الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مآساة الحقوقيين في العالم العربي

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2019 / 1 / 1
حقوق الانسان


قد يبدو للوهلة الأولى لأي إنسان يتمتع بالعقل ويحتفظ بدرجة ما من درجات الانسانية أن الشخص الذي لا يقبل الضيم ويدافع عن الحقوق والحريات لا يمثل خطورة على أحد وأنه شخص يتمتع فقط بضمير حي ومازال محتفظا بانسانيته رغم كل الظروف لا يفرق بين البشر على اساس جنسياتهم أو ديناتهم أو ألوانهم أو غيرها من الفروق الفردية فهو يعتبر أن الكل سواسية لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
الشخص الذي اختار أن يدافع عن الحق والحقيقة والعدل يعتبر أن تهديد هذه الأمور الثلاثة وعدم حصول أي انسان على نصيبه منها بمثابة تهديد لكل انسان وله هو على المستوى الشخصي فأول خطوة لأن تنال حقوقك هي أن تعترف بحقوق الأخرين.
إلا أن هذه الخصال النبيلة ستجر عليك في المنطقة العربية ويلات ومصائب لا يمكن لأحد أن يتخيلها في أسوأ كوابيسه اللهم إلا إذا كان أحد مواطني هذه البقعة السوداء من الكوكب والتي تغيب فيها الحقيقة وينتحر العدل تحت عروش الحكام وتقبع في ظلمات الجهل والجهالة تحت ركام من الفساد والتجبر وتغول السلطة.
فالمهتم بحقوق الانسان في هذه المنطقة من العالم يتعرض لأقصى وأقسى انواع الانتهاكات، فهو في عين السلطة أخطر من تجار المخدرات ومن مهربي الآثار ومن لصوص المال العام ومن القاتل والسارق والارهابي والغشاش والمحتكر وكل صنوف المجرمين.
ولو كانت الدولة تتساهل مع القاتل في الكثير من الحالات ليتم تكييف القضية كدفاع عن النفس أو قتل خطأ أو غيرها من التكييفات القانونية أو كانت تتصالح مع الفسدة ولصوص المال العام والمحتكرين وتتركهم ليمارسوا فسادهم واحتكارهم بحرية تامة، فهي لا تتساهل أبدا .. أبدا .. أبدا مع من رفع الصوت مطالبا بالحرية أو دعى الى انتخابات ديمقراطية أو طالب بالحق في حدوث تداول للسلطة أو طالب بوجود عدالة اجتماعية أو بمكافحة الفساد أو بوجود تكافؤ للفرص أو بمحاسبة أهل المناصب العليا أو بخضوع الجميع للقانون.
فهذا النوع بمثابة كابوس يؤرق مضاجع أهل السلطة وعليها أن تؤرق مضجعه بالمثل بل وتجعله طريدا مطاردا معزولا مضيق عليه في عيشه تستحل حياته الخاصة وتشوه سمعته بكل السبل الباطلة وتلحق به التهم التي تعلم أنه بريء منها وتنفق المليارات في سبيل التجسس على حياته وتتبعه وتحاول بناء مساحات شاسعة من السجون التي تجمع فيها كل هؤلاء الذين تعتبرهم الدولة مرضا يجب اقتلاعه من بين افراد القطيع حتى لا تنتقل عدواهم الى باقي افراد القطيع فيطالبون بالحقوق ويحاسبون من يقصر في اداء مهامه ويتوقفون عن تآليه الحاكم والنظام.
إن نهاية عام 2018 حملت لنا الكثير من الأخبار المحزنة التي تتعلق بالحقوقيين في المنطقة ومن ضمنهم النبيل نبيل رجب الحقوقي البحريني، الانسان الدمث الخلق والذي حكم عليه حكما نهائيا بالسجن لخمسة سنوات بسبب تغريدات مسالمة على مواقع التواصل الاجتماعي، واخبار اخرى طالت الحقوقي احمد منصور الاماراتي الجنسية والذي حكم عليه هو الأخر بالسجن لعشرة سنوات، أما في مصر فحدث ولا حرج عن اوضاع الحقوقيين وما يلاقونه من هوان وتنكيل في كل لحظة من لحظات حياتهم وحتى ولو ارادوا اعتزال العمل الحقوقي.
اننا في العالم العربي نعيش مآساة حقيقية حيث ينكل بكل حر ويحاسب كل انسان على انسانيته ويطارد كل صاحب ضمير أو فكر أو وعي، بينما يفتح الباب على مصراعيه للبلطجة والاسفاف ولكل مفسد وجاهل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف


.. بعد فض اعتصام تضامني مع غزة.. الطلاب يعيدون نصب خيامهم بجامع




.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د