الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(الإرهاب) شماعة لأخطاء الكبار

عبدالقادربشيربيرداود

2019 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يعيش العالم في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، وصارت الصفات والدلالات لا تخضع لمعايير دقيقة محددة، وذلك لقوة المطابخ السياسية التي تعمل ليل نهار في أوكار الظلام؛ لتعتيم الحقيقة. فقصتنا الخبرية هي الانسحاب العسكري الأمريكي غير المدروس من سوريا وتداعياته؛ كونه خطوة مفاجئة، وسابقة لأوانها، في هذا التوقيت الحرج من المعركة الفاصلة ضد تنظيم (داعش) الإرهابي.
إن هذا الحدث سيفتح الباب على مصراعيه أمام مرحلة جديدة من العنف، والفوضى الخلاقة كسابقتها في ثورات (الربيع العربي)، لرسم خارطة جديدة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا برغم أنف الجميع، وعلى مرأى من العالم، ودون أي اعتبار لأحد مهما كان ثقله وبعده في العالم. بالتالي؛ سيعطي هذا الحدث زخماً سياسياً وميدانياً للإرهابيين، والداعمين لهم للانتعاش مجدداً، والقيام بعمليات إرهابية معاكسة في المنطقة، في حين أن مكافحة الإرهاب لم تنته بعد من مهامها، بل هي تمر بمرحلة حاسمة ومصيرية.
إن لهذا الحدث تداعيات ستكون خطيرة، تمتد آثارها السلبية إلى أبعد من ذلك، لأن أمريكا لم تكن الوحيدة في هذه المعركة المصيرية مع داعش، بل تحالفت معها دول كبيرة لها موقعها ودورها المؤثر على العالم، إضافة إلى وحدات قتالية حليفة معها، كوحدات حماية الشعب الكردي في سوريا، التي مثـّلت حجر الزاوية ميدانياً لمقارعة الإرهاب، كما وصفها الرئيس الفرنسي (ماكرون) وقال "إن المجتمع الدولي مدين لتلك الوحدات، لذلك نشعر بالصدمة"، وشاطره الرأي (ماتيس) وزير الدفاع الأمريكي المستقيل، حيث وصف رؤيته بأنها أفضل من رؤية رئيسه (ترامب)، وأكد على ضرورة معاملة الحلفاء باحترام، ومشاركتهم إدراك بواعث الخطر، وأثنى على ذلك السيناتور (ليندسي) واصفاً الانسحاب بالخطأ الكبير.
أفرزت هذه السيناريوهات تناقضات خطيرة على أرض الواقع، فهذه تركيا تصف (وحدات حماية الشعب الكردي) بأنها حليفة واشنطن في مكافحة الإرهاب بتنظيمات إرهابية، وامتداداً للتمرد المسلح ضدها، ولا بد من القضاء عليها، بل يجب دفنها لأنها - بحسب الخارجية التركية - متعاطفة، ومساندة لحزب العمال الكردستاني (PKK)، لذلك أسرعت انقرة بتعزيز وجودها على الحدود مع سوريا، بل واخترقت سيادتها الوطنية بتوغلها كيلومترات داخل أراضيها.
من هذا المنطلق، وصف بعض المراقبين الدوليين ذلك الانسحاب (العنتري) بصفقة تجارية مع تركيا لتبادل المواقع وملء الفراغ، لاجتثاث داعش من سوريا، في حين وصفت الخارجية الإيرانية حليفة تركيا القوي الوجود الامريكي في المنطقة بالخطأ، لأن واشنطن مصدر توتر وعدم استقرار؛ بل عدوان موصوف، واحتلال ينتهك ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة.
في خضم هذه التناقضات والمهاترات التي يعيشها العالم بين ما هو حقيقي وبين ما هو مصطنع وموضوع من الأوصاف والمعاني، وجب على الجميع ان يكونوا على كلمة سواء لتعريف الإرهاب، ومن هو الإرهابي، لأن هذه الصفة أخذت معاني مطاطية الأبعاد، يستخدمها الجميع، كل بحسب مصلحته، وضد خصمه حتى أصبحت صفة تسع الجميع، فالكل داعم له من حيث لا يدري، والكل مستفيد من مطاطيته؛ إلا من رحم ربي... وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع