلك العمل مع القوى التحررية والانسانية في المنطقة بتشكيل جبهة لمواجهة تهديدات حرب جديدة تشعلها امريكا بالوكالة او مباشرة في المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن