الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن .. الأمن .. والبطاطس

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


اذا تابعت تصريحات المسؤولين المصريين في اي وقت من أوقات العام وفي أي مناسبة ستشعر بأنك تعيش في وسط أكبر تجمع للمختلين عقليا، وبالطبع في موسم التفجيرات السنوية والذي يتوافق عادة مع موعد أحتفال المسيحيين المصريين بأعيادهم تكثر مثل هذه التصريحات التي تجعلك في حالة من عدم الاتزان لا تعرف هل عليك أن تموت من الضحك أو تصرخ من الغيظ أو تبكي في صمت على حال البلاد وعقليات الذين يتحملون المسؤولية فيها.
وعلى سبيل المثال اعتبر مرصد الافتاء ان تفجير الحافلة التي كانت تقل سياح أسيويين في الجيزة دليل دامغ على نجاح النظام في مكافحة الارهاب.
بينما اعتبر رئيس الوزراء المصري أن السبب في نجاح استهداف الحافلة ناتج عن انحراف السائق عن المسار المؤمن المعد له وهو ما كذبته نقابة المرشدين السياحيين في بيان صادر عنها.
وخرج علينا خبير أمني بتصريح شديد العجب حمد فيه الله على أن الحافلة كانت تقل سياح أسيويين وليس أوروبيين أو أمريكيين فالانسان في مصر يقيم بجنسيته ويحترم بمدى قوته حيث لا عدالة ولا قانون ولا مساواة ولا اعتبار للانسانية بتنوع افرادها.
إن الشعب المصري تحمل الكثير في السنوات السبع الماضية وذاق ويلات الغلاء ونقص الفرص والخدمات وصعوبة الحياة، ومنهم من قرر انهاء حياته بيديه وحتى حياة ابناءه بسبب ضيق العيش.
بل ان الأغنياء وفاحشي الثراء في مصر اصبحوا يضجون بالشكوى من تعسر الأحوال، حتى نجد ملياردير مثل ساويرس مذكور وأسرته في قائمة فوربس يشكو من تعثر الأعمال في العام الموشك على الانتهاء، وملاك مارينا يطالبون الرئيس أن ينظر اليهم بعين العطف بسبب سوء الأحوال المادية، فهل هناك مرتاح في مصر غير أصحاب الزي الرسمي؟
ان الرئيس خرج على الشعب في احد المؤتمرات لائما اياه على شكواه من ازمة البطاطس مؤكدا أن الأوطان لا تبنى بالبطاطس، ولكن هل هناك بالفعل وطن يبنى؟
اذا كنت تفتقر الى الأمن والغذاء والدواء والتعليم الملائم ويتم تثمينك بحسب جنسيتك حيث يكون المواطن هو الجنسية الأرخص على الاطلاق ولا يمكنك ان تنال حقك بالقانون ولكن بالبلطجة والمحسوبية فأين هو الوطن؟
إذا كنت تعيش في دولة غير منتجة تحتاج فيها لاستيراد ابسط السلع وأكبرها وأكثرها تعقيدا فأين هو الوطن الذي يبنى.
ان صروح الأسمنت والحجارة التي تقام هنا وهناك وطرق الأسفلت ليست هي ما يتم اعتباره "بناء للأوطان" فالوطن يبنى على العدل وعلى احترام قيمة الانسان اولا وعلى اعطاءه حقوقه في التعليم والرعاية الصحية والتوظيف والاسكان وعلى الانتاج والاكتفاء الذاتي وعلى قوة تحمي لا تقمع ولا تحارب الشرفاء واصحاب الرأي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس