الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة النقل في اقليم كوردستان والعراق

صلاح الدين عثمان بيره بابي

2019 / 1 / 1
الصناعة والزراعة


,
مشاكل النقل في اقليم كوردستان والعراق
كيشه ي هاتووجؤ له هه ريمي كوردستان عيراق
Transport problems in Iraq & Kurdistan Region and Iraq
*د.صلاح الدين عثمان بيره بابي
31-12-2018
المقدمة
تتأتى اهمية قطاع النقل كونه اهم عامل لتنشيط و تحريك الاقتصاد القومي والاقليمي والمحلي والاجتماعي والعمراني لكل دولة فالنمو والازدهار اللذان يتحققان في هذا القطاع يمتد تأثيرهما ليشمل جميع القطاعات الأخرى، اي أن هناك ارتباط قوي بين النمو الذي يحصل في هذا القطاع وبين نمو النشاط الاقتصادي للبلد بمجمله، ينعكس هذا في مساهمة هذا القطاع في نمو الناتج المحلي الإجمالي وفي زيادة العوائد المالية للدولة سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غيرمباشر، فعلى سبيل المثال مساهمته في الدخل الدخل القومي لكل من الولايات المتحدة الامريكية والمانيا اكثر من 17%، مما يؤشر أن تنمية قطاع النقل توفر الارضية الصلبة لتحريك كافة القطاعات الاقتصادية وربط مراكز الانتاج بالاسواق من خلال نظام لوجستي متقدم تكون قاعدته الاساسية قطاع النقل بكافة بدائله.وهذا ماحدث في الولايات المتحدة الامريكية حيث لعبت السكك الحديدية دورا اساسيا في توحيدها وتقدمها وكذلك الحال في المانيا واليابان وغيرها من الدول المتقدمة.ولهذا يعد تقدم النقل عامل اساسي لقياس درجة التنمية والتطور في البلد.
لذا فأن تخلف قطاع النقل ببدائله المتنوعة في اي بلد معرقل اساسي للتنمية فيه ،وان هذا القطاع يتطلب استثمارات كبيره في البنى الارتكازية وتشمل(الطرق البرية بانواعها والانفاق والجسوروالسكك الحديدية والمواني والمطارات والمخازن ) و في وسائط النقل.والتي تحتاج جميعها الى تكاليف باهضة تتحمل الاعباء الرئيسية فيها الدولة بمساندة القطاع الخاص وبالاخص في تشغيلها بعد انجازها.
اثار اهمال قطاع النقل على مستقبل التنمية الاقتصادية بشكل عام
اقليم كوردستان كجزء من العراق منذ تشكيل الحكومة العراقية في عشرينات القرن المنصرم ولحد الان لديه سمات اققتصادية مشابه لبقية مناطق العراق ومن ضمن ذلك في مجال النقل.اذ كانت وسائل النقل تنحصر في بادئ الامرالنقل ،ب (الحيوانات،والسيارات والقطارات و الدراجات الهوائية والبخارية(الموتورسكلات).ولكن حدث تغير في الاهمية النسبية لمفردات النقل اعلاه منذ سبعينيات القرن الماضي، بسبب،ارتفاع الدخل القومي نتيجة لارتفاع الايرادات من العوائد النفطية ،واتت ذلك من تاميم شركات النفط الاجنبية العامله في العراق حينئذ وبسبب ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية.والتي ادت بدرجة كبيرة الى هيمنة النقل بالسيارات (لنقل الافراد والبضائع)على باقي وسائل النقل ،ولم تستغل تللك الموارد الكبيرة في تطوير بدائل النقل المختلفة عن النقل بالسيارات كالقطارات والترامويات والنقل المائي والجوي.لغاية حرب الخليج الثانية كانت استيراد السيارات محصورة بيد الدولة وحدثت طفرة كبيرة في الاستيراد خلال هذه الفترة وبالذات في فترة السبعينيات و الثمانينات ونشوب حرب الخليج الاولى مع ايران .وكان كل من القطاع العام والخاص تمتلك وسائط النقل بمختلف انواعها.اضافة الى توزيع السيارات من قبل النظام بشكل واسع على القيادات الحزبية وضباط الجيش لتشجيعهم في خدمة النظام.ودعم المجهود الحربي.
مشاكل النقل بعد عام 1992
يجب الاشاره ان البنى الارتكازية للنقل قد تدهورت:
1- في بداية الستينيات من القرن بعد نشوب الثورة الكردية الغي خط السكة الحديدية المهمة التي كانت تربط اربيل ببغداد مارا بكركوك.
2- تصفية القطاع العام للنقل والتي كانت تمتلك شركة النقل البري التي كانت لديها باصات لنقل المسافرين وشاحنات لنقل البضائع اضافة الى وسائط النقل التابع للقطاع الخاص تربط المحافظا ت ببعضها البعض وبالذات مع بغداد.
3-اعتماد العراق شبه الكلي على النقل بالسيارات وفقدان البدائل الاخرى للنقل الخارجي والداخلي.،وعدم القيام باستثمارات ملموسة لتطوير وتنويع قطاع النقل (الطرق السريعة،السكك الحديدية والموانئ)التي هي اساسية حتى في ظروف الحرب بسبب استنزاف الموارد المالية والبشرية للبلاد كنفقات باهضة لديمومة الحرب.
4- .بعد احتلال العراق للكويت لغايةالغزو الامريكي للعراق وفرض الحصار الدولي حدث كساد كبير في عرض السيارات الجديدة وعجزالحكومة على الاستيراد وكذلك القطاع الخاص فيه،باستثناء اقليم كوردستان التي خرجت من سيطرة ادارة الحكومة المركزية عام1992،وتولي الجبهة الكوردستانية ومن ثم الحكومة والبرلمان المنتخب ادارته.عندئذ رفعت القيود على الاستيراد بشكل عام ومن ضمنها استيراد السيارات فيه من الخارج وبدا سيل السيارات المستورد يتدفق دون محددات مقابل دفع مبلغ محدد كرسوم كمركية في المنافذ والحدودية وبالذات من ابراهيم الخليل حيث حدود الاقليم مع تركيا كذلك دفع رسوم تسجيل السيارة من قبل المشتري،حيث اغرق سوق السيارات في الاقليم بالسيارات المستعملة والمستوردة من مناشئ اوربية بالدرجة الاولى المانيا وكذلك بنسبة اقل من الخليج.
بعد سقوط النظام عام2003 فتحت الحدود العراقية امام استيراد السيارات ايضا واستمر سيل دخول السيارات بمختلف انواعها ومناشئها على السوق في العراق والاقليم، وازدهار تجارة السيارات وزيادة عدد معارض السيارت وتحويل العديد من الاستثمارات الصناعية والزراعية الى معارض للسيارت،بسبب ركود تلك الانشطة. و تهافت السكان لاقتناء السيارات وبافرط كبير لكون نسبة كبيرة منهم كان محروما منها في السابق ،مما برزت ظاهرة اقتناء بعض العوائل لاكثر من سيارة وحدوث ظاهرة الاكتضاض والاختناقات في الشوارع وارتفاع نسبة الحوادث المرورية .
منذ مابعد منتصف 2005 وانشاء شركات اهلية متخصصة في استيراد السيارات حدد الاستيراد بسيارات الحديثة والتي لم يتجاوز تاريخ انتاجه سنتين.رغم اهمية القرار في الحد من استيراد السيارات القديمة الا انها جاءت متاخرة ،حيث عوضت حصة الاقليم من ميزانية الحكومة المركزية والبالغة 17% النقص الذي حدث في ايرادات الاقليليم من كمارك السيارات القديمة.
اسباب ازمة والازدحام المروري
1-تدهور مفردات شبكة النقل بشكل كبير اذ كان في السابق يتكون من مصدرين رئيسين الاوهما النقل بالسيارات والقطارات التي كانت تربط بين المدن العراقية ،اما في داخل المدن فهي مكونة من السيارات والباصات الحكومية والتي كانت تسمى بمصلحة نقل الركاب او (الامانة)والتي كانت تربط الاحياء المختلفة للمدينة والضواحي ببعضها البعض.وتم خصخصة الشركة في اقليم كوردستان بالنتيجة تم اختفائها كواسطة مهمة للنقل فيه وباسعار منافسة لبقية وسائط النقل بالسيارات.
2-كانت شبكة النقل الداخلية خالية من القطارات والترامويات ,او حتي عدم وجود شركة للباصات الحديثة داخل المدن او فيما بين المدن وكذلك بالنسبة لنقل البضائع ولحدالان بسبب عدم قيام الحكومة او القطاع الخاص باية استثمارات في هذا المجال.
3- الظاهر الشاذة للنقل هو الاعتماد الكلي على سيارات الاجرة التاكسي داخل المدن وخارجها ،التي تملئ الشوارع ولاتقف في مواقف خاصة بانتظار الراكب ، وانما تسير في الشوارع وتفتش عن الراكب وهذه الحالة تسبب زيادة في الازدحام،وعدم الالتزام بقواعد المرور وزيادة التلوث .
4- ارتفاع معدلات النمو السكانية في المدن الرئيسية والناجمة من النمو الطبيعي وهي من المعدلات العالية على مستوى العالم، والتي تبلغ 3% (حسب المجموعة الاحصائية العراقية لعام 2017) وارتفاع معدلات الهجرة من الريف الى المدن ومن بعض المدن التي تعاني من الكساد والمشاكل السياسية والامنية والاقتصادية الى المدن الاخرى الاحسن حالا.ادى ذلك الى الكثافة السكانية في المدن وبالذات في مراكز المحافظات ونتيجة لذلك تفاقم الازدحام في مراكز المدن والطرق الخارجية المؤدية اليها،وبنسبه متناسبة مع الحالة ارتفعت الحوادث والمرورية والضحايا البشرية الناجمة عنها.
5- ان لتوسع المدن وتجاوز الحدود البلدية التصميم الاساسي لها باضعاف المرات على حساب الاراضي الزراعية،وارتفاع المستوى المعاشى للسكان (بسبب حصول الاقليم بادئ الامر على نسبة17% من صادرات النفط العراقية)اضافة الى قيامها بتصدير نفطها مباشرة)وزيادة ايرادات الحكومة من الضرائب والكمارك الورسوم) وزيادة التوظيف في الدوائر الحكومية ولندرة الفرص الاستثمارية في الصناعة والزراعة وتصفية القطاعات الانتاجية الحكومية،ادى الى زيادة الطلب على السكن والعقارات بمختلف انواعها وتوجية المدخرات للاستثمار في القطاع الريعي،مما ادى الى ارتفاع كبير في اسعار العقارات والاراضي السكنية والايجارات وزيادة المضاربات العقارية.وارتفاع الاسعار بمعدلات خيالية.
6- قدم قانون الاستثمار في الاقليم تسهيلات لللمستثمرين في المشارع السكنية والتي كانت في ظاهرها من اجل حل ازمة السكن وتوفير السكن لذوي الدخل المحدود ،وفي حقيقتها لاغراض الربح التجاري،حيث ضمن لهم هذا القانون الحصول على الاراضي مجانا وبيع الدور السكنية باسعار باهضة،وان شرائها على الاغلب ،لم يكون الابمقدور التجار والمضاربون في سوق العقارات واحيانا ليس من قبل سكنة كوردسان فحسب وانما من مختلف مناطق العراق وبالذات من سكان المحافضات التي تدهور الاستقرار والوضع الامني فيها. ادي كل ذلك على زيادةتهافت سكان الاحياء السكنية على اقتناء السيارات الخاصة بسبب بعد مناطق سكناهم عن مواقع اعمالهم التي تتركز غالبا في مركز المدينة او المناطق البعية الاخرى وشحة وسائط النقل العامة والتجارية وارتفاع اجورها.
7- ان سؤ واقع الشوارع داخل المدن وخارجها وضعف الاستثمارات فيها تجعل طاقتها الاستيعابية لاتتناسب مع العدد الهائل للسيارات التي تزداد سنويا بنسب عالية دون التوسع في الشوارع ومحلات توقف السيارات ادت الى زيادة الازدحام المروري عليها،وكذلك فقدان الاقليم للشوارع السريعة HIGHWAY او كما تسمى بالالمانية Autobahn سواءا في حزام المدن اوبينها،وان اغلب الطرق وحتى الشاحنات تمر داخل المدن وحتى ولو كان هدفها الاخير خارج المدينة.
8- ضعف مهارة السواق وعدم التدريب الجدي لطالبي اجازة السوق وعدم المامهم بالتعليمات والقواعد المرورية وعدم كفائة مدارس السياقة وعدم اهلية المعلمين فيها يجعل من اغلبية خريجيهم غير مؤهلين للسياقة النظامية الصحيحة.
9- ما ينطبق على معلمي السياقة ينطبق على العديد من منتسبي شرطة المرور وضعف المامهم بالتعليمات المرورية الصحيحة ونقص في صلاحياتهم في تطبيق القوانين والتعليمات المرورية على الجميع دون استثناء.
10-رخص تكاليف اقتناء السياره واستعمالها ، من الاسباب الكبيرة لاقتاء السيارة بكثرة من قبل السكان بسبب الرخص النسبي للوقود،و شبه انعدام التامين والضرائب على السيارات،وبسبب احتكار تجارة الوقودم ن قبل متنفذين يعرقلون التطوير لشبكات النقل العام الاخرى.
11- صعف الوعي لدى نسبة واسعة من السكان بصد الهدف من اقتناء السيارة ،وسؤ استعملها من قبل مالكيها لاشغال غير ضرورية كالنزه داخل المدن ولقضاء اوقات الفراغ ،وتعتبر هذه الظاهرة من العوامل المؤثرة في خلق الازدحام المروري.
12- عدم الاهتمام الجدي بما تسببه السيارات من تلوث للبيئة ،اذ كما تؤكد الدراسات ان السيارات تعتبر من اهم عوامل التلوث البيئي ،لهذ ان اكثرية البلدان تفرض رقابة شديدة على سلامة الوضع الميكانيكي بالمعنى الواسع للكلمة لتقليل افرازات عوادمها للثاني اوكسيد الكاربون واستعمال الوقود الصديقة للبيئة نسبيا،وان متابعة السيارات بمختلف انواعها والدراجات البخارية ضعيفة لهذا ان نسبة تلوث الهواء في المدن مرتفعة وتسبب ابلغ الاضرار بالصحة البشرية في اقليم كوردستان بصورة خاصة والعراق بصورة عامة. كما ان ازدحام السيارات واستعمال منبه السيارة بعيدا عن القواعد المروريةوعدم المحاسبة عليها يودي الى الضوضاء والتي تعتبر مصدر اخر من مصادر التلوث والمسبب للعديد من الامراض العضوية والنفسية.
13-واخيرا تجاوز اصحاب المحلات والعشوائيات وعربات الباعة على ارصفة الشوارع وحتى على الشوارع نفسها دون ضوابط تخلق مشاكل كبيرة للنقل وللمشاة وتشوه جمالية المدينة والتجاوز على المال العام والتزود بالطاقة الكهربائة والماء دون ترخيص او دفع اجورها الى الجهات الرسمية.

الخلاصة
ان تخلف شبكة النقل يعتبر من العوائق الرئيسة للتنمية والسبب في التركز السكاني وانشطتهم في مراكز المدن والهجرة اليها ،واهمال الموارد البشرية والطبيعة في المناطق الاخرى ومايزيد من هذا الاتجاة ندرة توفر المعلومات والبيانات والبحوث العلمية والتغافل عنها لتحديد جوانب المشكلة واقتراح الحلول لتشكل ذلك قاعدة معلومات لوضع الخطط الاستراتيجة كجزء مهم ومكمل للخطط الاستراجية للتنمية المستدامة لبقية القطاعات الاقتصادية والاقتصاد الوطني بشكل عام .
قطاع النقل ليست جزيرة معزولة عن باقي الحالة الاقتصادية والاجتماعية في البلد وانما هي متشابكة ِومكرسة لخدمتها ،وبحاجة الى موارد طائلة لذلك لابد ان تكون جزء من الرؤيةالعامة للدولة والبلدية والاسكان والاعمار والتخطيط لمستقبل التنمية في البلاد،ولضمان تنميتها وتعتمدذلك قبل كل شئ الي نظام سياسي واداري واقتصادي مؤسساتي حديث ووطني قائم علي المسؤولية والشفافية،تضع اعتبارات البدء بالتنمية الستراتيجية والمستدامة اليوم قبل غد. من اكبر المسؤليات امام الشعب .ان استدامة تخلف انظمة النقل ترجع الى فقدان الحرص والوطنية في تكريس الموارد النادرة في تحقيق الخطط التنموية.
يجب معرفة حقيقة ثابتة ان بقاء تخلف قطاع النقل في البلدان المتخلفة هي بسبب فقدان انظمتها للحرص الوطني ومصالح شعوبها ،بل تبدد الموارد في الفساد المالي والاداري والسياسي؛ وان الضرر الذي يصب البلد وشعبه ليس فقط في تفويت فرصة التنمية الانية ، بل في تراكم التخلف وزيادة تكاليف تجاوزها مستقبلا.
*مستشار اقتصادي اقدم









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهجوم الإيراني على إسرائيل.. هل يغير الشرق الأوسط؟| المسائي


.. وزارة الصحة في قطاع غزة تحصي 33797 قتيلا فلسطينيا منذ بدء ال




.. سلطنة عمان.. غرق طلاب بسبب السيول يثير موجة من الغضب


.. مقتل شابين فلسطينيين برصاص مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغر




.. أستراليا: صور من الاعتداء -الإرهابي- بسكين خلال قداس في كنيس